"يبوس": هي أقدم تسمية لمدينة القدس نسبة للعرب اليبوسيين، أول من سكن مدينة القدس، وقد جاء هذا الاسم في كثير من الكتابات الهيروغليفية بأسم: "يابتي" أو "يابثي" وهو تحريف للاسم العربي "يبوس". وقد أطلق علي هذه المدينة المقدسة العديد من الأسماء منها: أورسالم، أورشاليم، يروشاليم، إيلياء، أرينيل، بيت إيل، بيت المقدس، القدس.. الخ. ويظن كثيرون أن هذا الاسم: "أورشاليم" اسم عبري لأنه يعني في قواميس اللغة العبرية "نور السلام"، وحقيقة الأمر أن هذه التسمية وإن كان لها معني في العبرية إلا أنها ليست عبرية، ومن الصعب أن نصدق أن اسلاف هؤلاء الصهاينة كانت لهم مثل هذه الرؤيا الحالمة المسالمة في يوم ما إلا من رحم بي منهم من النبيين والصالحين. ويدل علي ذلك أمور منها: أولاً: أن نفس هذه العبارة "أورشاليم" كما أن لها معني في اللغة العبرية فإن لها معاني كذلك في كثير من اللغات السامية الأخري فتأتي أحيانًا بمعني: "نور السلام"، وأحيانًا أخري بمعني: "مدينة السلام" كما هو الحال في اللغة السومرية مثلا. ثانيًا: إن مدينة القدس كانت تحمل هذا الاسم قبل دخول العبرانيين إليها أول مرة في تاريخهم في السنة الثامنة من ملك داود - عليه السلام - حوالي سنة "1050 ق.م" وذلك بشهادة نقش "تل العمارنة" الموجود في المتحف المصري بالقاهرة، والذي يرجع إلي عهد "امنحتب الثالث" وهو عبارة عن رسالة من حاكم القدس "عبد يحيبا" (1411 - 1375 ق.م" إلي الفرعون. ثالثًا: وهو الأهم، أن هذا الاسم "أورشاليم" لم يطلقه اليهود قط علي هذه المدينة المقدسة ولكن الاسم الذي اشتهرت به المدينة علي ألسنتهم فهو "يروشاليم" بمعني: "الرعب والسلام" أو "السلام المؤسس علي الخوف". ولا شك انه اسم يكشف لنا عن طبيعة الشخصية اليهودية، فاللغة مرآة للفكر، وعنوان الشخصية وما أحوجنا إلي الوقوف علي طبيعة هذه الشخصية، التي غدت مواجهتها قدرًا لامناص لنا عنه، فهي لا ترضي باسم حالم كأورشاليم اشتهرت به المدينة المقدسة وآثرت عليه اسما من وضعها تعبر به عن طبعها. ومن اللافت للنظر أولعله من الطبيعي أن الاسم الذي اختاره أعوان اليهود من الانجليز والأمريكان وأطلقوه علي المدينة المقدسة هو: "Jerusaalem" أي: "يروشاليم" لا "أورشاليم" فمن المعروف أن حرف "J" في الانجليزية يقابل الياء السامية لا الألف. ولابد لنا هنا من وقفة، ومن تساؤل: بأي منهج يمكن أن يتعامل الأورشاليميون مع اليروشاليميين؟ ولو حاولوا بمنهجهم وفشلوا في فرض رؤية السلام العادل، ولم يرض اليروشاليميون إلا بمنهجهم - منهج السلام القائم علي الخوف والقهر - نهجًا للعلاقة بين الطرفين!! فهل يستمرون في المحاولة إلي ما لا نهاية؟!.. وفي ذلك بلا شك هلكتهم!! أم لابد وأن يتعاملوا بالمنهج الذي لامناص لهم عنه، ذلك الذي يرفضه اليروشاليميون ويقتضيه العقل؟!!