«التضامن الاجتماعي» توافق على قيد جمعيتين بالشرقية    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 14 مليون جنيه خلال 24 ساعة    مدبولي مهنئا السيسي بعيد الأضحى: أعاهدكم على استكمال مسيرة التنمية والبناء    «التعليم» تحدد حالات الإعفاء من المصروفات الدراسية لعام 2025 الدراسي    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    عضو لجنة الرقابة الشرعية: فنادق الشركات المقدمة للخمور تنضم لمؤشر الشريعة بشرط    أسعار الذهب اليوم الأربعاء 12 يونيو 2024    البورصة المصرية تطلق مؤشر الشريعة "EGX33 Shariah Index"    محافظ الغربية يتابع مشروعات الرصف والتطوير الجارية ببسيون    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح العام الأولي لشركة «ألف للتعليم القابضة» بقيمة 515 مليون دولار في سوق أبو ظبي للأوراق المالية    أماكن المجازر المجانية لذبح الأضاحي في الدقهلية    محافظ الفيوم يوجه بتشكيل لجنة للمرور على كافة المصانع    بلومبرج: قرار ماكرون الدعوة لانتخابات مبكرة يثير غضبا داخل حزبه    تقرير: رشقة صاروخية خامسة من لبنان باتجاه الجليل الأعلى    أ ف ب: لجنة تحقيق أممية تتهم إسرائيل و7مجموعات فلسطينية مسلحة بارتكاب جرائم حرب    الكويت: أكثر من 30 حالة وفاة وعشرات الإصابات في حريق جنوب العاصمة    اليونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة يواجهون خطر الموت أمام أعين عائلاتهم    «ولا عشان معندهومش ضهر».. شوبير يهاجم موعد مباريات دورة الترقي نهارًا (فيديو)    ميرور: كومباني يستهدف ضم مدافع ليفربول لصفوف بايرن    مفاجأة صادمة لنجم الأهلي في سوق الانتقالات الصيفية    سر البند التاسع.. لماذا أصبح رمضان صبحي مهددا بالإيقاف 4 سنوات؟    محافظ أسوان يشهد حفل التخرج السنوي لمدارس النيل المصرية الدولية    عبر كاميرات المراقبة.. وزير التعليم يراقب لجان امتحانات طلاب الثانوية العامة    الذروة 3 أيام.. الأرصاد تحذر من موجة حارة تضرب البلاد في عيد الأضحى    مناسك (6).. الوقوف بعرفات ركن الحج الأعظم    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العمرانية    والدة طالب الثانوية الذي مُنع من دخول امتحان الدين ببورسعيد: «ذاكروا بدري وبلاش تسهروا»    المهن السينمائية تنعي المنتج والسيناريست الكبير فاروق صبري    أفضل أدعية يوم عرفة.. تغفر ذنوب عامين    توقيع بروتوكول تعاون ثنائي بين هيئة الرعاية الصحية ومجموعة معامل خاصة في مجالات تطوير المعامل الطبية    بايدن يدرس إرسال منظومة صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا    رئيس إنبي: لم نحصل على أموال إعادة بيع حمدي فتحي.. وسعر زياد كمال 60 مليون جنيه    ترتيب مجموعات أفريقيا في تصفيات كأس العالم بعد الجولة الرابعة    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    السكك الحديدية: تعديلات جديدة على القطارات الإضافية خلال عيد الأضحى    تعرف على التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    بدأ مشوار الشهرة ب«شرارة».. محمد عوض «فيلسوف» جذبه الفن (فيديو)    طفرة تعليمية بمعايير عالمية    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    دار الإفتاء: يجوز للحاج التوجه إلى عرفات فى الثامن من ذى الحجة يوم التروية    "مقام إبراهيم"... آيةٌ بينة ومُصَلًّى للطائفين والعاكفين والركع السجود    مصطفى مدبولى يهنئ الرئيس السيسى بعيد الأضحى المبارك    احذري تعرض طفلك لأشعة الشمس أكثر من 20 دقيقة.. تهدد بسرطان الجلد    وزير الصحة: تقديم كافة سبل الدعم إلى غينيا للتصدي لالتهاب الكبد الفيروسي C    أفلام عيد الأضحى تنطلق الليلة في دور العرض (تفاصيل كاملة)    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: موقف السيسي التاريخي من العدوان على غزة أفشل مخطط التهجير    ماذا يحدث داخل للجسم عند تناول كمية كبيرة من الكافيين ؟    استشهاد 6 فلسطينيين برصاص إسرائيلي في جنين بالضفة الغربية    هيئة الدواء: هناك أدوية ستشهد انخفاضا في الأسعار خلال الفترة المقبلة    «الزمالك بيبص ورا».. تعليق ناري من حازم إمام على أزمة لقب نادي القرن    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتماء احتياج إنساني
نشر في نهضة مصر يوم 22 - 06 - 2006

الانتماء احتياج أساسي للإنسان، لا سيما في فترة الشباب، التي فيها تتكون ملامح الشخصية، تتحدد توجهات الشباب المستقبلية، ولكن المؤسف ان البعض يتصور الانتماء نوعا من الصفقات، التي فيها يتغلب الأخذ علي العطاء.. فيصير الانتماء اضافة الي الذات، وقيمة أنانية فردية أو طائفية أو حتي جماعية، لهذا يقول بعض الشباب: كيف انتمي الي مصر، وأنا لا أنال كل حقوقي، لا أجد فرصة عمل جيدة، ولا فرصة سكن، ولا فرصة زواج. الحقيقة ان هذا التفكير غير سليم، فالانتماء أساسا احتياج انساني، متعدد الزوايا، وهو مكسب بحد ذاته.. كيف؟ فعلا، فهو جزء أساسي من الطبيعة الانسانية، وهو احتياج متعدد الزوايا لأنه:
1- الانتماء احتياج نفسي:
فإن كان الجهاز النفسي للانسان غرائز واحتياجات نفسية موروثة، مع عواطف وعادات واتجاهات مكتسبة، يكون الانتماء أحد الحاجات النفسية الأساسية، التي بدونها لا تستقيم النفس، ولا يسعد الإنسان. وكما يحتاج الانسان نفسيا الي الأمن، والحب والتقدير، والتفرد، والمرجعية، يحتاج الي الانتماء. يستحيل ان يسعد الانسان في وضع اللامنتمي، اذ يحس انه في حالة فراغ، ووحشة، وعزلة رهيبة، وكأنه معزول في جزيرة موحشة، وكل ما حوله ظلام ورعب ووحوش! وهو بذلك يقترب من احساس بعض الوجوديين الملحدين الذين كانوا يقولون: "الجحيم هو الآخر" فهم يعيشون وحشة الذات وعزلة الأنا ورفض الآخر!! ويتصورون ان الآخرين يعطلون تقدمهم، ويعرقلون نجاحهم، وامكانية تحقيق ذواتهم. مع ان الحقيقة انني لا اكتمل الا بالآخر، فهو عون وسند، وفيه يتحقق الحب، والتعلم، والافتداء، ومن خلاله تتكون الاسرة، والجماعة، والمجتمع.
ان الاديان تدعونا الي العطاء، وقديما قال السيد المسيح: "مغبوط هو العطاء أكثر من الاخذ (أع 20 : 35). وهذه حقيقة اختبارية، عملية وعلمية، وليست مجرد وصية دينية. فالجحيم الحقيقي هو الانحصار في الذات، وقديما قال الآباء: "إن المشيئة الذاتية هي الجحيم"، فالانسان الأناني دائما كاره ومكروه، اما الانسان المعطاء فهو دائما محب ومحبوب.. ومن هنا تبدأ السعادة، والسلام النفسي.
2- الانتماء احتياج اجتماعي:
فالانتماء يشيع هذه الحاجة ايضا، واقصد الحاجة الي الاخر، والي الاحتكاك والتفاعل، والتعاون والتناسق، والاتحاد والشراكة. فالانسان اصلا "مخلوق اجتماعي"، وهو يحيا السعادة من خلال انتمائه للجماعة، أخذا وعطاء، وبخاصة كلما زاد عطاؤه عن أخذه. الانسان المنحصر في ذاته يحيا جحيم الرغبات الجامحة، والطموحات المحققة وغير المحققة والعداء مع كل من حوله، وكل من يقف في طريق أنانيته. اما الانسان المحب للاخرين، والذي انسكبت في قلبه محبة الله، فهو الفرح والسلام، دائم العطاء والتفاعل، يحب الجميع. ويحبه الجميع، يسعد الاخرين بحبه، ويسعد هو بحب الآخرين، وشعاره المفضل في الحياة هو: "كن معطاء تعش سعيدا".
الانسان مخلوق اجتماعي، فمن الزواج، الي الاسرة، الي الكنيسة والمسجد، الي الوطن، الي البشرية... يحقق انتماءه في دوائر متتالية، تتسع شيئا فشيئا قدر ما اتسعت جدران قلبه، بسبب سكيب الحب الإلهي في داخله!
ولعل لنا في القديس الأنبا بولا، في القرن الرابع، انموذجا رائعا في الانتماء، وهو الراهب المتوحد لعشرات السنين، لا يري انسانا، ولا يراه انسان، فحينما التقي به القديس الانبا انطونيوس وجدناه يسأله عن أمرين: الاول هو كفاح القديس اثناسيوس ضد الاريوسية، وذلك نتيجة انتمائه للكنيسة المقدسة. والثاني عن ومدي انتظام فيضان النيل، وذلك نتيجة انتمائه للوطن الأم.
الإنسان المتدين تدينا سليما، يتحد ببقية مواطنيه، بل حتي بكل الجنس البشري عموما.. يحس بآلامهم ويفرح لافراحهم، ومن هنا تكون المشاركة والتفاعل.
3- الانتماء احتياج روحي:
والانتماء ايضا احتياج روحي، اذ كيف استطيع ان امارس حياتي الروحية بدون الآخر؟ الآخر فرصة حب، وتعاون، وتعلم، وقدوة، واحتكاك، وتلمذة، واكتساب فضائل ونمو روحي.. فحتي لو ضايقني الآخر، فهنا اتعلم الحب!! فالحب البشري هو الحب بسبب "أي لاهداف واغراض ومنفعة"، اما الحب الالهي فهو الحب بالرغم من اي حتي الاعداء احبهم لانهم يعلمونني الصفح والحب، حينما اخذ في قلبي هذا الحب الإلهي القادر علي الصفح والعطاء.
ان الرب قبل ان يخلق حواء، اشعر آدم بالحاجة الي الآخر من خلال مرور الحيوانات والطيور امامه، اذ وجد كل نوع منها ذكرا وانثي، "واما لنفسه لم يجد معينا نظيره" (تك 2 : 20) ، ولما شعر آدم باحتياجه هذا، خلق الرب له حواء من احد ضلوعه، من منطقة الوسط، حتي لا تتسيد عليه أو تستعبد له، بل تكون نظيرا مساويا، قريبا من القلب ومحبوبا. ومن خلال هذا الاتحاد الزيجي المقدس، يكون العطاء للآخر وعطاء الزوجين للاولاد، والمجتمع، امتدادا للجنس البشري، واضافة الي عدد وارثي الملكوت.
لاشك ان الاحتكاك بالآخر هو طريق النمو الروحي والديني، وطريق واكتساب الفضائل المباركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.