تقع غالبية مكامن بترول العالم في القلب الأوسط الكبير. وهي منطقة تمتد من شرق أفغانستان في آسيا إلي شمال غرب تركيا في أوروبا، وإلي أقصي غرب أفريقيا المطلة علي المحيط الأطلسي. والي نطاق جغرافي يضم الصحراء الكبري في قلبه، ويتميز مناخياً بسماء صافية وطقس معتدل صيفا وشتاء. وكان ذلك سببا لتمتع أهلها بثقافة وجدانية عرفت أولي خطوات رقي البشر سلم التحول عن الوحشية الحيوانية إلي إنسانية التآلف والاستقرار والتعايش في سكن المودة والرحمة، والاستمتاع بالنظر والفكر. فكانت المهد الأول لفجر الضمير، ونعمة التفكير، والهداية إلي غاية الخلق المفعمة بروحانية الايمان بوحدانية الخالق، الحكم العدل عند نهاية الاختبار بالحياة المادية في الدنيا، والمنعم علي الفائزين بحياة سرمدية في الآخرة. وهي منطقة العقل والقلب من العلم القديم والجديد التي بزغ عليها فجر تاريخ حضارة القيم الإنسانية، فكانت مهبط الوحي للأنبياء الذين يدعون البشر كافة إلي مكارم الخلق الفاضل. باعتباره قانون اجتماع البشر، وسبب تحقيق السلام بين المؤمنين بقيم الحق والعدل والقوة والأمانة والتمتع بالجمال علي أساس من الطهارة والشرعية. وجائزتهم الكبري هي الخلود في جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، أما الضالون المناوئون لسلام مكارم الأخلاق الطامعين الحاسدين الحاقدين علي الغير فقد أعد الله لهم نار جهنم يصلون فيها أبداً. هكذا أصبح الإيمان بوحدة خالق الكون كله جوهر وجدان سكان هذه المنطقة الشاسعة، وأصبح غالبيتهم يدينون بالإسلام دين محمد خاتم الأنبياء والرسل. التهديد الاسلامي.. دعا رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الناس في مكةالمكرمة عند البيت الحرام الي الإسلام منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام. ذلك بعدما انحرفت غالبيتهم عن التعاليم السمحة التي بشرهم بها المسيح عيسي بن مريم، ومن قبله عن تعاليم ووصايا موسي الكليم، وتتلخص دعوة محمد: أن الدين عند الله الإسلام باعتباره الدين القيم الذي أنزل علي أبو الأنبياء إبراهيم وولديه إسماعيل واسحق. وان تعاليم الإسلام الحق تعلي قدر الإنسان الفرد الذي يسلم المؤمنون من لسانه ويده، وهو المؤمن بأن لا إله إلا الله وبأن محمداًَ رسول الله وتقوم تعاليم الاسلام علي الإيمان برب واحد خالق للكون، وأنه أرسل الأنبياء والرسل لهداية البشر وان المسيح نبي مرسل من عند الله وأن السيدة مريم العذراء قد ولدته بكلمة من الله. وذلك يعني إنكار أي سلطان للثالوث المقدس في العقيدة المسيحية. كذلك يربأ الإسلام بالسيد المسيح عن القتل أو الصلب بنص الآية "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" . ويؤمن الإسلام بيوم الحساب وبأن الجنة هي جائزة المتقين، وبأن النار هي عاقبة المنكرين لهذه العقائد. لذلك ينظر المسيحيون الراديكاليون إلي هذه التعاليم المخالفة لهم كقوة تحد تهدد نفوذهم!. ذلك لأنهم يعارضون تصوير المسلمين للجنة، وأن من متعها الجواري الحسان باعتبار أنه قد أحل لهم في الحياة الاستمتاع بتعدد الزوجات والتسري بالجواري ثم يستغربون كيف تقر الشريعة الإسلامية أن الإنجيل كلمة من الله، ورغم ذلك تعطي لنصوص القرآن القول الفصل والكلمة الأخيرة في جميع القضايا التي تمس حياة الإنسان سواء وردت بالإنجيل أو لم ترد، وأنه بغير ذلك "التسليم" من غير المسلمين يصبح إيمانهم غير كامل. لكن هذه النظرة القاصرة مرفوضة من القادة المسيحيين الذين لم يعودوا عدائيين للإسلام ولم تعد لديهم الرغبة في التمسك بأوهام تشتتهم عن إيمانهم بوحدانية خالق البشر جميعاً، وهو ما تم تأكيده في بيان المؤتمر الثاني للفاتيكان عندما طلب البابا في روما من المسيحيين النظر إلي الإسلام بتفهم في قلوبهم ومنذ عقود طويلة انتهي ذلك الخلاف، بعد بحث هذه القضايا بالحوار مع المسيحيين المؤمنين غير المتطرفين . لكن للأسف كلما حدث تضارب مصالح دنيوية يقوم الطامعون فيها بتحريك دعاوي غلاة الراديكاليين وإشعال نيران الحقد بين الطائفتين في حوادث اشتهرت عبر التاريخ. وهو ما يتكرر بشكل شبه دوري كلما تكرر التنافس علي موارد القوة والثروة. ومن دراسة هذه الظاهرة الدورية يتضح ان سبب الصراع ليس دينيا بل هو تخطيط فئة معينة للسيطرة علي المصالح التي تولد المال واكتنازه. واهمها أجهزة مؤسسات الوساطة المالية والنقدية. ولقد كانت الوساطة "أو السمسرة" الوسيلة التي كانت ومازالت - ولعلها سوف تبقي - أسلوبا للكسب بلا جهد علي النقيض من العاملين المنتجين في الصناعة والزراعة، أو العاملين الناقلين الموزعين للمنتجات بالتجارة. وتتحدد وسيلة هذه الفئة لتنفيذ مخططاتها بالتفرقة بين المنتجين والمستهلكين، وإزكاء نيران الحقد والحسد والطمع في صدور المتطرفين غير الواعين بحقيقة التسامح كجوهرللعاطفة الدينية التي وضعها الله في قلوب المؤمنين من أجل عمران الأرض. وتعتقد هذه الفئة أنها مختارة دون البشر لأنها قادرة - بوسائل الوهم والخداع للغير أو للآخرين - علي تحقيق السيطرة المالية أو النقدية علي اقتصاد العالم، وأنها قادرة بهذه السيطرة علي توجيه آلية اتخاذ القرار في جانبي الإنتاج والاستهلاك لتحقيق مصالحها بعد الباسها ثوب الحق يراد به الباطل. ولا تبالي باشعال الحروب مهما صاحبها من قتل ودمار للغير والاستيلاء علي مالهم دون حق .. بل طمع وحسد .. بل وتعسف ..وقهر .