النص في المادة الخامسة من القانون 148 لسنة 1980 في شأن سلطة الصحافة يدل علي ان للصحفي الحق في نشر ما يحصل عليه من انباء او معلومات او احصائيات من مصدرها مادام ملتزما في ذلك حدود القانون باعتبار ان الصحافة تحقق مصلحة المجتمع في ان يعلم افراده ما يجري فيه حتي يتاح لهم الاطلاع علي قدر مشترك من القيم الاجتماعية فتكون رباطا يجمع بينهم وهي سبيله الي التطور باعتبار ان نشر الخبر الصحيح وتوجيه النقد البناء هما الاساس والمنطق للكشف عن العيوب القائمة والتمهيد لظهور جديد بفضل القديم والتنبيه الي الاضرار التي تترتب علي التصرفات التي تصدر من بعض الاشخاص والدعوة الي تلافيها. ولقد اكد الدستور علي الاهمية الاجتماعية للصحافة فنص في المادة 47 علي ان حرية الرأي مكفولة ولكل انسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول او الكتابة او التصوير او غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون والنقد الذاتي البناء ضمان السلامة البناء الوطني وفي المادة 48 علي ان حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الاعلام مكفولة والرقابة علي الصحف محظورة وانذارها او وقفها او الغاؤها بالطريق الاداري محظور وفي المادة 49 علي ان تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمي والابداع الفني والثقافي وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك بل ان اداء وسيلة الاعلام قد ينطوي علي ما يمس شرف احد الاشخاص في صورة قذفه بعبارات قاسية بحيث يتبين ان أداء هذه الوظيفة غير ممكن في الصورة التي تقتضيها مصلحة المجتمع بدون هذا المساس فاذا ثبت ذلك تعين اباحة هذا المساس ترجيحا بين حقين احدهما اكثر اهمية من الاخر. اذا كان سند اباحة حق النقد علي نحو ما سلف هو استعمال الحق وما يقتضيه من وجوب توافر الشروط العامة لهذا الاستعمال ومنها صحة الواقعة او الاعتقاد بصحتها وطابعها الاجتماعي كشرط لتحقيق المصلحة الاجتماعية التي تقوم عليها تلك الاباحة ذلك لان المجتمع لا يستفيد من نشر خبر غير صحيح او نقد يقوم علي تزييف الحقائق وتشويهها او يتناول واقعة تمس الحياة الخاصة لشخص معين ولا تهم المجتمع في شئ كذلك يشترط لاباحة هذين الحقين موضوعية العرض واستعمال العبارة الملائمة وتعني ان يقتصر الصحفي او الناقد علي نشر الخبر او توجيه النقد بأسلوب موضوعي فلا يلجأ الي اسلوب التهكم والسخرية او يستعمل عبارات توحي لقارئه بمدلول مختلف او غير ملائمة او اقسي من القدر المحدود الذي يقتضيه عرض الواقعة او التعليق عليها وفي ذلك تقول محكمة النقض "انه وان كان للناقد ان يشتد في نقد اعمال خصومه ويقسو عليهم ما شاء الا ان ذلك كله يجب الا يتعدي حد النقد المباح فاذا خرج ذلك الي حد الطعن والتشهير والتجريح فقد حقت عليه كلمة القانون". وضابط ملاءمة العبارة هو ثبوت ضرورتها لتعبير الناقد عن رأيه بحيث يبين بانه لو كان قد استعمل عبارات اقل عنفا فان فكرته لم تكن لتحظي بالوضوح الذي يريده وان رأيه لن يكون له التأثير الذي يهدف اليه وقاضي الموضوع هو صاحب السلطة المطلقة في تقدير التناسب بين العبارة من حيث شدتها وبين الواقعة موضوع النقد من حيث اهميتها الاجتماعية كما يشترط لاباحة النقد والنشر حسن النية بان يكون الهدف من نشر الخبر او توجيه النقد هو تحقيق مصلحة المجتمع لا التشهير والانتقام باعتبار ان النقد المباح هو ابداء الرأي في امر او عمل دون مساس بشخص صاحب الامر او العمل بغية التشهير به او الحط من كرامته فاذا تجاوز النقد هذا الحد وجبت المساءلة باعتباره مكونا لجريمة سب او اهانة او قذف حسب الاحوال، فحتي يكون النقد مباحا تعين الا يخرج الناقد في نقده الي حد ارتكاب احدي الوقائع المذكورة فيجب ان يلتزم الناقد العبارة الملائمة والالفاظ المناسبة للنقد وان يتوخي المصلحة العامة وذلك باعتبار ان النقد ليس الا وسيلة للبناء لا الهدم، فاذا ما تجاوز ذلك فلا يكون ثمة محل للتحدث عن النقد المباح. واشتمال مقال الناقد علي عبارة يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة واخري يكون القصد منها التشهير فان المحكمة في هذه الحالة توازن بين القصدين وتقدر لأيهما الغلبة في نفس الناشر ولا محل للقول بان حسن النية يجب ان يقدم في كل الاحوال علي ما عداه والا لاستطاع الكاتب تحت ستار الدفاع ظاهريا عن مصلحة عامة مزعومة ان ينال من كرامة صاحب الامر ما شاء دون ان يناله القانون.