هل توشك الولاياتالمتحدة ان تشن حربا استباقية ثانية ضد دولة لم تهاجمنا لتحرمها من أسلحة دمار شامل لا تملكها؟ ومع استمرار وجود القوات الأمريكية في ورطتي أفغانستان والعراق وغضب الباكستانيين إزاء ضربة جوية أمريكية أودت بحياة 13 قرويا من بينهم نساء وأطفال، يبدو أن شن حرب أخري في العالم الإسلامي هو آخر شيء تحتاجه أمريكا. يقال ان المرشد الروحي في ايران آية الله علي خامنئي يوجه أحمدي نجاد. وبالتالي، يبدو أن ايران لا تريد حربا. ويقول عضو مجلس الشيوخ الأمريكي جون ماكين "إن هناك شيئا واحدا أسوأ من ممارسة الخيار العسكري وهو أن تمتلك إيران أسلحة نووية والخيار العسكري هو الخيار الأخير، ولكن لا يمكن استبعاد اللجوء إليه". وخلال مشاركة ماكين في برنامج "واجه الأمة" علي شبكة "سي.بي.اس"، قال ان برنامج إيران النووي يمثل "الوضع الأكثر خطورة الذي واجهناه منذ نهاية الحرب الباردة". وخلال لقاء الرئيس جورج بوش مستشارة ألمانيا انجيلا ميركل استخدم بوش الاصطلاحات التحذيرية ذاتها التي استخدمها قبل غزوه العراق. فقد قال بوش: "اذا مضت ايران قدما في تخصيب اليورانيوم فربما تشكل تهديدا خطيرا لأمن العالم". وأكد كل من ماكين وبوش الخطر الذي تشكله ايران علي "إسرائيل" في حين بدأت الجوقة المعتادة بدق طبول الحرب. وتحذر "اسرائيل" من ان مارس المقبل سيكون الموعد الأخير الذي ربما تتولي هي توجيه ضربة لإيران. ويقرأ المرء عن طائرات طراز "اف 16" توجهت إلي المنطقة. وتلون "ذي ويكلي ستاندرد" صفحاتها بألوان الاستعداد للحرب. ويؤدي أشباه أحمد الجلبي الإيرانيون الأدوار المحددة لهم ويحذرون من أن إيران أقرب مما نتصور لامتلاك الأسلحة النووية. ولكن إلي أي حد يعتبر هذا "التهديد الخطير" وشيكا؟ لقد خطت ايران حتي الآن خطوتين بدائيتين حيث إنها جددت تحويل اليورانيوم الخام إلي هكسافلوديد اليورانيوم وهي المادة الغازية المستخدمة للحصول علي اليورانيوم المخصب. وحطمت إيران أختام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في منشآتها النووية في نطنز حيث ستتم معالجة هكسافلوديد اليورانيوم ليصبح يورانيوم مخصبا. ولكن وزارة الخارجية قالت في يوم السبت الماضي إنها لا تزال تعلق "إنتاج الوقود". وعموما، أعلن الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد أن معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي وقعت ايران عليها، لا تتضمن تقييدات بشأن إجراء نشاطات حول الأبحاث النووية. وفي ما يتعلق بهذه النقطة يحظي الرئيس الإيراني بدعم أبناء بلده ويقف علي أرضية صلبة يسندها القانون الدولي. ولكن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس قالت في الأسبوع الماضي: "لا يوجد ببساطة أساس منطقي سلمي لاستئناف النظام الايراني تخصيب اليورانيوم". فهل كوندي علي حق؟ وخلافا ل "اسرائيل" وباكستان والهند التي صنعت أسلحتها النووية سرا وقعت ايران علي معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. وربما ترغب ايران في ان تمارس حقوقها بموجب المعاهدة لتتحكم في دورة الوقود النووي من أجل بناء محطات طاقة لإنتاج الكهرباء بدلا من ان تستنفد مخزوناتها من النفط والغاز التي تصدرها لكسب كل عملاتها الصعبة، وبالتالي، فإن الطاقة النووية لها أهميتها بالنسبة لإيران. وصحيح أن إيران ومن خلال اكتساب مثل هذه الخبرة ربما ترغب في أن تتمكن خلال شهور من الحصول علي القدرة النووية. وبالنسبة للولايات المتحدة و"اسرائيل" اللتين هددتاها مرات عدة فإن كليهما مجاورة لها وتملك ترسانات نووية. وربما لا يبدو امتلاك ايران قنبلة ذرية تردع بها هجوما أمريكيا أو "اسرائيليا" "أساسا منطقيا سلميا"، بالنسبة لرايس، ولكن ربما كانت للايرانيين وجهة نظر أخري. وبعد أن شاهدت ايران ما فعلناه بالعراق ومدي تباين تعاملنا مع كوريا الشمالية هل يعتبر سعيها لامتلاك قدرة الردع الخاصة بها أمرا غير منطقي؟ ومجددا، إلي أي حد يعتبر هذا "التهديد الخطير" وشيكا؟ لقد صرح مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي أخيرا لمجلة "نيوزويك" أنهم لا يرون خطرا واضحا في الوقت الحاضر. ويري البعض أن إمكانية صنع ايران قنبلة ربما تتحقق بعد 10 سنوات. وكتب كون كافلين محرر الشئون الدفاعية والأمنية في "لندن تلجراف" يقول ان ال 164 نابذة طرد مركزي في منشأة نطنز يمكن ان تمكن ايران من انتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع قنبلة واحدة خلال ثلاث سنوات. ولو ان التهديد الايراني وشيك لتصرفت "اسرائيل" التي شنت عدوانا علي مصر في عام 1956، ودمرت طائرات سلاح الجو السوري والمصري وهي علي الأرض في عدوان مفاجئ في عام 1967 ودمرت مفاعلا نوويا عراقيا قبل إكماله في عام 1981. وبما تملكه "اسرائيل" من أسلحة نووية تقدر ب 200 قنبلة تعتبر الدولة العبرية قادرة تماما علي ردع ايران وتوجيه ضربة انتقامية كاسحة إذا تعرضت لهجوم ايراني. ولم يسبق لإيران أن هاجمت "اسرائيل" أو قواتنا في الخليج، ويقال ان المرشد الروحي في ايران آية الله علي خامنئي يوجه أحمدي نجاد. وبالتالي، يبدو أن ايران لا تريد حربا. ولذلك، نجد أن أمام الكونجرس الوقت الكافي ليقوم بواجبه الدستوري الذي اخفق في القيام به عندما أعطي بوش الضوء الأخضر ليغزو العراق في الوقت الذي يختاره. ولا تثق إلا قلة محدودة حاليا ب "تقارير الاستخبارات" أو دعاة الحرب أو أقوال المنفيين الذين يتلهفون ليروننا ونحن نخوض حروبهم نيابة عنهم. وعليه، ينبغي علي الكونجرس ان يعقد جلسات حول مدي اقتراب ايران من صنع سلاح نووي، وما اذا كان هذا يمثل تهديدا غير محتمل يبرر شن حرب استباقية ستعني زلزالا في الشرق الأوسط وركودا في العالم أجمع. ويجب علي الكونجرس أيضا ان يجري تصويتا قبل إعلان الحرب ولن يحرم بوش من سلطة شن الحرب. وعلي الرغم من "مبدأ بوش" إلا أنه إذا لم يقرر الكونجرس اللجوء للخيار العسكري فإن لا بوش ولا ماكين يستطيع اللجوء إليه. وهذا هو ما ينص عليه الدستور، أليس كذلك؟