رئيس الأركان يتفقد إحدى الوحدات الفنية التابعة لإدارة المدرعات    القائد العام للقوات المسلحة يلتقى النائب الأول لرئيس جمهورية غينيا الإستوائية    أسعار الذهب الآن في محال الصاغة.. آخر تحديث لسعر جرام عيار 21    الإحصاء: 864 مليون دولار قيمة التبادل التجاري بين مصر والأردن في 2023    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    المنتدى الدولي للفن التشكيلي من أجل التنمية ينٌظم معرضا فنيا للأعمال المعاد تدويرها بقصر السلطانة ملك    الرئيس السيسي ل«أبومازن»: نساند السلطة الفلسطينية للحفاظ على حقوق شعبها    روسيا: تدمير مقاتلتين أوكرانيتين من طراز سو-27 و سو-25 في مطاراتها    «الدفاع الروسية» تكشف أسباب تحطم طائرة "سو-34" خلال طلعة تدريبية    منتخب أستراليا يفوز على فلسطين بخمسة أهداف دون مقابل    بعد وصول عروض له.. ريال مدريد يحسم مصير أردا جولر من الرحيل    فيرناندو توريس يتولى منصبا جديدا في أتليتكو مدريد    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    «حقوق الإنسان» بالشيوخ تزور مركز إمبابة لعلاج الإدمان: الأكبر في الشرق الأوسط    قبل أيام من عيد الأضحى.. تفتيش 81 منشأة غذائية وضبط 22 جهة تعمل بدون ترخيص في الإسكندرية (صور)    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    كواليس استعدادات حفل عمرو دياب الأكبر في بيروت هذا الصيف    نشوى عزام ل"البوابة نيوز": المعرض العام 44 حدثا تشكيليا يليق بالفن المصرى    تعرف على فضل الدعاء في يوم عرفة    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    الأعلى للإعلام يستدعي الممثل القانوني ل أمازون مصر    هيئة الرعاية بالأقصر تكرم 111 فردا من قيادات الصف الثاني بالمنشآت التابعة لها    أهم النصائح والإرشادات للحاج للمحافظة علي صحته خلال تأدية المناسك    ندوة تثقيفية لمنتخب مصر للكرة الطائرة حول مخاطر المنشطات    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    الأسماك النافقة تغطي سطح بحيرة في المكسيك بسبب الجفاف وموجة الحر    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    يورو 2024| رومانيا يسعى للذهاب بعيدًا في الظهور الرابع.. إنفوجراف    رئيس هيئة الدواء: حجم النواقص في السوق المصري يصل ل7%    نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن.. «إنت جاي تعلمنا الأدب»    إصابة 12 في حادث إنقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    حكم كثرة التثاؤب أثناء الصلاة وقراءة القرآن.. أمين الفتوى يوضح    أمن قومي وإعلاء قيم حقوق الإنسان.. إشادة برلمانية بإجراءات "الداخلية" لتأمين امتحانات الثانوية العامة    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    تأجيل محاكمة المتهم بإصابة شاب بشلل نصفى لتجاوزه السرعة ل30 يوليو المقبل    للمرة الأولى بالحج..السعودية تدشّن مركز التحكم والمراقبة لمتابعة حركة مركبات بمكة المكرمة    رئيس جامعة بني سويف يرأس عددا من الاجتماعات    تفعيل الأنشطة الصيفية بمدارس القاهرة للعام الدراسي 2024    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    «الصحة» إدراج 45 مستشفى ضمن البرنامج القومي لمكافحة المقاومة لمضادات الميكروبات    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    ما هو يوم الحج الأكبر ولماذا سمي بهذا الاسم؟.. الإفتاء تُجيب    رضا البحراوي يُحرر محضرًا ضد شقيق كهرباء بقسم المعادي    علي الغمراوي يكشف أسباب تحريك أسعار الدواء مؤخرًا    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تكسر حماس "احتكار" فتح للقرار الفلسطيني؟
نشر في نهضة مصر يوم 26 - 01 - 2006

توجه أمس نحو مليون و340 ألف ناخب فلسطيني إلي صناديق الاقتراع لاختيار ثاني مجلس تشريعي منذ قيام السلطة الفلسطينية بعد سنة من توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993 في ظل مستجدات جديدة طرأت علي الاوضاع الفلسطينية والإسرائيلية مما يجعل هذه الانتخابات تتميز عن سابقتها التي جرت في مطلع عام 1996. ولعل ابرز هذه المستجدات قرار حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بدخول الانتخابات ومنافسة التنظيم الحاكم (حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح") والتي عانت في الآونة الاخيرة من شروخ وانقسامات خاصة بعد غياب مؤسسها الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وتطرح حماس نفسها من خلال فرصها القوية لتحقيق فوز ملحوظ في الانتخابات "كمنقذ" للشعب الفلسطيني الذي يعاني من الفقر والاحباط بعد 12 عاما علي قيام السلطة الفلسطينية.
وتشهد هذه الانتخابات تنافسا حادا علي مقاعد المجلس التي رفع عددها إلي 132 بعد أن كان 88 مقعدا، حيث كثفت القوائم الرئيسية المتنافسة، وخصوصا قائمتي فتح وحماس، حملتها الدعائية التي انتهت منتصف ليل 23 يناير.
وتأخرت حركة فتح في بدء حملتها جديا بعد اطلاق دعوات لتأجيل الانتخابات من داخل الحركة المنقسمة بين تيارين رئيسيين وسط اتهامات بالفساد ودعوات إلي الاصلاح والتغيير تتزعمه الكوادر الشابة في الحركة.
ولكن نتائج الاستطلاعات التي بينت تقدم شعبية حماس المشاركة للمرة الاولي في الانتخابات التشريعية دفعت قيادة فتح علي ما يبدو إلي تكثيف الحملة ودعوة انصارها إلي الالتفاف حول مرشحي الحركة التي باتت هيمنتها علي المجلس التشريعي مهددة.
وبالاضافة إلي وقف الجانب الإسرائيلي للمفاوضات مع الفلسطينيين واستمرار الاستيطان وبناء الجدار الفاصل، وبقاء خطة خارطة الطريق الدولية للسلام حبرا علي ورق، واستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية خصوصا، تجري الانتخابات في ظل ظروف أمنية سيئة وازمة اقتصادية متفاقمة.
فالبطالة والفقر منتشران في الاراضي الفلسطينية والسلطة الفلسطينية تعاني من عجز مالي كبير يتوقع ان يصل عام 2006 إلي نحو مليار دولار.
ولم يؤد الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة في سبتمبر الماضي ومن ثم فتح معبر رفح الحدودي مع مصر في نوفمبر الي تحسن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة الذي لايزال يشكل جيبا معزولا عن الضفة الغربية فشل في اجتذاب الاستثمارات الاجنبية الموعودة بسبب تردي الحالة الامنية فيه.
ويخوض الفلسطينيون الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية المحتلة بعد موافقة إسرائيل السماح بمشاركة فلسطينيي القدس الذين أدلوا بأصواتهم في مراكز بريد كما جري في الانتخابات التشريعية الاولي عام 1996 وخلال الانتخابات الرئاسية عام 2005.
وتم تنظيم الانتخابات مناصفة وفق نظامي القائمة الوطنية والدوائر.
وتتنافس 11 قائمة في الانتخابات وتبلغ نسبة الحسم لدخول المجلس التشريعي 2% من الاصوات حسب لجنة الانتخابات المركزية.
وبناء عليه، يتوقع حسب استطلاعات الرأي ان تمثل خمس قوائم في المجلس التشريعي ابرزها قائمة حركة فتح برئاسة مروان البرغوثي المعتقل لدي إسرائيل، وقائمة حماس، "التغيير والاصلاح"، برئاسة اسماعيل هنية.
وتتقارب نتائج هاتان القائمتان في الاستطلاعات، يليهما قائمة "فلسطين المستقلة" برئاسة مصطفي البرغوثي، وقائمة "الشهيد ابو علي مصطفي" للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، و"الطريق الثالث" وهي قائمة مستقلة برئاسة سلام فياض وعضوية حنان عشراوي.
اما علي مستوي الدوائر فتقسم الاراضي الفلسطينية إلي 16 دائرة، 11 منها في الضفة الغربية بما فيها القدس، وخمس في قطاع غزة.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في الضفة الغربية بمن فيهم سكان القدس الشرقية حوالي 811 الفا، وفي قطاع غزة 529 الفا.
وبلغ عدد المرشحين في الدوائر 414 مرشحا وضمن القوائم 314 مرشحا.
وقالت لجنة الانتخابات المركزية ان "سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقوم بفرض قيود شديدة علي حرية الحركة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يحول دون حرية التنقل خارج حدود مناطق السكن".
واضافت اللجنة ان "جدار الفصل العنصري الذي تقوم إسرائيل ببنائه في المناطق الفلسطينية يعطل حركة المواصلات، وفي سياق العملية الانتخابية يشكل الجدار عقبة رئيسية في بعض المناطق أمام انجاز العملية الانتخابية بشكل حر وشفاف".
واشارت اللجنة إلي ان بعض مراكز تسجيل الناخبين اغلقت بسبب منع التجول الذي يفرضه الجيش الإسرائيلي، وأظهر استطلاع أجراه مركز فلسطيني لاستطلاع الرأي يديره الدكتور خليل الشقاقي تقدم فتح ب 42% علي حماس التي أتت ثانية وحصلت علي 35% ممن شملهم التصويت.
وحسب نتائج استطلاع آخر أجراه مركز للدراسات بالقدس، حصلت فتح علي 3.32% من الأصوات مقابل 2.30% لحماس.
وحلت ثالثة لائحة "فلسطين المستقلة" برئاسة مصطفي البرغوثي بنسبة 6.12%، تليها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بزعامة أمينها العام المسجون في أريحا أحمد سعدات بنحو 6.7%. وتذيلت قائمتا البديل والطريق الثالث الترشيحات بنسبتي 1.6% و4.3%.
وقد تتمكن حركة فتح بالتحالف مع شخصيات وفصائل أخري من تشكيل غالبية في المجلس التشريعي القادم، ولكن موقف حماس كمعارضة سياسية وبالتحالف أيضا مع فصائل وشخصيات أخري، سيخلق حالة توازن في القوي السياسية افتقدتها الساحة الفلسطينية عقودا طويلة.
وتقول حماس إنها تريد أن يكون وجودها في المجلس التشريعي علي قاعدة المشاركة السياسية في صنع القرار الفلسطيني، ولكن تباين الأسس التي تنطلق منها الحركة مع تلك التي تعمل فتح علي أساسها، يطرح تساؤلات مهمة حول إمكانية تحقيق هذه الرؤية والمزاوجة بين الموقفين المتناقضين سياسيا.
ولذلك سيثير حصول حركة حماس علي تمثيل قوي في البرلمان تعقيدات كثيرة علي صعيد الموقف الفلسطيني الرسمي من مفاوضات السلام مع إسرائيل، خصوصا أن حماس دخلت الانتخابات علي قاعدة رفض عملية التسوية السياسية التي نشأت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وإصرارها علي أن المقاومة هي الكفيلة بإرغام إسرائيل علي التخلي عن احتلالها للاراضي الفلسطينية.
وتلقي مشاركة حماس في الانتخابات ومن ثم في الحكومة الفلسطينية معارضة إسرائيلية وأمريكية وأوروبية طالما أن الحركة ملتزمة باستمرار الصراع مع إسرائيل، وطالبتها بالاعتراف بالدولة العبرية كشرط لقبولها دوليا.
وأصر الرئيس الفلسطيني محمد عباس (أبو مازن) علي عدم التعاطي مع المطالب الدولية بتقييد مشاركة حماس، معتبرا أن ذلك يتناقض مع مبدأ الديمقراطية، ولكنه أيضا لم يخف رغبته في تحقيق فتح نصرا في الانتخابات يؤهله للمضي قدما في برنامج التسوية السياسية، معتبرا أن فشل حركته في تحقيق هذا النصر يدفعه لاعتزال قيادة الشعب الفلسطيني.
وتبقي التغييرات السياسية التي ستحدثها مشاركة حماس في الانتخابات في إطار الاحتمالات والممكن، في ضوء تعقيد الخارطة السياسية الفلسطينية الداخلية والمواقف الدولية المشتددة ازاءها.
إلا أن الحركة سيكون لها علي الأرجح تأثير مهم علي صعيد تحسين الحياة اليومية وإعادة بناء مؤسسات الشعب الفلسطيني، خصوصا أن تجربتها في ميدان العمل الاجتماعي والخيري كانت لها آثار إيجابية واضحة في المجتمع الفلسطيني.
وفي كل الأحوال فإن دخول حماس معترك الانتخابات سينعش التنافس ويعزز صلابة الموقف الفلسطيني في مواجهة الموقف الإسرائيلي المتشدد في المفاوضات السياسية.
إلا أن ذلك يرتبط إلي حد بعيد بقدرة القوي السياسية الفلسطينية علي إيجاد قواسم مشتركة في الموقف تجاه إسرائيل، وأبرزها ما يتعلق بالموقف من التسوية السياسية والمقاومة المسلحة.
وتعلن حماس في برنامجها وشعاراتها الانتخابية انها تخوض الانتخابات "كي تخلص الشعب من الفقر والفساد والفوضي" مع تمسكها بمقاومة الاحتلال.
ويقول مشير المصري المتحدث باسم حماس ان الحركة تطرح في برنامجها الانتخابي "اصلاحات وتغييرات حقيقية اقتصادية وامنية واجتماعية وثقافية". لكن خبراء ومحللون يعتقدون ان حماس "غير قادرة علي تنفيذ شعاراتها، وقد تستطيع ربما الحد من الفساد". ويرون أن "خطاب حماس مزدوج وشعاراتها اكثر ابتعادا عن الواقع خصوصا عبر طرح مسألة التمسك بالمقاومة ورفض التفاوض مع اسرائيل من جهة، مع اعلانها انها ستكون بعد الانتخابات حركة مختلفة وستتواصل مع المجتمع الدولي واسرائيل من جهة أخري".
وركز قادة حماس في حملاتهم الدعائية خلال الايام الماضية علي رفض التفاوض مع اسرائيل بعد اعلان المرشح الثاني في قائمة حماس استعداده لخوض مثل هذه المفاوضات.
وأكد اسماعيل هنية رئيس قائمة حماس للانتخابات ان التفاوض مع اسرائيل غير مطروح علي اجندة حركته في هذه المرحلة.
ولا يستبعد فريق من المحللين ان تلجا حماس للاقرار بوجود إسرائيل "كطرف يجب التعامل معه والتفاوض معه وان كان عدوا".
ويستندون إلي ان حماس معنية من خلال الانتخابات "بتحقيق تغيير في مفهوم الغرب عنها بانها حركة ارهابية، لينظر إليها بوصفها حركة سياسية، وكذلك فتح المجال امام الحركة لاقامة علاقات عربية ودولية بوصفها منتخبة".
ويعتبرون ان حماس "تستطيع ان تطرح نفسها بديلا عن الحركة العلمانية التي تربعت علي مدي 45 عاما علي سدة القرار وانهاء تفردها"، في اشارة إلي حركة فتح. ويضيفون ان "الشعب يري ان حماس قد تكون منقذا ومخلصا من الفوضي، والبعد الديني عامل مهم هنا في جذب أصوات الناخبين".
ولكن حماس قد تكون إمام قرار صعب بشأن المشاركة في حكومة مقبلة في حال تحقيق فوز كبير في الانتخابات التشريعية.
ويعتقد مراقبون للشأن الفلسطيني ان حماس ستدخل الحكومة اذا رأت ان ذلك يحقق لها المصلحة ويتوقعون حدوث "تحول كبير" في مرحلة ما بعد الانتخابات اثر دخول حماس وبعض القوي الأخري.
ويرون حماس التي تكرر رغبتها في "تكريس الشراكة السياسية"، "ستعمل علي تشكيل حكومة ائتلاف، لاسيما وأن اسرائيل ستتعامل معها وفق شروط ستكون عوائق امام حماس، علي رأسها الاعتراف بإسرائيل وحقها بالوجود".
ويعتبرون ان "دخول حماس في العملية السياسية سيجعلها تخسر جزءا كبيرا من شعبيتها لانه سيكون عليها التعامل علي اساس اتفاقات اوسلو التي رفضتها سابقا والقائمة علي الاعتراف بإسرائيل وتأجيل القضايا النهائية كالقدس واللاجئين".
وتؤكد حماس من جانبها انها ستعمل علي ادخال اصلاحات حقيقية في السلطة بعد فوزها، ويقول المتحدث مشير المصري "سنشكل تيارا واسعا من الشرفاء لنحدث التغييرات والاصلاحات الحقيقية".
ويعتقد المصري ان وجود حماس في سدة القرار الفلسطيني "يعني ان حقبة الفساد والفلتان الامني انتهت وان عهد التفرد في القرار السياسي انتهي".
ويقول المصري ان "الفلتان الامني يرتكب بأيدي عناصر امنية ولابد من ترتيب الاجهزة الامنية علي اسس سليمة ولا يمكن ان نسمح لاي مواطن بأن يتجرأ علي القضاء الفلسطيني".
وتعيب حماس علي منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية "التنازلات" التي تقول انها قدمتها لاسرائيل التي تتنصل من تنفيذ الاستحقاقات.
ولكن كما يقول المصري، فإن حماس لا تمانع في التنسيق مع اسرائيل في القضايا الخدماتية واليومية.
ويشير إلي أن هناك "فرقا بين التنسيق الخدماتي وبين التنسيق الأمني والمفاوضات فواقعنا استثنائي يتطلب التواصل".
ويتابع "هذا الواقع لن يكون واقعا مفروضا علي شعبنا الي الابد فلدينا البديل من خلال عمقنا العربي والاسلامي"، ويقول المصري ان هذه العلاقات ستدفع "بتواصل الدعم المالي لشعبنا، وحماس منفتحة علي الجميع ولها عمق عربي ودولي واسلامي".
وعلي هذا الصعيد، يشير المصري الي ان حركته تلقت تأكيدات من اطراف اوروبية، لم يسمها، ان الاتحاد الاوروبي سيواصل الدعم للفلسطينيين بغض النظر عن فوز محتمل لحماس.
وكان مسئولون اوروبيون اعربوا عن قلقهم من فوز حماس بنسبة كبيرة من المقاعد والمحوا الي احتمال وقف المساعدات الي السلطة الفلسطينية في هذه الحال.
وتوجد مؤشرات قوية في خطاب حماس تؤكد علي وجود تحولات كبيرة في موقف الحركة.
ويقول محمود الرمحي، المرشح رقم 8 علي قائمة حماس، "نحن نقبل بإقامة دولة مقابل هدنة طويلة، لكننا لن نفاوض اسرائيل الآن ولا في المستقبل ايضا".
ويضيف "حين تصبح حماس جزءا من منظمة التحرير الفلسطينية فإن المنظمة هي التي ستفاوض باسم الفلسطينيين".
وتضمن اتفاق القاهرة بين الفصائل الفلسطينية ومنها حماس في اواخر 2004 بشأن التهدئة في العمليات العسكرية ايضا تفاهمات حول مشاركة حماس في منظمة التحرير.
وبدخولها المجلس التشريعي، تصبح حماس تلقائيا جزءا من المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر المؤتمر العام لمنظمة التحرير، الامر الذي سيحل بالنسبة لها اشكالية التفاوض المباشر مع اسرائيل.
وفي حين ينفي الرميحي ما يقال حول تشكل "حماس جديدة"، فإنه يؤكد ان "حماس اليوم، ليست حماس التي انطلقت عام 1987"، لقد قطعت حماس شوطا طويلا ونضجت".
ويقول فرحات اسعد، مسئول حملة حماس الانتخابية في وسط الضفة الغربية "تدرك حماس حجم التغيرات الدولية والاقليمية والمحلية وانها لم تعد تخاطب جمهورا محليا".
واضاف "تعتقد حماس ان مهمتها الاولي في المجلس التشريعي تقضي بالمشاركة في وضع دستور يحدد صلاحيات الرئيس واصدار تشريعات تكرس سيادة الفلسطينيين علي اراضيهم والعمل لاقامة ديمقراطية حقيقية".
ويؤكد برنامج حماس الانتخابي علي "الفصل بين السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية وترسيخ ثقافة الحوار، واحترام كل الآراء، بما لا يتعارض مع ثقافة الشعب وموروثه الحضاري".
وترفض حماس، المخاوف من سعيها لفرض قوانين وتشريعات متزمتة، ويقول اسعد "لا اكراه في الدين، نريد ان يكون الدين مصدر التشريعات، لكننا بالقطع لا نؤمن بفرض آرائنا بالقوة".
وتسعي حماس كذلك الي التقليل من المخاوف بوقف المساعدات الدولية اذا ما فازت في الانتخابات.
وقال اسماعيل هنية، رئيس قائمة حماس، في تصريحات للصحفيين في مخيم الشاطيء للاجئين في غزة ان الحركة "تجري اتصالات مع دول عربية واسلامية وهذه الدول وافقت علي التعاون مع الحركة من اجل توفير فرص عمل".
واكد سامي ابو زهري المتحدث باسم حركة حماس هذه الاتصالات وقال ان "اكثر من ممثل لدولة اوروبية يشارك في هذه الاتصالات للتأكيد علي ان المعونات لن تتوقف".
واشار ابو زهري إلي "أن الاتصالات مع الدول العربية والاسلامية التي تجريها الحركة والوعود التي تلقتها تؤكد ان المساعدات الامريكية ليست قدرا محتوما وانها تريد ان تطمئن الجمهور الفلسطيني انها قادرة علي تعزيز العلاقات مع الجميع".
لكن الحركة الاسلامية لم تقطع الجدل حول المشاركة في الحكومة الفلسطينية المقبلة.
ورفض ابو زهري اعتبار الاتصالات الخارجية دليلا علي توجه حماس نحو السلطة، وقال "ستتعامل الحركة مع مسألة المشاركة في الحكومة وتشكيلها في حينه".
ومن جانبه حذر رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع من احتمال تذرع اسرائيل بعدم وجود شريك سياسي في عملية السلام في حالة فوز حماس في الانتخابات التشريعية ودخول اعضاء منها في الحكومة الفلسطينية المقبلة بعد انتهاء عملية الانتخابات.
وقال قريع في تعليق له علي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز التي اشار فيها الي احتمال قيام اسرائيل بخطوات احادية الجانب في حال فوز حماس "أن هذا المشروع يريدون ان يخلقوا له الاعذار كما قالوا عن ياسر عرفات انه ليس شريكا"، مؤكدا ان هناك شريكا فلسطينيا حقيقيا علي استعداد للتفاوض والعمل الجدي من اجل سلام عادل وشامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.