حكاية باب السر بالمسجد احقاقا للحق - فقد كان ذلك حبا وطمعا في الطقوس التي كان والدي يتبعها معي في الذهاب للصلاة .. فقد كان يرغبني في الصلاة هناك بتناول بعض الحلويات والأطعمة من المحال المنتشرة بجوار المسجد ولا يمنع الأمر من شراء بعض اللعب من السوق المجاور .. وممارسة هواية (المشي) بين الأسواق ثم نختتمها عودة للمنزل بالسير علي كورنيش النيل ليجعل من الصلاة في نهاية طقوسها يوما سعيدا وعلي أمل بانتظار الجمعة القادم . هل كانت بئر مياه المسجدتنبع من بئر زمزم بمكة? أول من أخبر بخطورة كوبري أبو العلا الشهير ؟السلطان أبوالعلا شبيه عمه السيد البدوي في العبادات والكرامات من هم المشايخ الخمسة المدفونون مع السلطان في مسجده تحقيق : حسين الطيب وكان مسجد السلطان لأهالي بولاق بمثابة المقصد والقبلة في الزيارة والبركة والتبرك به حتي أن تجار المنطقة المحيطة به كانوا يعتبرونه شاهدا علي تعاملاتهم التجارية في السوق ويقصده الجميع من الحي للدعاء وقراءة الفاتحة لما اشتهر مسجده باستجابة الدعاء فيه لما به من بركات الأولياء حسب اعتقادهم. كل ذلك العمر وأنا وغيري و الكثير من المصليين نعتقد بأن السلطان أبوالعلا تولي حكم مصر في احدي الفترات التاريخية وظللت أبحث عنه بين دفتي كل كتب التاريخ التي درستها في جميع المراحل التعليمية فلم أجد له أثرا فيها .. فأقنعت نفسي أنه ربما يوجد في كتب أخري لم تقررها وزارة التربية والتعليم . وعلي هذا الحال كنت أنا وغيري .. حتي كانت الزيارة التي وقفت أمام المقام وتأملت وقرأت كل ما هو مكتوب عن المسجد وصاحبه وعلي باب المسجد الذي تزينت واجهته بعبارة جميلة يتزين ويتشرف بها أي صاحب مقام في العالم (مسجد السلطان أبوالعلا حفيد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين) وعلي الفور كان القرار بالبحث والتنقيب عن تاريخ المسجد وصاحبه الكريم فكشفت عنه الكثير الذي كان ملثما عني وعن غيري من أهالي بولاق. وفي أول زيارتنا التقينا الشيخ شعبان محمد شعبان مقيم شعائر المسجد وجلسنا نتحدث معه بعد اسئذان إمام المسجد الشيخ محمود مصطفي عبد الواحد بسبب ميعاد مسبق في وزارة الأوقاف، وفي رحاب المسجد كانت جلستنا مع الشيخ شعبان وفي صحبتنا مجموعة من محبي السلطان أبوالعلا مثل الحاج أبوالعلا صاحب أحد المحال بجوار المسجد والمحامي علي مصطفي والأسطي حسين جابر صاحب احدي الورش بحي بولاق، بالإضافة الي بعض مريدي المسجد الذين تطوعوا حبا في الحديث عن المسجد وصاحب المقام الموجود به فتحدث الجميع عن تاريخ السلطان ومسجده والذي استخلصني منه بعض الحكايات الغريبة والطريفة الخاصة بالمسجد وقبل كل ذلك كان تعرفنا بالسلطان وتاريخه وصفاته فذكر الجمع ما يوافق كتب السيرة والتراجم من أن السلطان أبو العلاء هو الحسين أبو علي بن حسن الأكبر بن علي البدري بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن عمر بن موسي الأشهب بن يحيي بن عيسي بن محمد التقي بن حسن العسكري بن علي الهادي بن الإمام محمد الجواد بن الإمام علي الرضا بن الإمام موسي الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه، فهو من فاطمة الزهراء بنت المصطفي صلوات الله وسلامه عليه وعلي آله وصحبه وأهل بيته أجمعين. وهو بذلك ابن شقيق السيد أحمد البدوي صاحب المسجد والمقام المعروف بمدينة طنطا بمحافظة الغربية وأبوه الحسن الأكبر ( الأكبر من السيد البدوي) صاحب المسجد الشهير بعابدين وفي الشارع المعروف باسمه بنفس الحي، وما أن حط السلطان بحي بولاق حتي تحول اسمها من حي بولاق الي بولاق أبو العلاء وأصبح كل شيء في المنطقة كلها من محال تجارية ومصالح حكومية يتحول الي اقرانه إما بلقب السلطان أو كنية أبو العلا. سر تسميته بالسلطان أبوالعلاء وقد أجمع المؤرخون علي أن السلطان نزل مصر من مكةالمكرمة وقضي من العمر مائة وعشرين عاما منها أربعون عاما في خلوته بمسجده هذا، وهو الأمر الذي أضفي علي شخصيته الكثير من الغموض والأسرار وقد ذكر عنه المؤلفون والمؤرخون أمثال الشعراني وعبد الصمد المصري و حسين الرفاعي و النسابة عيسي محسن خليل الحسيني والدكتورسعيد أبو الاسعاد والشيخ محمد زكي ابراهيم والدكتورة سعاد ماهر في موسوعتها (مساجد مصر) والمؤلفان رجب عبد السميع وعادل زغلول في كتابيهما ( نصرة النبي المختار في آل بيته الأطهار ، تحقيق واثبات مراقد مشاهير آل البيت في مصر) وغير ذلك مما دونه أئمة المسجد المتعاقبون في لوحات حققت الكثير من المعارف للزائرين بأن الحسين أبا علي كان سلطان الأولياء في عصره وزمانه حيث يأتيه جميع الأولياء في خلوته يأتمرون بأمره وارشاداته وكان لقبه بينهم السلطان أبو العلاء.. واسم أبو العلاء هذا له حكاية ترويها بعض الطرق الصوفية وتقول فيها إن السلطان حينما نزل مصر واستقر في مكانه المعروف الآن بمسجده وكان هذا المكان ملتقي أهل التجارة ووقت الصلاة يؤمهم شيخ كبير وعالي القدر بينهم ولكن حينما جاء الحسين أبو علي واستقر في مكانه علي الكورنيش وعند صلاة الظهر قدمه الشيخ الجليل علي نفسه ليؤم الناس لما عرفه الجميع عنه من تقوي الحال وصلاح أموره فقالوا له " لقد اعتليت العلاء ياأبو علي " أي أنه علا قدره علي قدر شيخهم العالي ومن ذاك الحين جمع بين اللقبين (السلطان وأبا العلاء). وقد حدث خطأ في التواريخ عند المؤرخين الذين أرَّخوا عن السلطان الحسين أبو العلا، حيث ذكر الشعراني في طبقاته عن وفاة الحسين أبو العلا فقال (توفي الشيخ الحسين أبو علي سنة نيف وتسعين وثمانمائة) أي في أواخر القرن التاسع الهجري) وهذا الخطأ نقله عنه من ترجم بعده من الكتاب والمؤرخين.. ومع ذلك أجمع المؤرخون عنه أنه ابن السلطان الحسن الأكبر بن علي البدري فكيف يكون ذلك التاريخ صحيحا مما أثار ضجة بين عموم الباحثين.. ولكن الموضوع بسيط حيث إن هناك روايات أخري تقول بأن السلطان الحسين أبو العلا توفي أوائل القرن الثامن الهجري دون تحديد السنة ورواية أخري عن الإمام المناوي بأن السلطان الحسين أبو العلا توفي سنة 790ه اي أن الروايات تعددت واختلفت ويقال إن السبب في ذلك لسببين الأول هو أن الخطأ بدأ في طبقات الشعراني، حيث إنه أول من أرخ للسلطان الحسين أبو العلا. 116 ) نقلا عن ترجمة ذكرها الشيخ سليمان أبو اليسر.. إمام مسجد السلطان وبما أن السلطان الحسين أبو العلا عاش مائة وعشرين سنة، كما ثبت ذلك في المراجع فإن تحقيق تاريخ وفاته يكون سنة738ه أي أن الرأي القائل بوفاته في بداية القرن الثامن هو الأرجح والصحيح والله أعلم والتاريخ الذي يتفق مع تاريخ حياة عمه السيد البدوي وأبيه الحسن الأكبر الذي نزل مصر بعد قدوم السيد البدوي اليها بفترة، حيث ثبت أن عمه جاء مصر في بدايات القرن السابع عشر وتوفي في نهاياته. أول من بني عليه مسجد في حياته 26 يوليو حاليا وأصبح له تلامذته ومريدوه وزواره من العامة والخاصة والتي أصبحت زاوية للصلاة حتي جاء في المنام لأحد تجار الحي الميسورين الحال وكان يسمي ( الخواجة نور الدين علي الفنيش البرلسي) وكلمة الخواجة كانت منتشرة في مصر في ذلك الوقت وهي تعني في الفارسية "السيد " وطلب منه تجديد زاويته وتحويلها إلي مسجد للمصلين فامتثل الخواجة للأمر المنامي للشيخ فهدم تلك الزاوية وأقام مكانها مسجدًا يتسع للمصلين والزوار الذين يؤمون الي هذا المكان حتي أنه استورد منبر المسجد من أجود أنواع الأخشاب من الهند.. وتقول الروايات إنه ذهب لاستحضار المنبر من ميناء السويس، فمات هناك ودفن بها و بني أهل السويس عليه مسجداً عرف باسم مسجد سيدي محمد الغريب ومن يومها ومدينة السويس تعرف بين المحافظات ببلد الغريب وبعد دفنه هناك استكمل من كانوا معه مسيرته وأحضروا المنبر وتم بناء المسجد علي السلطان أبو العلاء ليصبح أشهر ولي من أولياء الله الصالحين الذي يتم بناء مسجد عليهم في حياتهم . بئر ومغطس بالمسجد وقد كان المسجد منفردا في بعض خصائصه عن بقية المساجد لما يحتويه علي أشياء لا توجد إلا به مثل "المغطس" حمام سباحة الذي كان موجودا بالمسجد حتي التجديدات التي تمت به في بدايات القرن العشرين وكان ذلك المغطس للرجال من المصلين للاستحمام والتطهر به وظل هذا المغطس مقصدا للكثير من أهالي بولاق وكانت بجوار المغطس بئر للشرب يعتقد فيها الناس بالبركة والشفاء من الأمراض حتي أنهم كانوا يقولون عنها إنها تنبع من بئر زمزم في مكةالمكرمة وظلت البئر والمغطس علي حالهما مقصدا للناس من معظم أحياء قاهرة المعز حتي قامت وزارتا الأوقاف والصحة في بدايات القرن الماضي بردمهما ومنع الناس عنهما خوفا من انتشار الأمراض والأوبئة بالحي ومنعا للعديد من الحوادث والمشاكل التي كانت تحدث بسبب تكاثر الناس علي ماء البئر للشرب منه وتدافعهم بكثرة من قبل المصلين يوم الجمعة، فكانت المشادات والمناوشات بين الزوار بسبب ماء البئر ولا يخلو الأمر طبعا من مشاجرات بينهم للأسبقية في التبرك بماء البئر حتي تم ردمها كما ذكرنا وكان مكانهما وسط المسجد الحالي . باب السر ومن انفرادات المسجد أيضا وجود باب به يسمي بباب السر وسميت الحارة التي يفتح عليها بحارة باب السر وهذا الباب كما تقول سيرة السلطان إنه الباب الذي تم تخصيصه من قبل السلطان أبوالعلاء للأولياء يدخلون ويخرجون منه وإليه دون غيرهم من بقية المريدين والزوار وكان يتصل مباشرة بخلوته التي تم تخصيص جزء من المسجد أثناء بناء الخواجة للمسجد وأيضا خلوتين أخريين لمريديه وأتباعه حيث تقول الروايات أنه ظل في خلوته 40 سنة لم يخرج منها، بل كان الجميع يأتونه عند شباكها يستمعون منه الي مواعظه ودروسه ويسألونه الدعاء والعطية ثم ينصرفون بعد الصلاة . السلطان وخطر الكوبري علي الناس ومن أشهر مواقف أو كرامات السلطان أبو العلاء لدي أهالي بولاق أنهم بعد بناء كوبري أبوالعلا الشهير علي النيل ليصل بين حي بولاق والزمالك وكان هذا الكوبري يتم فتحه يوميا عند صلاة الظهر لمرور السفن العالية بالنيل فجاء السلطان في المنام لأحد تلاميذه وأخبره بخطورة فتح الكوبري علي الجميع ممن في البر والبحر، فذهب تلميذه الي السلطات ولكنها لم تهتم بالأمر حتي تم اكتشاف عيب هندسي في تصميمات الكوبري يفيد بأن تكرار فتح وغلق الكوبري قد يؤدي الي انهياره . ومرت علي المسجد العديد من التطورات البنائية و أجريت للمسجد أكثر من عملية تجديد وإعمار.. الأولي 1741م.. والثانية 1847م، ودفن فيه من العلماء: الشيخ أحمد الكعكي المتوفي 1545م والشيخ عبيد والسيد علي حكشة المتوفي 1854م، والشيخ مصطفي البولاقي 1846م ودفن فيه أيضا الشيخ رمضان البولاقي. وفي العصر الحديث تولت لجنة حفظ الآثار العربية بين عامي 1915 و1920م عمليات إصلاحات شاملة، وأنشأت في النهاية الغربية للواجهة البحرية سبيلا يعلوه كتاب، اقتبست تفاصيله من نماذج عصره، وفكت مباني المنارة، وأعيد بناؤها وأكملت قمتها طبقا لمنارات عصرها، إلي أن سقط سقف الإيوان الشرقي أثناء الاحتفال بمولده يوم 13 يوليو 1922م، فتعطلت به الشعائر الدينية، فأمر الملك فؤاد بتجديده وتوسيعه في عام 1925م، فقامت وزارة الأوقاف بالتنفيذ، ونزعت ملكية الأماكن التي اقتضاها التوسيع، ثم عهدت إلي لجنة حفظ الآثار العربية بوضع تصميم تجديد المسجد، فراعت فيه المحافظة علي الأجزاء القديمة وإدماجها فيه، علي أن تكون جميع التفاصيل مقتبسة من منشآت القرن ال15 الميلادي. وتبلغ مساحة المسجد بعد التجديد 1264 مترا بعد أن كانت 843 مترا وتكلفت أعمال التجديد والتوسعة 17 ألف جنيه، وافتتحه الملك فؤاد بأداء صلاة الجمعة فيه يوم 5 يونيو 1936م. العمامة السلطانية والداخل إلي المسجد في عصرنا الحالي سوف يقرأ علي بابه بيتين من الشعر " قف علي الباب خاشعا ...... صادق الظنِّ والتجي ........فهو بابٌ مجرَّب .....لقضاء الحوائج" وعلي يسار ويمين الداخل تقع الخلوتان اللتان كانتا مخصصتين لتلاميذه.. وعلي اليسار مقامه المدفون به وهو مكان خلوته السلطانية التي كان يتعبد بها ودفن فيها شأنه في ذلك شأن بقية آل البيت الكرام رضوان الله عليهم، حيث كانوا يدفنون مكان اقامتهم التي توفوا بها . وما أن تدخل المقام وتقرأ الفاتحة لصاحب المقام حتي يستقبلك بعطر المسك الذي تفوح رائحته من المقام مثل بقية مقامات أهل البيت .. ولقد ألبس الناس المقام عمامة السلطنة تميزا له عن غيره من بقية مقامات آل البيت الكرام فكانت احدي تميزات المقام التي ينفرد بها عن بقية المساجد. ومثله مثل عمه كان السلطان أبو العلا شديد الشبه بعمه السيد البدوي في الكثير مما أحاط بهما في حياتهما أو مماتهما وعلي ما يبدو أنهما كانا نمطا مميزا في حياتهما وتعبدهما حيث كانت أولي المتشابهات من حياتهما اتهام كل منهما بالسحر في حياته بسبب ما وجده الناس في حياتهما من غرائب الأمور والأحوال حيث كان السلطان كما يقول عنه تلاميذه عالما بأمور الكيمياء والسيمياء وليس هذا فقط بل كان إذا طلب منه أحد شيئا كان يقبض قبضة من الهواء او التراب أو الحجارة ويعطيها للسائل فيجدها وقد أصبحت ذهبا أو فضة .. وكان عمه يخبر الناس بما في بيوتهم وسرائر أنفسهم فاتهم كلا منهما بالسحر. ومن أوجه التشابه بينهما منهجية العبادة حيث ظل السيد أحمد البدوي فوق سطح دار بن شحيط أو مسجد سيدي محمد البهي 12 سنة ولم ينزل منه أبدا طوال هذه المدة مما أثار فضول وتساؤلات الناس عنه .. فكذلك كان السلطان أبو العلا حيث ظل في خلوته 40 سنة متصلة كما قال عنه الشعراني وغيره من علماء الصوفية مما أضفي عليه الغرابة والحيرة بين العامة . وأيضا لم يذكر عن السيد البدوي أنه تزوج وكان علي هذا الحال ابن أخيه الحسين أبو علي المشهور بالسلطان أبو العلاء فلم يتزوج هو أيضا وإن كان البعض يدعون اليه النسب ولكن الحقيقة أن نسبهم لأخوته وليس له لما عرف واشتهر في عصره أنه لم يتزوج ولم يذكر بزواجه أي من تلاميذه . من اشهر ما يميز مسجد الاحمدي السيد البدوي بطنطا هو دفن مجموعة من تلامذة ومريدي السيد البدوي معه في المسجد وكأنه لم يرد الابتعاد عن محبيه فاحتضنهم بعد وفاته في مرقده أو حوله بمسجده أمثال سيدي عبد المتعال أشهر تابع له وظل يخدمه طوال عمره وكذلك الشيخ محمد أحمد حجاب، بالاضافة الي اثنين آخرين من كبار تلاميذه وشيوخ طرقته الصوفية التي توارثوها عنه.. السلطان أبو العلاء حيث دفن معه في مسجده وبالقرب منه وقيل إن منهم من دفن معه في مدفن واحد مثل الشيخ عبيد الذي كان معاصرا للسلطان في حياته وأيضا دفن معه في مسجده الشيخ مصطفي البولاقي والشيخ أحمد الكعكي والشيخ علي حكشة والشيخ رمضان البولاقي . ومن أوجه التشابه أيضا بين السلطان وعمه البدوي هو تلازم سوق تجاري بجواره يرتزق فيه بفضل الله كل قاصد للرزق في رحاب محيط المسجد حيث يقول بعض المستشرقين الألمان والفرنسيين " لو كان عندنا مثل السيد البدوي والسوق المحيطة به ما اصابنا ركود أبدًا" وذلك في بحثهم عن حياة السيد البدوي وهذا السوق يعتبره أهالي طنطا أكبر وأشهر كرامة للسيد أحمد البدوي هناك . اما السلطان فهو يقع مسجده علي شارع من أشهر شوارع القاهرة التجارية وهو شارع 26 يوليو وليس هذا الشارع فقط بل يقع في مواجهته مباشرة شارع بولاق الجديد الشارع التجاري الشهير والذي ينقسم نصفين.. أولهما يتلاصق مع وكالة البلح وهي المعروفة بأكبر سوق للملابس في القاهرة كلها وهذا النصف امتد منها تجارة الملابس حتي أن باعة الملابس لا ينقصهم سوي البيع داخل المسجد .. أما النصف الثاني من الشارع فهو معروف بتجارة الخضروات والفاكهة علي مستوي حي بولاق أبو العلا والأحياء المجاورة. ويشترك ابن الأخ وعمه في أن كليهما من مقامات الصرف السبعة لدي أهل الصوفية والتصوف، وقامات الصرف أي المقامات المشهورة باستجابة الدعاء عندها. ولأن السلطان أبا العلاء كان بمثابة الشمس المشرقة لمريديه ومحبيه فقد بحثوا وأوصوا بالدفن معه في رحاب مسجده وليس هم فقط، بل إن الكثير من خدام المسجد وتلاميذ السلطان سواء كانوا ممن شرفهم الله بالنسب لآل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم أم لا فإنهم إن لم يدفنوا معه في المسجد فقد دفنوا بالقرب من المسجد في مقامات صغيرة مثل الشيخ الهلالي خادم المسجد والسيدي عبدالواحد ويقال عنه إنه من نسب آل البيت والمقام سيدي اليماني وكلهم دفنوا بشارع بولاق الجديد أمام مسجد السلطان.. وحاولنا كثيرا البحث عن السيرة الذاتية للمشايخ الخمسة المدفونين معه ولكن لم نجد عن سيرتهم إلا القليل وفضلنا عرض سيرتهم مع شيخهم الذي دفنوا معه .. ولكننا لم نستطع التوثيق المؤكد من سيرتهم اللهم إلا ما يتناقله العامة وبعض المواقع الصوفية . الشيخ عبيد المثقوب وأول المشايخ المدفونين في مسجد السلطان فهو عبيد رضي الله عنه وهو علي يسار ضريح السلطان أبي العلاء.. وقد اشتهر عنه أنه كان مثقوب اللسان لكثرة ما ينطق به من الكلمات التي لا تأويل لها، سافر في سفينة فوحلت ولم يمكن تعويمها، فقال: اربطوها بخيط في بطني، ففعلوا، فجرَّها حتي أخرجها من الوحل. الكعكي وكان مشهور عنه أن أول ما يبلي من ثوبه موضع ركبتيه من كثرة السجود والجلوس، وكان ورده في اليوم نحو أربعين ألف صلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم، واثني عشر ألف تسبيحة، و كان وجهه به نور من كثرة ذكره حتي يكاد الإنسان من شدة النور لا يتبين وجهه وكان يحب سكني الربوع والزوايا، توفي رضوان الله تعالي عليه سنة 953 ه، 1456 م. الشيخ مصطفي البولاقي وهو علي يمين الداخل مقام السلطان، لم يعثر له علي أي ترجمة غير أنه قيل كتب بجواره هذا البيت. وحور العين قالت أرِّخوا لمصطفي فردوس جنَّة النعيم وتوفي رضوان الله تعالي عليه سنة 1293 ه، سنة 1847 م. الشيخ علي حكشة مدفون بجوار الشيخ مصطفي البولاقي، وذكر صاحب الخطط التوفيقية علي باشا مبارك أن هناك أبياتاً كتبت علي قبره ولكن لم نهتد إليها.. وأغلب الظن أن طول الزمن والإصلاحات التي حدثت قد أضاعت معالمها وهي: لقينا القطب الشهير بحكشة عليا علالي جنة المأوي أبنيت نعم الولي الزاهد الورع الذي لحميد سيرته الأنام استحسنت زهد وتقوي مع تواضعه لمن خضعت لعزته الوجوه وقد عنت لاحت عليه حليالولاية والتقي وبموضع الأسرارِ منه تمكنت وتوفي رضي الله عنه سنة 721ه الشيخ رمضان البولاقي وهو علي يمين الداخل إلي مقام السلطان من الناحية القبلية بجوار ضريح السيد علي حكشة والشيخ مصطفي البولاقي.. كان رضوان الله تعالي عليه من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة المنقطعين إلي الله عز وجل، قطع حياته كلها في طاعة الله وكانت اقامته في كشك خشبي أقامه له بعض المريدين أمام المسجد، وأحيانا كان يجلس بقهوة مجاورة للمسجد.. يحيط به أتباعه وكان رضوان الله عليه زاهدا.. قليل الأكل.. يلبس جلبابا من الجوخ وطربوشا منزوع الزر من غير عمامة.. كما كان علي علم عظيم.. وكثيرا ما كان يتردد عليه لزيارته الشيخ العدوي والشيخ عليش رضوان الله تعالي عليهما، توفي رضي الله عنه سنة 1305 ه، ومما يحكي من كراماته رضوان الله تعالي عليه أن جاءه رجل مريض يشكو له علته فضربه الشيخ بعكازه الذي كان يحمله.. ثم ذهب المريض إلي بيته وبعد أربعة أيام أقبل إلي الشيخ يركب عربة حمل فيها أنواع الهدايا ثم قدمها هدية للشيخ.. ونفح الشيخ ثلاثين جنيها يوزعها علي الفقراء والمساكين. وفي يوم من الأيام أراد أحد موظفي الديوان أن يستصدر أمرًا بنزع الكشك الخشبي الخاص بالشيخ فلما كان اليوم الثاني إذا بعربة تركبها سيدة، ثم أقبلت تسأل عن الشيخ فلما وصلت إليه أخبرته بأنها موفدة من قبل الديوان الخديوي ومعها هدايا لحضرته وأن أمرا قد صدر ببقاء الكشك مكانه. ومن أشهر مواقفه لدي عامة الناس في حي بولاق إخباره عن الوباء الشديد الذي