في العمر سرداب عميق وبقايا ذكريات من زمن سحيق وشجن وانهار دموع وخطي انسان جاء من بعيد بعضنا يعاني الصدود خلف جدران النسيان يصبح ورقا اصفر في الربيع، بعضنا ممن ادوا رسالتهم نحو ابنائهم الذين انشغلوا عنهم بحياتهم يعيش علي الاطلال فالليل المعتم والقلب الذي لايفارق الالم لم يعد هناك من يروي ظمأ الروح. الابناء هم الحلم الهادئ ففي اهدابهم حبات لؤلؤية تصب عطورا تتهادي اناملهم علي وتر كلمات شجية نتذكرها ونتذكر كم استرسل الندي في راحتيهم الابناء ملائكة ففي عيونهم دائما دعوة للحب. دارت السنوات فكبروا واصبحوا امهات وجاء الحفيد الذي اعاد الي طفولتي يلهو ذو الستة اعوام عندما زارني ومكث معي عدة ايام استيقظ علي صوته يناديني كي احكي له قصة الكلب زغلول واجلس في جواره لنراقب عصفورين يتباوحان في قفصهما الذهبي كنت قد اهديتهما اليه بناء علي رغبته، ملأ الدنيا بهجة وضجيجا فهذا البيت الساكن لم يشهد من يعبث بمحتوياته زمنا طويلا سنوات وانا اقبع وحيدة الا من اوراقي واشعاري. جاء الحفيد كزهرة بيضاء تغلفها البراءة تستحي منها النجوم في دهشة تجتاح عينيه يصور في السحاب مناظر لاتنتهي وسط الغيوم.. هذا حصان جدتي اما هناك فمركب وله شراع وهناك فيل ابيض وهنا رسوم، فكم خاطبنا القمر المنير وتصورناه طفلا يصاحبه، يبكي اذا حجبت غيوم ويسألني في غضب بريء، متي تمر تلك السحابة كي اري وجه القمر ثم يعود يضحك من جديد للشمس حين تعود تحمل ضوءها الحاني الوليد. ذات صباح فتح باب القفص ليفر عصفور ويبقي الآخر وحيدا، كم تألم الصغير وكان علي ان اجيب عندما سألني اين طار العصفور? وهل يعود مرة اخري والحقيقة ان الاسئلة كانت صعبة للغاية لم اعرف اجوبة شافية لها. تناسيت العصفور وعدت ألهو معه نعزف الموسيقي نلهو بالكرة لنصعد معا عاليا اعلي قمة الهواء ونري كيف يسقط النهار عن سفوح الجبال وكم تبدو المخلوقات اكثر طيبة، كم صنعنا اجنحة من فرح لها ملامح الذكاء، حلقنا فوق الخرائط الثوابت في الاماكن المرتفعة فبدا الليل مختلفا فهو ليس حالكا بجوار القمر وكم تنسجم المتغيرات معا. كم يبدو رائعا فوق الارتفاع ان يكون لنا ظل ونلعب لعبة التغيير ولحظة القرار نسأل هل كتب كل الكلام وفهمنا بعض الفهم? فلنطرح الاصفار ونطرح الافكار وجيد ان نكون عراة امام الاختبار لنصعد الان عاليا ليكون لنا ظل فكثير من البشر ينتظر منا ظلا غير ظل الشجر ايها الحفيد اني لاعشق كل ايامي معك ما اروعك ما ابدعك اعطني متعة ان احيا معك ارقب الشمس علي بابك كي امضي معك اقتفي الاثار من قدميك حتي اتبعك فأنت الحب وكل السهر يامن تروي الظمأ في كل فصول العمر وانتهت الاجازة القصيرة ليتركني عائدا الي المدينة البعيدة يستعد للمدرسة وزملاء طفولته همت ولماذا تذهب يامن وهبتك عمري وصفائي ولماذا تذهب وانا ابحث دوما عن اشرعتي، ان فؤادي يتواري ثم قلت بصوت عال سأشتاقك كثيرا يا من اعدت لي فرحة وصبا. قال الحفيد: هذا قدرك لن يمتد ذهابي سأبقي فجرا يتغني في لغتك وستبقين النور بأعتابي. وقف يودعني فانساب القلب دموعا وانينا عجز لساني عن اي حوار وطفت بالسطح لغات اخري اكثر تعبيرا وبقيت انا في صمت الروح اقبع وحيدة انزوي بغرفتي والعصفور يتأملني في قفصه لنعود كما كنا وحيدين تركني وقلبي المحروم فيه عواصف الحرمان تسري يا صورة في عمق قلبي حبها ملء الوجود صدقوا اذا قالوا: بأن الحب اصدق مايكون للحفيد.