في عام 1967 كانت الانطلاقة السينمائية الأولي لنور الشريف من خلال فيلم (قصر الشوق) الذي جسد فيه دور كمال الابن الأكبر للسيد احمد عبد الجواد الشخصية المحورية في ثلاثية نجيب محفوظ. ولم تنقطع علاقة نور الشريف بعالم محفوظ عند هذا الحد فبعد ان ظل يلعب دور (الدنجوان) لعدة سنوات نجح في ان يثبت موهبته الفنية من خلال فيلم (السراب) عام 1970. وخلال سنوات السبعينات الأولي، رسخ نور الشريف نفسه كاسم صاعد في عالم فتيان الشاشة، جنبا إلي جنب أسماء اخري مثل محمود ياسين، وحسين فهمي، وقدم خلال فترة السبعينيات أفلاما مهمة مثل (زوجتي والكلب) 1971. و (الخوف) عام 1972 وهو العام ذاته، الذي قدم فيه شخصية كمال عبدالجواد مرة اخري من خلال فيلم (السكرية). في (السراب) لعب نور الشريف أول بطولة مطلقة حيث جسد شخصية كامل البطل الشاب الذي دللته امه كثيرا واستطاعت من شدة حبها وتدليلها ان تحوله - دون قصد - إلي انسان بلا ارادة غير قادر علي التصرف. وفي (زوجتي والكلب) ادي نور الشريف، ومع خطواته الأولي، دورا يحسب له وتميز اداؤه بالصدق والبساطة والإقناع، فحركته وطريقة ادائه للحوار والتعبيرات الصامتة كانت انعكاسا صادقا لشخصية الفتي المراهق الذي يعاني من الوحدة، والكبت الجنسي كان عام 1975 هو واحد من اغزر أعوام نورالشريف علي الإطلاق وذلك من خلال قيامه ببطولة 12 فيلما من أهمها فيلم (الكرنك). الذين هاجموا الفيلم والذين صفقوا له دخلوا في سجال، كلما انتهي بدأ من جديد، وشحذ كل فريق أسلحته وتبريراته وحججه وبراهينه، وكان الفائز أيامها هو المشاهد الذي تعرف ربما للمرة الأولي علي بعض ما كان يحدث أيام ثورته المجيدةِ.وفي عام 1979 قدم نور الشريف فيلم (مع سبق الإصرار)، واستطاع نور ان يعبر عن المعاناة الداخلية للمدرس مصيلحي بشكل لافت. ويعتبر فيلم (حبيبي دائما) انتاج عام 1980، واحدا من أهم الأفلام الرومانسية في السينما. وفي العام 1980 قدم نور الشريف فيلم (ضربة شمس)، وغامر بتقديم محمد خان كمخرج جديد سيكون له شأن بعد ذلك، وغامر نور بماله الخاص في سوق لايحتمل المغامرات، وكانت بداية دور سيلعبه نور في مابعد كمنتج واع، يحمل بعض القيم والمثاليات، وبعض الطموحات الفنية التي لم يعد احد يجرؤ عليها. توالت افلام نور بعض ذلك ليشكل بعضها بصمات يمكن الاشارة اليها في اي تحليل موضوعي، او اي متابعة نقدية جادة لتاريخ السينما المصرية. ونذكر من هذه الافلام (العار) و(حدوتة مصرية) و(سواق الاتوبيس) و(آخر الرجال المحترمين) و(الصعاليك) و(الزمار) و(البحث عن سيد مرزوق) و(دماء علي الاسفلت) و(ناجي العلي) و(المصير) و(دم الغزال) غيرها. كل عمل فني في العالم، وفي تاريخ كل الفنون هو تعبير عن ذات الفنان الذي يصنعه، يستوي في هذا الفنان الذي يعبر عن قضايا المجتمع اليومية، مع الفنان الذي يعبر عن اكثر الأفكار التجريدية، بل ان الفن يكون أصيلا بقدر مايكون ذاتيا. والفنان نور الشريف مثل كل الفنانين الكبار كان دائما وعبر 170 فيلما غالبا مايعبر عن ذاته والي حد كبير كانت ملامح البطل تتشكل في سينما نور الشريف عبر التنوع والاختيارات. إلي حد كبير حاول أن يعبر عن نفسه من خلال هذا الفن المحاصر بقوانين السوق التجارية من ناحية، وقوانين الرقابة من ناحية اخري، فنجح أحيانا ولم يوفق أحيانا، مثله في ذلك مثل عشرات الفنانين العاملين في السينما في مصر وفي العالم كله، وهم قله نادرة وسط كثرة طاغية من الفنانين الحرفيين الذين يقدمون الأفلام بقوانين السوق وبقوانين الرقابة. وعندما نقول حاول ان يعبر عن نفسه لانقصد التعبير عن عالمه الداخلي فقط. بل وعن علاقته بالعالم والحياة والمجتمع من حوله أيضا. وكما لاينفصل الشكل عن المضمون، لاينفصل التعبير الذاتي عن التعبير الاجتماعي. ان ايه مراجعة فنية لسينما نور الشريف واي مرور علي ملامح البطل الذي قدمه في افلامه، انما هي مراجعة ايضا للتاريخ الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمجتمع المصري خلال اربعة عقود. وهي في جزء كبير منها مراجعة ايضا للتاريخ السياسي والاجتماعي للحياة العربية بشكل عام.