وشهر رمضان هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة حيث قلت مظاهر الأبهة وانكسر الصلف والغرور والاستعلاء الذي كان سمة في الأعوام السابقة وخفتت حدة التسابق والتنافس بين الأثرياء الذين كانوا يتباهون بحفلات الفطور الممتازة التي تقام في أعظم الفنادق وعلي المراكب النيلية المحفوفة باليخوت. يتجه شهر رمضان إلي المغيب عن الدنيا بعد رحلته السنوية التي أضافت قدراً كبيراً في قلوب المؤمنين وأسعدت الصالحين والصالحات.. لقد كان رمضان شهر الصبر والإيمان والتقرب إلي الله ففيه أغلقت أبواب النار وتفتحت أبواب الجنة والمؤمنون علي موعد مع الله يوم ينفخ في السور. ولقد كانت كل بقاع الأرض يعيش أهلوها في أمان وثقة وهم يتعاملون مع مكارم وكرامات هذا الشهر. وشهر رمضان هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة حيث قلت مظاهر الأبهة وانكسر الصلف والغرور والاستعلاء الذي كان سمة في الأعوام السابقة وخفتت حدة التسابق والتنافس بين الأثرياء الذين كانوا يتباهون بحفلات الفطور الممتازة التي تقام في أعظم الفنادق وعلي المراكب النيلية المحفوفة باليخوت. وكانت القنوات الفضائية تنقل هذه الاحتفالات الاستفزازية عند الفقراء أما أصحاب القلوب الرحيمة الذين لا تخلو عقول البعض منهم عن حب الظهور يقيمون علي الأرصفة (الموائد الرمضانية) التي كانت تعج بالجياع وخاصة العمال الفقراء بالإضافة إلي فرق المتسولين الذين يأخذون وجباتهم.. ويحملونها إلي بيوتهم. هذا بالإضافة إلي انتشار فانوس رمضان المصري والصيني في الأزقة والحواري حيث تنعكس هذه الأضواء الملونة في سقف السماء هذا بالإضافة إلي الدورات الرمضانية الرياضية التي يقوم بها الشباب في المناطق الشعبية والتي كانت عوضاً عن الإسراف والابتذال الذي أثار الضجة والضجيج في ربوع العواصم المصرية. وهو ما تختلف عنه مظاهر الاحتفالات في القري المتواضعة التي ينعم أهلوها بالمودة والترابط وخاصة بعد خروج المصلين من المساجد بعد أداء صلاة التراويح والذين تزفهم قطعان الأطفال الحاملين للفوانيس والذين ينشدون (وحوي يا وحوي). ولكن من المؤسف أن يتعامل التليفزيون مع الشهر الفضيل بصورة غير مقبولة حيث تعرض الأعمال الهابطة حتي لو حملت أسماء بعض القادة والمفكرين. فالعنف والمخدرات والإباحية كلها مواد فرضت علي الآمنين في البيوت والسهرانين الذين كانوا من تلك المشاهد المخجلة والمختلة وقد وجد الرأي العام أن الفن التليفزيوني أسقط حلاوة الشهر الكريم في الهاوية. وكانت الحفلات الماجنة تقام في بعض الخيام ويعلن عنها في الصحافة مع الصور اللافتة للنظر للراقصات والمطربات وأهل المغني. والوقود هم الشباب الذين تستهويهم أعمال الانفلات وعدم الاستجابة لمنطق الالتزام الأخلاقي وبالتالي يكون شهر رمضان هذا العام من حيث الايجابيات أقل بكثير عن ما يجب أن تكون عليه القيم الأخلاقية التي هي سمة كل الصالحين الذين يتقربون إلي المولي عز وجل في طهارة وإحقاق الحق لإسعاد البشرية وحينما يأتي يوم الوقفة يسدل الستار علي كل ما حصل في شهر رمضان وتسكت الدفوف عن الطنين وتطفأ الفوانيس التي ستوفر الطاقة التي ينشدها وزير الكهرباء وتعود الحياة كما كانت رتيبة وينصرف الناس إلي أعمالهم بعد موجة الكسل التي عادة ما تصيب العديد من العاملين وتدور الماكينات وتنطلق دواليب العمل في الدواوين الحكومية وهنا نقول (توحشنا يا شهر الصيام).