مجانية التعليم.. للمتميزين فقط وزارة التعليم العالي تدرس تحويل الراسبين إلي التعليم المفتوح كل المعطيات الراهنة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الحكومة بصدد ترشيد مجانية التعليم بحيث يقتصر علي المتميزين فقط، حيث تدرس وزارة التعليم العالي بقيادة الدكتور هاني هلال مخططاً يهدف إلي تحويل الطلاب الذين استنفدوا عدد مرات الرسوب بالكليات الحكومية إلي التعليم المفتوح بعد إلغاء نظام الانتساب الذي كان معمولاً به في السابق، وتتجه النية داخل الوزارة إلي اعتماد هذا القرار وخروجه للنور بدعوي أن مثل هذا القرار من شأنه أن يكون حافزاً أمام الطلاب للتفوق والإحساس بقيمة المجانية، قد يكون جزءاً من مبرر الوزارة صحيحاً لكن لا يمكن اغفال وجود مقترحات عديدة من شأنها تحفيز الطلاب للتفوق بعيداً عن حرمانهم من مجانية التعليم، فضلاً عن أن معظم الطلاب الراسبين لن يقدروا علي مصاريف التعليم المفتوح وبالتالي سيخرجون للشارع مما يزيد من حجم البطالة. طرحنا هذا الأمر للنقاش علي عدد من خبراء التعليم والقانون عبر السطور التالية: خبراء القانون: صدور هذا القرار مخالفة دستورية صريحة للمجانية أحمد أبوبركة: توجه حكومي لخصخصة التعليم وحصره في المتفوقين فقط مصطفي عرجاوي: شهادة التعليم المفتوح .صفر. مقارنة بشهادة الكليات الحكومي ممدوح المهدي: الهدف التشجيع علي التفوق والإحساس بقيمة المجانية في البداية يكشف الدكتور أحمد أبوبركة أستاذ القانون بجامعة الأزهر وعضو مجلس الشعب أن الحكومة تسعي جاهدة لحصر التعليم الحكومي في الطلاب المتميزين فقط، مشيراً إلي أن هذا المشروع تم عرضه علي مجلس الشعب لمناقشته خلال الدورة البرلمانية الماضية إلا أنه رفض من جميع النواب، مؤكداً علي أن هناك توجهاً واضحاً للحكومة نحو خصخصة التعليم، مشيراً إلي أن قرار تحويل الطالب للتعليم المفتوح في حال استنفاد مرات رسوبه يأتي في إطار الاستراتيجية الحكومية نحو تحرر الحكومة من التزاماتها بالنص الدستوري الذي يلزم الدولة بمجانية التعليم، وبالتالي أؤكد علي أنه إذا صدر قرار بتحويل الطلاب إلي التعليم المفتوح بعد استنفاد مرات الرسوب بالكلية يشكل مخالفة دستورية صريحة لا يجوز السكوت عنها، خاصة وأن نصوص الدستور تلزم الدولة بالمجانية وأن المجانية حق للمواطن يتقاضاه من نظام التعليم. وأضاف د.أبوبركة أن هذا القرار في حالة صدوره وتطبيقه بالجامعات سيؤثر بالسلب علي الطلاب الفقراء مما سيؤدي إلي انهاء علاقة الفقراء بنظام التعليم خاصة وأن أكثر من 60% من الشعب المصري يعيش تحت خط الفقر ولا يستطيع تحمل نفقات التعليم المفتوح أو الخاص وبالتالي سيكون مصير الغلابة الفقراء من الطلاب التسرب من التعليم. فرص معدومة ويؤكد الدكتور مصطفي عرجاوي .رئيس قسم القانون الخاصة بكلية الشريعة للأزهر- فرع دمنهور. أن الطالب عند استنفاده مرات الرسوب في إحدي الكليات فإن القانون يسمح له بالانتقال إلي كلية أخري ولا ينبغي أن يحول مرة واحدة إلي التعليم المفتوح بسبب التكاليف الباهظة لهذا التعليم، فضلاً عن أن الطالب لا يرغب في هذه النوعية من التعليم الذي هو مفتوح للجميع، فما هي الميزة التي سيتمتع بها دون سواه في هذا التعليم، هذا بخلاف التكاليف المادية الكبيرة وأن هذه الشهادة ليست في منزلة الشهادة التي يحصل عليها من الكليات الحكومية، وأيضاً فرص التعليم بها شبه منعدمة فلا ميزة علي الإطلاق للطالب، موضحاً أن قرار الوزير في هذا الشأن يخالف قانون الجامعات واللوائح التنفيذية المعمول بها في هذا الشأن. فرصة جيدة ويؤيد الدكتور حسين محمد أحمد عميد كلية التجارة بجامعة عين شمس قرار تحويل الطلاب الذين استنفدوا مرات الرسوب بالكلية للتعليم المفتوح في حال صدور القرار، مؤكداً أنه قرار سليم كان مطبقاً منذ سنوات سابقة علي الطلاب الذين أنهوا فرصتهم في التعليم النظامي وفرص دخول الامتحان أن يكمل دراسته ولكن من خلال نظام الانتساب الذي أصبح البديل له حالياً التعليم المفتوح. ويستطرد قائلاً: إنها فرصة جيدة للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم، وفي ذات الوقت إنه نوع من ترشيد المجانية لأن هناك كثيراً من الطلاب الذين يستفيدون من المجانية يظلون في الجامعة بالعشر سنوات في الدراسة، وطالب د.محمد أحمد الوزارة في حال صدور القرار بأن يتم مراعاة الطلاب الفقراء غير القادرين علي دفع تكاليف التعليم المفتوح وأن تشمل خدمات التكافل الاجتماعي كليات التعليم المفتوح بحيث لا يصبح المال عقبة في استكمال الطلاب دراستهم. زيادة البطالة من جانبه يوضح الدكتور رشاد عبداللطيف نائب رئيس نادي تدريس جامعة حلوان أن التعليم المفتوح يعد فرصة جيدة للطلاب الذين استنفدوا مرات رسوبهم للالتحاق به من حيث اختيار الكلية الراغبين فيها أيا كان نوعها، لأنه ليس من العدالة أن تتحمل الدولة نفقات سنوات أكثر من السنوات الدراسية المقررة للطالب بمرات رسوبه، فلابد أن يترك هذا المكان لطالب جديد ومستجد، مشيراً إلي أن هذا القرار ليس خطوة علي طريق خصخصة التعليم الحكومي أو فتح أبواب التعليم الخاص والمفتوح أمام الطلاب ولكنه نوع من ترشيد المجانية وتحفيز الآخرين، قائلاً: الترشيد يعني اعطاء الفرصة أكثر من مرة للطالب لكي يجتهد ويستمر في نفس تخصصه، كما أن التعليم المتفوح مصروفاته تعد ضئيلة إذا ما قورنت بأقل معهد خاص لأن المادة فيه بحوالي مائة جنيه بينما أقل معهد خاص يتحصيل علي 1500 جنيه كمصروفات. تشجيع التفوق ويعقب الدكتور محمد النشار نائب رئيس جامعة حلوان لشئون التعليم والطلاب قائلاً: إن القرار لم يأت بشكل رسمي إلي الجامعات لتطبيقه، لكنه أوضح أن الطالب الذي استنفد مرات رسوبه بالكلية مصيره في النهاية أنه سيفصل من الكلية وبالتالي عندما افتح له مساراً ثانياً للتعليم فهذا يعد فرصة أفضل بالنسبة له لامكانية استكمال دراسته. ويعود د.النشار مضيفاً أن التعليم المفتوح حالياً أصبح بديلاً لنظام الانتساب نظراً لالغائه، مشيراً إلي أن نظام الانتساب كان يعد الفرصة الوحيدة أمام الطالب المستنفد لمرات رسوبه للالتحاق به عن طريق أي كلية يرغب الطالب الالتحاق بها إلا أن نظام الانتساب بعد تقييمه تبين أنه لا يحقق الكفاءة المطلوبة أو التعليم الحقيقي فتم الغاؤه وأصبح التعليم المفتوح حالياً البديل الوحيد للطلاب، مشيراً إلي أن برنامج التعليم المفتوح يتفق مع امكانيات العصر من حيث إضافة وسائل المعرفة الالكترونية المتعددة عن طريق استخدام النت وهذا يتفق مع ما هو مستخدم في الجامعات العالمية ويمثل انطلاقه جديدة لتوثيق العلم والمعرفة. ويؤكد نائب رئيس جامعة حلوان أن القرار إذا طبق فهو جيد للغاية ولكن لابد من التأكيد علي توفير الامكانيات التقنية لتوصيل المعرفة عن طريق تطوير شبكة المعلومات وإعداد المقررات الكترونيا خاصة أن نظام التعليم المفتوح لا يحتاج لأستاذ معاون وإعطاء دورات تخصصية للطلاب للتعليم من خلال الكمبيوتر. ويضيف الدكتور ممدوح المهدي .عميد كلية التمريض بجامعة حلوان. أن القرار سليم إذا طبق حيث إنه يعطي فرصة لعدم التكدس بين الطلاب، كما أنه يفتح قنوات جديدة للطالب المستنفد لمرات رسوبه بالكلية بعد فصله لاستكمال الدراسة بالتعليم المفتوح بدلاً ما يكون مصيره الشارع نتيجة استنفاد مرات رسوبه. ويوضح المهدي أن الهدف من القرار هو تشجيع الطلاب علي التميز والتفوق في التعليم المجاني، كما أنه سيعطي فرصة أكبر للطلاب غير المتفرغين وغير القادرين علي النجاح في عدد مرات الدراسة قانوناً لاستكمال الدراسة والعمل معاً مقابل تحمل نفقاته بالتعليم المفتوح حتي يحس الطالب بقيمة ما يدفعه حتي يقدر الطلاب قيمة مجانية التعليم. ونفي عميد كلية التمريض أن يكون اتجاه الدولة حالياً حصر التعليم الحكومي علي الطلاب المتميزين فقط بحجة ترشيد المجانية أو خصخصة التعليم الحكومي. وطالب د.المهدي في حال تطبيق القرار أن تتم مراعاة الظروف المالية للطلاب من خلال دراسة حالاتهم الاجتماعية.