قامت الدنيا ولم تقعد وأقام نشطاء السبوبة وأصحاب الأجندات الأجنبية وأتباعهم الافراح والليالى الملاح ابتهاجا بانتصارهم على الرئيس السيسى وحكومته بعد حكم محكمة القضاء الادارى (أول درجة) الذى صدر الثلاثاء الماضى وقضى ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في ابريل الماضى المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة باعتبار أن مصر كانت حارثة عليها لدوعى الأمن القومى العربى ودخلت الاخوان على الخط معلنين ابتهاجهم بالحكم وكأنهم دعاة الوطنية ونددوا بما قامت به مصر واعتبروه بيع للجزيرتين وتنازل عن تراب الوطن رغم أنهم هم الذين آمنوا بما قاله زعيمهم سيد قطب أن" الوطن ماهو الا حفنة من تراب عفن". ورغم التسرع فى اعلان الانتصار الذى أوهموا أنفسهم به الا أنهم لم يدركوا أن عددا من اساتذة القانون العام والدستورى من المتخصصيين أكدوا ان القضاء الإداري غير مختص بنظر الاتفاقيات الدولية باعتبارها من أعمال السيادة كما أن الحكم صدر بمخالفة الاختصاص الولائي لمجلس الدولة حيث تنص المادة 190 من الدستور على أن اختصاص القضاء الإداري في نظر المنازعات الإدارية وقضية الاتفاقية ليست نزاعا إداريا بالمطلق ولكنه نزاع يتعلق باتفاقيات دولية عليها إجماع فقهي وقضائي بأنها من أعمال السيادة كما أن الطبيعة القانونية للاتفاقية تتعلق بالعلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية وعليه فلا يختص القضاء الإداري بالأمور المتعلقة بالعلاقة بين هاتين السلطتين ووكان على لحكومة ممثلة فى هيئة قضايا الدولة الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا للمطالبة بوقف تنفيذ الحكم الصادر حتى يتم الفصل فيه . ومن المدهش حقا أن تقوم محكمة القضاء الادارى بالحكم فى القضية بدلا من رفضها لعدم الاختصاص وذلك لأن هذه القضية هى فى الأساس ترسيم حدود بين دولتين كما أن الأمر لم يعرض حتى الآن على البرلمان المصرى ليقول رأيه فيها بعد الفحص ودراسة المستندات التى تقدمها الحكومة . أما ما أستغربه فهو التحول المفاجئ فى توجهات السيدة تهانى الجبالى المحامية ونائب رئيس المحكمة الدستورية السابق بعد أن فقدت بعضا من مصداقيتها لدى الجماعة الوطنية على خلفية موقفها فى الصراع على زعامة ائتلاف "فى حب مصر" قبل الانتخابات البرلمانية والتى فاجئت الجميع باعلانها أن هذا الحكم هو عنوان الحقيقة وملزم للحكومة وعليها احترام القضاء على الرغم من أنها تعلم أن القضاء الادارى غير مختص بترسيم الحدود بين الدول . وأعتقد أنه ليس هناك أدنى شك فى الموقف الوطنى للقيادة السياسية بشأن الجزيرتين اللتان قال عنهما رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى انه طلب من كل أجهزة الدولة الوثائق المتوافرة لديها حول ملكية مصر لهما والتى أبلغته بدورها انه "ليس هناك شيء" يثبت تبعيتها لمصر وشدد على موقف مصر الثابت بأنها لا تعطي أرضها لأحد ولا تأخذ حق احد.