البابا تواضروس مهنأ بذكرى دخول المسيح مصر: تنفرد به الكنيسة الأرثوذكسية    منظمة الصحة العالمية ل«الوطن»: الأطقم الطبية في غزة تستحق التكريم كل يوم    «عالماشي» يتذيل قائمة إيرادات شباك التذاكر ب12 ألف جنيه في 24 ساعة    وزير الكهرباء ينيب رئيس هيئة الطاقة الذرية لحضور المؤتمر العام للهيئة العربية بتونس    «التموين» تصرف الخبز المدعم بالسعر الجديد.. 20 قرشا للرغيف    بدء تلقي طلبات المشاركة بمشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 1 يونيه 2024    «الإسكان»: تنفيذ 40 ألف وحدة سكنية ب«المنيا الجديدة» خلال 10 سنوات    نائب: الحوار الوطني يجتمع لتقديم مقترحات تدعم موقف الدولة في مواجهة التحديات    هل توافق حماس على خطة بايدن لوقف إطلاق النار في غزة؟    الأردن يؤكد دعمه جهود مصر وقطر للتوصل إلى صفقة تبادل في أقرب وقت ممكن    استشهاد طفل فلسطيني بدير البلح بسبب التجويع والحصار الإسرائيلي على غزة    الجيش الإسرائيلي: مقتل 3 عناصر بارزة في حماس خلال عمليات الأسبوع الماضي    بث مباشر مباراة ريال مدريد وبوروسيا دورتموند بنهائي دوري أبطال أوروبا    «استمتعتوا».. تصريح مثير من ميدو بشأن بكاء رونالدو بعد خسارة نهائي كأس الملك    ميدو: استمتعوا بمشهد بكاء رونالدو    محافظ القليوبية يتفقد أولى أيام امتحانات الشهادة الثانوية الازهرية بمدينه بنها    ابتعدوا عن أشعة الشمس.. «الأرصاد» تحذر من موجة حارة تضرب البلاد    «التعليم» تحدد سن المتقدم للصف الأول الابتدائي    تعذر حضور المتهم بقتل «جانيت» طفلة مدينة نصر من مستشفى العباسية لمحاكمته    خبير: شات "جي بي تي" أصبح المساعد الذكي أكثر من أي تطبيق آخر    الزناتي: احتفالية لشرح مناسك الحج وتسليم التأشيرات لبعثة الصحفيين اليوم    توقعات تنسيق الثانوية العامة 2024 بعد الإعدادية بجميع المحافظات    «الآثار وآفاق التعاون الدولي» ضمن فعاليات المؤتمر العلمي ال12 لجامعة عين شمس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024    طب القاهرة تستضيف 800 طبيب في مؤتمر أساسيات جراحات الأنف والأذن    مشروبات تساعد على علاج ضربات الشمس    إنبي يخشى مفاجآت كأس مصر أمام النجوم    متحدث "الأونروا": إسرائيل تسعى للقضاء علينا وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين    اليوم| «التموين» تبدأ صرف مقررات يونيو.. تعرف على الأسعار    اليوم.. بدء التسجيل في رياض الأطفال بالمدارس الرسمية لغات والمتميزة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 1 يونيو 2024    فتوح يكشف حقيقة دور إمام عاشور وكهربا للانتقال إلى الأهلي    مسيرة إسرائيلية تستهدف دراجة نارية في بلدة مجدل سلم جنوب لبنان    رئيسا هيئة الرعاية الصحية وبعثة المنظمة الدولية للهجرة يبحثان سبل التعاون    هل لمس الكعبة يمحي الذنوب وما حكم الالتصاق بها.. الإفتاء تجيب    بث مباشر من قداس عيد دخول العائلة المقدسة مصر بكنيسة العذراء بالمعادى    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم السبت 1 يونيو 2024    مفاجأة بشأن عيد الأضحى.. مركز الفلك الدولي يعلن صعوبة رؤية الهلال    شهر بأجر كامل.. تعرف على شروط حصول موظف القطاع الخاص على إجازة لأداء الحج    «إنت وزنك 9 كيلو».. حسام عبد المجيد يكشف سر لقطته الشهيرة مع رونالدو    سيول: كوريا الشمالية تشن هجوم تشويش على نظام تحديد المواقع    تقديم إسعاد يونس للجوائز ورومانسية محمد سامي ومي عمر.. أبرز لقطات حفل إنرجي للدراما    لسنا دعاة حرب ولكن    تطورات الحالة الصحية ل تيام مصطفى قمر بعد إصابته بنزلة شعبية حادة    دعاء التوتر قبل الامتحان.. عالم أزهري ينصح الطلاب بترديد قول النبي يونس    «دبحتلها دبيحة».. عبدالله بالخير يكشف حقيقة زواجه من هيفاء وهبي (فيديو)    لمواليد برج الجوزاء والميزان والدلو.. 5 حقائق عن أصحاب الأبراج الهوائية (التفاصيل)    ماهي ما سنن الطواف وآدابه؟.. الإفتاء تُجيب    «القضية» زاد الرواية الفلسطينية ومدادها| فوز خندقجي ب«البوكر العربية» صفعة على وجه السجان الإسرائيلي    مدرس بمدرسة دولية ويحمل جنسيتين.. تفاصيل مرعبة في قضية «سفاح التجمع» (فيديو)    عاجل.. طبيب الزمالك يكشف موعد سفر أحمد حمدي لألمانيا لإجراء جراحة الرباط الصليبي    "أزهر دمياط" يعلن مشاركة 23 طالبا بمسابقة "الأزهرى الصغير"    طبيب الزمالك: اقتربنا من إنهاء تأشيرة أحمد حمدي للسفر إلى ألمانيا    وزارة المالية: إنتاج 96 مليار رغيف خبز مدعم في 2025/2024    أ مين صندوق «الأطباء»: فائض تاريخي في ميزانية النقابة 2023 (تفاصيل)    أعراض ومضاعفات إصابة الرباط الصليبي الأمامي    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العداء ضد الاسلام بداية بلا نهاية
نشر في المسائية يوم 08 - 11 - 2012

ملوك أوروبا حركوا الحملات الصليبية خوفا على عروشهم من فوبيا الاسلام .
تقرير : حسين الطيب
مازالت ردود الفعل تتوالى حول الفيلم المسئ لحضرة رسول الله المصطفى الكريم صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله الطيبين .. وأبداً لن تنتهى الردود ولن تجف الحلوق ولن تنتهى بنا السبل فى الزود عن رسول رب العالمين .. و كانت المحاضرة التى ألقاها سعادة السفير "محمد أحمد طيب " مدير عام فرع وزارة الخارجية بمنطقة مكة المكرمة
بأحدية مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية و التى اختصت جريدة المسائية بنشرها فى مصر دون بقية الجرائد و ذلك لما احدثته المحاضرة من ردود فعل غيرت الكثير فى نفوس الكثيرين و أجلت بصائر بعض المغيرين على رسول الله و القرآن الكريم حيث قدم السفير محمد أحمد طيب ورقة بحثية جامعة .. وافية .. كافية .. مدججة بالأدلة والأسانيد عن جهالة ممن يقدمون على مثل تلك الأعمال الحمقاء .. وقد أبدى فى البداية حنقه البالغ من مثل تلك الأفعال الشيطانية .
فقال: أود أن أبدأ أولاً بأن أدين بأشد العبارات هذا الفلم القبيح وجميع الأعمال التي تزدري سيرة الرسول محمد صلى الله عليه و سلم صلّى الله عليه وسلم والقرآن الكريم وكل رموز الأديان السماوية. كما أتقدم بأحر التعازي والمواساة لأسر الضحايا الذين سقطوا في أحداث العنف الناجمة عن عرض الفلم المسيء لسيرة الرسول محمد صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه وسلم ومنهم السفير الأمريكي لدى ليبيا Christopher Stevens وزملائه الذين يعتبرون ضحايا أبرياء لا ذنب لهم ، ونحن ندين جميع أشكال العنف والإرهاب مهما كانت دوافعها وأسبابها .
و أي إنسان يتحلى بمشاعر الإنسانية، مهما كانت ديانته أو جنسيته أو عرقه أو لغته، لابد ان يشعر بالألم والاشمئزاز من جراء هذا الفيلم الذي يوجه دعوة صريحة للكراهية والعدوانية ضد المسلمين .
فإن الازدراء بالقرآن الكريم وبشخصية الرسول محمد صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه وسلم يعتبر إعتداءً وإساءة لجميع الرسل والديانات السماوية ولجميع المؤمنين ليس فقط من المسلمين وإنما أيضاً المؤمنين من اليهود والنصارى العارفين بحقيقة رسالة الإسلام التي جاءت مصدقة للكتب السماوية ومنها التوراة والإنجيل .
فالقران الكريم هو الكتاب الذي وثق وحفظ سير الأنبياء والرسل وخاصة أنبياء بني إسرائيل وطهرها من كل دنس وتحريف أكثر من أي كتاب آخر . وهو الكتاب الذي يسجل بالتفصيل سيرة سيدنا موسى عليه السلام ومعجزاته وجهاده ضد فرعون وظلمه وطغيانه وقومه الذين كانوا يذبحون أبناء بني إسرائيل ويستحيون نساءهم ويسومون رجالاتهم كل أنواع العذاب والهوان .
والقرآن الذي أحرقه القسيس المتطرف تيري جونز ودعا الى الاحتفال بحرقة يوم 11 سبتمبر من كل عام هو الكتاب الذي أعلن براءة السيدة العذراء من تهمة الزنا التي قال بها اليهود، وهو الكتاب الذي أورد معجزة ميلاد سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام من روح الله ، قال تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)}– التحريم -.
فهل يعقل أن يقوم رجل دين مسيحي بحرق كتاب خصص للسيدة مريم سورة باسمها وفصّل سيرتها الطاهرة في سور أخرى واصطفاها على نساء العالمين, قال تعالى: { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)} – آل عمران -. وقد ورد اسمها في القرآن 35 مرة مقابل 19 مرة في جميع الأناجيل. إذاً القرآن كرم السيدة مريم أكثر مما كرمتها جميع الأناجيل.
إنّ هذا القرآن الذي أحرقه القسيس المنحرف ، وقام بتدنيسه اليهود المتطرفين هو الكتاب الذي أصّل وِحْدة الأسرة الإنسانية ودعا إلى التعارف والتعايش السلمي بين الأمم ، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} –الحجرات-.
وهو الذي يأمر المسلمين أن يتحاوروا مع اليهود والنصارى بالتي هي أحسن، قال تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)} -العنكبوت-.
فالإسلام هو الدين الوحيد الذي يعترف ويقر بالرسالات السماوية السابقة ومنها اليهودية والنصرانية ويأمر أتباعه بالإيمان بها .
و أضاف السفير محمد طيب أن القران يدعو للبحث عن المشترك الإنساني, قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا...} – آل عمران -.
ثم إنّ القران الذي يزدريه الجاهلون والمتعصبون العنصريون من اليهود والنصارى هو الكتاب الذي أصّل مبدأ الاِختلاف والتنوع والتعددية ، بل جعل ذلك آية من آيات الله: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ...} – الروم -. وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)} – هود -.
والقران هو أول كتاب أرسى مبدأ حرية العقيدة قبل اكثر من ألف وأربعمائة عام التي ينادي بها الغرب اليوم بقوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ...} –البقرة- وقوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} -الكافرون-.
وهو الكتاب السماوي الذي يدعو المؤمنين أن يحسنوا الى غير المسلمين وأن يعاملوهم بالعدل، قال تعالى: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ...} -الممتحنة-.
وهو أول كتاب يرسي قواعد حقوق الإنسان ومبدء كرامة الإنسان، فقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...} –الإسراء- وهو خطاب لجميع البشر.
كما أن الرسول المعظم من رب العالمين محمد صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه وسلم الذي يهاجمونه ويسيئون إلى سيرته هو الذي يأمر اتباعه بان يمتنعوا عن أذية النصارى واليهود. فقال صلى الله عليه وسلم ((من آذى ذمياً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله)) وقال ((من آذى ذمياً لايشم رائحة الجنة)) والرسول محمد صلى الله عليه و سلم هو الذي قال ((بأن الناس سواسية كأسنان المشط ولافرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى)).
وقد طبق الخليفة عمر ابن الخطاب عملياً هذا المبدء حينما عاقب إبن حاكم مصر عمرو بن العاص الذي قام بضرب قبطي لأنه تغلب عليه في السباق فجلده الخليفة عمر وقال قولته الشهيرة ((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)).
البعد التاريخي للخلاف
وعن الجذور التاريخية للأحقاد الدنيئة ضد القرءان و رسول الله فقال : إذا كان هذا هو القرآن وهذه تعاليم الرسول محمد صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه وسلم التي تعظم الأنبياء والرسل والكتب السماوية ومنها التوراة والإنجيل وتطهر سيرة السيدة مريم العذراء وتجعل لها مكانة عالية وفريدة وتصطفيها على نساء العالمين ، وتؤصل التسامح ، وترسي مبادئ المساواة والعدالة بين البشر بدون تمييز على أساس ديني أو عرقي أو جنسي ، وتدعوا البشرية جمعاء إلى التعايش السلمي ، لماذا إذاً كل هذه العدائية والكراهية الموجهة ضد الإسلام ومقدساته ؟ ولماذا هذا الخوف أو التخويف من الإسلام ( الإسلام فوبيا ) وهل هذه الظاهرة جديدة وطارئة في علاقة الغرب بالإسلام ؟ .
إن الباحث في تاريخ العلاقة بين الإسلام والغرب المسيحي ثم الإسلام والغرب العلماني يجد أنه لا يخلو في فترات متعددة من النزاعات والصراعات بسبب تخوف الكنيسة الحاكمة في أوروبا آنذاك من ظهور الإسلام وانتشاره بسرعه فائقة بين رعاياها مما شكل تحدياً كبيراً لمكانتها الروحية والسياسية ، فقامت لمواجهة هذا الخطر بتحريض ملوك أوروبا على شن الحروب تحت راية الصليب ضد البلاد الإسلامية وهي الحروب التي عرفت في التاريخ بالحملات الصليبية.
وبعد أن تحررت أوروبا من سلطة الكنيسة التي كانت تقف حائلا دون التقدم الفكري والعلمي وقامت بمحاكمة العلماء وهددتهم بالقتل ومنهم العالم جاليلو (توفي عام 1642 بعد خروجه مباشرة من السجن)، اتجهت نحو العلمانية وإنكار المسلمات الغيبية فأخذت أوروبا الجديدة تعادي ( الدين ) على اعتبار أنه يدعو إلى الجمود والتحجر الفكري ويحارب العلم والعلماء . وقد عمّمت أوروبا الجديدة هذه النظرة على جميع الأديان بما فيها الدين الإسلامي على الرغم من أن الإسلام جاء لينقض موقف الكنيسة تجاه العلم وحرية الفكر حيث شجع الإسلام وحث أتباعه المؤمنين على التفكر والتأمل والتدبر في مخلوقات الله وآياته في السماوات والأرض وما بينهما ودراسة ظواهر الطبيعة, قال تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ...} -الأعراف- وقال تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ...} -يونس- بل أن الإسلام جعل التعلم والتفكر عبادة وفريضة على كل مسلم ومسلمة وكرم العلماء, قال تعالى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } –المجادلة- فالإسلام هو الذي وضع مبادئ عصر النهضة في أوروبا التي تبنّاها الاوروبيون عند احتكاكهم بالمسلمين في الحروب الصليبية.
ثم جاء الاستعمار الأوروبي لكثير من البلاد الإسلامية في العصر الحديث ليعمق الخلاف ويؤجج الصراع بين الإسلام والغرب . ولاشك أن قيام الغرب باغتصاب فلسطين ومنحها لليهود وإقامة دولة إسرائيل فيها ونكران حقوق الشعب الفلسطيني قد أضاف عاملاً جديداً لروح العداء بين الطرفين سوف لا تنتهي إلا بإيجاد حل عادل لهذه القضية .
هذا الإرث التاريخي المثقل بسوء الفهم والتعصب كان وراء ظهور اليمين الجديد العنصري المتطرف في أمريكا وأوروبا والمدفوع أيضاً بعوامل سياسية مستجدة لإخافة الغرب من الإسلام . وهي الظاهرة التي تعرف ب ( الإسلام فوبيا ) التي أخذت تتنامى بشكل واسع في المجتمعات الغربية في أعقاب سقوط المعسكر الشيوعي مع مطلع العقد الأخير من القرن الماضي حيث ظهرت أطروحات تدعوا إلى التحريض ضد الإسلام والمسلمين وتصور الإسلام على أنه العدو الرئيس للحضارة الغربية بعد زوال العدو الشيوعي . من هذه الأطروحات: ( صدام الحضارات ) لصامويل هنتجتون و( نهاية التاريخ ) للمفكر فوكوياما، كما صدرت مؤخراً الكثير من الكتب التي تغذي اليمين المتطرف ضد الإسلام ، منها:
1 كتاب كريستوفر كالويل، بعنوان تأملات حول الثورة في أوروبا:الهجرة والإسلام.
2 كتاب بات ياور، بعنوان أورابيا: المحور العربي الأوروبي.وهو كتاب يخوف أوروبا من أنها ستصبح تابعة للأسياد المسلمين.
3 كتاب بروس باور، عندما نامت أوروبا:كيف يدمر الإسلام المتطرفالغرب.
4 كتاب بروس باور ، اِسترضاء الإسلام والتضحية بالحرية.
5 كتاب ديفيد غوباز وبول سبيري، المافيا الإسلامية: من داخل العالم السفلي السري الذي يتآمر من اجل أسلمة أمريكا.
وقد تبنى الإعلام الأمريكي والأوروبي هذه الأطروحات بهدف تشويه صورة الإسلام وتحميل المسلمين مسئولية أحداث 11 سبتمبر 2001م لإقناع الغرب بان المسلمين هم أعداء للحضارة الغربية الأمر الذي شجع اليمين المتطرف في أمريكا وأوروبا للقيام بسلسلة من الأعمال التي تسئ لرموز الإسلام وتستفز مشاعر المسلمين مما دفع البسطاء منهم على اِرتكاب أعمال العنف . وللتدليل على أثر الإعلام في إثارة الكراهية ما ذكرته الحكومة السويسرية عن أسباب حظر بناء مآذن المساجد في سويسرا حيث عزت تصويت السويسريين في الاستفتاء ضد بناء المآذن إلى (( تفاعل الناخبين السويسريين مع التطورات السلبية والتغطية الإعلامية الدولية للإسلام)).
الخروج من دوائر الإساءة للإسلام وأعمال العنف
لاشك أن ظاهرة إزدراء الدين الإسلامي والإساءات المتواترة لسيرة نبينا محمد صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه وسلم وللقرآن الكريم والقيام بإحراقه وتدنيسه من قبل رجال كنيسة ومتطرفين آخرين متأثرين ومدفوعين بظاهرة التخويف من الإسلام والمسلمين وما تبع ذلك من اِندلاع أحداث عنف ذهب ضحيتها الكثير من الأبرياء ، وتهديد الدول باستخدام القوة لحماية دبلوماسييها ورعاياها ومصالحها قد زعزع الأمن والاستقرار في العالم أجمع.
واستشعاراً بخطورة استمرار هذه الظاهرة ، طرح بعض الحكماء من القادة والمفكرين مبادرات تتصدى لحملات الفكر المتطرف وأعمال العنف وانتشرت الحملات التعريفية بالاسلام وانطلقت الحملات فى كل مكان لنصرة الرسول الكريم والقرءان الكريم والدين الاسلامى كله على جميع المستويات المحلية والاقليمية والدولية الرسمية والغير رسمية .
مبادئ عامة للحل
إنّ معالجة هذه الأزمة والخروج من هذه الدائرة المهلكة يجب أن يكون عبر تبني المبادئ التالية :
بل أن المادة (19) في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تضع ضوابط لاِستخدام هذا الحق حيث جاء في هذه المادة أنه (( تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد واجبات ومسؤوليات خاصة, وأنه بناءً على ذلك يجوز إخضاع هذه الحرية لبعض القيود لاِحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم, أو لحماية الأمن الوطني أو النظام العالمي أو الآداب العامة)).
لقد آن الأوان أن يتحمّل المجتمع الدولي مسؤولية الإساءة للأديان حيث أن الآثار التدميرية لظاهرة ( الإسلام فوبيا ) تكاد تتعادل مع آثار أشد الأسلحة تدميراً وخراباً لأنها تكرس روح العداء والكراهية بين الشعوب وتحرّض على العنف والعنف المضاد بما يجعل العالم بيئة مقلقة لا يشعر فيها الإنسان بالأمن والاستقرار والسلام.
فكما يقول الكاردينال الألماني هانزكينج في كتابه مقاييس عالمية :
لا بقاء للبشرية بلا سلام عالمي
ولا سلام عالمي بلا سلام بين الأديان
ولا سلام بين الأديان بلا حوار بين الأديان .
وأختتم السفير بن طيب ورقته البحثية بالتأكيد على مسؤولية الأمة الإسلامية، حكومات ومنظمات وأفراد، إزاء إظهار حقيقة تعاليم الإسلام ومبادئه وإبراز الآيات القرآنية التي تؤكّد طهارة السيدة مريم واصطفائها على نساء العالمين وتظهر مكانة المسيح وجميع الرسل والأنبياء. وعلى حكماء وعلماء الأمة الإسلامية أن يعملوا لتحويل المحن إلى منح عن طريق الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ومجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن وشرح وإظهار المعايير الصحيحة التي يجب أن يتعامل بها المسلمون مع غيرهم وفقاً لقوله تعالى: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ...} – الممتحنة -.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.