مهما قلنا، أو عدنا، وزدنا، وحذرنا من سطوة الباعة الجائلين، علي أرصفة محطات السكة الحديد، ومداخل ومخارج أنفاق المترو، دون استثناء، بما يتسبب في إعاقة حركة الركاب، إلا أن هذا كله "كوم"، وانتشار الباعة الجائلين في القطارات المكيفة، "كوم تاني خالص"، وإذا كنا قد اعتدنا علي سخافة المتسولين والباعة الجائلين ، في قطارات الدرجة الثانية المميزة، أو الملحق بها عربتان أو ثلاث مكيفة، علي جميع خطوط القاهرة- بورسعيد، أو الاسكندرية او دمياط، دون ردع أو دور فعال، من جانب شرطة النقل والمواصلات، فإن الكارثة الكبري، أن تجد لمثل هؤلاء سوقاً في القطارات المكيفة الفاخرة،الشهيرة ب"الديزلات"، حين يسرحون بطول القطار، أمام عين رئيسه، ومفتشيه، والكمسارية، بكلمة سر الفوضي، التي لا يعرفها سوي الطرفين!! إن كنت من ركاب القطار مثلي، بشكل منتظم، فلن يخفي عليك، كيف أن قطارات الدرجة الثانية المميزة، سواء الإكسبريس منها أو الركاب، يرمح فيها السريحة- بائعو كل شيء- رمح الخيل في الصحراء، يستوي منهم ، باعة البخور، وعطور المسك والريحان، وإبر البواجير، والأمشاط والفلايات، مع بائعي الشاي، والبيبسي، وساندوتشات الطعمية والفول، والنعناع، حتي سجاير البانجو، ولن يخفي عليك كذلك ملاحظة، أن لكل قطار- كما أكيد شاهدت مثلي وتعلم- "امبراطوراً" أو معلماً، ينظم حركة البيع فيه للسريحة، والمتسولين أيضا، دون رقيب أو حسيب، لا من رئيس القطار ولا من شرطة النقل، ربما إلا في مناسبات العمليات الإرهابية!! نهايته..كنت قدحجزت مساء الخميس الماضي، تذكرة درجة أولي مكيفة، من محطة بنها، بالقطار الأسباني رقم 922 القادم من الإسكندرية، متوجها الي القاهرة، في السادسة إلا عشرة مساء، وما أن صعدت القطار،وجلست علي المقعد المخصص وفقا للحجز، إلا وفوجئت بمن يصيح: " بندق.. اكسر ودوء.. عسلية وحمصية.. حلويات السيد البدوي.. مشبك ولديدة، هادي احبابك "، وخد عندك من هذا الصياح طول مدة السفر ومسافته ، دون أن ينهره مفتش تذاكر القطار، الذي شرفني بابتسامة مرسوم عليها عبارة " توصل بالسلامة يافندم"، أما صاحبنا بتاع العسلية، فقد مر من امامه ومن خلفه مرارا، كأنه والهواء سواء بسواء، ذلك في الوقت الذي أصر فيه البائع علي وضع حلوي العسلية في حجر كل راكبي العربة دفعة واحدة، وبدون طلب، ثم قام بجمعها، أو ثمن ماتم بيعه منها ، لمن كان يصطحب معه أطفالاً " شبطوا" فيها !! بحثت بعيني عن شرطة القطار، أو أحد من ريحتها، ممن سبق أن صرح اللواء سيد جاد الحق مساعد وزير الداخلية لشئون النقل والمواصلات، قبل أسبوعين،بأنها موجودة في قطارات المسافات الطويلة، تؤمن العربات والركاب وتقبض علي المتسولين والباعة الجائلين، وتراقب حقائب الركاب، قبل مغادرتهم الي المحطة الرئيسية، حتي أستغيث بهم، فلم أجد ضالتي، ويبدو أن من كان يجلس إلي جواري، لاحظ توتري، فأخبرني متطوعا، بأنه ومنذ صعوده القطار من محطة طنطا، وبائع العسلية يرمح في "الأسباني" دون أن يزجره زاجر، ذلك قبل أن يلوح بيده باتجاه رأسه قائلاً: «ياباشا كبر.. أنت في مصر"!!