«فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    الآن.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 16 مايو 2024 بعد آخر انخفاض    وزير النقل: نستهلك 200 ألف طن قضبان سنويا.. وسننتقل من الاستيراد الكامل لتغطية الاستهلاك والتصدير    الصحة الفلسطينية: شهيد ومصابان برصاص قوات الاحتلال في مدينة طولكرم بالضفة الغربية    قمة البحرين: وزير الخارجية البحرينى يبحث مع مبعوث الرئيس الروسى التعاون وجهود وقف إطلاق النار بغزة    لبنان.. الطائرات الإسرائيلية أطلقت 14 صاروخًا على المناطق المستهدفة شرقي البلاد    عاجل - الاحنلال يداهم عددا من محلات الصرافة بمختلف المدن والبلدات في الضفة الغربية    عاجل.. غارة إسرائيلية عنيفة على رفح الفلسطينية    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    العربي جابر: الترجي فريق قوي وأصبح له شكل    ضياء السيد: الأهلي سيواجه الزمالك في السوبر الإفريقي والمباراة ستقام على ستاد مصر    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    «البحوث الفلكية» يعلن عن حدوث ظاهرة تُرى في مصر 2024    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    تأجيل أولى جلسات مُحاكمة المتهمين في حريق ستديو الأهرام ل 26 يونيو    حريق هائل يلتهم صيدلية في مدينة طلخا بالدقهلية    أسما إبراهيم تعلن حصولها على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات    أحذر تناول البطيخ بسبب تلك العلامة تسبب الوفاة    العربي جابر: «الأهلي لا يدافع أمام الترجي في رداس»    مواعيد أهم مباريات اليوم الخميس 16- 5- 2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    «الشباب والرياضة» تُعلن حصول «بوما العالمية» على رعاية ملابس البعثة المصرية في دورة الألعاب البارالمبية مجانًا    وزير النقل يكشف مفاجأة بشأن القطار الكهربائي السريع    تعرف على رسوم تجديد الإقامة في السعودية 2024    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الخميس 16 مايو 2024    بداية الموجه الحارة .. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الخميس 16 مايو 2024    مانشستر يونايتد يفوز على نيوكاسل بثلاثية في الدوري الإنجليزي    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    مشهد مسرب من الحلقات الجديدة لمسلسل البيت بيتي 2 (فيديو)    ماجدة خير الله : منى زكي وضعت نفسها في تحدي لتقديم شخصية أم كلثوم ومش هتنجح (فيديو)    وزير النقل يشرح تفاصيل تعويض الأهالي بعد نزع ملكيتهم في مسار القطار الكهربائي    «الخامس عشر».. يوفنتوس يحرز لقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا (فيديو)    ننشر فعاليات الاجتماع التشاوري بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال    لماذا التاكسي الكهربائي بالعاصمة؟.. 10 مميزات جديدة اعرفها    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    عصام صاصا التريند الثالث على اليوتيوب    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    كريم عفيفي يتعاقد على بطولة مسلسل جديد بعنوان على الكنبة    فرقة فاقوس تعرض "إيكادولي" على مسرح قصر ثقافة الزقازيق    تعرف على أسعار الحديد والأسمنت في سوق مواد البناء اليوم الخميس 16 مايو 2024    انطلاق معسكر أبو بكر الصديق التثقيفي بالإسكندرية للأئمة والواعظات    كامل الوزير: تكلفة طرق "حياة كريمة" 13.5 مليار جنيه.. فيديو    مرتكب الحادث رجل سبعيني.. تحليل لمحاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة طبية وبيطرية بقرى مطوبس    نصائح مهمة يجب اتباعها للتخلص من السوائل المحتبسة بالجسم    هنية للأسرى الفلسطينيين: إن مع العسر يسرا وطوفان الأقصى سيحقق لكم الحرية    بسبب نصف مليون جنيه.. سمية الخشاب تتهم منتج سينمائي في محضر رسمي بقسم الهرم    أمين الفتوى يكشف عن طريقة تجد بها ساعة الاستجابة يوم الجمعة    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    ب عروض مسرحية وأغاني بلغة الإشارة.. افتتاح مركز خدمات ذوي الإعاقة بجامعة جنوب الوادي    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    تحديد نسبة لاستقدام الأطباء الأجانب.. أبرز تعديلات قانون المنشآت الصحية    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعا أعوام الرمادة..! نجم معرض الكتاب الذي مات منذ 110 أعوام!
نشر في المسائية يوم 29 - 01 - 2015

الإمام محمد عبده سعى إلى بناء عقل واع مستنير.. لاتسيره الخرافات والدجل والدروشة .
دعا إلى مدنية الدولة، ونفي السلطة الدينية عن الحاكم .
كان مؤمنا بمباديء الرومان.. أن الوطن هو الذي يحظى فيه الانسان بالحقوق والواجبات السياسية .
انضم إلى صفوف المعارضة مطالبا بعزل الخديو إسماعيل .
شارك في الثورة العرابية.. فنفاه الخديو توفيق إلى بيروت
في طفولته فشل في التعليم فهرب إلى خاله !
تقرير :محمد القصبي

هذا هو الرجل المناسب.. ليس فقط في المكان المناسب بل وأيضا الزمن المناسب..
وهذا الذي أتحدث عنه لاينتمي في الحقيقة إلى زمننا.. بل رحل عن دنيانا منذ 110سنة.. لكنه لو وجد في هذا الزمن.. في أي زمن لكان جديرا بلقب" المواطن الأول" .
وأظنه مسئولا مثقفا.. يعي جيدا.. ليس فقط التحديات الصعبة التي تواجهها الأمة الآن.. بل والسلاح الذي يمكن به أن نواجه تلك التحديات.. لذا كان قرار هذا المسئول المثقف.. استحضار الإمام الشيخ محمد عبده من دهاليز التاريخ ليشهر سيفه البتار في وجه هؤلاء الذين يأبون إلا أن يروا الدين تحت مجهر دموي.. فيقطعون الرقاب.. ويزرعون القنابل.. ويطلقون الرصاص على الأبرياء.. وهم يزعقون الله أكبر !
أهو وزير الثقافة الدكتور جابر عصفور صاحب فكرة استدعاء الشيخ محمد عبده ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب .؟أم الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب ؟ أم ثالث في كواليس لجان المعرض لانعرفه.. ؟ أيا كان هذا المثقف الرائع فإني أهديه قبلة عرفان من مواطن مصري موجوع بدماء بني وطنه التي تسيل بحد سيف.. ليس أبدا سيف الله المسلول.. بل سيف الكفر بعينه !
سيرة بيولوجية وتربوية !
من هو محمد عبده الذي أراه خير قائد لفيلق النصر على الإرهاب؟
إن كان الحديث عن سيرته البيولوجية والتربوية فيمكن إيجازها في بضعة سطور..
ولد محمد بن عبده بن حسن خير الله سنة 1849 م في قرية محلة نصر بمركز شبراخيت في محافظة البحيرة.. من
أم مصرية وأب مصري تركماني الأصل.
في سنة 1866 التحق بالجامع الأزهر، وفي سنة 1877 حصل على الشهادة العالمية، وبعدها بعامين عمل مدرساً للتاريخ في مدرسة دار العلوم
وفي سنة 1886 م اشتغل بالتدريس في المدرسة السلطانية.. وحين نفاه الخديو توفيق إلى بيروت لاشتراكه في الثورة العرابية ونضاله ضد استبداد الخديو تزوج هناك من زوجته الثانية بعد وفاة زوجته الأولى.
وحين عاد إلى مصر عين في سنة 1889 قاضياً بمحكمة بنها، ثم انتقل إلى محكمة الزقازيق ثم محكمة عابدين ثم ارتقى إلى منصب مستشار في محكمة الاستئناف عام 1891، وفي 3 يونيه عام 1899 عين في منصب المفتي، وتبعاً لذلك أصبح عضواً في مجلس الأوقاف الأعلى.
وفي سنة 1900 أسس جمعية إحياء العلوم العربية لنشر المخطوطات، وزار العديد من الدول الأوروبية والعربية. وفي الساعة الخامسة مساء يوم 11 يوليو عام 1905 م - 7 جمادى الأولى 1323 ه توفى الشيخ بالإسكندرية بعد معاناة من مرض السرطان عن سبع وخمسين سنة، ودفن بالقاهرة..
هل تكفي تلك السطور لإدراك شخصية الرجل ؟
يقينا لا فبين تلك السطور الموجزة فضاءات قد تضيق بسيرته النضالية ليس فقط لتحرير الأوطان.. بل وتحرير العقول .
فاشل في التعليم
كان والد الصبي محمد عبده صاحب مكانة ملحوظة في القرية، وبعد اتمامه للقرآن الكريم أرسله والده إلى طنطا لاستكمال تعليمه، فعجز عن استيعاب العلوم والمعارف نظرا لأسلوب التدريس القديم، ولكن أباه أصر على تعليمه مما أدى به إلى هروبه إلى خاله الذي أثر كثيرا في حياته، فزرع الزهد والتقوى في قلب محمد عبده وحبب إليه دراسة الدين، وتحول الشيخ محمد عبده إلى الأزهر فدرس النحو والفقه والتفسير، ولما كانت طريقة التدريس بالأزهر تقليدية فلم يلم انذاك بالعلوم والمعارف الحديثة، ولكن خاله لفت أنظاره إلى أهمية هذه العلوم والمعارف .
التقى بجمال الدين الأفغاني ووضعا معا أسس الإصلاح الديني في العالم الإسلامي كله.
نفي الشيخين
كان هدف الرجلين إيقاظ العالم الإسلامي ليتمكن من مواجهة الاستعمار الغربي الذي يهيمن على ثروات ومقدرات وإرادة الأمة.. وهذا لن يكون إلا من خلال بناء عقل واع ومستنير.. لاتسيره الخرافات والدجل والشعوذة والدروشة والتواكل.. بل العلم..
ورأى الشيخ محمد عبده أن الحاكم.. وكان في ذلك الوقت الخديو اسماعيل عائقا أمام نهضة الأمة باستبداده وقمعه.. لذا انضم الشيخ إلى المعارضة مطالبا بالحريات الدستورية.. وواصل نضاله مع الشيخ جمال الدين الأفغاني ضد خلفه الخديو توفيق.. فتم نفي الأفغاني إلى باريس.. لكن ذلك لم يخف الشيخ محمد عبده.. حيث واصل نضاله.. وشارك في ثورة عرابي ضد الخديو وضد الانجليز ليقبض عليه ويتم نفيه إلى بيروت.. وفي بيروت تلقى دعوة من رفيقه في النضال الشيخ جمال الدين الأفغاني للتوجه إلى باريس.. فاستجاب.. وهناك واصل الشيخان نضالهما.. حيث أسسا جمعية العروة الوثقى عام 1884 .. ثم أصدرا جريدة تحمل نفس اسم الجمعية.. ورغم أن الجريدة لم يصدر منها سوى 18 عددا إلا أنه كان لها بالغ الأثر في الأقطار العربية والإسلامية المختلفة..حيث أسهمت المقالات التي كانت تنشرها بقلم الشيخين وآخرين في تنبيه العقول إلى التحديات الضخمة التي تواجه الأمة.. .. وعاد إلى بيروت ليشكل جمعية سرية باسم العروة الوثقى.. وفي سنة 1889 عاد إلى مصر بعفو من الخديوي توفيق، ووساطة تلميذه سعد زغلول، وإلحاح نازلي فاضل على اللورد كرومر بالعفو عنه..لكن كرومر اشترط لعودته من منفاه ألايعمل بالسياسة !
باعث الثورة
يري طاهر الطناحي الذي حقق مذكرات الإمام محمد عبده أن مقالاته كانت من بواعث الثورة.. وقد سعي الإمام لدي محمد شريف باشا حسب الطناحي لكي يقنع الخديو اسماعيل بالتنازل عن السلطة..
ويرد الطناحي الفضل للامام في هبوب الثورة العرابية بسبب ذلك البعث حسب قوله الذي نشأ من مقالاته وآرائه التي أثرت في الأزمة ما بين عسكريين وغير عسكريين وما بين فقراء وأغنياء وكذلك يذكر الطناحي ما قام به الإمام من مساعدة العرابيين بعد أن انضموا الي الأمة وانضمت الأمة اليهم واتحد الجميع علي الحرية والخلاص من الظلم والاستبداد. ويذكر الطناحي أنه لكل هذه الأسباب كان الإمام في مقدمة الزعماء المقبوض عليهم وحُكم عليه بالنفي ثلاث سنوات خارج مصر فاختار لبنان كمنفي له وجرد حينها من وظيفته.
الإمام المستنير
فما أوجه الاستنارة الدينية في منهج الإمام محمد عبده ؟
يرى العديد من الباحثين أن ثمة مقولة للإمام شيد على أساسها منهجه الإصلاحي.. حيث يقول الإمام
"كلما زادت الأمة جهلاً زادت تمسكاً بقشور دينها، وكلما زادت نكوصاً واستعماراً، زاد تجهيلها للغير، وهجومها على كل ما يأتي منه بحكم العداء العام الذي لا انتقاء فيه"..
ومن منطلق هذه المقولة أيضا شنت الغارات على الإمام، واتهم بالعمالة والتواطؤ مع الغرب والاستعمار؛ نظراً لما أحدثته دعوته في ظاهرها من إرضاء للغرب، ولم تكن يوماً إرضاء لهم؛ لكن ذوي العقول الضيقة من أمتنا لم يروا فيها إلا القشور .
طبقا للباحثين الموضوعيين تميز منهج الإمام الفكري التجديدي بالدعوة إلى مدنية الدولة والحكومة، ونفي السلطة الدينية عن الحاكم، ومناداته بحرية الفكر من قيد التقليد، وتأكيده على أهمية الحريات السياسية ورفعها إلى مستوى الحقوق المقدسة
وقد أظهر الإمام المصلح حرصه على ضبط الإيقاع بين مرجعيته الإسلامية وانفتاحه على التنوير الغربي، وهو ما جعل مدرسة الإمام تتسم بطابع التجديد وليس التغريب أو التقليد.
وتبدو أعمدة منهج الإمام جلية في سلسلة مقالات رد فيها على رؤى لوزير خارجية فرنسا مسيو هانوتو تطرق فيها للدين الإسلامي ومنظوره للحضارة الغربية .
وفي إحدى هذه المقالات قال الإمام تعقيباً على ماذهب إليه الوزير الفرنسي من "أن أوروبا لم تتقدم إلا بعد أن فصلت السلطة الدينية عن السلطة المدنية " قال الإمام في إحدى مقالاته :
"...هو كلام صحيح، ولكن لم يدر ما معنى جمع السلطتين في شخص عند المسلمين، لم يعرف المسلمون في عصر من العصور تلك السلطة الدينية التي كانت للبابا عند الأمم المسيحية، عندما كان يعزل الملوك، ويحرم الأمراء، ويقرر الضرائب على الممالك، ويضع لها القوانين الإلهية.
وقد قررت الشريعة الإسلامية حقوقًا للحاكم الأعلى، وهو الخليفة أو السلطان، ليس للقاضي صاحب السلطة الدينية، وإنما السلطان مدبر البلاد بالسياسة الداخلية، والمدافع عنها بالحرب، أو السياسة الخارجية، وأهل الدين قائمون بوظائفهم وليس له عليهم إلا التولية والعزل، ولا لهم عليه إلا تنفيذ الأحكام بعد الحكم، ورفع المظالم إن أمكن."
وينتهي الإمام إلى أن السلطة المدنية في ديار المسلمين "هي صاحبة الكلمة الأولى كما يطلب مسيو هانوتو " .
ويذهب البعض إلى أن الإمام بنى منهجه على شيء من البراجماتية.. ، مما أتاح لعلماء الدين المستنيرين تقديم تفسير مقبول للدين يقوم على تأويل المذهب الإسلامي وفق تطلعات اليوم؛ وهذا يتيح لمؤسسات الدولة أن تشرع القوانين وتتقدم في طريق الحياة العصرية.
ارتداء الفرو بالمقلوب
والملفت ما قاله الإمام عن هؤلاء الذين يسيئون فهم الدين
"وا أسفاه لم يبق من الدين إلا هذه الثقة به، أما الدين نفسه فقد انقلب في عقل المسلم وضعه، وتغير في مداركه طبعه، وتبدلت في فهمه حقيقته، وانطمست في نظره طريقته، وحق فيه قول على كرم الله وجه: "إن هؤلاء القوم قد لبسوا الدين كما يلبس الفرو مقلوبًا"
نعم.. بعضنا.. بل الكثيرون منا لبسوا الدين كما يلبس الفرو مقلوبا.
لهذا كان اختيارا ذكيا.. تتويج الإمام شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ال46.. فاستحضار نهجه الإصلاحي خطوة على طريق تصحيح ارتداء الفرو !

معرض القاهرة للكتاب يخرج من نفقه المظلم بشعار مبهر وشيخ تكفي كلمته لدحر الإرهاب .
شعار"الكتب هديتك "..محاولة على طريق تحويل المصريين إلى شعب قروء .
اختيار الشيخ محمد عبده شخصية المعرض.. سلاح فعال لتحصين العقول ضد التطرف بالإسلام الوسطي والفكر المستنير
الناشرون السوريون طالبوا عام 2011 بإقامة المعرض في ميدان التحرير.. ليكون أول معرض يقام على موقد ثورة شعبية !
زاهي حواس طلب إقامة المعرض في شهر مايو.. لكن الناشرين اعترضوا لانشغال الطلاب بامتحانات آخر العام .
ثروت عكاشة أطلق المعرض عام 1969 في إطارالاحتفالات بألفية القاهرة .
محمد القصبي
حينما كانت القاهرة تستعد للاحتفال بألفيتها الأولى عام 1969..فاض وجدان المثقف العظيم الدكتور ثروت عكاشة بفكرة رائعة.. أن يكون معرض دولي للكتاب أحد الأشرعة التي تتهادى في نهر الاحتفالية الكبرى.. فكانت الدورة الأولى لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.. الذي نما وشاع أمره في فضاءات الثقافة العالمية ليصبح عام 2006 ثاني معرض بعد معرض فرانكفورت الشهير!
لكنه.. ومنذ انفجار ثورة 25 يناير عام 2011.. والمعرض يعاني من ظروف قاسية ضاعف من قسوتها تداعيات الثورة من إرهاب وانهيار أمني.. ومحاولات تقويض الدولة المصرية من قبل فرقاء في الداخل.. وداعمين لهم في الخارج..
وكان موعد تنظيم المعرض في يناير عام 2011أحد ضحايا الثورة.. حيث كان من المفترض أن يفتتح في 26يناير 2011
لكن زلزال 25 يناير حال دون ذلك.. ..وبدا مصير المعرض الشغل الشاغل لوزراء الثقافة الخمسة الذين تعاقبوا على المنصب خلال تلك الفترة.. فان كان المعرض في دورته الثالثة والأربعين لم ير النور خلال يناير 2011.. إلا أنه لم يكن واردا أبدا في ذهن أحد الغاءه.. بل كان السؤال الذي يشغل الجميع :متى يقام ؟.. وحين التقيت في شهر مارس من نفس العام بالدكتور محمد صابر عرب الذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس دار الكتب والوثائق
و كان أيضا مشرفا على الهيئة العامة للكتاب قبل تسكين الدكتور أحمد مجاهد رئيسا لها.. وجدته مؤرقا بالبحث عن اجابة لهذا السؤال : هل من المجدي تنظيم الدورة الثالثة والأربعين لمعرض الكتاب خلال عام 2011 أم من الأفضل الغاؤها والاعداد لمعرض 2012 ؟ وهو السؤال الذي أصبح أحد مؤرقات الدكتور مجاهد - وما أكثرها - بعد توليه مسئولية الهيئة.
لاللإلغاء !
ورغم ما بدا على السطح حينها من أن مسألة تنظيم المعرض قد تم حسمها من خلال القرار الذي اتخذ باقامته في شهر مايو 2011.. بناء على توجيهات الدكتور زاهى حواس وزير الدولة لشئون الآثار حين كان مشرفا على وزارة الثقافة.. حيث قال حينها إن وزارة الثقافة ظلت حريصة على عدم إلغاء المعرض رغم الظروف التى شهدتها مصر فى الفترة الماضية.. وظلت فكرة الإلغاء مستبعدة تماماً لكونه حدثاً ثقافياً دولياً هاماً ينبغي على مصر إقامته كل عام..
ورغم ترحيب الناشرين المصريين آنذاك بتصريحات حواس.. وتأكيدهم على ضرورة تنظيم المعرض باعتباره واجبا قوميا.. إلا أن الكثير منهم أبدوا تحفظا على التوقيت.. ففي شهر مايو لاصوت يعلو في أي بيت مصري عن صوت الامتحانات.. ولن يكون منطقيا أن يقتطع طلاب المدارس والجامعات جزءا من وقتهم الثمين والمستنزف بالكامل في استذكار دروسهم ليزوروا المعرض.. فان فعلها بعضهم مرة ولمدة ساعة أوساعتين.. فلن يكرروا الزيارة.. على النقيض حين يقام المعرض خلال العطلة الدراسية.. ففي العادة يصطحب الأب عائلته لزيارته أكثر من مرة.. وفي كل مرة يمضي يومه متجولا بين أجنحة الكتب وقاعات الندوات.. لذا لاتفاجئنا التقارير التي أعدت عن المعرض خلال السنوات الأخيرة بأن رواده يتجاوزون المليونين في كل دورة.. وهو بذلك يتفوق على العديد من المعارض العالمية .. فمعرض باريس لا يزيد عدد زائريه على 200 ألف وكذلك المعارض التي تقام في الصين والهند والتي لا يتجاوز عدد زوارها المليون.. !
المعرض في ميدان التحرير!
إلا أن الاصرار على توقيت مايو قد يطيح بنقطة التفوق تلك.. فإن كان أصحاب اقتراح اقامته في النصف الثاني من مايو قد راعوا توقيتات المعارض العربية التي تنتهي في النصف الأول من مايو.. فماذا عن المعارض الدولية.. مثل معرض جنيف وطهران وسيئول والتي قد تقام في النصف الثاني من مايو.
أي في نفس توقيت معرض القاهرة.. ..!
وبالطبع تم اقصاء توقيت مايو تماما.. وبدأ المسئولون ينقبون عن موعد آخر.. وحتى لو تم العثور على الموعد الآخر الملائم فأين يقام المعرض.. ورأى البعض العودة لاقتراح مثير للخيال قدمه الناشرون السوريون.. خلال شهر فبراير من عام الثورة.. أعني عام 2011..اقامة المعرض في ميدان التحرير !.. والهدف تثوير هذا الحدث الثقافي بحيث يتناغم مع الأجواء التي تعيشها البلاد.. وهو بذلك سيكون أول معرض كتاب يقام على موقد ثورة شعبية !
كما أن الأخذ بهذا الاقتراح يمثل حلا لمشكلة بدأ يثيرها الناشرون آنذاك.. ارتفاع ايجارات الأجنحة في قاعة المؤتمرات التي وقع عليها الاختيار لتكون مكانا للمعرض..! إلا أن اختيار ميدان التحرير ووجه بمخاوف أمنية عديدة.. ففي ظل الاعتصامات والاحتجاجات التي شهدها الميدان على مدار العام بدأ من الصعب الرهان عليه كموقع آمن للمعرض.. ورغم أن الهيئة العامة للكتاب نجحت في اقامة معرض للكتاب خلال شهر رمضان في شارع فيصل.. إلا أنه لايمكن اعتباره بديلا لمعرض القاهرة بأبعاده العربية والدولية الهائلة.. !
معرض 2012
ومع اقتراب عام 2011 من نهايته.. بدا المسئولون في وزارة الثقافة المصرية مؤرقين بسؤال لايمكن الفرار منه :وماذا عن معرض 2012؟
ولم تكن بين الاجابات أبدا فكرة الغاء المعرض أو حتى تأجيله.. ثمة اصرار على اقامته.. لكن متى ؟.. وأين ؟..الخيار الثوري باقامته في ميدان التحرير استبعد كليا خوفا على حياة الناشرين والجمهور..فمازالت الأحوال في الميدان والشوارع المتفرعة منه غير مستقرة.. ومع الحاح الناشرين المصريين والعرب تقرر العودة الى أرض المعارض والتخلي عن تنظيم المعرض في قاعة المؤتمرات بسبب ارتفاع تكلفة الحجز بها مما يمثل أعباء اضافية على الناشرين.. فايجار المربع في أرض المعارض 270 جنيها فقط.. بينما يصل الى 470 جنيها في قاعة المؤتمرات..
لكن متى يقام المعرض ؟ في البدء وكخيار أيضا ثوري تقرر تدشين المعرض يوم 24يناير.. أي عشية الاحتفالات الضخمة التي ستقام بمناسبة الذكرى الآولى لاشتعال ثورة 25 يناير.. وكأن اقامة المعرض جزء من هذه الاحتفالات.. الا أنه لأسباب أمنية صدر قرار آخر بتأجيل الافتتاح حتى الأول من فبراير.. التأجيل أثار احتجاجات الناشرين الذين قالوا أن هذا يضاعف من الأعباء المالية الملقاة عليهم ! كما أنهم مرتبطون بمعارض أخرى.. ! وبالطبع لامفر من الانصات الى وجهة نظرهم.. فلامعرض بدون ناشرين ! وتدخل رئيس الوزراء آنذاك - الدكتور كمال الجنزوري - وقرر تقديم موعد الافتتاح وليس تأخيره.. بحيث يكون يوم 22يناير.. على أن يغلق المعرض يومي 24 و25يناير.. أي خلال اليومين اللذين ستنشغل فيهما مصر باحتفالات عيد الثورة.. قرار رئيس الوزراء قوبل بارتياح من قبل كل الأطراف.. وزارة الثقافة الجهة المنظمة الناشرون.. الجهات الأمنية.. الجمهور.. حيث يأتي موعد الافتتاح مع انتهاء طلاب المدارس والجامعات من امتحانات نصف العام وبدء العطلة الشتوية.. !
وتدخل رئيس الوزراء في تحديد موعد الافتتاح ينم عن مدى الاهتمام الذي يوليه المسئولون في القاهرة لمعرض الكتاب.. ذلك أن نجاحه رسالة مهمة يبعث بها المصريون الى العالم.. أن بلادهم تنعم بالاستقرار
..وأن الأحوال الأمنية على ما يرام.. مما ينعكس ايجابا على السياحة والاقتصاد.. ونظرة العواصم العالمية للحالة المصرية.. !
ولهذا دلالاته الكبرى.. أن الكتاب مازال هو القوة الأكثر تأثيرا في حياتنا..فالشباب الذين خرجوا الى ميدان التحرير يوم 25يناير 2011نمت سلوكياتهم الراقية حين رفعوا شعارات التغيير وهتفوا سلمية.. سلمية.. عن وعي عميق بأن الثائر الحقيقي هو من يسعى الى التغيير بأساليب متحضرة بعيدا عن العنف والتخريب.. هذا الوعي - كما بدا من خلال حواراتي مع بعضهم في شارع القصر العيني يوم 25 يناير أو بعد ذلك في نادي القصة واتحاد الكتاب أو منتديات ثقافية أخرى تمت استضافتهم فيها ليدلوا بشهاداتهم عن الثورة - تشكل من القراءة ومن سيد الروافد الثقافية الكتاب..
وهذا الإيمان العميق بأهمية الكتاب.. وحتمية الثقافة المستنيرة.. وراء إصرار المسئولين على إقامة المعرض أيضا في عامي 2013
و2014
سنوات صعبة بدت نفقا مظلما انزلق فيه أحد أهم المعارض الدولية للكتاب.. لذا كان مجرد إقامته انتصار للإرادة المصرية.. للثقافة.. حتى ولو خفت شعاع التوهج
الثقافي والمعرفي المعتاد عبر 43عاما..
شعار ونجم !
وأظن أن معرض هذا العام الذي ينطلق يوم 28 يناير في ظل أجواء تعبق بالاستقرار والتفاؤل.. يختلف !
مجرد إقامة المعرض في موعده لم يعد يكفي لأن نلوح بإشارة النصر !
بل ينبغي أن نبحث عن وصفات مجدية لتطوير المعرض وتحديثه.. وهذا ما حدث بالفعل.. حيث ثمة جديدان مهمان طرآ على معرض هذا العام .
..شخصية المعرض.. حيث استحضر المنظمون الشيخ محمد عبده الذي توفي عام 1905لتتويجه شخصية الدورة الست والأربعين .وسوف يثري هذا المصلح الكبير بإرثه الفكري المستنير فعاليات المعرض.. مما يعد إضافة إلى جهد جماعة المثقفين في مواجهة الفكر المتشدد.. ففكره الديني المستنير سلاح شديد الفعالية في مواجهة الإرهاب.. وهي القضية التي تؤرق العقل الجمعي العربي والإسلامي الآن..
أما الجديد الثاني فهوشعار المعرض »الكتب هديتك«
والمعنى جلي.. إن أردت أن تهدي.. فلتكن هديتك كتابا.. الشعار ينم عن فهم عميق لدى منظمي المعرض لأكثر التحديات الثقافية التي تواجه مصر والعالم العربي.. انقراض القاريء.. إذن ليكن هذا أحد السبل ليستعيد الكتاب عرشه.. أن يكون هديتك في المناسبات وغير المناسبات لمن تحب! ليتحول المصريون إلى شعب قروء .
وأراهما الشيخ محمد عبده وشعار الكتب هديتك..إضافتين الذكيتين ينمان عن تجاوز المعرض أعوام الرمادة.. وانطلاقه عبر أفكار خلاقة إلى فضاءات جديدة في عوالم الثقافة.
كلمة المثقفين ليست معولا لهدمه..بل لتطويره
معرض القاهرة الدولي للكتاب ..تخمة في الثقافة .. هل تعاني من أنيميا في التنظيم ؟!
يعقوب الشاروني : الدول العربية قلدت معرض القاهرة ..حتى في نقائصه !
أ.د. أسامة أبو طالب : هيئة الكتاب تطبع كتبا بلا قراء !
على المنظمين أن يدرسوا المعرض بعد انتهائه ليضعوا أيديهم على سلبياته ..حتى نتجنبها في السنوات المقبلة .
قاعات الندوات خالية ..والحضور عادة عابرو سبيل !
محمد قطب :: على الدولة أن تسرع بتجهيز موقع آخر لمعرض الكتاب في المدن الجديدة لامكان فيه للخيام !
ربيع مفتاح : مطلوب خطة لاستقطاب طلاب المدارس والجامعات الذين يمثلون أكثر من ربع سكان مصر
شعبان يوسف : تهافت الناشرين على الاشتراك في المعرض دليل على نجاحه .
أحمد سويلم : اختيار الإمام محمد عبده شخصية المعرض يصب بقوة في مشروع تجديد الخطاب الديني .
استطلع آراءهم : محمد القصبي
..أ .ع... صحفية كما ينبغي أن يكون كل من يختار بلاط صاحبة الجلالة وطنا له ..خاصة في جانب اكتساب المعرفة ..فهي قروءة بشراهة .. لا أظن أن أسبوعا يمكن أن يمضي دون أن تقتني كتابا ..وكثيرا ما أستعير منها ما تشتري دون رد ..وأختلق الأعذار لسلوكي المشين ..وأخيرا واجهتها بشعار كنت أشهره في وجه أصدقائي وزملاء الدراسة في صباي وسن الشباب : سرقة الكتب حلال إلا.. كتبي ! وكنت أحمقا حين صارحتها بهذا ..حيث كفت عن تمويلي بالكتب ..
التقيت بها مؤخرا في ندوة حول حرية الإبداع باتحاد الكتاب ..وعقب انتهاء الندوة اشتبكنا في حوار حول ما قاله فرسان المنصة ..وتطرق الحوار إلى معرض الكتاب ..سألتها: هل تصحبين أطفالك إلى المعرض؟ لتفاجئني :لم أذهب إلى المعرض منذ عدة سنوات !!!
كثير من المصريين هذا حالهم .. ..كثير منهم يولدون ويموتون دون أن يعرفوا حتى أين يقام المعرض ! كثير من المصريين خامدة تحت جلودهم شهوة المعرفة .. إذا لاحاجة لهم في معرض الكتاب !
لكن تلك المرأة التي أظن أن أهم نشاط إنساني في حياتها هو أن تقرأ ..لماذا تقاطع المعرض !!
لم تجب على سؤالي ..بل سألت : منذ متى انطلق معرض الكتاب ؟
قلت :عام 1969..وكان هذا عام الاحتفال بألفية القاهرة ..ورأى وزير الثقافة الراحل الدكتور ثروت عكاشة أن صورة جميلة ومجدية للاحتفال إطلاق معرض الكتاب .
قالت :نعم ..كان عكاشة أحد أهم المسئولين الذين أعلوا من قدر الثقافة ..لكن ألا تلحظ معي أنه منذ إطلاق معرض الكتاب ..وشجرة الثقافة في مصر تذبل !
ماذا تعنين ؟
قالت :
-لاأعني هذا الذي تبادر إلى ذهنك ..أن المعرض مسئول عن كل كوارثنا الثقافية ..لكنه لم ينجح بكل أنشطته وفعالياته في أن يحول مثلا دون تنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف الديني ..ولم يحل مثلا دون انتشار ظاهرة الدجل والشعوذة ..حتى الفضائيات ودور النشر تروج لهذه الثقافات المتردية ..فماذا فعل معرض الكتاب ..!
-ألهذا تقاطعين المعرض ؟
-آخر مرة زرت المعرض شعرت أنني أتجول في سوق ..مقاهي ومطاعم ..وصخب وضجيج ..أمور لا تليق بمكان ينبغي أن يحاط بالجلال .... وقاعات الندوات شبه خالية إلا من إعلاميين وعابري سبيل ..وبضعة من أصدقاء فرسان المنصة ..
سألتها :
-ماذا تريدين تحديدا من المعرض ؟
قالت شيء من النظام يليق بجلال السلعة التي تتداول فيه ..المعرفة ..لكن القضية ليست في المعرض ..بل في أمور ينبغي أن تسبق المعرض ..إعداد شعب يقدر قيمة المعرفة المستنيرة من خلال البيت والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام ..عندئذ سوف تصبح معارض الكتب أكثر جدوى ..حيث لامكان فيها لكتب ليلة الزفاف والنقاب فريضة ..وبرجك أيه !!
ملايين الباحثين عن المعرفة المستنيرة سيتوافدون على المعرض ويحتشدون في قاعات الندوات ..ينصتون ويتحاورون بوعي .. المعرض كما أراه الآن متخما بالثقافة ..لكن الاستفادة قليلة ..
لكن معرض القاهرة للكتاب الذي تراه زميلتي الصحفية بهذا السواد كان ثاني أهم معرض عام 2006 بعد معرض فرانكفورت .. وهو أحد أكبر المعارض المليونية ..حيث يتوافد عليه سنويا من مصر والعالم العربي عدة ملايين .
إلا أن هذا لا يعني أنه نقي من كل نقيصة .. وخلال حواراتي مع العديد من الكتاب أشاروا إلى بعض هذه النقائص ..وروشتة العلاج ..
كاتبنا الكبير الأستاذ يعقوب الشاروني ..وهو أكثر المبدعين المصريين والعرب ترددا على معارض الكتب الدولية ..ما كدت ألفظ أمامه عبارة معرض الكتاب حتى قاطعني معلقا : هذا ليس معرض كتاب ..بل "سوء كتاب" !!
وكنت أظنه يعني بكلمة "سوء" رداءة المعرض ..لكنني فهمت منه بعد ذلك أنه يعني أن المعرض "سوق "لبيع الكتب ..وأدهشني حديثه ..أيعد هذا نقيصة في معرض القاهرة للكتاب ؟؟وأليس هذا حال كل معارض الكتب
وسألته :
- وهل هذا يعيب المعرض ..كونه سوقا لبيع الكتب؟
فقال:
معرض بولونيا خمسة أيام فقط ..منها يوم وحيد لبيع الكتب للجمهور ..والأيام الأربعة الأولى لأنشطة ثقافية تتعلق بالكتب المعروضة ومؤلفيها ..ندوات ثقافية حول هذه الكتب ..حوارات مع مؤلفيها .. وللأسف البلدان العربية تقلد مصر في تنظيم معارضها ..مجرد أسواق لبيع الكتب للجمهور العادي ..المعارض في الدول الأخرى مثل معرض فرانكفورت ونيويورك وبولونيا ..تعتني في الأساس بحقوق الملكية الفكرية ..وهي تهدف أولا إلى أن تكون ملتقى بين المؤلف والناشر والمترجم .. أي المتخصصين الذين تعنيهم صناعة الكتاب .. كما أن بيع الكتب في المعارض الدولية يجري طبقا لمنظومة تحول دون تكرار عرض الكتب ..وهذه إحدى المشاكل التي تعاني منها معارضنا ..الكتاب الواحد يعرض في أكثر من نجاح ..وهذا يمثل عبئا على الزائر حين يبحث عن كتاب بعينه ..فيتوه وسط أكوام من الكتب .
ويستطرد الشاروني :
كنت أتمنى أن يهتم المنظمون والناشرون في معرض القاهرة الدولي بإصدار قائمة بالكتب المعروضة في المعرض خاصة باللغة الإنجليزية ..بل ينبغي أن يحرص الناشر على وجود »بامفلت« لكل كتاب يتضمن نبذة عن موضوع الكتاب والمؤلف ..وأود أن أذكر أن الدول الأفريقية غرب الصحراء ..لديها قائمة بالكتب التي تصدر لديها وتشارك بها في المعارض الدولية ..
لكن كاتبنا الكبير يعرج فجأة بحديثه نحو من يراهم نسيا منسيا في خطابنا الثقافي ..سكان الريف في مصر ..ويطالب بضرورة أن يدخل هؤلاء في اهتمام صانع القرار الثقافي ..
ويصل الأمر بالروائي أحمد عبده فيما يتعلق بالاهتمام بتوصيل المنتج الثقافي للريف إلى حد اقتراح تنظيم رحلات تتكون من أفواج من الفلاحين للمعرض ..وليس الفلاحون وحدهم ..بل العمال وأئمة المدارس ..وشرائح أخرى من المجتمع ..هؤلاء الذين يبدو وكأن المنتج الثقافي ليس موجها لهم ..رغم أهمية وضع مثل هذه الشرائح وبالطبع كل شرائح المجتمع في بؤرة اهتمام منتج الثقافة والقائم على عملية تسويقها ..
الاهتمام بطلابنا
الناقد والمترجم ربيع مفتاح يولي اهتمامه أيضا بقطاع يمثل ربع سكان مصر وهم طلاب المدارس والجامعات ..يقول ربيع :
أكد المعرض الدولى للكتاب فى مصر وجوده وريادته الثقافية والحضارية ولايستطيع أن ينكر ذلك إلا حاقد أو مكابر أو جاحد وما أكثرهم فى هذه الأيام وليس معنى كلامى أن المعرض بعناصره وتكوينه وتنظيمه قد وصل إلى درجة الكمال . نعم هو يتطور سنة بعد أخرى.
لكن منظومة التطوير والتحديث لا نهاية لها مثلما لايوجد حدود للإبداع.
إذا كانت الكتب تشكل البنية الأساسية لفكرة المعرض لكن هذه البنية تزدان وتحيط نفسها بباقات من الفعاليات الثقافية متمثلة فى إقامة الندوات بأشكالها المتعددة والمهرجانات الشعرية للأجيال المتعددة من شعراء الفصحى والعامية " عمودى . تفعيلى . قصيدة نثر " ومناقشة الروايات والمجموعات القصصية والكتب فى مجالات الأدب والفكر والفن والتاريخ والسياسة والعلوم وأدب الطفل والخيال العلمى والجديد منذ أعوام قليلة تلك المسابقة التى يتم فيها اختيار أفضل الكتب التى صدرت فى مجالات كثيرة منها القصة والرواية والنقد والسياسة إلخ . ثم حصول الفائزين على جوائز أدبية ومادية . ومن ثم يصبح المعرض من أهم الأحداث الثقافية خلال شهرى يناير وفبراير ويتوافق ذلك مع أجازة نصف العام لمرحلة التعليم ما قبل الجامعى والتعليم الجامعى . ومن هنا أبدأ فكرتى أو اقتراحى ..حيث يوجد إحصاء تقريبى يفيد بأن عدد الطلاب فى مرحلة التعليم ما قبل الجامعى يصل إلى عشرين مليونا أما العدد فى التعليم الجامعى فإنه يفوق خمسة ملايين طالبا.
والسؤال كيف يمكن للمعرض من خلال آليات جديدة أن يستفيد من جزء من هذا الكم بشكل فعال ؟ نعم وبالتأكيد توجد بعض الآليات الحالية للاستفادة من ذلك لكن أتمنى أن يكون التنسيق مع وزارة التعليم والتعليم العالى أكثر من ذلك بكثير ولاسيما أن المعرض يغطى أجازة نصف العام بالكامل . أتمنى من الله أن تكون هذه الدورة وهى الدورة السادسة والأربعين فى تاريخ معرض القاهرة الدولى للكتاب من أنجح الدورات وأكثرها فاعلية.
انتصار للدولة
الروائي والناقد محمد قطب ينظر بإيجابية إلى المعرض ..حين يؤكد أنه ظاهرة ثقافية لأثرت بلا شك على عقلية الإنسان المصري والعربي ..لذا يترقبه مئات الآلاف إن لم يكن الملايين كل عام للتزود بكل ما هو جديد ثقافيا ..
وينوه قطب إلى جانب مهم للغاية وهو أن إصرار الدولة على إقامة المعرض خلال السنوات الصعبة التي أعقبت ثورة 25 يناير ..وما شهده الشارع المصري من عنف وبلطجة ومحاولات البعض تقويض مؤسسات الدولة ..هذا الإصرار انتصار للدولة المصرية ..وتأكيد على حرصها على أن تبقى صناعة الثقافة في مصر قوية ومزدهرة مثلما كانت دائما ..إلا أن "قطب ينوه إلى أن الموقع الحالي للمعرض ليس مناسبا ..وأن الدولة خصصت أراض في إحدى المدن الجديدة لتنظيم المعارض ..ويجب الإسراع في تهيئة الموقع الجديد لإقامة معرض الكتب ..ويشير " قطب " إلى أن الدولة قامت بهدم مباني المعرض الحالي ..وأصبحت الأجنحة والندوات والفعاليات الثقافية المختلفة تقام في خيام ..وهذا أمر لايليق بالنشاط الثقافي..وزوار المعرض المصريين والعرب والأجانب .
ويطالب الكاتب والناقد الدكتور أسامة أبو طالب بإجراء دراسة لكل فعاليات المعرض عقب انتهائه لنضع أناملنا على نقائصه ومحاولة تفاديها أو الأوجه الإيجابية للتأكيد عليها وتطويرها في المعارض التالية...فمن الضروري أن ننتهي مع نهاية كل دورة إلى مؤشرات تفيدنا فيما بعد ..
ويوجه أبو طالب بعض الملاحظات التي تتعلق بالهيئة العامة للكتاب التي تتولى تنظيم المعرض ..مشيرا إلى أن الهيئة تطبع كتبا لا قاريء لها ..ويرى أن مثل هذه النوعية تطبع مجاملة لأصحابها ..ويسوق مثلا على ذلك بكتب الفهارس الكبيرة التي طبع منها آلاف النسخ بينما المطلوب فقط من كل فهرس مائتي نسخة ..حيث لايقرأوها سوى المتخصصين ..كفهرس الخيل مثلا ..وأيضا مطبوعات أكاديمية الفنون والخاصة بمعهد الترجمة واللغات -يستطرد أبو طالب وظلت تصدر طيلة فترة تنظيم مهرجان المسرح التجريبي ما يقرب من 20سنة ....وهي مطبوعات متخصصة في الفنون ..وكانت الغالبية العظمى من النسخ لا تباع ..بل تهدى للإعلاميين ..وبالطبع هم لايقرأونها ..لأنهم ليسوا متخصصين ..بل هذه المطبوعات عانت من ضعف المستوى لأن مترجمين غير متخصصين هم من قاموا بترجمتها .
شخصية المعرض
الشاعر أحمد سويلم ترصد قرون الاستشعار لديه بعض الجوانب المضيئة في معرض هذا العام ..ومن أهمها ابتكار ما يسمى بشخصية المعرض ..حيث يرى أن اختيار الإمام محمد عبده رمز الاستنارة الفكرية شخصية معرض 2015اختيارا موفقا للغاية لأنه يصب في صالح مانريده ونسعى إليه الآن من تجديد الخطاب الديني ..ويرى سويلم أن هذا الاختيار سيكون منطلقا للعديد من الأنشطة الثقافية والدينية ..حتى بعد انتهاء المعرض في مختلف محافلنا الثقافية والدينية والتي تتمحور حول شخصية هذا الإمام العظيم ..ورؤيته الاستنارية للدين ..حتى أنه كان لا يرى أن العقيدة مثلا لاتحول دون الاستمتاع بالفن التشكيلي ! ..كما ينوه سويلم أيضا إلى شعار المعرض "الكتب هديتك " وهو شعار نحن في أشد الحاجة إليه الآن لتحفزي شعب مصر بكل قطاعاته على القراءة ..خاصة مع انخفاض معدلات القراءة خلال العقود الماضية .
الشاعر شعبان يوسف يرى أيضا أن المعرض يمضي في طريقه محققا أهدافه الثقافية والفكرية ....مستشهدا على نجاح المعرض بتهافت دور النشر المصرية والعربية والعالمية على المشاركة به ..حتى أن باب الاشتراك يغلق مبكرا ..بل أن المعرض خلال السنوات الماضية رغم صعوبتها يستطرد شعبان يوسف يستقطب ملايين الزوار ..
هل تبدو شهادة الشاعر الكبير شعبان يوسف مجروحة ؟ !
إنه عضو في اللجنة المنظمة للمعرض ..لكن هذا ليس سببا للطعن في شهادته ..فشعبان يوسف كما عرفناه في الوسط الثقافي مقاتل شرس من أجل ما يراه أنه الحق ..قد يجانب الصواب رؤيته من وجهة نظر البعض إلا أن رؤيته هذه نتاج حسابات ليس بينها أية عوامل شخصية ..! هذا عهدي به ..لذا لا ينبغي تجنيب ما قال ..وأيضا ما قاله آخرون من ذوي الرؤى المغايرة ..ورغم أن لدي رؤيتي الخاصة والتي لاتتفق في بعض ماقاله يوسف إلا أنني أرى ما يرى ..أن مجرد الإصرار على إقامة المعرض في ظل ظروف هي الأقصى في تاريخ مصر المعاصر ..أعني تلك الظروف التي عانت منها مصر عقب ثورة 25 يناير ..هو نجاح مذهل ..لكن هذا النجاح المذهل لا يعني ألا نبحث عن سبل لتخليص معرض القاهرة الدولي للكتاب من نقائصه ..والعمل على تطويره ...وليطرح كل ما لدى المثقفين من رؤى في هذا الشأن على صانعي القرار في وزارة الثقافة ..ليبدوا رأيهم فيما قيل ..وهذا ما فعلته ..حين حملت كل تلك الملاحظات وطرحتها أمام مدير عام النشر بالهيئة العامة للكتاب الصديق الدكتور شريف الجيار ..

د. شريف الجيار مدير النشر في هيئة الكتاب :
معرض الكتاب فركة كعب من كل سكان القاهرة..ونقله إلى المدن الجديدة ليس فكرة صائبة
المعرض ليس فقط سوقا للكتاب ..بل أيضا ملتقى تتفاعل خلاله أفكار مثقفي مصر والعالم .
حضور إفريقي قوي في معرض هذا العام .
شاشات عرض في الأماكن العامة لبث كافة المعلومات الخاصة بالمعرض.
هناك رقابة على الكتب في المعارض العربية ..وفي مصر نواجه الفكر المتطرف الإرهابي بالفكر المستنير
الرقابة على كتب المعرض ينبغي أن تمارسها دور النشر من واقع إحساسها بالمسئولية الوطنية.
مثل العديد من الأصدقاء من النخبة ..الحديث معه ..حتى لو كان مخططا من قبل أن يكون حوارا صحفيا للنشر ..إلا أنه كثيرا مايتمرد على التدبير المسبق ..فلا يكون سوى حديث بين صديقين ..مفعم بالحميمية ..حتى لو تمترس الحوار ببعض الاختلافات في الرؤى .. ..فسرعان ما يتم تجاوزها ..ليوصل نهر الحميمية تدفقه .. هذا كان حالي خلال حواري مع الصديق الناقد اللامع د. شريف الجيار مدير عام النشر بالهيئة العامة للكتابة ..الجهة المنوط بها تنظيم معرض القاهرة الدولي للكتاب ..والدورة السادسة والأربعون للمعرض كانت محور حوارنا ..خاصة ما سمعته من أصدقاء من الوسط الثقافي من ملاحظات ومقترحات لتطوير المعرض ..
في البدء نقلت إليه ما يبدو أنه ظاهرة في الشارع المصري ..الناس لا تشعر بالمعرض ..خاصة خلال دوراته الثلاث الماضية ..وافقني الرأي ..وقال:
( نعم .. الشعب المصري كان لديه ما يشغله خلال السنوات الأربع الماضية مع اشتعال ثورة 25 يناير وما أعقبها من تداعيات خشى حتى المواطن العادي من أن تؤدي إلى تقويض ثوابت الدولة المصرية ..وكان مجرد الإصرار على إقامة المعرض في ظل هذه الظروف انتصار للثقافة والمثقفين ..الأمر يختلف هذا العام ..وثمة حملات إعلامية سبقت وتواكب أنشطة الدورة ال46 للمعرض تشارك فيها وسائل الإعلام المختلفة ..كما أن المواطن العادي يمكنه متابعة أنشطة المعرض ومواعيدها والمشاركون فيها من خلال شاشات عرض في الأماكن العامة..ونأمل أن تنجح تلك التغطية الإعلامية في جذب اهتمام الناس ..فيزداد إقبال المصريين على تلك الاحتفالية التي تمثل شكلا من أشكال الوعي الثقافي..وتسهم في تنشيط ذاكرة الأمة..فضلا عن احتكاك متلقي الأدب والثقافة بشكل عام بالأقلام الجديدة..خاصة في الندوات التي تتعلق بالإبداع أو القضايا الفكرية ..بجانب الورش الفنية للأطفال التي تستقطب الأسر المصرية بشكل عام ..ونطمح أن يكون الإقبال الجماهيري على المعرض أكثر من دورة العام الماضي ..وفي هذا الشأن نراهن على وعي الشعب المصري وإدراكه بأن الثقافة تمثل محورا أساسيا في عملية تحديث المجتمع.
ملتقى للفكرالعربي والأفريقي
ونقلت للدكتور الجيار ما يراه الكاتب الكبير يعقوب الشاروني نقيصة في معرض القاهرة ..كونه محوريا سوق للكتب ..فقال :
( بالطبع ..يهمنا هذا ..ألا يقتصر المعرض على توافد دور النشر والتسويق لكتبها ..هناك حرص قوي وواع لأن يصبح المعرض ملتقى للفكر العربي تجاه القضايا الشائكة والمؤامرات الدولية التي تحاك ضد العالم العربي ..حيث تتلاقح الأفكار بين المفكرين العرب والأجانب ..وأيضا أصدقاؤنا من المفكرين الأفارقة ..حيث يشهد معرض هذا العام حضورا إفريقيا قويا ..ممايصب في هدف استعادة مصر لريادتها في المنطقة ..وبالتالي العمل على عودة التلاحم العربي الإفريقي .
مهمة دورالنشر
-لكن يفترض أن تصدر الهيئة العامة للكتاب قائمة شاملة وباللغتين العربية والإنجليزية لكل المعروض في أجنحة المعرض من كتب ..هذا ما يحدث في المعارض الدولية ..مما يتيح الفرصة للزائر أن يحصل على معلومات كافية عن المطبوعات في المعرض ..وأماكن عرضها .
( دور النشر تقدم هذه الخدمة ..ونأمل ألا تكتفي بقوائم بالعربية ..بل تصدر أيضا قوائم باللغات العالمية كالانجليزية والفرنسية .
الرقابة غائبة
-نعاني من الإرهاب ..والإرهاب ينضح من فكر ديني مغلوط ..وهذا الفكر الديني المغلوط يتفشى في مئات إن لم يكن آلاف الكتب ..وللأسف كان مثل هذه النوعية من المطبوعات تتداول في الشارع المصري والعربي وتصدر عن دور نشر معترف بها ..لكن ما أود السؤال عنه ..كيف يمكن سد منافذ معرض القاهرة الدولي للكتاب أمام هذه النوعية من الكتب ..وكل أنواع الكتب التي يمكن أن تكون عائقا أمام تحديث العقل المصري والعربي على قيم الاستنارة والاعتدال الديني؟
(بعض الدول العربية تفرض بالفعل رقابة صارمة للحيلولة دون دخول مثل هذه الكتب إلى معارضها ..لكن في مصر لدينا وضع خاص ..صحيح أننا في مصر نتعرض لحملة شرسة من الإرهاب .. وهو إرهاب ناجم عن فهم خاطيء للدين ..ورغم ذلك ينبغي أن تكون الرقابة عبر الحوار ..ومواجهة هذه الأفكار الهدامة بكتب تدحضها ..لكن على دور النشر المصرية أن تمارس حالة من الضبط ..بقراءة الكتاب جيدا قبل نشره من قبل فاحص متخصص ....وبالتالي لا تطبق الرقابة بمفهومها التقليدي ..ولكن من خلال الإحساس بالمسئولية الوطنية الواقعة على دور النشر الحكومية والخاصة يتم نشر الفكر التنويري لمواجهة الفكر المتطرف .
-وماذا عن موقع المعرض ..البعض يطالب بنقله إلى أي من المدن الجديدة ..؟
(موقعه الحالي بمدينة بأرض المعارض بمدينة نصر ملائم جدا ..لأنه يتوسط إلى حد كبير مدينة القاهرة ..ولا يعاني سكان المدينة في أي من أحيائها من مشقة الوصول إليه ..على العكس لو تم نقله إلى القاهرة الجديدة أو مدينة 6أكتوبر أو العبور أو الشروق ..هذا يدفع الناس إلى التقاعس عن زيارة المعرض .
هذا مطلوب ! وعي ثقافي
- دكتور شريف ..ثمة مقترح بضرورة تنظيم رحلات لأعضاء النقابات المختلفة والطلاب للمعرض .
(نعم .. هذا ضروري في إطار الدور الثقافي الذي ينبغي أن يقوم به معرض الكتاب ..لاسيما في هذه الدورة بعد ثورتين مجيدتين ..فلابد من تقديم الدعوات للنقابات والأندية ومراكز الشباب والجمعيات الأهلية الخاصة بالثقافة وغير الثقافة ..حتى يصبح هناك حراكا محسوسا على الأرض يفيد في بث الوعي الثقافي في أنحاء مصر ..لاسيما أن وزارة الثقافة عقدت العديد من البروتوكولات مع العديد من الوزارات كالشباب والتعليم العالي والبيئة والأوقاف ..وكل هذا يصب في النهاية في الشخصية المصرية التي تشارك في صنع القرار ..لاسيما ونحن على مشارف اختيار أعضاء لمجلس النواب الذي يمثل العقل التشريعي للأمة المصرية .
-يروقني جدا كمواطن شعار المعرض هذا العام ..الكتب هديتك ..هل تراه يمكن أن يتجسد في زيادة إقبال المصريين على القراءة ؟
( هذا هو الهدف من رفع الشعار ..ونأمل في أن يكون مردوده جيدا في هذا الاتجاه ..أن يصل الكتاب إلى كل بيت ..لأن الكتاب هو هدية الوعي والتنوير والتفكير من أجل بناء مجتمع مصري صحي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.