تبدأ اليوم حملة الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية التاريخية التي تجرى ويتنافس فيها الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي مؤسس ورئيس حزب نداء تونس العلماني الفائز بالانتخابات التشريعية الاخيرة، وذلك بعد أيام من تهديدات جهاديين.ويفترض ان تنهي هذه الانتخابات مرحلة انتقالية صعبة تعيشها تونس منذ الاطاحة في 14 يناير 2011 بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي هرب الى السعودية. وكان قائد السبسي (88 عاما) والمرزوقي (69 عاما) تأهلا الى الدورة الثانية بعدما حصلا على التوالي على نسبة 39,46 بالمئة و33,43 بالمئة من إجمالي اصوات الناخبين خلال الدورة الاولى التي أجريت يوم 23 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. ودعي الى الانتخابات نحو 5.3 ملايين تونسي من المسجلة أسماؤهم على قوائم الاقتراع. واختار السبسي والمرزوقي اختتام الحملة الانتخابية في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة حيث نظما تجمعين لأنصارهما يوم الجمعة وكان امس السبت "يوم الصمت الانتخابي" بعد حملة شهدت منذ بدئها في التاسع من ديسمبر الحالي تبادلا للاتهامات بين المرشحين. ويقدم المرزوقي نفسه كضمانة للحريات التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة ولعدم انتكاسة البلاد نحو "الاستبداد" الذي كان سائدا في عهد الرئيس المخلوع بن علي. ويعتبر المرزوقي ان قائد السبسي وحزب نداء تونس الذي يضم يساريين ونقابيين وأيضا منتمين سابقين لحزب "التجمع" الحاكم في عهد بن علي يمثلان "خطرا على الثورة" لأنهما امتداد لمنظومة الحكم "السابقة" في تونس فيما ركز السبسي حملته الانتخابية على "إعادة هيبة الدولة" وأعلن مؤخرا أنه يخشى ألا يعترف المرزوقى بالإنتخابات فى حال خسارته لها. وهاجم الطيب البكوش الأمين العام لحزب نداء تونس الذي يتزعمه الباجي قائدالسبسي المترشح الأوفر حظا في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الرئيس المنتهية ولايته منصف المرزوقي بشدة واتهمه بالسعي إلى "الانتصار بالانتخاب أو بالانقلاب" مؤكدا أن الشعار الذي يرفعه "ننتصر أو ننتصر" لا يليق قانونيا وسياسيا وأخلاقيا لأنه "شعار حرب" وليس شعار مترشح لمنصب رئاسة الجمهورية موضحا أن الحكومة القادمة ستشارك فيها الأحزاب الديمقراطية وعدد من الكفاءات غير المتحزبة على أساس "برنامج لإنقاد تونس". ووجهت الهيئة المكلفة بتنظيم الانتخابات العامة "تنبيها" الى المرزوقي بعدما قال في إحدى خطبه "بدون تزوير لن ينجحوا" في اشارة الى قائد السبسي الذى رفض دعوة من المرزوقي بإجراء مناظرة تلفزيونية. وهذه أول انتخابات رئاسية حرة وتعددية في تاريخ تونس التي حكمها منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956 وطوال أكثر من نصف قرن رئيسان فقط هما الحبيب بورقيبة (1956-1987) وزين العابدين بن علي (1987-2011) وكانت بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي أشادت ب"شفافية" و"نزاهة" الانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت في 26 أكتوبر والدورة الاولى للانتخابات الرئاسية. وفاز حزب نداء تونس بالانتخابات التشريعية وحصل على 86 من إجمالي مقاعد البرلمان ال 217 فيما حلت حركة النهضة الاسلامية التي حكمت تونس من نهاية 2011 وحتى بداية 2014 في المرتبة الثانية (69 مقعدا). ويفترض ان تنهي الانتخابات الرئاسية الفترة الانتقالية التي تعيشها تونس منذ الاطاحة ببن علي. وفي 2013 شهدت البلاد ازمة سياسية حادة إثر اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي وهما قياديان في "الجبهة الشعبية" (ائتلاف أحزاب يسارية)، وقتل عشرات من عناصر الجيش والشرطة في هجمات نسبتها السلطات الى اسلاميين متطرفين. ولإخراج البلاد من الازمة السياسية اضطرت حركة النهضة الى التخلي عن السلطة مطلع 2014 لحكومة غير حزبية تقود تونس حتى اجراء الانتخابات العامة. وتبنى جهاديون انضموا الى تنظيم الدولة الاسلامية في شريط فيديو نشر على الانترنت مساء الاربعاء الماضى عمليتي اغتيال بلعيد والبراهمي مهددين بتنفيذ اغتيالات أخرى وهذه المرة الاولى التي يتم فيها تبني اغتيال المعارضين. واكدت وزارة الداخلية التونسية ان أحد الذين ظهروا في الشريط ويدعى "أبومقاتل" واسمه الحقيقي ابو بكر الحكيم تونسي فرنسي مطلوب لدى السلطات التونسية بتهمة الضلوع في اغتيال بلعيد والبراهمي. وتوعد ابو مقاتل قائلا "باذن الله سوف نعود ونغتال الكثير منكم والله لن تعيشوا مطمئنين ما دامت تونس لا يحكمها الاسلام" داعيا التونسيين الى حمل السلاح ومبايعة تنظيم الدولة الاسلامية المتشدد. واعتبرت الحكومة التونسية في بيان لها ان "هذه التهديدات لن تثني الناخب التونسي على الاقبال بكثافة على صناديق الاقتراع" مؤكدة انها اتخذت كل "الاستعدادات المادية واللوجستية لتأمين الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية" مع نشر عشرات الالاف من رجال الشرطة والجيش.