رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكارم الأخلاق فى رمضان: كل العقائد تدعوا إلى التحلي بكل مكرمة خلقية الصيام والأخلاق الكريمة لا يتفترقان.. مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ الإسلام يحثنا على المعاملات الكريمة في أساليب رحيمة
نشر في المسائية يوم 09 - 07 - 2014


كتب: حسين الطيب
مازلنا نعانى من التدنى بل التدهور الأخلاقى الجارف الذى ضرب جنبات المجمتمع المصرى فأصابته فى مقتل حتى أثر هذا الإنهيار سلبا على قوائم وعماد الدولة فأخذ الجميع يبحثون عن مصالحهم دون المصلحة العامة ونسوا أن ديننا الحنيف قد عارض اتخاذ المصلحة الخاصة فوق المصلحة العامة وقدم درء المفاسد على جلب المنافع .. ولآننا فى الشهر الكريم شهر الفضيلة والأخلاق الكريمة حيث المحبة و الإخاء والتعاون وعمل الخير و التزود بالتقوى التى هى خير زاد .. إنه شهرالصوم شهر الإختبار الحقيقى لخقيقة النفس وكشف ستارها ونزع ستار الغفلة عنها فإنك طوال العام تلقى باللوم على الشيطان الذى أصبح المتهم الأول لجميع ماوءنا وسيئاتنا ولكننا فى هذه الأيام الطيبة المباركة تتكشف الحقيقة جلية واضحة فتقف أمام مرآة نفسك لتجدها المسئولة الأولى عن معظم أفعالك ويسقط قناع العفة عنها فتصطدم بالحقيقة المزرية أن نفسك الامارة بالسوء هى التى تقف خلف أفعالك و أخلاق الدنيئة فهل لنا من فرصة جديدة لتقويم النفس و تأديبها وتهذيبها .. ولذا فقد التقينا بفضيلة الشيخ الدكتور الأمير محفوظ إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين رضى الله عنه و عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ليسترسل معنا فى الحديث عن مكارم الأخلاق فى رمضان .
وقد ابتدأ حديثه بالحمد والثناء لله رب العالمين فقال :الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد ذي الخُلُقِ العظيم، الذي تشرّف الكون برسالته التي قد حوت من مكارم الأخلاق القدر المُعلَّى.
في البداية لابد من القيام بتعريف مكارم الأخلاق حتى نتصور ما دعى إليه ديننا الحنيف في عقيدته وشريعته وهي (كل صفة اتصف بها الصالحون تعامل الإنسان بها مع الناس معبِّرة عن سريرته وتحسِّن سيرته) وخلق الكمال قد برز من أنبياء الله ورسله الكرام فهم قدوة الخلق في مكارم الأخلاق.
منزلة مكارم الأخلاق في الإسلام
ويؤكد دكتور الأمير على إن مكارم الأخلاق جعلها الإسلام مقصدا عاما من مقاصده الكلية حيث ما أمر بعقيدة إلا ونجدها داعية إلى التحلي بكل مكرمة خلقية، وما شرع شريعة من عبادات أو معاملات إلا وقد دعانا فيها ديننا الحنيف إلى التخلق بكل خلق سني والتخلي عن كل خلق ردي فدعا لأطراف المعاملات بين الناس من صدق وأمانة تضع البركة بين الناس، ولقد دعانا القرآن إلى مكارم الأخلاق فقال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134] وقال: ﴿خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199] وقال واصفا النبي الخاتم: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4].
إن مكارم الأخلاق في الإسلام لها منزلة عظمى إذ لها علاقة قوية بالعبادة المفروضة في الإسلام؛ فإن الصلاة فريضة يومية على المسلم قال عنها ربنا: ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ [العنكبوت] فمن غير المتوقع أن يظل المصلى على منكر يفعله كشهادة الزور أو الكذب أو الخيانة، أو حتى يرى منكرا ويدعه من غير نكير عليه، وأراد النبي للمصلي التخلق بالسكينة والوقار فقال أبو قتادة: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ «مَا شَأْنُكُمْ؟» قَالُوا اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاَةِ. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلُوا، إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». البخاري كتاب الأذان باب (20) رقم: 638 من حديث أبي قتادة.
ويضيف فضيلة الشيخ الأمير محفوظ قائلاً :إن الصوم فريضة سنوية علاقتها قوية بمكارم الأخلاق وكذلك الحج وهو عبادة في العمر مرة واحدة وكذلك الزكاة كعبادة مالية علاقتها قوية بالخلق، حتى يدرك المسلم قوة العلاقة المرتبطة بين خلقه وعبادته لله رب العالمين فهما صنوان لا ينفصلان.
ولقد دعانا الرسول الخاتم إلى مكارم الأخلاق فقال صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا ، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ». الترمذي كتاب البر والصلة باب (55) رقم: 2115، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وهذا الحديث الشريف جمل ثلاث، كل جملة تدعو للتي بعدها فالجملة الأولى: اشتملت على الجانب النظري حيث الأمر بتقوى الله وذلك بمراقبة الفرد الإنساني لله في فعله وتركه وقوله وصمته وبقيمة مراقبة الله يجوِّد الإنسان خلقه، والثانية: الجانب العملي باتباع السيئة بالحسنة من أجل محو السيئات قال ربنا: ﴿إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: 114] والثالثة: الأمر بالمفاعلة الناجزة والمخالقة مع الناس بالخلق الحسَن الطيب.
ومن ناحية أخرى فقد أخبر النبي عن الأثر الساري لحسن الخلق يوم القيامة، فمن أعظم ما يجازى عليه العبد في الآخرة فينتفع به صاحبه، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم:«مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ» أبو داود كتاب الأدب باب (8) رقم: 4801، واللفظ له، والترمذي كتاب البر والصلة باب (62) رقم: 2134، وقال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، كلاهما من حديث أبي الدرداء .
. ويتصور حسن الخلق من أمانة وعدل وصدق وحلم ورحمة.. في ميزان العبد فيثقل على كثير من العبادات.
أفشوا السلام
بينما تحدث الدكتور الأمير محفوظ عن الإرتباط الوثيق بين العقيد و الأخلاق فقال : لقد كان النبي يحث على إقامة علاقة قوية بين العقيدة وحسن الخلق من خلال شريعة التحية وإلقاء السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: « لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ: أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ» مسلم كتاب الإيمان باب (24) رقم: 203، واللفظ له، كلاهما من حديث أبي هريرة .
. فربط دخول الجنة بالإيمان، ثم ربط الإيمان باستقرار الحب في قلوب العباد والتودد به بينهم وهنا قيم عديدة منها: قيمة الإيمان المترتب عليها قيمة الحب، والمترتب عليها بالتبع قيمة إفشاء السلام وبالتالي تتحقق قيمة الاستقرار والأمن في المجتمع وهذا ما وجدناه في مجتمع المدينة المطهرة على يد الرسول الخاتمصلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم، منذ أول وهلة قدم فيها المجتمع المدني فقد قال عبد الله بن سلام: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَقِيلَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم فَجِئْتُ فِى النَّاسِ لأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ » ابن ماجة كتاب إقامة الصلاة والسنة باب (174) رقم: 1395 من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ.
. واستيضاح بن سلام وجه النبي يدل على فراسته وطلبه الاستيثاق من مدى صدق هذا النبي، ومعنى انجفل أي أقبل، ومعنى (أَفْشُوا السَّلاَمَ) عمموا هذه السنة التي دعاكم إليها دينكم الحنيف، وافعلوا كل ما فيه سلام ومتنعوا عن كل ما فيه قبح يخالف هذا الهدي وذلك السنن.
معاملات كريمة في أساليب رحيمة
وهاهو ذلك النبي الخاتم يدعونا نغلى ممارسة سلوكيات إذا انتهجها المسلمون كانوا متخلقين بمحاسن الأخلاق وهي سلوكيات بسيطة يسيرة وغير متكلفة، فلا تكلف المسلم عظيم نفقة إنفاق لغال أو نفيس ولن يبذل كبير عمل فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلاَلِ لَكَ صَدَقَةٌ وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ» الترمذي كتاب البر والصلة باب (36) رقم 2083. وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
. سلوك التبسم في وجه الآخرين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا سلوك الفرد الإيجابي في مجتمعه مع الحكمة في الأمر والنهي وفق معيار التكييف لكل واقعة ما يناسبها من وسيلة للنصح والإرشاد بمراتبه الثلاث، ومعاونة الرجل في أرض الضلال: أي الأرض التي ضل فيها السبيل، من باب الدال على الخير، وإماطة الأذى والشوكة والعظم من الطريق، وبعد كل سلوك من هذه السلوكيات النبي يقول (لَكَ صَدَقَةٌ) وهذا يدل على أن مفهوم الصدقة في الإسلام ليس هذا العطاء المادي المحض بل هناك عطاء معنوي أخطر هو البسمة وما لها من تأثير فاعل في أنفس البشر.
وإذا أخذنا سلوك التبسم في وجه الآخرين لنرى متى استعمله النبي؟ فإن السنة تدلنا على ذلك فقد قال أَنَس بْنِ مَالِكٍ: كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ؟ (فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ) البخاري كتاب اللباس باب (18) رقم 5869 واللفظ له، ومسلم كتاب الزكاة باب (45) رقم: 2476، كلاهما من حديث أنس.
إن الحديث فيه دلالة على حلم النبي صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم مع الأعرابي السائل، فكيف قابل النبي سوء الطلب بحسن اللقاء ثم أجزل له العطاء، وذلك على مراتب سلوكية ثلاث أبداها رسول الله وهي: الأولى الالتفات للسائل الملحف في سؤاله وكان النبي يلتفت جميعا أي التفت بكل جسمه إظهارا لتعظيم من يخاطبه كما ورد في صفاته. الثانية: الضحك وهو فوق البسمة وكان جل ضحك النبي التبسم. الثالثة: العطاء الجزل السخي.
وندرك الكمال النبوي في معاملة النبي بهذه المراتب الثلاث إذا أدركنا سوء معاملة الأعرابي في ذات هذا الوقت فساء خلقه مع النبي وتعامل الأعرابي بأسلوب فج غليظ وبخشونة طبع متأصلة في الأعراب، لكن آثر النبي أن يلقن الأعرابي درسا فهل تعلمنا ذلك الدرس؟
عموم التعامل بحسن الخلق
ومن بركة حسن الخلق في الإسلام أنه من أعمال البر والتقوى التي يتعامل به الجميع على سواء فيتعامل به المسلم وغير المسلم، والصالح والطالح، هكذا كانت خلق النبي في تعامله مع الناس أجمعين.
وإن حسن الخلق مما يطلب المسلم الأجر والمثوبة به في تعامل مع الحيوان الأعجم فأمر بحسن التعامل مع الحيوان مأكول اللحم عند ذبحه، كما أخبر عن حسن معاملة مع حيوان ككلب وقطة.. فإن النبي أخبر عن امرأة ساء تعاملها مع قطة صغيرة فقال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلاَ هِىَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ» البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب (22) رقم: 3522، من حديث بن عمر، ومسلم كتاب السلام باب (40) رقم: 5989، واللفظ له، كلاهما من حديث عبد الله بن مسعود.
. قامت بتعذيب قطة صغيرة بسجنها حتى ماتت من الجوع والعطش حيث إنها لم تقدم لها ما يقوتها من طعام وشراب وهي كذلك لم تتركها تأكل من أرض الله، وكان جزاء هذه المرأة أ عذبها الله جزاء وفَاقًا لفعلها.
وبالمقابل أخبر النبي عن امرأة أخرى فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِىٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِى إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ» البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب (57) رقم: 3505، ومسلم كتاب السلام باب (41) رقم: 5998، واللفظ له، كلاهما من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ، والركية هي البئر، والموق هو الخف.
. لم يذكر النبي ذلك؟ وهل لذلك أثر في ميزان المسلم؟ الجواب: نعم حيث أدى هذا الفعل البر دخول المرأة البغي - وهي من تفجر بنفسها وتفعل فعلا فاحشًا شنيعًا - لكنها أحسنت إلى كلب وهو حيوان أعجم، وهذا مشهد تصويري يبينه لنا النبي حيث إن المرأة العاصية قد رأت كلبا يطوف ببئر وعلمت من ذلك أن هذا الكلب يعاني من شدة العطش فنزعت خفها فملأته ماء ثم قامت بسقايته حتى غفر الله لها بهذا العمل اليسير لكنه كبير عند الله سبحانه.
إن حسن الخلق له تأثير في الاعتبار في ديننا الحنيف إيجابا وسلبا فقد قال رجل: يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: «هي في النار»، قال: يا رسول الله، فإن فلانة يذكر من قلة صيامها، وصدقتها، وصلاتها، وإنها تصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: «هي في الجنة» أحمد، في المسند، مسند أبي هريرة، رقم: 9483، واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، كتاب الحظر والإباحة، باب الغيبة، فصل ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الوقيعة في المسلمين، رقم: 5843.
. هذه مفارقة غريبة أن يكون للأخلاق هذا الدور الكبير في حياة الإنسان فإذا برسول الله يضع في حساباتنا هذه المنزلة الكبيرة لحسن الخلُق.
وبعد فقد اعتبر الإسلام الإنسان أحد رجلين أشار إليهما النبي، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وسلم: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ» الترمذي كتاب صفة القيامة، باب رقم: 2647، من حديث شداد بن أوس ، وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
. الكيس الفطن الحكيم هو من دان نفسه لله ووضع القيامة نصب عينيه، وأما العاجز فهو اتبع هواه ولم يهتم لما بعد الموت وكان حياته أمنيات من غير محاسبة من النفس ولا مراقبة لله ولا حتى معاملة طيبة مع الناس.
فاللهم خلقنا بأخلاق أنبيائك ورسك والصالحين من عبادك يارب العالمين.ش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.