جاء التصويت غير المتوقع من جانب مجلس العموم البريطاني مساء الخميس ضد أي عمل عسكري من جانب بريطانيا في سوريا بمثابة "ضربة قاصمة" تنذر بشق التحالف الغربي الذي تقوده الولاياتالمتحدة منذ أيام لمعاقبة نظام بشّار الأسد لاحتمال تورطه باستخدام السلاح الكيميائي ضد شعبه. وبالطبع لا يُتوقّع أن يقدم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون استقالته نتيجة للاقتراع بعد فشل حكومته الائتلافية في الحصول على موافقة البرلمان على إقتراح كان من شأنه ان يجيز من حيث المبدأ عملا عسكريا ضد سوريا. ورغم هذا الفشل وإعلان كاميرون انه لن يتخطى إرادة البرلمان، فإن أول رد فعل من البيت الابيض كانت مسارعته إلى الإعلان عن أن الرئيس باراك اوباما سيتخذ القرار بشان الرد على استخدام اسلحة كيمائية في سوريا على اساس مصالح الولاياتالمتحدة لكن واشنطن ستواصل التشاور مع بريطانيا بعد ان رفض برلمانها إقتراحا يدعم عملا عسكريا. مواصلة التشاور وقالت كيتلين هايدن المتحدثة باسم البيت الابيض في بيان "نحن على علم بنتيجة الاقتراع الذي اجري في برلمان المملكة المتحدة الليلة. الولاياتالمتحدة ستواصل التشاور مع حكومة المملكة المتحدة.. أحد اوثق حلفائنا وأصدقائنا. كاميرون من جانبه، كان صرح بأنه"من الواضح ان المشرعين لا يريدون ان يروا ضربة عسكرية الي سوريا لمعاقبتها على هجوم باسلحة كيمائية... انا إدرك ذلك والحكومة ستتصرف تبعا لذلك." لكن واشنطن، وعلى لسان وزير الدفاع تشاك هاغل، أعلنت بعد رفض البرلمان البريطاني للعمل العسكري بأن "نهجنا هو ان نواصل السعي الى ايجاد ائتلاف دولي للعمل بشكل مشترك. واعتقد اننا نرى عددا من الدول التي تقرر علنا موقفها من استخدام اسلحة كيمائية". وفي لندن، تباينت آراء وتقارير وتعليقات الصحف الصادرة الجمعة حول تصويت مجلس العموم، فقد حملت الصحف عناوين مثيرة مثل:"كاميرون في حالة لا يرثى لها بعد هزيمته"، و"خسارة مصيرية في تصويت مجلس العموم البريطاني"، " كاميرون يتعرض للمهانة بعد رفض نواب البرلمان توجيه ضربة عسكرية لسوريا" وقال موقع (بي بي سي) العربي في عرضه لتقارير صحف الجمعة إن أهمية تلك الهزيمة التي مني بها كاميرون إلى وقعها على العلاقات البريطانية الأميركية في المستقبل. قصة حربين وعلى هذا الصعيد، نشرت صحيفة (انديبندانت) التي انفردت بتغطية خاصة للأزمة السورية منفردة بعنوان مثير هو (قصة حربين) في إشارة إلى مشاركة بريطانيا في غزو العراق عام 2003 ومحاولة رئيس وزرائها للمشاركة في ضربة عسكرية أخرى في سوريا. وكتب محرر الشؤون السياسية في الاندبندنت اندرو غريس كتب يقول إن احتمالات مشاركة بريطانيا في شن ضربة عسكرية ضد حكومة دمشق تبددت بصورة درامية الليلة الماضية بعد أن مني ديفيد كاميرون بهزيمة مذلة في مجلس العموم البريطاني. ويقول جريس إن التصويت ضد قرار التدخل العسكري في سوريا فاجأ الجميع وترك كاميرون مشوشا غير قادر على تقديم الدعم للولايات المتحدة، كما يريد، في ضربتها العسكرية المحتملة. وتباينت آراء نواب البرلمان ولكن غالبيتهم رفضوا التدخل العسكري ومن أبرزهم جيم فيتزباتريك المتحدث باسم وزارة النقل في حكومة الظل الذي قدم استقالته احتجاجا على اقتراح العمل العسكري قائلا إن "الحقيقة الوحيدة التي نعرفها إننا لا نعلم إلى أي مدى سنذهب إذا مضينا قدما في طريق العمل العسكري". تقارير الاستخبارات كما تناولت الصحيفة قضية تقارير أجهزة الاستخبارات حول استخدام السلاح الكيميائي في سوريا حيث نشرت موضوعا تحت عنوان "بغض النظر عن الشكوك، الأدلة على فظائع الأسلحة الكيمائية لا تزال غير مقنعة". ويتناول المقال الذي كتبته كيم سينغوبتا الانتقادات الموجهة لتقرير أجهزة الاستخبارات البريطانية بأنها فشلت في توفير دافع قوي ومقنع لتدخل بريطانيا عسكريا في سوريا. أما صحيفة (فاينانشال تايمز) فتناولت قضية تصويت البرلمان البريطاني من زاوية أخرى ونشرت موضوعا تحت عنوان " ذكرى العراق تخيم على مداولات مجلس العموم". وتقول الصحيفة إن نصيب العراق من خطاب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في جلسة البرلمان جاء مماثلا لنصيب سوريا وعقب انتهاء التصويت أوضح كاميرون الحقيقة التي توصل إليها وهي أن "رغبة الرأي العام البريطاني تأثرت بحرب العراق". ميليباند الخائن أما صحيفة (التايمز) فنشرت موضوعا تحت عنوان " ميليباند متهم بالخيانة وعلاقة بريطانيا الخاصة بأميركا تنهار". ونقلت الصحيفة تصريحات لمسؤولين في الحكومة البريطانية تعكس غضب كاميرون من زعيم حزب العمال اد ميليباند كان أبرزها "لا نصدق أن ميليباند فضل التنازل عن مصالح البلاد من أجل تجنب الانزلاق في حفرة". وتناولت الصحيفة موضوعا آخر تحت عنوان " خبراء يحذرون أوباما من أن اللجوء لقرار فردي درب من الجنون" عرضت فيه آراء بعض الخبراء الأميركيين من بينهم الجنرال المتقاعد باري ماكفري، وهو عضو سابق في مجلس الأمن القومي الأميركي وقائد لواء المشاة الميكانيكي في حرب الخليج الأولى. ويقول ماكفري إن " لجوء الولاياتالمتحدة للتصرف بمفردها دون دعم من بريطانيا جنون مطلق". وأضاف الجنرال " لا يمكنني تخيل أننا سنتخذ خطوة أحادية. على الأقل نحتاج دعم بريطانيا وفرنسا. لا يمكننا التحرك دون دعم بريطانيا أنا متأكد من ذلك". أما كين بولاك، مستشار الأمن القومي للرئيس الأسبق بيل كيلنتون فأكد أن " الدعم البريطاني الكامل أمر ضروري وحيوي لإدارة أوباما". وفي الأخير، تناولت صحيفة (ديلي تلغراف) اتهامات المحافظين لزعيم حزب العمال بأن معارضته للتدخل العسكري يعد طوق نجاة للرئيس السوري بشار الأسد وجاء عنوان الصحيفة على صفحتها الأولى كالتالي " انقسام حاد حول سوريا والمحافظون يهاجمون مليباند بضراوة".