إمام الأمة وقدوة الناس هو محمد صلى الله عليه وسلم، لا سعادةَ إلا في اتّباعه، ولا فلاحَ إلا في اقتفاء أثره، قال تعالى: «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالأنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ» (الأعراف: من الآية157). الجنة لا تُدخل بعد إرساله صلى الله عليه وسلم إلا من طريقه، سنّته كسفينة نوح؛ مَن ركب فيها نجا، ومَن تخلّف هلك، قال الله تعالى: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً» (الأحزاب:21). صحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضّوا عليها بالنواجذ، وإيّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنّ كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة». وصحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «مَن رغب عن سنتي فليس مني». وصحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ». ويقول عزّ وجلّ: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً» (الأحزاب:36). ومنع الله التقدم بين يديه وبين يدي رسوله عليه الصلاة والسلام فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (الحجرات:1). وشهر رمضان هو موسم مبارك لإحياء السنة المطهّرة في النفس والبيت والمجتمع. أما سُنن الصيام فمرّ شيء منها في أول المقالات عن هديه صلى الله عليه وسلم في رمضان. وأما السنن العامة التي تجب على الصائم المسلم أن يقوم بها في كل وقت فمنها: ما صحّ عنه عليه الصلاة والسلام عند مسلم والخمسة أنه قال: «عشر من الفطرة: قصّ الشارب، وإعفاء اللحية، واستنشاق الماء، وقصّ الأظافر، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء». وصحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن إسبال الإزار وما في حكمه، فقال كما عند مسلم: «لا ينظر الله إلى مَن جرّ ثوبه خيلاء». وصحّ عنه أنه قال: «ما أسفل من الكعبين فهو في النار». وصحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن أمور كثيرة منها: نهيه عليه الصلاة والسلام «أن يشرب الرجل قائماً». رواه مسلم وأبو داود والترمذي عن أنس. ونهيه عليه الصلاة والسلام عن إقامة الرجل والجلوس في مقعده. رواه البخاري عن ابن عمر. ونهيه عليه الصلاة والسلام عن «أن يمسّ الرجل ذكره بيمينه، وأن يمشي في نعل واحدة، وأن يشتمل الصمّاء، وأن يحتبي في ثوبٍ ليس في فرجه ثوب منه». رواه النسائي بسند صحيح عن جابر. و«نهى عليه الصلاة والسلام أن ينفخ في الشراب». رواه الطبراني عن سهل بن سعد، وهو صحيح. و«نهى عن الأكل والشرب في إناء الذهب والفضة». رواه النسائي عن أنس، وهو صحيح. و«نهى عليه الصلاة والسلام عن التختّم بالذهب». رواه الترمذي بسند صحيح. و«نهى صلى الله عليه وسلم الرجال عن لبس الذهب والحرير، وأحلّه للنساء». رواه النسائي وأحمد بسند صحيح. و«نهى عليه الصلاة والسلام عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب». متّفق عليه. و«نهى عليه الصلاة والسلام عن الصلاة إلى القبور». رواه ابن حبّان عن أنس بسند صحيح. و«نهى عليه الصلاة والسلام عن النوم قبل العشاء، وعن الحديث بعدها». رواه الطبراني بسند صحيح. و«نهى عن النياحة». رواه أبوداود، وهو حديث صحيح. و«نهى عن نتف الشيب». رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة بسند صحيح. و«نهى عن صيام يوم الجمعة، أي: إفراده بالصيام». متّفق عليه عن جابر. و«نهى عن بيع فضل الماء». رواه مسلم وغيره. و«نهى عن الوشم». رواه أحمد بسند صحيح. و«نهى عن الوصال». متّفق عليه. إلى غيرها من المناهي المعلومة في السنة الصحيحة. ومن السنن الصحيحة الثابتة عنه عليه الصلاة والسلام سنة السواك؛ فقد صحّ عنه أنه قال: «لولا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء». وفي لفظ: «عند كل صلاة». وصحّ عنه أنه قال: «السواك مطهَرةٌ للفم، ومرضاةٌ للرّبّ». ومن السُّنن تحيّة المسجد؛ ركعتان قبل الجلوس، وهذا عند البخاري ومسلم. والبدء بالرجل اليمنى عند دخول المسجد، واليسرى عند الخروج. والبدء بلبس النعل باليمنى والخلع باليسرى، والاستئذان ثلاثاً؛ فإن أُذن وإلا فليرجع المستأذن. وهذا ثابتٌ بحديث صحيح. وإنما أشرت إلى السنن العملية اليومية. اللهمّ وفّقنا لاتّباع السنة، والعمل بها، والمحافظة عليها. المصدر : جريدة " الشرق الأوسط " ...الشيخ عائض القرني