احتلت البدانة جانباً لا بأس به من اهتمامات علماء الطب، نظراً لكثرة عدد المصابين بها حول العالم، وارتباطها بالعديد من الأمراض التي يأتي في مقدمتها السكري وضغط الدم وأمراض القلب والمفاصل وغيرها.
ولم نسمع منذ فترة عن بحث طبي أثبت أن البدانة قد تقى من مرض معين، لكن يبدوا أن الوقت قد حان.. حيث زفت دراسة جديدة بشرى سارة للبدناء، مفادها أن دهون الجسم قد تقف حائلا أمام إصابتهم بداء السكري .
وأوضح الباحثون أن الدهون تحت الجلد وبخاصة تلك الموجودة في منطقة الردفين يمكن أن تخفض خطر الاصابة بالسكري من النوع الثاني.
وأرجع الباحثون السبب في ذلك إلى أن الدهون التي تحت الجلد قد تنتج هرمونات تعرف باسم adipokines تزيد النشاط الاستقلابي، حيث زرعوا دهوناً أخذت من تحت جلود فئران وزرعوها في منطقة البطن عند فئران أخرى، وتبين بأن أوزانها تدنت وكذلك مستوى السكر في دمها.
وبالبحث تبين أيضا أن هذه القوارض أصبحت أكثر استجابة لهرمون الأنسولين الذي يسيطر على الطريقة التي يستخدم فيها الجسم السكر، حيث أن عدم الاستجابة للانسولين يمهد الطريق للمرحلة الاولى من الاصابة بالنوع الثاني من السكري.
وقال البرفسور رونالد خان الذي قاد فريق البحث: "إن المثير للدهشة في هذا البحث هو أن دهون البطن لم يكن لها تأثير سلبي وكان مفعول الدهون التي تحت الجلد إيجابياً في الوقاية من السكري".
من جانبه قال الدكتور دافيد هاسلام من المنتدى الوطني للبدانة: "إن نتيجة هذه الدراسة تطرح شكوكاً جديدة حول مؤشر الطول والوزن كوسيلة لمعرفة ما إذا كان وزن أحدهم غير صحي، لانها لم تفرق بين الانواع المختلفة من الدهون".
خلافا لكل المعتقدات السائدة، أكد بحث أخر أن السمنة قد تكون مفيدة، بل قد تحمي من بعض الأعراض المرضية، أهمها العجز في أداء القلب لوظائفه.
وتستند هذه الدراسة التي نشرتها الجريدة الدولية للطب "جورنال أنترناسيونال دو مدسين" علي فحوصات شملت ملفات 6 آلاف مريض يعانون من مخاطر شديدة نتيجة لقصور في كفاءة القلب والشرايين، وعلي تحديد العلاقة بين الحالة الصحية لهؤلاء ومعدلات الوفاة، وفقا لعامل الكتلة البدنية لكل واحد من هؤلاء المرضي.
وبعد متابعة دامت 6 أعوام، تبين أن نسبة الوفاة تقل بين الأشخاص الأكبر حجما، حيث وجدت الدراسة أن 39% من حالات الوفاة بين الذين تقل كتلتهم البدنية عن 5.18 وتتناقص هذه النسبة الي 20% بالنسبة للذين تصل كتلتهم البدنية الي 30.
البدناء أقل عرضة للوفاة
وحول فوائد البدانة التي يستاء منها الكثيرون، أفادت دراسة حديثة بأن الأشخاص البدناء وزائدى الوزن أقل عرضة للوفاة فى السنوات الخمس التالية، وذلك لإصابتهم بجلطة مقارنة بنظرائهم من ذوى الأوزان الطبيعية.
وقام الباحثون بدراسة بيانات 21884 مريضا اصيبوا بجلطات فى الدنمرك ولهم قياس محدد لمؤشر كتلة الجسم الذى يعد قياساً مقبولاً لتحديد مدى بدانة أو نحافة أى شخص.
وأشار الدكتور توم سكايهوج اولسن من مستشفى جامعة هفيدوفر، إلى أنه لدى مقارنتهم بأشخاص وزنهم طبيعى كان الأشخاص ذو الوزن الزائد والبدناء والبدناء جداً أقل احتمالاً للوفاة بنسبة 27 فى المئة و 16 فى المئة و16 فى المئة على التوالى خلال فترة المتابعة، وعلى النقيض من ذلك كان الأشخاص ذو الوزن الأقل من الطبيعى أكثر عرضة للوفاة بنسبة 63 فى المئة.
وخلص الباحثون إلى أن الصلة بين البدانة والنتائج السيئة للمرضى بصفة عامة يزيد منها وجود ظروف آخرى، لكن الأشخاص البدناء يتمتعون بحالة صحية جيدة يتعافون بدورهم أيضاً أو ربما فى حالة الجلطة يتعافون بشكل أفضل من نظرائهم النحفاء.
قد تفيد الأطفال
من جهة أخرى، أفادت نتائج دراسة جديدة بأن الاطفال الاكثر وزناً هم أكثر سعادة من نظرائهم النحفاء الذين يصبحون أكثر ميلاً للكآبة في مرحلة لاحقة.
وحلل الباحث إيان كولمان من المدرسة الصحية العامة في جامعة ألبرتا وزملاؤه من جامعة كمبريدج وكلية لندن الجامعية، بيانات طبية حصلوا عليها من المجلس الوطني للصحة والتنمية تتعلق بحوالي 4600 شخص عانوا من الكآبة والقلق لسنين طويلة لمعرفة السبب وراء ذلك.
وأوضح كولمان، أن الدراسة تشير إلى أن ما يحدث في الرحم قد يكون له تأثير طويل المدى على الصحة النفسية للطفل فيما بعد، وتبين أن الذين عانوا من الاكتئاب الخفيف والقلق في حياتهم كانوا أصغر حجماً من نظرائهم الذين كانوا يتمتعون بصحة نفسية جيدة.
وعن السبب الذي يجعل الطفل صغيراً في الرحم، قال كولمان: "عندما تشعر الأم بالضغط النفسي الشديد يخف تدفق الدم إلى الرحم، وعندما لا يتلقى الجنين المواد الغذائية الضرورية والكافية لنموه فإن هذا يؤثر على وزنه عند الولادة".