محاولات إسرائيل لعرقلة القضايا القانونية (خبير يوضح)    القنوات الناقلة المفتوحة لمواجهة الزمالك ونهضة بركان في نهائي الكونفدرالية الإفريقية    دون وقوع خسائر بشرية.. التحقيق في اندلاع حريق بعقار سكني بمدينة نصر    وزيرة التضامن تبحث ريادة الأعمال الاجتماعية مع نظيرها البحريني    شهادات تقدير لأطقم «شفاء الأورمان» بالأقصر في احتفالات اليوم العالمي للتمريض    «المصرية للاتصالات» تنفي تلقي أية عروض رسمية لشراء حصتها ب «فودافون» ..سنقوم بالإفصاح عن أية مستجدات    الأحد 19 مايو 2024.. الدولار يسجل 46.97 جنيه للبيع في بداية التعاملات    طارق شكري: 3 مطالب للمطورين العقاريين للحصول على إعفاءات ضريبة للشركات    سعر كيلو السكر في السوق اليوم الأحد 19-5-2024    أيمن عاشور: مصر شهدت طفرة كبيرة في مجالي التعليم العالي والبحث العلمي    وزير المالية: حريصون على توفير تمويلات ميسرة من الشركاء الدوليين للقطاع الخاص    رئيس صحة النواب يستعرض تفاصيل قانون تطوير وإدارة المنشآت الصحية    حنفي جبالي :الحق في الصحة يأتي على رأس الحقوق الاجتماعية    الدفاع المدني الفلسطيني: إسرائيل دمرت أكثر من 300 منزلًأ منذ بدء عمليته في مخيم جباليا    "اليوم التالي" يثير الخلافات.. جانتس يهدد بالاستقالة من حكومة نتنياهو بسبب خطة ما بعد الحرب    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    الأولى منذ عام 2000.. بوتين يعتزم زيارة كوريا الشمالية    القومي لحقوق الإنسان يستقبل السفير الفرنسي بالقاهرة لمناقشة التعاون المشترك    عقب مواجهة الترجي.. وصول بعثة الأهلي للقاهرة    رضا عبد العال: الأهلي حقق المطلوب أمام الترجي    وزير الداخلية يقرر إبعاد 5 سوريين خارج البلاد لأسباب تتعلق بالأمن العام    استمرار موجة الحر.. هيئة الأرصاد تحذر من ارتفاع درجات الحرارة    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    الحالة المرورية اليوم.. كثافات في شارع جامعة الدول العربية وسيولة بكوبري أكتوبر    بالصور| تكريم سلمى أبو ضيف من مبادرة "المرأة في السينما" ضمن فعاليات مهرجان كان    أحمد أيوب: مصر تلعب دورا إنسانيًا ودبلوماسيًا لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة    الفنان حسن مصطفى.. تميز بالصدق فى الأداء.. مدرسة المشاغبين والعيال كبرت «أبرز أعماله».. وهذه قصة زواجه من ميمي جمال    الليلة.. عمر الشناوي ضيف برنامج واحد من الناس على قناة الحياة    انطلاق الموسم المسرحي لاقليم جنوب الصعيد الثقافي على مسرح قنا| صور    الهجرة: «الجمهورية الجديدة» هي العصر الذهبي للمرأة    بسبب الموجة الحارة تحذيرات عاجلة من الصحة.. «لا تخرجوا من المنزل إلا للضرورة»    طريقة عمل الأرز باللبن، تحلية سريعة التحضير وموفرة    بحضور وزير الشباب والرياضة.. تتويج نوران جوهر ودييجو الياس بلقب بطولة CIB العالم للإسكواش برعاية بالم هيلز    موعد عيد الأضحى 2024 وجدول الإجازات الرسمية في مصر    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    أخبار جيدة ل«الثور».. تعرف على حظك وبرجك اليوم 19 مايو 2024    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    افتتاح الدورة التدريبية عن أساسيات وتطبيقات تقنيات تشتت النيوترونات    إعلام روسي: هجوم أوكراني ب6 طائرات مسيرة على مصفاة للنفط في سلافيانسك في إقليم كراسنودار    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    حديث أفضل الأعمال الصلاة على وقتها.. الإفتاء توضح المعنى المقصود منه    تعليم الفيوم يحصد 5 مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية فى المسابقة الثقافية    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    دراسة طبية تكشف عن وجود مجموعة فرعية جديدة من متحورات كورونا    مصرع فتاة أسفل عجلات جرار زراعى بالمنوفية    ترامب: فنزويلا ستصبح أكثر أمانًا من الولايات المتحدة قريبا    أسعار الخضراوات اليوم 19 مايو 2024 في سوق العبور    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    نهائي دوري أبطال أفريقيا| بعثة الأهلي تصل مطار القاهرة بعد التعادل مع الترجي    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بأحداث محمد محمود الثانية    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    محمد يوسف: محمد صلاح عالمي وينبغي أن يعامله حسام حسن بشكل خاص    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤلف "سلّام": لماذا نقدس صنيع الأجداد حتى ولو مخطئين؟
نشر في محيط يوم 12 - 03 - 2009


لماذا نقدس صنيع الأجداد حتى ولو مخطئين؟
هاني نقشبندي
محيط - شيماء عيسى
بدا هاني نقشبندي الإعلامي السعودي ومؤلف رواية "سلّام" - التي نحن بصددها - هادئا ومستعدا للنقاش الموضوعي حول روايته ، بل على العكس أراد أن يظهر ما التبس على بعض قراء الرواية من أفكار ، فظنوا أنه ضد الفتوحات الإسلامية وأنه متحيز للغرب وأنه سعيد بسقوط الأندلس وطرد المسلمين منها ..
وقال في بداية حديثه : أنا أكثركم عشقا للأندلس وتمنيا لو كان الإسلام مزدهرا فيها . ولكني أرى صداما قريبا بين المسلمين والغرب وأردت التحذير منه ، كما أنني مستعد للنقاش مع من يرفضون أطروحاتي وسأكون أسعد إذا ثبت لي خطأي فأنا أديب ولست مؤرخا .
محيط : ما هي الأفكار الرئيسية التي أردت التعبير عنها في "سلّام" ؟
نقشبندي : دعيني بداية أقول أن تاريخنا العربي والإسلامي مليء بالأساطير ، فمثلا حينما بحثت عن قصة إحراق طارق بن زياد للسفن التي عبر بها والجيش للضفة الغربية من الأندلس ، حتى يقطع الطريق على الجيش للعودة ويجبرهم على الموت أو القتال في هذه الأرض البعيدة ، هذه القصة لم أقرأها إلا في كتاب "نزهة المشتاق" للإدريسي ، وقد كتبها بعد ستة قرون من فتح الأندلس ويشكك الكثيرون بها ، وحتى لو فرض أن القصة حقيقية فإن ذلك يعني أن طارق خان الأمانة لأن هذه السفن أعطاها له حاكم سبتة ليعينه على الحاكم القوطي فكيف إذن يحرق السفن !
وتدهشني أثناء قراءة تاريخ الأندلس أمور كثيرة منها مثلا أن الحاكم الأموي العادل والملقب بخامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز أمر الجيش الإسلامي بالإنسحاب من الأندلس لبعد المسافة وصعوبة نجدتهم ، ولكن ذلك لم يحدث . ثم تدهشني مسألة أخرى وهي أنه إذا كان المسلمون قد دخلوا الأندلس بداية لتمكين حاكم سبتة ضد الملك القوطي الظالم لذريق ، ثم تحول الأمر لهدف التوغل بنية نشر رسالة الإسلام ، فما الذي نشره المسلمون بعد تسعة قرون ، لم ينشروا الرسالة وتوطنوا فقط بالأرض !
وأردت من خلال الرواية أن أواجه من يسمون أنفسهم بالأصوليين ، أو المعبرين عن الأصولية الإسلامية ، وهم لا يعبرون إلا عن أنفسهم وأفقهم الضيق ، وممارساتهم بعيدة عن الإسلام بمذاهبه الأربعة المعروفة . وأي منهم يرفض الآخر بل ويكفره وهو مثله مسلم ، فما بالنا بالآخر من الديانات الأخرى سماوية أو غير سماوية . وأدى لذلك انتشار أعمال العنف التي يفهمها الأوروبيون على أنها مقبولة لدى المسلمين مثل التفجيرات التي يروح ضحيتها الأبرياء حول العالم ، ومنها تفجيرات لندن أو مدريد أو تفجير برجي التجارة العالميين في امريكا .
أردت من خلال الرواية أن أوضح أنه بالحب تنشر الدين وليس بالصدام والعنف ، والآخر هذا ولنقل مثلا الأوروبي أو الأمريكي عنده "ألف غلط وغلط" ، مثل كل صور الإستعمار التي تحدث حاليا ، ولكننا المسلمين أصحاب رسالة حضارية ودينية لا تتعدى على الآخرين الأبرياء .
ما أعتقد فيه أن الأندلس كانت مهدا لصراع الإسلام والمسيحية ، وهذا لم يحدث في بلاد فارس ولا بلاد الشام التي فتحها المسلمون ، وأرى كذلك أن الحملات الصليبية جاءت ردا على دخول المسلمين للأندلس ، ومن هنا نشأ صراع الديانات والحضارات .
وبرأيي أن الأديان في طبيعتها تزدري لأنها تقوم على عقائد مختلفة جذريا ، وأنا أتفق مع نظرية صدام الحضارات ، ولذا يصعب أن يكون هناك حوارا حقيقيا بين الديانات ، وإنما المطلوب هو على الأقل احترام العقل . وأرى كذلك أن أسبانيا حينما تقيم احتفالية بمرور 400 عاماً على خروج العرب والمورسيكيين من الأندلس فإن ذلك لا يعني شماتة بهم وإنما رغبة في أن يبدأ النقاش مع الآخر المسلم ، ورغبة في طوي صفحة النزاع ، وهذه الإحتفالات ينبغي على العرب ثقافيا ورسميا وشعبيا حضورها ، ولكن هذا لم يحدث ، فلا تجدين أية وسيلة إعلامية عربية تهتم بالأمر ولا مثقف يزور اسبانيا استعدادا للمشاركة ، وهذا ما أعتبره نابعا من أنهم يعتبرون أن الأندلس كانت حقا لهم وسلب منهم ، أعني العرب أو المسلمين عموما .
قصر الحمراء - الأندلس
المبرر الأخلاقي
محيط : جاء على لسان "سلّام" بطل روايتك أن المسلمين احتلوا الأندلس ولم يفتحوها.. فهل تتبنى شخصيا هذا الرأي ؟
نقشبندي : نعم . ربما كان الغرض في البداية هو الفتح على يد موسى بن نصير والقائد طارق بن زياد بدعم الحاكم الأموي ، ولكنه تحول لأغراض سياسية واقتصادية بعدها بعيدة عن نشر الدين . وهنا التساؤل : ألم يكن السبب الديني هو المبرر الأخلاقي لدخولي الأندلس ؟ ، وما الذي يجعلني أحضر معي وقت دخول الأندلس قبائل عربية وبربرية تتوطن بالأرض ، أليس ذلك هو الاحتلال إذا انتفى منه الغرض الديني ؟ .
فرنسا حينما دخلت العواصم والمدن العربية ألم نسمي ما فعلته استعمارا؟ وكان كذلك بالفعل لأنهم لم يكن لهم رسالة ، وكانوا يرغبون في توسيع رقعة امبراطوريتهم وازدياد نفوذهم ونهب خيرات البلاد . ولذا أكرر أنني رفضت استمرار وجود المسلمين في الأندلس ولست ضد وجودهم هناك من البداية ، وأكرر أيضا أن العرب والمسلمين حينما دخلوا بلاد الشام وفارس والهند كانت لديهم رسالة عظيمة بفضلها انتشر الإسلام هناك ، وكنت أتمنى لو فعل المسلمون ذلك في الأندلس ، وأقول أنه من الغباء أن يضيعوا 900 عاما ولا ينشروا الدين هناك .
المسيحية الكاثوليكية دخلت أسبانيا متأخرى جدا نحو 587 م وكان بها أجناس كثيرة مثل القوط وغيرهم ، أي أنها دخلت قبل قرن ونصف تقريبا فقط من فتح العرب للبلاد ، وكانت الفرصة سانحة لنشر الإسلام بالفعل ولكن لم يحدث . وللنظر للعكس فاسطنبول كان لديها 1400 سنة في ظل المسيحية وكانت من عواصم الكاثوليكية ولكننا الآن نجد أن كل أهلها مسلمين وانتشر الدين وفي القسطنطينية على يد محمد الفاتح . ماذا فعل المسلمون في الأندلس ، بنوا جامعا او قصرا ، هل هذا هو الغرض ؟ .
ننتقل لنقطة أخرى ، بناء الحضارة لا يعطيك أي حق في التواجد بالأرض ولا أية شرعية ، وإلا لكان للفرنسيين الحق في استمرار الوجود في العالم العربي الذي أدخلت له المدنية والتحضر بأشكالهم الصناعية والثقافية وغيرها .
إذن رسالتي أنه لابد من الحوار مع الآخر ، ومع ذلك فدعيني أقول أن الصدام قادم قادم لا محالة ..
محيط : ما ذكرته يرد عليه باحثون بأن الأسبان استنجدوا بالمسلمين من حكم القوط الجائر ؟
نقشبندي : ليس صحيحا . من استنجد هو حاكم سبتة تحديدا ، وكانت الدولة الإسلامية الأموية قوية فطلب منها وقت أن شهدت البلاد انقلابا سياسيا أن يعينوه على الحاكم القوطي لذريق . واستشار المسلمون الحاكم الأموي الوليد بن عبدالملك فأشار عليهم بالذهاب . ودخلت حامية يقودها طريف بن مالك للأندلس وإلى اليوم ظلت مدينة على الشاطيء الإسباني باسمه "طريف" ، بعدها دخل جيش البربر من المغرب وكان قوامه نحو 7000 آلاف ، وتواتر دخولهم لنحو سبعة أشهر ، وكانت هناك مصادمات كثيرة بين المسلمين أنفسهم ما بين عرب وبربر ، حتى جمع موسى بن نصير نحو 19 ألف عربي في قوة جديدة ، وهكذا .
الأثر الديني
محيط : ألا ترى أن العرب قد تركوا حضارة زاهرة في الأندلس ؟
نقشبندي : لنتفق على النقطة الهامة ، الحضارة لا تعطي شرعية في الأرض ، ونحن نتحدث عن الثانية . فمثلا نابليون بونابرت ترك حضارة في مصر ولكنه محتل ، وإسرائيل دولة اليهود لديها صناعة وطاقة نووية وزراعة متقدمين للغاية في الأراضي التي احتلتها منذ 1948 في فلسطين ، فهل نعدهم أصحاب الأرض ؟ بالطبع يستحيل .
ثم تلاحظون أنني لم أتحدث عن التواجد الإسلامي في بلاد فارس او تركيا او غيرهم ، لأن الإسلام ظل هناك رغم انحسار الحكم الإسلامي والعربي كقومية لفترات من التاريخ ، ونعرف أن كبار علماء المسلمين خرجوا من بلاد فارس من خراسان وبخارى ، مثل الخوارزمي والإمام البخاري وابن جبير ، اما العلماء العرب فكانوا أقل ممن أفرزتهم بلاد فارس .
ثم تجيء ردود على فكرتي أحيانا بأن الأسبان قد أحرقوا كتب المسلمين ، وأقول ألم يحرق حاكم الأندلس المسلم في دولة الموحدين كتب ابن رشد بنفسه ؟ ، ودعونا من كل ذلك فنحن لا نناقش أثر العرب هناك صناعيا ولا ثقافيا ، ولكن أثرهم دينيا .
محاكم التفتيش بريشة فنية
محيط : ومحاكم التفتيش التي جاءت بعد سقوط غرناطة وضياع الأندلس .. والتي أذاقت المسلمين صنوف العذاب ، ألا ترى أنها هي الآخرى تسببت في ضياع الإسلام من الأندلس ؟
نقشبندي : لا . لأن من تنصر من المسلمين في الأندلس عددهم أكبر ممن دخلوا الإسلام من الأسبان للأسف ، ومحاكم التفتيش هذه كانت في آخر خمسين عاما من تواجد المسلمين بعد سقوط حكمهم وبدأت تحديدا نحو 1516م بينما سقطت غرناطة 1492م . ولنقارن هل لو كان الإسلام انتشر بين الأسبان أكانت تلك المحاكم قادرة على أن تجبرهم جميعا على التخلي عن دينهم ، بالطبع لا ، إذن هي أخرجت المسلمين الذين وفدوا فقط على الأرض وليس أهلها الأصليين.
كما أن محاكم التفتيش لم تضطهد المسلمين فحسب ، ولكنها اضطهدت كذلك اليهود في الأندلس وكل من هم غير مسيحيين كاثوليكيين . وبالمناسبة فقد تعرضت لانتقادات كثيرة بعد صدور الرواية وكفرني البعض وجرحوا في ، وطلبت منهم فقط أن يواجهني المعترضين على أفكاري بأفكار بديلة ونتناقش فيها ونفند هذا وذاك للوصول للحقيقة ، وربما عدلت عن آرائي ، ولم يحدث قط ، وهذا هو ما أعنيه بالصدام والذي لا أتمنى أن نكرره في الأندلس ولا في غيرها .
أمة رسالة
محيط : إذا فرضنا صحة ما قلت ، ألا ترى أن توسعة رقعة الإمبراطورية الإسلامية يصب في خدمة الدين ، وخاصة أن سنة هذا العصر كانت التمدد الجغرافي للإمبراطوريات الكبرى؟
نقشبندي : لا أرى ذلك . امبراطورية الإسلام لم تكن يوما امبراطورية عسكرية . نحن امة رسالة ولسنا من أتباع جنكيز خان الذي توسع لأسباب سياسية واقتصادية ، ولا نحن اتباع قيصر روما . وديننا لا يدعونا للعدوان على الآخرين ولا انتهاكات الحضارات الأخرى والأمم والأراضي لمجرد الإحتلال . فحينما ندخل بيوت وأراضي الشعوب الأخرى وننسى رسالتنا يجب أن نعترف أننا أخطأنا وما كان لنا التواجد .
والدليل أن التوسع طيلة هذه القرون لم يصب في خدمة الدين بل بالعكس . ونحن أمة تقدس أفعال أجدادها حتى لو لم يكونوا على حق . في لندن يوجد متحف ترجمة اسمه "مغارة لندن" حينما دخلته وجدت صور وبيانات تفضح التاريخ الأسود للشعب الإنجليزي من أكثر من 200 سنة ، مثلا كيف كانوا يعالجون أمراض اليد ببترها ، وكيف كانوا يعذبون المخالفين لآرائهم ، وهم لم يخجلوا من كشف ذلك ، لأنهم يعلمون أن تاريخ الشعوب لا يكون أبيضا دائما ، ويؤكدون أننا حينما نتذكر الأخطاء فإننا نسعى للتعلم منها وعدم تكرارها وإدانتها . وهذه الثقافة غائبة تماما عن العالم العربي
محيط : من من المؤرخين العرب استرشدت بكتاباتهم قبل الشروع في روايتك ؟
نقشبندي : كتابة رواية يختلف عن كتابة دراسة أو بحث ، فهي لا تعتمد على فكر الآخرين وإنما على ذاتك . وأقول أن معظم الكتب التاريخية الحالية مؤلفوها من الباحثين وليسوا المؤرخين ، لأن المؤرخ هو من اقترب من الأحداث ليرويها سواء بالمشاهدة أو السماع والنقل عن الآخرين ، أي كان معاصرا للأحداث . ولكني استفدت من كتابات باحثين كبار مثل عبدالله مؤنس وجورجي زيدان وغيرهم ، كما قرأت العديد من الكتب المترجمة وأمهات الكتب التراثية ومنها كتاب " البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب" للعلامة المؤرخ المراكشي .
أما روايتي فهي انطباع شخصي واستنتاج خاص بي وقد يكون خاطئا لأنني لست مؤرخا ولا باحثا ، أنا اديب فحسب . وكان دافعي لكتابة "سلّام" حبي الشديد للأندلس ورغبتي في ألا تتكرر مآسينا ، وأحزن لأن الأندلسيين الموجودين حاليا لا يتذكرون شيئا عن الوجود العربي هناك لأن ملوك كثيرين مثل فرانكو قطعوا أي علاقة بين أوروبا والإسلام . وأنا على يقين من أن جنوب أسبانيا واقليم الأندلس سيزدهر فيه الإسلام وليس بالعنف إنما بالقدوة الحسنة . وقد زرت بيوت العديد من الأندلسيين الذين اكتشفوا أن أصولهم إسلامية وعادوا للإسلام مع احتفاظهم بالمواطنة الأسبانية .
فتوحات المسلمين
محيط : يرى بعض الباحثين أن معظم الفتوحات الإسلامية اعتمدت على العمل العسكري ، ولم ينتشر الإسلام تلقائيا إلا في أواسط آسيا تقريبا ، فما تعليقك؟
نقشبندي : باختصار أقول ، إذا كنا نترك غزة تقتل آلة الحرب الإسرائيلية أهلها وتهدم فوقهم منازلهم وتدك المدينة دكا ، ولم نتحرك لإنقاذهم ، فهل سنحرك جيشا عربيا لغزو أسبانيا ؟ ! . كما أن الإسلام بعد ان انتشر في كل أنحاء العالم لا يحتاج لتظاهرات ولا أعمال عسكرية لنصرته ، ولكنه بحاجة على من يدعو له بالحكمة وبالمنطق ومن يكون قدوة حسنة يراها العالم ويدخلوا الدين بسببها .
محيط : حملت في الرواية على لسان "سلّام" العرب مسئولية الصدام ، رغم أنهم هم المعتدى عليهم في عالم اليوم . فلماذا ؟
نقشبندي : أي سياسي لكي يتخذ قرارا صائبا لابد أن يضع نفسه في محل عدوه وينظر بعينه للأمور . وأنا أرفض رؤية المفكر محمد أركون الذي يرى أن الغرب لا يعترف بالدين الإسلامي ، فأنا أرى من واقع احتكاكي الدائم بالشعوب الغربية أنهم لا ينكرون الإسلام وإنما يجهلونه ، كما أن النماذج المقدمة لهم تمثل الإسلام سيئة وتزيد خوفهم من المسلمين فيما يسمى حاليا "الإسلاموفوبيا".
أوروبا تحديدا قدرها أن تقع بين كماشتين إسلاميتين قويتين ، هي تركيا من جانب والعالم العربي من جانب آخر ، وكل منهما له الدفق الفكري القوي الخاص به ، وتجدون أنها دائما تتخذ سياسات حذرة من العالم الإسلامي وشبه عدوانية كثيرا . ولكن أوروبا كذلك لديها محاولات لفهم الإسلام ففي جامعة هولندية في أمستردام عثرت على قسم الدراسات الإسلامية والذي افتتح قبل أكثر من 400 عام . وخوف الأوروبيين مكمنه المد الإسلامي المتنامي هناك.
بالمناسبة ففي البداية كنت سأصدر أفكاري هذه في صورة بحث ولكن مديرة دار الساقي رجحت لي فكرة الرواية لأنها أوسع انتشارا هنا في العالم العربي وتصل بسهولة للناس.
محيط : ما هو مشروعك الفكري المقبل في هذا الإطار ؟
نقشبندي : أنا ضد أن أضع نفسي في خانة واحدة ، ولا يشترط أن أكتب عن صدام الحضارات مجددا بعد أن طرحتها في "اختلاس" و"سلّام" ، وروايتي القادمة هي دعوة لإلغاء الحواجز بين البشر ، وأستطيع أن أقول أن كتاباتي عموما تدعو للتسامح بأشكاله.
"سلّام" .. قصة أمير تطارده لعنات قصر الحمراء
نقاد : "سلّام" .. رواية المحاكمة الصعبة
د. كحيلة : الجغرافيا والإبادة وراء رحيل الإسلام عن اسبانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.