علينا أن نحترم القلق وننطلق منه إلى الحياة! محيط - سميرة سليمان د.يحيى الرخاوي رغم شهرته كطبيب نفسي مصري كبير وأيضا شهرته كواحد من حرافيش ورفاق نجيب محفوظ إلا أنه يتسم بتواضع جم وبساطة في التعامل مع الناس .. هو شخصية من طراز خاص جدا .. إنه يحيى الرخاوي المفكر والكاتب والطبيب . بهذه الكلمات وصف مقدم الحلقة شريف بركات دكتور يحيى الرخاوي ضيف الجزء الأول من حلقة برنامج "علمتني الحياة" الذي تبثه قناة "المحور" الفضائية المصرية. وكانت التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري وافتقاده للدفء الإنساني محور السؤال الأول للحلقة ، واعتبر الرخاوي أن هذا الحديث تعميم غير مقبول ولا يتفق مع الواقع، ومع ذلك لا يمكن إنكار أن التقنيات الحديثة والقرى السياحية والمنتجعات الخاصة والمدن الجديدة جعلت المجتمع المصري عدة مجتمعات .. حتى الأسرة الواحدة أصبحت مجتمعات متفتتة. ويمكننا القول أيضا – والحديث للرخاوي - بأن هذا من جراء العولمة التي أضحت موضة لها بعض الفوائد لكن بها كثير من السلبيات وللأسف لا يوجد لدينا بديل. هناك عولمة حقيقة نقصد بها إمكانية تواصل البشر بعضهم مع بعض للتوصل إلى منطقة مشتركة. أما العولمة الرسمية التي تساق لنا من قبل أمريكا فهي أخبث محاولة لتسطيح الوعي البشري. وعن فترة مهمة من حياته وهي التحاقه بجماعة "الإخوان المسلمين" وانفصاله عنها يقول الرخاوي: حين كنت طالبا شابا في الأربعينيات ظهرت جماعة الإخوان المسلمين فانضممت لها، ثم تعرفت على أستاذ لي في المدرسة هو في الأصل محقق للتراث الإسلامي وهو محمود محمد شاكر، هذا الرجل كان بيته مفتوحا لكل الناس وكنت أتردد عليه كثيرا أنا وزملائي، إلى ان كنا في يوم عنده وسألني عمّا أحمل بيدي فقلت له أنها نشرات الإخوان وقال لي: إذا كنت تريد علما حقا فارجع إلى امهات الكتب واقرأها. فانتبهت وقررت أن أفعل ما يقول ، ذلك الأمر لم يرق لجماعة الإخوان، ومع ذلك لا يمكنني أن أنكر أني استفدت كثيرا من هذه الفترة. تشاجر مع نفسك ! الرخاوي في سؤال للرخاوي عن اختلافه مع المقولة القائلة "علينا أن نتصالح مع أنفسنا" ومناداته بالتشاجر معها يقول الرخاوي: النفس البشرية هي شئ رائع تحمل بداخلها تاريخ الحياة وتحوي بداخلها أكثر من عالم كيف يمكنها التصالح مع كل هذا والعيش بسلام ، إذن دعوى التصالح دعوى غير منطقية، فكيف يمكن أن أزعم حكاية التصالح مع النفس، فأنا أتصارع مع الفرعون الذي بداخلي، وأتصارع مع النزعات غير القويمة، إذن هناك شجار قوي داخل نفسي، ونتيجة الشجار الإيجابية هو الفعل وليس التصالح، وبعد الفعل ينتج قرار قابل للتنفيذ والاختبار ثم يخضع للتقييم. ويضيف: هناك نوعان من التصالح.. تصالح الحلول الوسطى مثل الهدنة والاتفاقيات، والنوع الاخر هو نمو المتصالحين معا إلى ما هو أعلى بمعنى أن أقبل جزء ممن أتخاصم معه وهو أيضا يفعل نفس الشئ ، وهذا هو التصالح الحقيقي. أما موضوع "دع القلق وابدأ الحياة" فهو أمر غريب لا وجود له ولا سبيل لتحقيقه فأين اترك القلق، علينا أن نحترم القلق وننطلق منه وبه إلى الحياة. مهرجان الدموع عن أزمة الثانوية العامة والتعليم يقول الرخاوي أنا منزعج أكثر من أي وقت مضى، فأنا رافض لموقف الدولة، موقف الإعلام المعارض والمستقل والرسمي من قضية الثانوية العامة لأن الجميع اتفقوا على الترويج لقيمة سيئة جدا وهي إهانة التعليم. مضيفا: أنا هنا أتحدث عن أزمة الشكوى من صعوبة الامتحانات، الحياة كلها في غاية الصعوبة وعلى الآباء أن يعلموا أبنائهم كيف يواجهون الصعوبات، ويعلمونهم كيف يقولون لا نعرف..أنا هنا لا أتحدث عن موضوع الغش، وإنما عن الشكوى من صعوبة الامتحانات. الامتحان الذي لا يميز بين مستويات الطلاب ليس بامتحان، وأنا أرفض اتهام واضعي الامتحانات الصعبة بالتعقيد وأنهم مرضى نفسيين لأن هذا عبث علمي وإعلامي، وأرفض أيضا أن تتبارى الجرائد بنشر صور الفتيات الباكيات لأن هذا من شأنه الترويج لقيم التعليم المهزوز، واستجداء عطف لا داعي له. فالأسئلة السهلة ليست حلا ، العدل هو الحل، ومهرجان الدموع الذي كنا نراه ما فائدته؟ كل هذا هراء لا جدوى من ورائه. ومن الثانوية العامة وأزمتها إلى رأي الرخاوي في نوال السعداوي الذي يرى أن كتاباتها جيدة في بعض الأحيان قائلا: " إني لا أوافقها على رأيها في قضايا المرأة وقضايا الدين ولكن هذا لا ينفي احترامي لها". وعندما سأله مقدم الحلقة عن رأيه بشأن إطلاق السعداوي لدعوى تعديل القرآن أجاب: نوال تقول كلام يروق "للخواجات" وهي تتحمل مسئولية ما تقوله، ولكن ماذا تقصد بتعديل القرآن؟ هل هي تنادي بحذف آية ووضع أخرى مكانها؟ هذا كلام لا يقبله العقل ولا يجوز. وتنتهي الحلقة بسؤاله عن رأيه في قانون الطفل الجديد ويقول الرخاوي: هذه جريمة مقننة ومستوردة، حين نقول لا تضرب طفلك وإن حدث فسأحرمك منه هذا كلام لا يقبله عقل..كيف نحمي طفل من الضرب ووالده لا يزال يُضرب في أقسام الشرطة؟، كيف سنطيع الدولة في هذا وهي لم تفلح في تصميم شارع يستوعب السيارات ذهابا وإيابا؟ دولة لم تستطع أن تجبر السيارات والمارة على احترام إشارة المرور؟ كيف نقول أن ضابط المرور أرحم من أب غلبه النسيان وضرب ابنه..هذا عبث أرفضه.