مشايخ القبائل والعواقل والفلسطينيين يهنئون محافظ شمال سيناء بعيد الأضحى المبارك    صندوق تحيا مصر يطلق مبادرة "أضاحى" لتوزيع اللحوم على الأسر الأولى بالرعاية (صور)    قوات الاحتلال تطلق قنابل حارقة تجاه الأحراش في بلدة الناقورة جنوب لبنان    الملك سلمان: أسأل الله أن يديم الأمن والاستقرار على وطننا وأمتنا العربية    رئيس الأسقفية يهنئ الرئيس السيسي وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    هالة السعيد: 3.6 مليار جنيه لتنفيذ 361 مشروعا تنمويا بالغربية بخطة 23/2024    محافظ المنيا يستقبل المهنئين بعيد الأضحى المبارك    كارثة بيئية فى نهر السين بفرنسا تهدد السباحين قبل انطلاق الأولمبياد    تصفية محتجزي الرهائن في مركز الاحتجاز في مقاطعة روستوف الروسية    الكرملين: بوتين لا يستبعد إجراء محادثات مع أوكرانيا لكن بشرط توفير الضمانات    "نيمار" الأقرب لحل أزمة الظهير الأيسر في الزمالك أمام المصري    "ابني متظلمش".. مدرب الأهلي السابق يوجه رسالة للشناوي ويحذر من شوبير    «العيد أحلى» داخل مراكز شباب «حياة كريمة» في البحيرة |صور    ثلاثى الأهلى فى الإعلان الترويجى لفيلم "ولاد رزق 3"    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    انتشال جثة مهندس من نهر النيل بالغربية بعد 24 ساعة من جهود البحث    كامل الوزير يتابع انتظام العمل بمرافق النقل والمواصلات    وفاة سيدة مصرية أثناء أداء مناسك الحج    "اللعب مع العيال" بطولة محمد إمام يحصد 3 ملايين ونصف منذ طرحه فى السينمات    في عيد ميلاده.. بيومي فؤاد نجومية متأخرة ومقاطعة جماهيرية    خبير تغذية يقدم نصائح لتناول لحوم عيد الأضحى دون أضرار    3 فئات ممنوعة من تناول الكبدة في عيد الأضحى.. تحذير خطير لمرضى القلب    بالتفاصيل مرور إشرافي مكثف لصحة البحر الأحمر تزامنًا مع عيد الأضحى المبارك    قوات الاحتلال تعتقل 3 مواطنين جنوب بيت لحم بالضفة الغربية    ريهام سعيد: «محمد هنيدي اتقدملي ووالدتي رفضته لهذا السبب»    شاعر القبيلة مات والبرج العاجى سقط    نصائح منزلية | 5 نصائح مهمة لحفظ لحم الأضحية طازجًا لفترة أطول    إيرادات Inside Out 2 ترتفع إلى 133 مليون دولار في دور العرض    أدعية وأذكار عيد الأضحى 2024.. تكبير وتهنئة    رئيس دمياط الجديدة: 1500 رجل أعمال طلبوا الحصول على فرص استثمارية متنوعة    الأهلي يتفق مع ميتلاند الدنماركي على تسديد مستحقات و"رعاية" إمام عاشور    كرة سلة.. قائمة منتخب مصر في التصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024    مصدر من اتحاد السلة يكشف ل في الجول حقيقة تغيير نظام الدوري.. وعقوبة سيف سمير    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 16 يونيو 2024    وزيرة التضامن توجه برفع درجة الاستعداد القصوى بمناسبة عيد الأضحى    النمر: ذبح 35 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى بأشمون    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    برشلونة يستهدف ضم نجم مانشستر يونايتد    بالصور.. اصطفاف الأطفال والكبار أمام محلات الجزارة لشراء اللحوم ومشاهدة الأضحية    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    إصابة شاب فلسطينى برصاص قوات الاحتلال فى مخيم الفارعة بالضفة الغربية    التونسيون يحتفلون ب "العيد الكبير" وسط موروثات شعبية تتوارثها الأجيال    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    ارتفاع تأخيرات القطارات على معظم الخطوط في أول أيام عيد الأضحى    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    بالصور.. محافظ الغربية يوزع هدايا على المواطنين احتفالا بعيد الأضحى    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    البنتاجون: وزير الدفاع الإسرائيلي يقبل دعوة لزيارة واشنطن    الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى داخل ساحات الأندية ومراكز الشباب في المنيا    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    انخفاض في درجات الحرارة.. حالة الطقس في أول أيام عيد الأضحى    إعلام فلسطينى: 5 شهداء جراء قصف إسرائيلى استهدف مخيم فى رفح الفلسطينية    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟.. الإفتاء تُجيب    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    العليا للحج: جواز عدم المبيت في منى لكبار السن والمرضى دون فداء    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فن معاصر بأنامل مصرية في العاصمة السويسرية
نشر في محيط يوم 06 - 05 - 2008


فن معاصر بأنامل مصرية في العاصمة السويسرية
محيط - خاص
** بقلم / يوسف ليمود
يوسف ليمود
تحت عنوان Da بالألمانية، التي تعني "هنا"، وتلتبس أحيانا بمعنى "هناك"، يقام حاليا وحتى العاشر من مايو\آيار، معرض لثمانية فنانين مصريين، جمعتهم، لأسباب متنوعة، جغرافيا ذلك البلد الصغير في جوف أوروبا، سويسرا، في مركز بروجار للإنتاج الثقافي في العاصمة بيرن، وهو خلية الفن الكبرى في تلك المدينة، على جميع المستويات: عروضا، وورش عمل، ومراسم، وسكنا دائما للعديد من أبناء المدينة الفنانين.
ما بين اللوحة والتجهيز والفيديو والجرافيك والفوتوغرافيا والموسيقى والعرض الحي (البيرفورمانس)، قدَر هؤلاء الثمانية، بحس فني معاصر، لا يتنكر، في الوقت نفسه، للجذور التي شكّلتهم وعوالمهم، أن يطبعوا على المكان بصمة "هنا" وكأنها اختصار ل "نحن هنا"، رغم أن معظمهم عابر منحة أو دراسة، وقليل منهم مقيمون.
مع زوجها الفوتوغرافي أحمد محفوظ، تحتل فنانة الجرافيك الشابة ومصممة لوجو المعرض ريم نعيم، قاعة مستقلة، ريم، بتصميماتها الخمسة المتنوعة للوجو وبوستر المعرض، مطبوعة بأحجام ضخمة على حائطين، تشابكت فيهما الأحرف العربية مع اللاتينية، وتداخلت في بلاغة خفف من حدة اختزالها تنفس رقيق عبر ظلٍ من أرابيسك، حين تثخّن الخط في أحد التصاميم، تخفف سواده إلى رمادي، وحين ترفّعه في آخر يكون الأسود ثقيل السواد، يشير هذا إلى حساسية الفنانة وإدراكها أسرار صنعة ذلك الفن الدقيق.
في المقابل، وبحس معماري عال، ترتفع لقطات أحمد محفوظ شرائحَ طولية مختارة بعناية ومقصوصة عما جاورها في المنظر لتربط فراغا علويا يبدو لا نهائيا، بتفصيلةٍ أرضية هي في الغالب شخص ما مجهول، جمّدته العدسة في إحدي لحظات غيابه عن ذاته أو غرقه فيها: أوروبي، من ظهره على مقعد عام، يقرأ جريدة، أو يمشي في مغناطيس اللحظة، جلسته، أو مشيته، تقول الوحدة، التفاهة، الزمن الضائع، بينما الفراغ يستطيل أعلى الرأس، حتى وإن اصطدم بأسمنت بارد أو بمعمار خالٍ سوى من هندسته الظاهرة؛ صور مشابهة من مساجد أثرية: أحمد ابن طولون، السلطان حسن، تجمع التاريخ بالغيبوبة في شخوص ليسو سوى عابري مكان مبتور من زمن.
من أعمال الفنان أحمد محفوظ
الظل الكثيف، المرمي، بفعل ظهيرة باهرة، على أرض تشرد فيها مخلفات اليباب والفقر والعبث، يقول حكاية العابر في لقطة مارقة، مباغتة، متلصصة أحيانا على الجيوب السرية لواقع يطفح برخيص التفاصيل، في حي من أكثر الأحياء عشوائية وتلوثا في قلب القاهرة "أرض اللوا" حيث نشأ حمدي رضا وأنشأ، بجرأة، مشروعه الثقافي "آرت اللوا" بادئا بغرفة صغيرة تعرض فنا مصريا معاصرا، نما وبدأ يدخل في طور العالمي، بعد أن نجح صاحبه في عقد ارتباطات وتبادلات مع مشاريع فنية مشابهة في عدد من البلدان، من اليابان إلى كوبا، يزحف حمدي رضا بعدسته فوق أسطح المنازل، وبمسقط رأسي تماما، ينتزع اللقطة، كصياد ينتش صنارته التي ارتعشت بسمكة: امرأة تحمل على رأسها أنبوبة غاز، فتبدو كتلة الظل الملقاة أسفلها كأنها مدرعة وهمية تزحف فوق حقل ألغام إلى انفجار أكيد؛ رجل يستمني في خرابة، صلعته الكبيرة تكاد تذيبها الشمس، بينما ينحني بظله الكاتم للسر، على صلعته الصغيرة الأكثر حميمية المتورمة في يده بغير شك، وللظلال أسرارها.
عدد كبير من مثل هذه الصور، مع فيديو بالمنطق البصري نفسه، خرج بهم رضا من مشروع سطحه الراصد حركة الأحياء في الشارع والزقاق، ليعيد التجربة عبر شباك مطبخه حيث حركة الظل واللغط، ترى بم نشعر حين يعرض ما يرصده الآن من شباك إقامته في مدينة سويسرية على شاشة تجاور ما رصده من نافذته في أرض اللوا! نخشى أن يبدو الفرق سنوات ضوئية وليس مجرد مسألة مكان!
مهموميْن، كمعظم أبناء جيلهما من الحساسين، بسؤال الهوية والموت، حتى وإن بدا تعبيرهما مباشرا ما يزال، يقدم الشابان هيثم نوار وعمر غايات صورة الفنان المصري الواعد، الممزق بين مكانين. درسا الفن في مصر ويدرسان السينوغرافيا في مدرسة الفن في زيوريخ.
يعرض هيثم نوار على ثلاث شاشات، عملا بالفيديو يطغى عليه إنذار عربة الإسعاف تشق طريقها بين زحمة الصفيح والبنزين في شوارع القاهرة، عبر المرايا الثلاث لحافلة الإنقاذ التي تحتاج من ينقذها: المرآة اليمنى تعكس كارثية المركبات التي تحاول أن تفسح مجالا، الوسطى تعكس وجه السائق المسكين وتشنجاته، والمرآة اليسرى يموج عليها منظر نقيض في هدوئه وانسيابه الأخضر، حيث أحد أحياء مصر الثرية التي لا تطالها أعين العامة ولا حتى أحلامهم، ثم شاشة رابعة ليدِ تصارع الموت قصد بها الفنان - وهنا المباشرة في التعبير التي نالت من فنية العمل - جسد المجتمع المصري وهو يحتضر.
في حين لا يطمح عمر غايات، بعرضه البيرفورمانس "البوابة رقم 11" في أكثر من اعتراف الآخر بآدميته، بوجهه، ومكونه الروحي والجسدي ولونه، وتغيير لون جواز سفره ربما؛ فشاشة الفيديو تطرح الجسد في الأعين كشيء، كسلعة، في الوقت الذي ينهال الفنان، كمؤدٍ، على وجهه رفضا وتحطيما، لأنه منظور إليه بتمييز، على خلفية لون جواز سفره الأجرب المتماهي مع لون العالم الثالث، ربما الحساسية المفرطة، وعدم القدرة على تخطي رؤية الآخر لنا هي ما يحرك عمل ذلك الشاب الواعد فنيا.
من أعمال الفنان حمدي رضا
بخمس من ثنائياته التصويرية الكبيرة الحجم، يحضر الفنان يوسف ليمود "كاتب السطور"، موزعا فراغاتهم على حوائط القاعة، في شكل تجهيز، يصاحبه تجهيز صوتي أنجزته المؤلفة الموسيقية المتميزة ذكاء، وفهما لماهية الموسيقى ومعنى المعاصرة نهلة مطر، ليصهر عملُ الفنانيْن أبعادَ ثلاثة فنون معا، التشكيل والشعر والموسيقى، في غرفة واحدة.
لوحات ليمود الثنائية تحاول الاقتراب من، والتعامل مع فكرة الكينونة بين عالمين يفصل بينهما فراغ/زمن، في حين توصّل إحدي المساحتين بالأخرى، قصاصات ومساحات، تخلق فراغات متعددة المستوى، تصبح هذه الفراغات بدورها أشكالا، غير مرئية في الوهلة الأولى، لكنها تُرى وتُدرك حين الانتباه لوجودها رغم الفراغ، هذه السلسلة من الثنائيات أخذت اسم "فراغ ما بين" وهو عنوان القصيدة نفسها التي أرفقها الفنان بأوراق عرضه، في ترجمة ألمانية من مترجم "عازفة البيانو" سمير جريس، وأخرى فرنسية، من ترجمة الشاعرة أسيا السخيري، فتلتقطها الموسيقية نهلة مطر عبر حنجرة صاحبها في أصلها العربي وتبني علي مقطعها الأول (من تسعة مقاطع) عملها الموسيقي الإليكتروني الجدير بالتأمل والدراسة:
ما في جيبنا وثقيل كحجر
الحرفُ الساقط من ذاكرة العالم
والذي
ما إن ندحرجه في المدى
يتوقف بعناد في منتصف المسافة تماما
بين الشيطان وبين الله
رهانه نفسه ليس أبعد
رافضا الجهات والوصول
العناد هذا ترفع ٌ عن صيغة الضد
لكن مقامه -
ولو بغير قصد -
يتلو ويلوك ميراث الجاذبية والثقل.
الفنان ليمود بجانب أعماله
عمل نهلة مطر يذهب أبعد من مجرد تفتيت حبيبات الصوت ومطّها أو ضغطها أو ترديدها في الزمن عبر إيقاعات وحسابات رياضة، بل يذهب أبعد من فكرة التعبير عن شيء أو تجسيد وتصوير شيء ما، عملها بالأحرى نوع من تفجير إمكانات مفردة أو حبة الصوت نفسها كجسد يقول ذاته، دون أن يسعى ليكون بوقا لفكرة أو لشعور ما؛ يفتح بوابات، يصطدم بمفارق طرق في حركته الذاهبة إلى مصير حتمى: التلاشي.
وحين نرى الفنانة تتشبث بالأصعب، عن طريق إشراكها الزائرَ في التفاعل بصوته عبر ميكروفون وجهاز كمبيوتر، ليسمع مسارات صوته الذي سجّله تصطدم بقطار المسار الأساسي لقطعتها الصوتية الثابتة، ندرك عمق البعد الذهني لهذه المؤلفة المصرية التي درست على يد أرفع مؤلفي الموسيقى في العالم، وتقوم بتدريسها في كليات وكونسرفتوار بلدها مصر.
لكن عازف العود نهاد السيد، المقيم حديثا بالمدينة نفسها حيث الحدث، يعود بنا من الإليكترون وفلسفات الصوت، إلى صوت الطبيعة والشجن، في عزف نظيف لثلاث من مقطوعاته، يبرهن من خلالهم على حساسية عازف رقيق، مفتوح مستقبله على شهرة كبيرة، حتى وإن تخلّص من رواسب استعراضية، بل بالأحرى حين يتخلص منها.
** فنان تشكيلي مقيم في سويسرا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.