تكتسب بطولة كأس العالم لكرة القدم اهتماما خاصا وشعورا متميزا لدى كافة شعوب العالم قاطبة حيث أنها تظاهرة عالمية يشارك فيه الملايين من كافة أنحاء المعمورة، ويزيد من إثارتها وحيويتها أنها ستقام العام القادم في دولة البرازيل التي تعشق كرة القدم وتقدم آلاف من اللاعبين أصحاب الخبرات والمهارات الخاصة ليمتعوا البشرية بأدائهم الرائع حتى أصبحوا محط أنظار الكثير من أقطار العالم. تعامل الحكومة البرازيلية مع الجالية المسلمة تعد البرازيل نموذجا حقيقيا للتعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الأديان المختلفة، وتكفل الحكومة البرازيلية حرية الأديان وممارستها والدعوة إليها ونشرها، وتساعد الحكومة المؤسسات الإسلامية التي تريد بناء مساجد أو مدارس بمنحها أرضا مجانية لإقامة مشاريعها عليه، وقد صدر قرار جمهوري باعتبار يوم 25 مارس من كل عام يوما لتكريم الجالية العربية، وقرار من برلمان ولاية " ساو باولو " باعتبار يوم 12 مايو من كل عام يوما للإسلام. هجرة العرب إلى البرازيل بدأت الهجرة الحديثة للعرب إلى البرازيل عام 1867، بعد زيارة قام بها إمبراطور البرازيل لكل من لبنان وسوريا ومصر، بدأت هجرة المسلمين عام 1914 وازدادت بعد عام 1936، وظلت هذه الهجرة في الازدياد، وخصوصا بعد النكسات والنكبات والحروب التي كانت تشهدها بلاد المسلمين . ومنذ ذلك الحين بدأ المسلمون يهتمون بشؤونهم الإسلامية نتيجة حتمية لاستقرارهم في البرازيل، وكان أغلب الذين هاجروا من أصحاب الحرف والمزارعين البسطاء، وقد انصب اهتمامهم في المحافظة على أداء بعض الشعائر الدينية، وتعليم دروس اللغة العربية لأبنائهم، ولذلك لم تنتقل الدعوة الإسلامية خطوات إلى الأمام وظلت أسيره داخل بعض المساجد أو ممارسة بعض العادات والتقاليد. وغالبية هؤلاء المهاجرين وصلوا من لبنان ثم فلسطين فسوريا وبقية البلدان الإسلامية الأخرى، وتتراوح التقديرات لأعداد المسلمين مليون ونصف، ويتمركزون في ولاية ساوباولو حيث يوجد فيها 70%من المسلمين، ثم ولاية بارانا، ثم بقية الولايات " ريو جراندي دوسول – باهيا – ريو دي جانيرو ". بدايات العمل الإسلامي كان لوصول الشيخ الدكتور عبد الله عبد الشكور كامل مبعوثاً لوزارة الأوقاف المصرية لمسجد البرازيل عام 1956م أثر عظيم في التأسيس للدعوة الإسلامية الحديثة حيث استطاع أن يؤسس المدرسة الإسلامية البرازيلية بضاحية " فيلا كارون "، والمقبرة الإسلامية في ضاحية " غواروليوس "، وناديا اجتماعياً في ضاحية "سانتو أمارو " للقاء العائلات المسلمة، وتتلمذ على يديه الكثير من قيادات العمل الإسلامي في البرازيل الواقع الدعوي في البرازيل أرض البرازيل واسعة وكذلك أعداد المسلمين الذين يتوزعون على الولاياتالبرازيلية المختلفة، ونستطيع تشبيه العمل الدعوي فيها مثل المطر الخفيف الذي ينزل على الأرض القاحلة، فمهما قدمت من أعمال دعوية فالبرازيل تحتاج إلى المزيد . ولا يوجد إحصاء دقيق لعدد المؤسسات الإسلامية ولكنها تقدر ب 80 مؤسسة، وكذلك يقدر عدد المساجد والمصليات بحوالي 110 مسجدا، فيما يبلغ عدد الدعاة والمشايخ 65 شيخا وداعية، ويعجز هذا العدد عن القيام بشؤون المسلمين المختلفة ويحتاج لمزيد من الترتيب والتنسيق والتعاون وتوزيع الأدوار حتى يقوم بهذه المسؤولية العظيمة . المسلمون الجدد البرازيليون يزداد معدل انتشار الإسلام في البرازيل يوما بعد يوم، ويعد أقل بكثير مقارنة بأوروبا وأمريكا، ومرد ذلك لعدة أسباب منها، قلة الكتب المترجمة للغة البرتغالية وقلة الدعاة وخصوصا الذين يجيدون التحدث باللغة البرتغالية، وافتقاد المؤسسات الإسلامية لمنظومة من البرامج والخطط المتكاملة التي تعنى بشؤون المسلمين الجدد . ويقدر عدد المسلمين الجدد بحوالي 10.000 آلاف مسلما، وهم منحدرون من أصول مختلفة إسبانية وإيطالية وألمانية وإفريقية، ويمثلون شرائح اجتماعية مختلفة فمنهم الأغنياء ومتوسطي الدخل والفقراء، وبعضهم يحتل مناصب عالية كبعض القساوسة الذين أسلموا، ومدرسي الجامعات، والتجار، ومنهم أصحاب الثقافة المحدودة . وتحظى مدينة ساو باولو بالعدد الأكبر من المسلمين الجدد 60%، تليها ولاية ريو جراندي دو سول 20% ثم ولاية بارانا 10%، ولايات الشمال 5%، 5% في أماكن متفرقة . ويتحرك المسلمون الجدد في الدعوة بشكل مرض على وجه العموم، وبعضهم نشط جدا دفعهم هذا النشاط للسفر إلى بعض الدول الإسلامية لدراسة العلوم الإسلامية، ولكنهم لم يستمروا طويلا لأسباب عديدة، منها صعوبة البيئة واختلافها، وصعوبة المناهج وطرق التدريس، وصرامة بعض الجامعات في التعامل مع الطلاب . وتعاني نسبة من هؤلاء المسلمين نوع من التهميش وعدم الاهتمام بل والتمييز العنصري في المعاملة من بعض المؤسسات الإسلامية الموجودة على الساحة البرازيلية . وقد أطلق اتحاد المؤسسات الإسلامية مشروع " اعرف الإسلام " للتعريف بالإسلام يهدف لتوزيع الكتاب الإسلامي باللغة البرتغالية مجانا، من خلال طاولات الدعوة والمعارض السنوية وإرسال الكتب عبر البريد والشحنات للأشخاص والمؤسسات المهتمة للتعريف بالإسلام، وقام بعمل دورات شرعية للمسلمين الجدد وبرامج مجانية للحج والعمرة قدمت خدمات لحوالي 50 من المسلمين الجدد، كما يدعم الاتحاد بعض المؤسسات التي يديرها بعض هؤلاء المسلمين شهريا . دور المؤسسات الإسلامية تهتم المؤسسات الإسلامية في البرازيل بالمحافظة على هوية الجالية من خلال برامج مختلفة تشمل إقامة الشعائر الإسلامية، ونشر الكتاب الإسلامي باللغة البرتغالية، وإقامة المخيمات والمؤتمرات، والعناية بالمسلمين الجدد . أهم المؤسسات الإسلامية في البرازيل الجمعية الخيرية الإسلامية " ساو باولو " تم تأسيسها عام 1929م وتعد أيضا أقدم جمعية إسلامية في أمريكا اللاتينية، ويتبع لها أول مسجد تم إنشاؤه في أمريكا اللاتينية عام 1956م بدعم من جمهورية مصر العربية " مسجد البرازيل "، ويوجد لدى الجمعية قاعة للمحاضرات وصالات للمناسبات وقاعات رياضية، وتتولى الجمعية إدارة المقبرة الإسلامية بضاحية " غواروليوس "، والمدرسة الإسلامية البرازيلية بضاحية " فيلا كارون "، رئيس الجمعية الدكتور عادل فارس، وتعاقدت الجمعية مع الشيخ الدكتور عبد الحميد متولي، ورغم اقتصار نشاط المسجد على محيطه وعدم امتداده ليشمل باقي ولاية ساو باولو، إلا أنه يعد بمثابة المسجد الجامع ويطلق على الجمعية الإسلامية هناك الجمعية الأم، والمسجد له مكانة خاصة في نفوس أبناء الجالية ويوجد صراع دائم بين العائلات المسلمة لتولي رئاسته، ويعتبر المقصد الرئيسي لوسائل الإعلام البرازيلية والهيئات والجامعات والمؤسسات المختلفة داخل البرازيل . الجمعية الخيرية الاسلامية " ريو دي جانيرو " أسست عام 1951م وتضم الجمعية مسجدا لم يكتمل بناؤه، وهو بحاجة لمساعدة المؤسسات الإسلامية في العالم الإسلامي، ويعد المسجد الوحيد في تلك الولاية حيث يقصده الكثير من السياح والجامعات والمدارس، ويشرف عليه أبناء المسلمين وجميعهم متطوعون، وبعضهم تلقى تعليمه الشرعي في جامعات إسلامية وبعضهم الآخر تلقوا تعليمهم من خلال دورات شرعية وندوات وملتقيات إسلامية وعلى أيدي مشايخ، ويوجد عدد كبير من معتنقي الإسلام ممن يستفيدون من خدمات الجمعية ورئيسها الحالي السيد محمد زينهم . المدرسة الإسلامية البرازيلية تم إنشاؤها عام 1966م في عهد الشيخ الدكتور عبد الله عبد الشكور كامل مبعوث وزارة الأوقاف المصرية، وهي تابعة للجمعية الخيرية الإسلامية بساو باولو"، وظلت تؤدي دورها إلى أن ضعف أداؤها، وفي منتصف التسعينات قامت الجمعية بتأليف مجلس إدارة تابع للجمعية من الشباب لترتيب أوضاع المدرسة ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم تؤدي المدرسة دورها ورسالتها في تعليم أبناء المسلمين ومدير المدرسة الشيخ محمد أمامه. إتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل تم تأسيسه في 19/12/1979م ويهدف للعمل على رعاية شؤون الجالية المسلمة في البرازيل، وتأسيس المراكز والمساجد والمدارس الإسلامية، وتوفير الدعم للمؤسسات الإسلامية، ونشر تعاليم الإسلام داخل البرازيل بالطرق الحسنة، وتوفير الطعام الحلال للمسلمين في البرازيل والعالم الإسلامي . المركز الثقافي الخيري الإسلامي " فوز دو إيجواسو " تأسس عام 1980 م حيث يقطن بهذه المدينة قرابة 15.000 مسلم ،ويشمل مسجدا كبيرا بملحقاته وتقام فيه الصلوات والمحاضرات الشرعية للمسلمين وغير المسلمين، ويتبعه مدرسة لتدريس اللغة العربية. رابطة الشباب المسلم في البرازيل تم تأسيسها عام 1995م في ضاحية " براس " بمدينة ساو باولو، وهي تجمع شبابي حديث الهجرة للبرازيل، أغلبهم من شمال لبنان " عكار – طرابلس "، والمقر به مسجد صلاح الدين وقاعة للمحاضرات، ومصلى للنساء، إضافة لقاعات للتدريس، رئيس الجمعية الشيخ أسامه الزاهد، ولهم نشاط ملحوظ مع المسلمين الجدد، والرابطة متعاقدة مع الشيخين رودريجو وأحمد الغندور، وتعتمد المؤسسة على الدعم المحلي من تجار المنطقة واستطاعت شراء وقف بمبلغ مليون دولار لتأمين المصاريف المختلفة . المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل هو تجمع يضم علماء ومشايخ ودعاة أهل السنة والجماعة في البرازيل من الدعاة المحليين أوالمبتعثين من وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية بالعالم الإسلامي، ويبلغ عددهم 65 شيخا وداعية، تم تأسيسه عام 2005م، ويعتبر المرجعية العليا للجالية الإسلامية في البرازيل والمسئول عن النواحي الشرعية، ويهدف إلى رعاية الشؤون الإسلامية وتوحيد الفتوى، وإنشاء وقف إسلامي، ويتولى رئاسته الشيخ خالد رزق تقي الدين، ومقره في مسجد البرازيل بمدينة " ساو باولو " . الاتحاد الوطني الإسلامي تم إنشاؤه عام 2007م ويرأسه السيد محمد الباشا، ويضم 17 مؤسسة إسلامية أغلبها في ساو باولو،ولديه هيئة إعلامية وأخرى قضائية، ويقوم بالرد على الشبهات الموجهة ضد الإسلام والمسلمين في البرازيل والملاحقة القضائية لبعض القضايا المهمة التي تسئ للإسلام والمسلمين، ويقيم نشاطا اجتماعيا داخل الجالية البرازيلية خلال شهر رمضان المبارك. عقبات تواجه الدعوة في البرازيل عدم وجود خطط استراتيجية لنشر الدعوة الإسلامية في البرازيل. عدم التنسيق بين المؤسسات المختلفة بمايخدم مصلحة الدعوة. التنافس حول إصدار شهادات الذبح الحلال. تسلط بعض المؤسسات أو الأشخاص داخل البرازيل على مسار الدعوة الإسلامية الذين ويعتبرون أنفسهم ولا يقبلون أي هيئة أو مؤسسة جديدة تظهر على الساحة. قيام بعض مؤسسات الدعم الخارجي بدعم أفراد أو مؤسسات عديمي الخبرة بالواقع الدعوي في البرازيل، دون استشارة لأهل الخبرة أو سفارات الدول الإسلامية المختلفة، مما يؤدي إلى خداع هذه المؤسسات وذهاب أموال المتبرعين سدى أو في غير الطريق الذي رصدت من أجله مما قد يؤدي لمضاعفات مستقبلية تضر بالجالية المسلمة في البرازيل . الدعم الخارجي بداية الدعم الخارجي للمؤسسات الإسلامية في البرازيل تمثل في مساعدة جمهورية مصر العربية في بناء مسجد البرازيل عام 1941م، ثم تولت وزارة الأوقاف المصرية إرسال مبعوثا لها للعناية بأحوال المسلمين، وقد اتسع هذا الدور ليصل عدد مبعوثى وزارة الأوقاف المصرية إلى 11 شيخا وتعد أكبر بعثة، وتقوم الوزارة بإنفاق الكثير من الأموال على هؤلاء العلماء إضافة للقراء الذين يتم ابتعاثهم خلال شهر رمضان المبارك وهذا دعم ثابت يشكل أكبر أنواع الدعم المالي الخارجي للمؤسسات الإسلامية في البرازيل . وكان للمملكة العربية السعودية الفضل في إنشاء أكثر من 37 مسجدا موزعة على جميع الولاياتالبرازيلية وكانت المساعدات تصل عن طريق السفارة ثم تقدم مباشرة للمؤسسات الإسلامية مع متابعة لعملية البناء، وتقوم المملكة عن طريق رابطة العالم الإسلامي ووزارة الشؤون الإسلامية بكفالة الكثير من الدعاة . وقامت دولة الكويت عن طريق الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بدعم الكثير من المشاريع داخل البرازيل مع مركز الدعوة الإسلامية، وتبنت وزارة الأوقاف الكويتية اعتماد الكثير من الدعاة وصل عددهم 6 من المشايخ، وقدمت دعم لبعض المشاريع الدعوية. ويعتمد اتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل في نفقاته منذ تأسيسه عام 1979م على قسم من عائدات شهادات الذبح الحلال، وبدأ منذ عامين بتلقي دعما خارجيا لمشاريعه الموسمية من مؤسسات خيرية بدولة الإمارات " إفطار الصائم – الأضاحي – الحج . ويحصل مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي في البرازيل على دعم من الأمانة العامة للندوة في الرياض، وبدأ المكتب بتجربة حميدة تمثلت بشراء بعض الأوقاف من خلال التبرعات المحلية من البرازيل والتي يساهم مردودها في دعم بعض أنشطته المختلفة. (دراسة الشيخ خالد رزق الأمين العام للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل)