في البحث عن اللغز المفقود... من تفجير الثورة المصرية مرورا بالعمالة والتخوين وائل غنيم من 100 الأكثر تأثيرا في العالم
محيط - أحمد جبريل صور اعتقال المدون المصرى وائل غنيم ''صلوا من اجل مصر. إنني قلق للغاية.. يبدو أن الحكومة تُعد لجريمة حرب غدًا ضد الشعب.. جميعنا مستعدون للموت'' .
كانت هذه الكلمات التي كتبها وائل غنيم على حسابه الخاص على موقع " تويتر" قبل أن يتم اعتقاله من قبل قوات الأمن المصرية يوم 28يناير الماضي حيث أودع غنيم احد السجون التابعة لمقرات الامن الدولة الذي تم إلغائه .
هذه الكلمات التي كشفت اللثام عن هوية هذا الشاب الذي أسس مجموعة على موقع فيس بوك الشهير استطاعت أن تكون جذوة النار المتقدة التي أشعلت نيران ثورة الخامس والعشرين من يناير . ومازال تأثيرها باق وقادر على تحريك الجماهير المصرية والعربية الذين خرجوا في الثورة للإطاحة بديكتاتوريات ظلت في الحكم عقودا طويلة لم تقدم لبلادها ما تطمح اليه من حرية ورخاء وعدالة وتداول للسلطة وأكتفت بنهب ممنهج للثروات وافساد متعمد للحياة السياسية الى أن ضاقت السبل بشعوبها ولم تجد بدا من الثورة على تلك الأنظمة لاسقاطها .
كلنا خالد سعيد الناشط وائل غنيم بعد الحادثة التي تعرض لها الشاب السكندري خالد سعيد من ضرب وسحل أفضيا الى موته على ايدي عناصر من الشرطة المصرية داخل احد كافيها الانترنت وما نتج عن ذلك اشمئزاز وغضب شديدين من قبل المصريين وخاصة الشباب والنشطاء السياسيين . حيث قيل في تقرير الطب الشرعي وقتها ان خالد سعيد قتل لابتلاعه لفافة من الحشيش مما نتج عنه "اسفيسكيا الخنق" وهو ما جعل مظاهرات تندلع بالإسكندرية مطالبة بالتحقيق في مقتل سعيد .
واجتذبت صفحة " كلنا خالد سعيد "مئات الالاف اليها وقامت بتنظيم مظاهرات أيام الحكم على قاتلي خالد سعيد ودعت الصفحة الى التظاهر يوم عيد الشرطة 25 يناير من اجل المطالبة باستقالة حبيب العادلي وزير الداخلية الاسبق والمطالبة بالحريات العامة والقضاء على التعذيب في اقسام الشرطة وغيرها من الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وما ان اندلعت مظاهرات 25 يناير الداعي لها مجموعات من الناشطين السياسيين ومجموعات الفيس بوك ومن اشهرها كلنا خالد سعيد الا وتم التركيز على من هو مؤسس تلك الصفحة .
واتضح ان وائل غنيم هو المؤسس التقني للصفحة بينما المدون الشاب عبد الرحمن منصور هو المؤسس السياسي لها والتي كانت صاحبة الفضل في إطلاق شرارة الثورة المصرية والإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك .
وغنيم درس علوم الكمبيوتر بجامعة القاهرة ويعمل مديرا إقليميا للتسويق بشركة "جوجل" العالمية بمنطقة الشرق الأوسط.
الإعتقال
تم اعتقال وائل غنيم يوم 28 يناير الماضي ليقضي 12 يوما في مقر امن الدولة وهو ما دفع الثوار ان يجعلوا المتحدث الرسمي باسمهم من اجل معرفة مكانه وبالفعل تم الافراج عنه بعد تدخلات نائب الرئيس وقتها اللواء عمر سليمان والقيادي في الحزب الوطني المنحل الدكتور حسام بداروي. وائل غنيم باكيا فى برنامج العاشرة مساء وبعدها ذهب وائل غنيم الى برنامج العاشرة مساء مع الاعلامية منى الشاذلي ليبكي ويبكي معه جمع كبير من المصريين وقتها عندما قال انه يعتذر إلى أمهات وآباء الشهداء الذين سقطوا في ميدان التحرير وغيره من محافظات مصر.
لكن هذا لا يقع على كاهله او على عاتق الثوار من المتظاهرين الذين خرجوا يطالبون بالديمقراطية والحرية والقضاء على الفساد السياسي والمالي انما الجرم يقع على حسني مبارك الذي يتمسك بالسلطة لمدة تربو على ثلاين عاما. وبعد هذا الحوار الذي شغل المصريين وجعل له مؤيدين كثر وكذلك معارضين طفت على المشهد المصري تساؤلات حول هذا الشاب الصغير الذي اشعل جذوة الثورة هو ورفاقه من خلال مجموعة على الفيس بوك . الإتهام بالعمالة.
انتشرت مجموعات على الفيس بوك تشكك وتتهم وائل غنيم بالعمالة لاسرائيل وللولايات المتحدة وانه على علاقة بمنظمات ماسونية عالمية لانه حسب رأي هؤلاء المعارضين لغنيم ظهر مرتديا تي شيرت مرسوما عليه شعار للماسونية.
بعض الصفحات المعارضة لوائل غنيم وظهرت مجموعات مثل " انا لا اصدق وائل غنيم " " كارهي وائل غنيم " " وائل غنيم عميل وبالدليل " وعلى الجانب الاخر مجموعات مؤدية له " كلنا وائل غنيم " " انا اصدق وائل غنيم " أنا اسمي وائل غنيم " وكذلك "حظاظة".
وهو ما جعل غنيم يكتب على صفحته على الفيس بوك وعلى تويتر انه متزوج من امريكية اسلمت قبل زواجه والتي شيرت الذي شوهد عليه اسم لماركة عالمية وهناك شباب مصري يرتدون حظاظات مثل التي شوهد بها. وقال في أحد الحورات صحفية "أنا مش رمز.. وائل غنيم هو شخص عادي جدا زيه زيكم، وحاول يكون إيجابي، وربنا استخدمه في تحقيق حلم المصريين، وكان له دور بسيط جدا زي ما ربنا بالضبط استخدم مئات الشهداء وآلاف المصابين وملايين المصريين " .
ومن جهة أخرى، انتشرت على المواقع والمنتديات الالكترونية من تقول ان غنيم هو من أسس موقع طريق الإسلام حسب تصريحات رافضا اتهامه بالماسونية الدكتور محمد إسماعيل المقدم أحد أبرز دعاة السلفية فى الإسكندرية.
وعلى الجانب الاخر تداول منتديات ومواقع تخوين العقيد عمر عفيفي ضابط المخابرات السابق لوائل غنيم وانه ليس "ادمن" صفحة خالد سعيد واتهمه عفيفي بانه مدعوم من شركة "جوجل" الامريكية تحت غطاء يهودي حسبما قال عفيفي في احد الفيديوهات المتناقلة على موقع يوتيوب.
لكن هذه الاتهامات وحملات التخوين لغنيم من المعارضين جلعتهم يقولون انه جاء الى مصر في وقت غريب واختفى كذلك في وقت اغرب ثم ظهر في سدة المشهد السياسي المصري عقب خروجه من المعتقل. ليتحدث مع رفاقه من شباب الثورة عما يجب فعله ومواجهة الثورة المضادة من فلول النظام السابق والمضي قدما على طريق تحقيق ثورة 25 يناير .
الأكثر تأثيرا في العالم
وائل غنيم فى ميدان التحرير مصر غنيم الذي يعمل مديرا للتسويق بشركة "جوجل" والذي ملأ الدنيا وشغل الناس في مصر وخارجها، بين مادح وقادح، وبين من اعتبروه مفجرا لشرارة الثورة المصرية الشعبية وآخرين اعتبروه عميلا للصهيونية وللولايات المتحدة.
الا ان هذا لم يمنع مجلة تايم الأمريكية من اختيار وائل غنيم هذا الشاب المثير للجدل ضمن 100 شخصية الأكثر تأثيرا في العالم مع شخصيات عالمية في جميع المجالات.
حيث اعتبرت المجلة الأمريكية أن هؤلاء ال 100 الأكثر تأثيراً عام 2011 من فنانين وناشطين وباحثين وإصلاحيين وقادة دول ورؤساء شركات أفكارهم تفتح مجالاً للحوار والانقسام وأحيانا للثورات حسب وصف المجلة .
هذا التأثير جعل احد أقطاب المعارضة الشعبية المصرية الدكتور محمد البرادعي يوجه الشكر لغنيم ولكافة الشباب المصريين الذين شاركوا في ثورة 25 يناير لانهم حسب قول البرادعي امنوا بأنفسهم واستطاعوا تطويع المواقع الاجتماعية الشهيرة كي تستقبل أفكارهم وان ينشروها كي تصل الى الشباب في اركان القطر المصري.
وان يكون ما فعله الشباب المصري ومنهم غنيم بادرة لفعل للثورات في العالم العربي وجذوة من الوعي ستظل مشتعلة بفضل هؤلاء الشباب في مصر وغيرها من البلاد العربية التي تتوق للحرية والعدل والمساواة والقضاء على الفساد والرشوة والمحسوبية ورفع الظلم وممارسة التعددية السياسية كما في الدول الديمقراطية .