كشف مصدر في الحوزة العلمية بمدينة النجف جنوب بغداد, التي تضم كبار المرجعيات الدينية الشيعية ، عن أن المرجع الأعلى علي السيستاني وجه "رسالة عاجلة" الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يحذره من عواقب شن عملية عسكرية لفض الاعتصام في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار, كبرى المدن السنية, في غرب العراق. وأكد المصدر لصحيفة "السياسة" الكويتية أن السيستاني لديه قناعة بأن السيناريو السوري سينسحب على العراق إذا هاجمت قوات المالكي المعتصمين في الرمادي, وأن العراق سيدخل "مرحلة خطيرة من الحرب الأهلية, وان رجال الدين والسياسة مجتمعين سيفقدون السيطرة على الأوضاع ولن يستطيعوا وقف هذه الحرب". وقال المصدر ان "المرجعيات الدينية الشيعية تعارض تصعيد الموقف ضد الأنبار لحسابات ربما يكون المستفيد منها دولاً أخرى", في إشارة ضمنية إلى النظامين السوري والإيراني, على اعتبار انهما ساهما في الفترة القريبة السابقة في عمليات تحريض الحكومة العراقية على اعتماد الخيار العسكري ضد المعتصمين السنة, لأن من شأن ذلك أن يفتح جبهة صراع جديدة مع المسلحين من تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) بزعامة أبو بكر البغدادي. وأضاف أن التصعيد في الرمادي يمثل هدفاً حيوياً لنظام الرئيس بشار الأسد لأنه يعتقد أن فتح جبهة قتال واسعة في الأنبار سيخفف عليه الضغط من قبل هؤلاء المسلحين المنتشرين في المدن السورية, وان قسماً منهم ربما يقرر الانتقال من سورية إلى الساحة العراقية. ووفق المصدر الشيعي, يريد المالكي توجيه عملية عسكرية ضد الأنبار بهذا التوقيت عشية الانتخابات البرلمانية المقررة في ابريل المقبل, لأنها ستفيده في كسب المزيد من المؤيدين في المحافظات الشيعية الجنوبية على اعتبار أن ضرب المتشددين سيرضي فئات مهمة من الناخبين الشيعة, بحسب قناعة رئيس الوزراء, الذي يعتقد أيضاً أن هذه الضربة ستدعم القوى السنية القريبة منه في الانتخابات. وتابع المصدر ان المالكي يطمح من العملية العسكرية المحتملة ضد ساحة اعتصام الرمادي بحجة اختباء قيادات من "القاعدة" و"حزب البعث" المنحل فيها, إلى أن يظهر ك "بطل شيعي" في مواجهة منافسيه الزعيمين الشيعيين عمار الحكيم ومقتدى الصدر, خاصة ان استطلاعات الرأي تفيد بأن شعبية ائتلاف المالكي و"حزب الدعوة" تراجعت بصورة كبيرة. وشدد المصدر المقرب من المراجع الدينية الشيعية على ان رؤية هذه المراجع تقوم على تنظيم حوار مباشر بين المالكي وبين قادة الاعتصامات السنية من دون وسطاء, وهو ما سيسهم في تقويض نفوذ التنظيمات المسلحة التابعة ل"القاعدة" وسيشجع أهالي الأنبار على التعاون مع الأجهزة الأمنية والتصدي للمسلحين, كما فعلوا في السنوات السابقة عندما طردوا الإرهابيين بعد تمكن نفوذهم في المنطقة, وبالتالي من الخطأ التعامل بالقوة العسكرية وأخذ المعتصمين السلميين بجريرة الإرهابيين.