"رحل حبيبنا نليسون مانديلا الرئيس المؤسس لبلدنا الديمقراطي.""فاضت روحه إلي بارئها بسلام في منزله." هى الكلمات التى قالها رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما فور وصوله نبأ وفاة الزعيم نيلسون مانديلا. وكان الزعيم التاريخي لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا، قد توفي يوم الخميس الموافق 5 ديسمبر/ كانون الأول في جوهانيسبورج، وسيرقد في قرية كونو التي تربى فيها وعاش طفولته بها، بمنطقة ترانسكاي في جنوب شرق البلاد، والتي أصبحت مزارا للجنوب أفريقيين وللسياح الأجانب. وفى هذه القرية، بُنى لمانديلا منزلا يشبه سجن بارل "جنوب غرب"، حيث أمضى السنوات الأخيرة من حياته فى السجن، تمت توسعته لاحقا وإحاطته بسياج وقائى. لكن الغريب أن هذا المنزل الريفى الذى يقع على مقربة من الطريق الرئيسى المؤدى من كيب تاون إلى دوربان هادئ. وتلقى مانديلا العديد من الزيارات فى هذا المنزل من ملكة البرامج الحوارية أوبرا وينفرى للرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون. كما أقام فيه العديد من احتفالات أعياد الميلاد الضخمة لأطفال قريته. وخلال إقامته فى منزله، كان مانديلا كجميع سكان كونو يخضعون لسلطة زعيم قبلى، وكانت تقيم امرأة مقابل منزله، وكان يريد أن يتم دفنه فى هذا المكان. وبالفعل وري نيلسون مانديلا الثرى، اليوم الأحد، في أرضه إلى جانب والديه وثلاثة من ابنائه في قرية طفولته كونو مع كل التشريفات العسكرية. ووقف رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما عندما انزل النعش في القبر، فيما بقيت أرملته غراسا ماشيل وزوجته السابقة ويني مانديلا جالستين تحت خيمة بيضاء نصبت خصيصا للمناسبة. وحلّقت مروحيات عسكرية وطائرات حربية فوق الموقع وأطلقت المدافع طلقاتها. أما كاميرات التلفزيونات التي كانت تنقل وقائع وداع بطل النضال ضد نظام الفصل العنصري في الصباح، فتمكنت من متابعة نعشه حتى ارض اجداده على بعد مئات الامتار. وانسجاماً مع رغبات العائلة، إبتعدت ساعة دفنه فيما استمرت الطائرات والمروحيات في التحليق، ثم عادت بعد ثوان الى المكان الذي بات خاويا وحيث كان يوضع نعش اول رئيس اسود للبلاد. وقد توارت بعد ذلك لتترك المكان للمراسم الدينية والتقليدية في حضور 450 مدعوا تم انتقاؤهم بعناية كبيرة. وبدأ الحفل بتراتيل دينية لاثنية الكوزا. وهو يجري في أرض مانديلا في هذه القرية بحضور حوالي 4500 شخص. وسيدفن الرئيس السابق لجنوب أفريقيا في قريته التي أمضى فيها اجمل ايام طفولته بالقرب من والده وثلاثة من ابناء متوفين. ومانديلا مولود في قرية مفيزو التي لا تبعد كثيرا عن كونو. وكان مانديلا بين أوائل من تبنوا المقاومة المسلحة لسياسة العزل العنصري في جنوب أفريقيا (أبارتيد) في 1960 لكنه سارع إلي الدعوة الي المصالحة والعفو عندما بدأت الأقلية البيضاء في البلاد تخفيف قبضتها على السلطة بعد ذلك بثلاثين عاما. وانتخب مانديلا، والذي قضى حوالي ثلاثة عقود في السجن، رئيسا لجنوب أفريقيا في انتخابات تاريخية متعددة الأعراق في 1994 وتقاعد في 1999 . وحصل على جائزة نوبل للسلام في 1993 وشاركه فيها فريدريك دي كليرك الزعيم الابيض الذي أفرج عن أشهر سجين سياسي في العالم. وفي 1999 سلم مانديلا السلطة إلي زعماء أكثر شبابا وأكثر تأهيلا لإدارة اقتصاد حديث في رحيل طوعي نادر عن السلطة ضرب كمثل للزعماء الأفارقة. ومع تقاعده حول مانديلا جهوده الي مكافحة مرض الايدز في جنوب أفريقيا خصوصا بعد ان توفي ابنه بالمرض في 2005 وكان أخر ظهور رئيسي لمانديلا على الساحة العالمية في 2010 عندما حضر مباراة في نهائيات كأس العالم لكرة القدم حيث لقي استقبالا حافلا من 90 ألف مشاهد في الاستاد في سويتو الحي الذي شهد بزوغه كزعيم للمقاومة.