قالت صحيفة "جورزاليم بوست" الإسرائيلية، إن مصر الدولة الثالثة بعد إسرائيل وسوريا في قطع علاقتها بتركيا، مؤكدة أن هذا الوضع يتناقض تماما مع أهداف السياسة الخارجية المعلنة لحزب العدالة والتنمية الحاكم. وأشارت الصحيفة، عبر موقعها الإلكتروني أمس الخميس، إلى أنه في عام 2009 عندما أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أنه سيتبع سياسة لا مشاكل مع دول الجوار كان الافتراض الشائع بأنه سيسعى من أجل تحسين العلاقات مع قبرص وأرمينيا الذين قطعت تركيا علاقتها الدبلوماسية معهما منذ عام 1974 و 1994 على التوالي. وأوضحت أنه بعد أربع سنوات فشلت تركيا فى تحسين علاقتها مع أى من خصومها مذ فترة طويلة ولكن تم قطع علاقتها الدبلوماسية رسميا مع مزيد من البلدان فى المنطقة، بالإضافة إلى وجود علاقات متوترة مع معظم بلدان الشرق الأوسط . وقال محللون، إن السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية سعت إلى إنشاء تركيا كدولة نموذج للعالم العربي، في الوقت الذي لا يزال الربيع العربي يعيد تشكيل المشهد السياسي، حيث إن أردوغان يريد أن يجعل من تركيا قوة ناعمة وأن يكون معه دفة القيادة التي من شأنها دفع الأفكار الديمقراطية والحداثة والمصالحة السلمية في المنطقة. وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي سعت فيه تركيا إلى كسب قلوب الشرق الأوسط باتخاذ قيادة الإسلام السياسي على حساب إيذاء العلاقات الخارجية لتركيا، فشلت هذه الإستراتيجية، حيث لم تؤثر الرسائل السنية من أردوغان في الدول ذات الغالبية الشيعية مثل إيران والعراق، ولم يطيح النظام العلوي العلماني في سوريا على نحو المأمول بسبب الحرب الأهلية المستمرة، ومؤخرا فى مصر فقدت حركة الإخوان المسلمين قوتها على الرغم من فوزها في الانتخابات في العام السابق . ورأت الصحيفة أن "الانقلاب" الذي حدث فى مصر كان نقطه تحول فى السياسة الخارجية لتركيا لأنه للمرة الأولى لم يجد أردوغان دعما كبيرا من أى من الدول العربية الرئيسية، وعندما ألقى القبض على الرئيس المعزول محمد مرسى وجه أقسى إدانه من أى بلد أخرى فى المنطقة. ولفتت إلى أنه فى الوقت الذي يفترض من معظم الدول العربية أن تقف موقف محايدا تجاه مصر، قدمت دول الخليج مساعدات مالية كبيرة للحكومة المدعومة من الجيش فى القاهرة، حتى حكومة "حماس" لم تتحيز لأى من الطرفين، مشيره إلى أن الأحداث "شأن داخلى لمصر". وأشارت الصحيفة إلى أن النتيجة لكل ذلك أن أصبحت تركيا أقل تأثيرا، وفقدت نفوذها مع كلا من العرب والإسرائيليين، والآن مع الإيرانيين أثناء محاولتها لإعادة العلاقات مع العالم الغربي، حيث إن تركيا ترى أن قدرتها على تنفيذ رؤيتها الخاصة لمنطقة الشرق الأوسط أصبحت أكثر صعوبة. وأوضحت أن الوضع على الجبهة الغربية ليس أفضل حالا، فبعد الحملة العنيفة على احتجاجات "جيزي بارك"، فقدت حكومة تركيا سحرها كقوة معتدلة في عيون الأوروبيين. وقالت الصحيفة، إن تركيا عقب بعدها عن الاتحاد الأوروبي وعزلتها عن الشرق الأوسط، تحولت مؤخرا إلى روسيا، مشيرة إلى أن أردوغان طلب من الرئيس الروسي، فلادمير بوتن، انضمام تركيا إلى منظمه شنغهاى للتعاون، والتي تضم روسيا والصين وأوزباكستان، وطاجيكستان، وقيرغيزستان، وكازاخستان . واختتمت الصحيفة أنه في حين أن منظمة شنغهاي للتعاون ستزيد تركيا رواجا بعد التحالف الدولي، إلا أنه لن يساعد ذلك على تحقيق طموحاته في استعادة هيبة الإمبراطورية التركية في الشرق الأوسط.