رغم وجود قوات من الجيش العراقي والشرطة وقوات "الصحوة" في محافظة كركوك (شمال) الغنية بالنفط، إلا أن سكانها خاصة في مناطق الجنوب والغرب، متخوفون من عودة نشاط المجموعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة في المنطقة، والتي كانت تحكم سيطرتها على المنطقة حتى عام 2009. وتعد كركوك (250 كم شمال العاصمة بغداد) التي يسكنها خليط من العرب، والكرد، والتركمان، والمسيحيين، من أبرز المناطق العراقية المتنازع عليها، كما أنها من المحافظات، التي تشهد حراكاً شعبياً مناوئاً لحكومة رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي منذ ديسمبر الماضي. وشهدت مناطق مختلفة بالمحافظة تزايدا في التفجيرات خلال الفترة الأخيرة، الأمر الذي يظهر أن مؤشر التصعيد مستمر، على الرغم من وجود قوات الجيش، والشرطة والصحوة (تشكيلات مسلحة شبه نظامية تدعمها الحكومة العراقية) . وقتل أمس ضابطاً في "الأسايش" (جهاز أمني منفصل عن الجيش والشرطة تابع لإقليم شمال العراق)، فيما أصيب نجله ومدني آخر، إثر سقوط قذائف هاون على سوق شعبي شمال غربي كركوك، بحسب مصادر أمنية وطبية. كما قتل مجهولون فجر الأربعاء الماضي، اثنين من عناصر الصحوة، بعد اختطافهما من منزلهما في قضاء "الحويجة، غربي كركوك، بحسب مصادر أمنية وطبية. وفي أول أيام عيد الأضحى الماضي 15 أكتوبر، قتل 11 شخصا بينهم شرطي، وأصيب 22 آخرون، إثر انفجار عبوة ناسفة أمام مسجد، جنوبي كركوك ، بحسب مصدر أمني. فمن جانبه، اعتبر علي الدحام نائب رئيس مجلس قضاء الحويجة أن "الخلافات السياسية تزيد من تأزم الوضع الأمني في البلد". وقال الدحام، في تصريحات بالهاتف للأناضول إن "عدم اتفاق السياسيين على إقرار القوانين المهمة في حياة المواطن، يزيد من الشعور بالظلم، والإحباط من الأوضاع الراهنة في عموم البلد". وأضاف أن "هجر الحكومة لأفراد قوات، وعدم دعمهم ساهم أيضا في ازدياد نشاط الجماعات الارهابية في المنطقة، والتي تحاول بين الحين، والأخر الهجوم على الأماكن ،التي تمثل الدولة كالمجلس، والقائمقامية (مقر للشرطة) ". ويتعرض أفراد قوات الصحوة في الآونة الأخيرة لهجمات من قبل الجماعات المسلحة، كان أخرها يوم 23 من أكتوبر الجاري، حيث قتل خلالها اثنان من عناصرها، كما تعرض قائد صحوة الزاب عيسي محسن في الخامس من الشهر الجاري لمحاولة اغتيال، قتل فيها ثلاثة من مرافقيه. وكشف القيادي في صحوة الحويجة النقيب حسن الصوفي للأناضول عن أن "الجماعات الارهابية المسلحة تحاول الضغط على أفراد الصحوة، ومنتسبي الأجهزة الأمنية من الجيش والشرطة، من خلال التهديد والابتزاز، ووصلت الحالة إلى تفجير منازلهم". وأشار الصوفي إلى قلة الدعم الحكومي لأفراد الصحوة من حيث التجهيز بالسلاح والمال. وقال إن "هذا الأمر جعل أفراد الصحوة هدفا للإرهابيين، وكان من المفترض بالحكومة إعطاء أفراد الصحوات دوراً أمنياً أكبر في مناطقهم لأنهم أعلم بها". ويروى وليد جاسم أحد أفراد صحوة الحويجة للأناضول تفاصيل أخرى عن معاناة أفراد الصحوات، قائلا إن "راتبنا يتأخر بحيث نقبضه كل شهرين، وليس كل شهر وكأننا متقاعدين، ولدينا عائلات تحتاج إلى مصاريف وبعضنا يسكن بالإيجار". وأضاف جاسم (26 عاما) "لم نجهز حتى اليوم بأي شيء من الحكومة.. لا سلاح ولا عتاد ولا حتى ملابس، فإننا نعتمد على أنفسنا، ونقوم بجمع المال بيننا لتوفير الطعام". وتابع قائلا إن "أحد أسباب ضعفنا عندما يهاجمنا الإرهابيين، قلة الذخيرة والعتاد، فلا نستطيع المقاومة". وطالب الطبيب العراقي إبراهيم عبد الرحمن (47 عاما) الحكومة بتوفير الأمن، لمواطني كركوك، من خلال دعم الأجهزة الأمنية بالسلاح والعتاد. وقال عبد الرحمن "الوضع الذي نعيشه من تفجيرات، وقتل قطع أرزاقنا، وشل حركتنا كمواطنين، فالسيارات المفخخة لا تستثني أحدا من الموت". أما المُعلم حاتم عمار (33 عاما) فقال "ما دامت الحكومة لا تحاسب القيادات الأمنية فالوضع الامني، في رأيي، سيبقى بلا تغير". وأضاف "يجب تغيير القيادات الأمنية والعمل على بناء الثقة مع المواطنين لأن مساعدتهم، بالتأكيد، ستوفر الأمان في كل المناطق".