صدر مؤخراً عن دار "العين" رواية "الشاهدات رأساً على عقب" راهيم حساوي وجاء في كلمة الغلاف: وقفتُ أنظر في هذه الجموع فشعرتُ أني الوحيد الذي يفكر بوجوده وأن هؤلاء الناس مجرد حركة في اختبارِ عينيَّ، لكني بذات الوقت كنتُ مدركاً أن كل فرد من هؤلاء الناس يشعر بذات الشعور الذي أشعر به، وهكذا يصبح الشعور بالوجود موزعاً في ذات كل فرد منا دون أن يعلم هذا الفرد حقيقة هذا التوزيع. كانت قاعة الانتظار بكراسيها المرتبة والثابتة بالأرض تشبه صالة مسرح لممثلين لم تُوزَّع عليهم الأدوار بعد، وكل واحد منهم راح يظن في نفسه أن دوره سيكون كما يشتهي. جلستُ على كرسي ونظرتُ في ساعة الجدار الكبيرة منتظراً لحظة الإقلاع، ونظرتُ في وجه موظف في المحطة وهو يجلس على كرسي خلف زجاج شفاف بفتحتين دائريتين، واحدة بمستوى وجه الموظف تتيح له التحدث مع المسافر، والأخرى في الأسفل تتيح مرور الأشياء. وتساءلتُ في نفسي: ما الجدوى من الفتحة العليا طالما أن الموظف والمسافر يعرفان ما يترتب عليهما؟. وصدر عن الدار أيضاً رواية "رحلة السيد ميشيل" لشريف بطرس، وجاء في كلمة الغلاف: اندهش الشاب كثيراً من حالة البرود التى بدا عليها رئيس الخدمة بالكنيسة عندما روى له عن الحاج "مصطفى" وحزنه الشديد على موته، لتزداد دهشته أكثر حينما سمعه وهو يجيبه على سؤاله عن رأيه فى مصير الرجل بعد الموت قائلا ً فى صرامة: "الجحيم طبعا.... انت عندك شك فى ده؟" لمعت عينا الرجل بوضوح فسَرَت رجفة بجسد "ميشيل". لكن ما الذى فعله الحاج "مصطفى" فى حياته حتى يلقى ذلك المصير؟! ألم يكن أميناً فى عمله كما كان أيضاً أميناً مع أسرته ؟ تساءل الشاب فى داخله وأحنى رأسه فى أسَى وظل صامتاً بعد أن أحس بالندم على سؤاله لرئيس خدمته، بينما انشغل رئيس الخدمة بترتيب بعض الأوراق على مكتبه. وقبل أن يغادر "ميشيل" الحجرة نهض الرجل من مكتبه، وتوجه نحوه ليقف أمامه مباشرة ويقول فى جديّة: "اسمع يا ميشيل... أنا عايزك تفكر فى مصيرك وحدك بس وسيبك من مصير أى حد تانى غيرك" صمت الرجل لبرهة ثم عاد يقول وهو ينظر فى عينى "ميشيل" "خليك أنانى فى خلاص نفسك" أنانى فى خلاص نفسى؟!!.