نتائج الإعلام الموجهه والمتحول: نحن أمام سلبيات لا نهائية لأداء إعلامي كشف عن وجهه المقيت تحول الجهاز الإعلامي في أحضان النظام المهيمن الى آلة حرب بقفاز إرهابي حريري لبث رسائل إعلامية موجهه تدهور المستوى الثقافي والذوق العام للمتلقي وزيادة اللامبالاه لدى المواطن تنمية روح الخروج عن القانون والمساهمة في الإنهيار الأخلاقي العام تسطيح الفكر وقمع القدرات الإبداعية والإبتكارية وإشاعة روح الإنقسام بين أبناء الوطن الواحد يشهد الإعلام المصري حالة من الترهل الرث الذي لم يعد يحتمل فالمرحلة الإنتقالية التي لا نزال نعايش آثارها حتى الآن تكشف ببراعة عن فساد إعلامي منقطع النظير، أسوأ بكثير من إعلام نظام المخلوع حسني مبارك نفسه، فإن كان إعلام المخلوع إعلاماً مشوَها فإعلام ما بعد الثورة هو إعلام مشوِه يقصد التضليل والإضلال ويستهدف الفساد والإفساد واشاعة الفرقة بين أبناء الوطن الواحد خاصة بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي. فتوجيه إرادة الجماهير ليست بالشئ السهل وهي مسألة تحتاج لإيديولوجيا تكتيكية وخطط موجه ومكثفة لتؤتى أكلها فيما بعد، لقد دأبت وسائل الإعلام بعد الثورة على كل ما هو جديد من تزييف للحقائق وتضليل للإرادات لصالح أصحاب المصالح وفلول النظام البائد بل وتجاوزته للتحريض الواضح والصريح. وقد تمكنت وسائل الإعلام الممنهجة ببراعة من مغازلة مشاعر المواطن المصري البسيط الذي لا يجد طريقاً آخر لنهل معلوماته سوى هذه الشاشة التي أضحت قاتلة بما تحويه من سموم فمارسوا ثقافة التخويف والفبركات الإخبارية والكذب الحر والشائعات المسيئة فضلاً عن تضخيم حالة الفوضى ولم يتوقف مسلسل الدراما المرعبة عند هذا الحد فاستمر وانتقل لمستوى أعلى تمثل في سياسة فرق تسد واللعب على وتر التقسيمات والتصنيفات فهذا علماني وهذا إخواني وذاك سلفي وتمكنوا بالفعل من النجاح في بث روح الفرقة بين نسيج الوطن الواحد. وسرعان ما دأب الإعلام بعد سياسة التفرقة هذه وبعد وصول التيار الإسلامي للحكم في العام الماضي، في خلق مصطلحات جديدة تعزف على تيمة واحدة وهي التشويه لا غير" كسياسة التكويش" و"التيار الإسلامي المتشدد" و"التيار المدني المعتدل" و"ديكتاتورية الأغلبية" وغيرها الكثير بهدف زيادة الهوة وتعميق الخلاف والإنقسام حتى بعد عزل مرسي. ويتسم المشهد الإعلامي الحالي بظهور عدد لا نهائي من القنوات الفضائية والصحف منها ما ينتمي للثورة وأخرى تنتهج اتجاهات دينية حزبية فضلاً عن الإفتقاد الشديد للتنوع حيث كثرة البرامج الحوارية والتوك شو المسائية بشكل مبالغ فيه، ولا ننسى رجوع الإعلاميين المتحولين وفلول الإعلام بقوة، فضلاً على سياسية التهييج والنفاق بهدف إستقطاب شرائح معينة دون أخرى والإنتقائية في عرض وجهات النظر والتحيز الواضح وتدويل الأخبار المغلوطة وافتقاد المصداقية، وفوق كل هذا غياب واضح للرقابة وآليات المحاسبة والمراجعة الإعلامية. وفي هذا النطاق تسقط الأقنعة وتنكشف النوايا فيصبح الإعلام مضلل مشوَه وهذا ينطبق بحق على الإعلام المصري بعد الثورة، وهو ما تطرقت له شبكة الإعلام العربية "محيط" : السم في العسل لكي تنجح مخططات الجهاز الإعلامي في مهمة التدجين والتسطيح والهيمنة لا بد من وجود آليات تعمل على مستويات عديدة في سبيل تسهيل المهمة لذا كانت قنوات "التت" قبل غلقها و"سي بي سي" و"النهار" و"أفراح" و"شعبيات" و"مصر 25" و"الحافظ" و"الناس" و"أمجاد": هي أليات تنخر في جسد الوطن الثقافي لتزيد إنحطاطه أخلاقياً ودينياً وسياسياً، فما آليات عمل هذه القنوات؟؟ وعلى أي أساس يتم منحها تصاريح لمزاولة أعمالها وما مدى أثرها على المتلقي نسأل في هذا خبراء الإعلام والاجتماع. الحاجة للفلترة بداية يقول الدكتور حسن عماد مكاوي عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة، إن المناخ الإعلامي المصري بات بحاجة ملحة الى التنقية والفلترة، خاصة مع انتشار الشتائم والافلاظ الخارجة بالاعمال الدرامية خاصة في شهر رمضان الكريم، وهو ما يؤثر بالسلب على الاجيال الناشئة نتيجة لتاثير الاعلام التراكمي عبر السنون على عقول المتلقيين والمتابعين، وارجع "مكاوي" باللائمة على الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، التي لا تشترط ضوابط تتعلق بالحفاظ على الثوابت المجتمعية والسلم الاجتماعي وما اسماه "سلامة الافكار من الشوائب"، مشيرًا إلى أن هيئة الاستثمار لا يعنيها سوى سداد الرسوم وأن يكون لصاحب الترخيص المقدم اوراق تفيد بترخيص شركة. وقارن بينا مصر ولبنان في مجال اصدار تراخيص القنوات الفضائية، مشيرا الى أن لبنان لا تسمح للفرد بتملك أكثر من 10 % من أسهم القناة الواحدة ولا تسمح بتملك شخص واحد لأكثر من قناة، بهدف توسيع الملكية ومنع الاحتكار، فيما تشهد مصر جروبات للقنوات مملوكة لرجال الأعمال واصحاب الاجندات الخاصة، من امثال باقات النهار، والحياة، والمحور، و CBC ودريم وغيرها الكثير. رقابة حكومية مقترحًا وجود رقابة حكومية عن طريق تشكيل لجان خبراء من اساتذة الجامعات في مجالات الإعلام والاجتماع والسياسة والاقتصاد لبحث جدوى وتاثير وطلبات تاسيس القنوات الفضائية بعدما اصبحت مصر مرتعا للقنوات الفضائية وطغى منها الغث على الثمين، شريطة ألا ينتمي هؤلاء الخبراء إلى حزب ما، وألا يكون موظفًا حكوميًا (مستقلاً) ويعين تلك اللجنة رئيس الجمهورية ولمدة خمس سنوات ولا يستطيع عزلهم احد أو التدخل في قراراتهم او التوصية عليها، على أن يكونوا شخصيات متفق عليها من الجميع. وفي السياق ذاته يقول الدكتور أحمد زارع استاذ الراي العام بجامعة الازهر وعميد كلية الإعلام والفنون بجامعة الأقصى سابقا، إن أغلب من يعملون في الحقل الاعلامي الان لا يخدمون الوطن، نتيجة ما يقدمونه من مناخ مغلوط وموجه بشكل يخدم على أجندات خاصة ويدخل الثورة في منعطف اشد خطورة مما هي فيه، خاصة أن التاثير الاعلامي مضاعف لكونه يعتمد على تضخيم الاشياء البسيطة فيما يسفه من الامور التي تستحق ابرازها كقضايا الداخل المصري وصراعات الامة العربية والاسلامية والاخطار المحدقة بنا. كما اشار الى أن هناك حرب شعواء يشنها الاعلام الموجه والمشوه ضد مصر تحقيقا لأهداف خاصة، وتعوق عن تحقيق الصالح العام. متخوفا من تاثير امتداد الصورة الذهنية التي يصعب تغييرها عن الداخل المصري على عقول وتفكير ونفسية الاجيال القادمة، كما أن الاعلام يعمل في مهمته الحالية على نشر الاكاذيب وتلفيق المفاهيم الخاطئة ونسج الاوهام السياسية والاجتماعية وترويج الافكار الخاطئة والمغلوطة والنمطية حتى اصبحت الصورة الاعلامية قاتمة لدى الكثيرين ولم يعد الاعلام المصري ذو مصداقية. واشار الى أن الاعلام في مصر الان في مجمله هادم للأخلاق الحميدة ويحض على الرذيلة وانتشار التغييب الاجتماعي ومحاصرة التوجهات السياسية البناءة ويعمل كذلك على تقويض منجزات الصورة التي اتت باول رئيس منتخب باراد المصريين دون تزوير، متطلعا إلى وجود سياسة اعلامية مصرية جديدة تنقي الاعلام من الدخلاء والمحسوبين عليه من أصحاب المصالح والحزبيين وذوي الاجندات الخاصة. ويقول الدكتور رفعت البدري أستاذ الإعلام بكلية الآداب جامعة المنوفية : تلعب وسائل الإعلام دور جوهري في صياغة أليات تفكير المجتمع بأكمله، وتعد سواء المرئية منها أو المسموعة أو المطبوعة من أبرز الأدوات التي تشكل البناء المعرفي للفرد، وأحد أهم الوسائل التي تكون رؤاه المستقبلية وتحدد مساراته وأنماط سلوكه. وقد تتجاوز خطورة الإعلام هذه الحدود لتكون قادرة على نشر نمط سلوكي وثقافي وسياسي أوحتى أخلاقي معين دون غيره وهنا تكمن الكارثة. ليس هناك ما يسمى بالحياد الإعلامي وأضاف : تفتقد فكرة أن وسائل الإعلام دائماً ما تكون إيجابية مصداقيتها عند إصطدامها بالواقع، فعدد كبير من علماء الإعلام والإتصال يؤكدون أن ليس هناك ما يسمى بالحياد الإعلامي وأن أنظمة الدول السياسية تسعى للهيمنة على وسائل الإعلام من أجل تثبيت النظام القائم أفكار واتجاهاته في سبيل التأثير على الجمهور لصالح النظام الحاكم، ليصبح بهذا الإعلام إعلاماً مشوها يهدف لخلق حالة من الإنقسام بين أفراد الشعب تجاه قضايا بعينها. وقد أكد عالم الإتصال والإعلام والتر ليبمان أن وسائل الإعلام فاشلة في توجيه الجماهير لطريقة تفكير ولكنها ناجحة وببراعة في تحديد ما يجب أن يفكروا فيه دون غيره وهذا هو الأشد فتكاً خاصة في المجتمعات التي تعتمد على التلفاز كمصدر أساسي لنهل المعلومات دون القراءة والإطلاع. وأشار إلى أن الإعلام في صورته الايجابية تقتصرأدواره على تثقيف وتوعية المواطنين والكشف عن الفساد وضمان حريات الإبداع والتعبير وتقديم نموذج إيجابي في كافة المجالات وتبني أفاكر إجتماعية وأخلاقية بناءة فضلاً عن الحفاظ على استقلالية وسائل الاعلام وحيادها، إلا أن الصورة ليست بهذا الإشراق والمثالية خاصة في ظل نظم ديكتاتورية لم تتنفس نسائم الحرية إلا قريباً. مكاسب خاصة وقال الدكتور على المكاوي استاذ ورئيس قسم الاجتماع كلية الاداب ورئيس مركز البحوث الاجتماعية بجامعة القاهرة، إن المناخ الاعلامي سبب كل الفساد المجتمعي والسياسي والاقتصادي، كما أن المناخ الاعلامي يشهد افتتاح قناة جديدة كل اسبوع وهو ما يروج لأفكار ومكاسب رجالات الاعمال اصحاب المصالح الخاصة، والاجندات السياسية المدفوعة الاجر، مشيرا الى أن فساد مصر يكمن في النخبة الضالة المضللة والقنوات الفضائيىة الاكثر تضليلاً لان لهم مفعول السحر من أمثال توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين. وانتقل إلى التاثر الاجتماعي السلبي بعرض 82 مسلسل خلال شهر رمضان المبارك، وهو ما يعد اسفافا واهدارا للوقت والطاقات الانتاجية للدولة من الناحية الخاصة بتعطيل الطاقات الانتاجية والمالية التي تنفق على انتاج تلك الاعمال الدرامية المتشابهة. وشن الخبير الاجتماعي هجوما حادا على الوسط الاعلامي في مصر، قائلاً: إن المناخ الاعلامي المصري المقروء والمسموع والمرئي منه غير موجود مثيل له في اسرائيل قدر وضاعته وابتذاله وانحداره، مشيرًا إلى وجود العديد من الامثلة الاعلامية التي تتصف بالوقاحة في أداء رسالتها الاعلامية ومنهم مجدي الجلاد الذي يقدم مضامين سطحية وممجوجة ومنتحلة، ويري الدكتور مكاوي ان هناك نماذج أعلامية تعتبر من صنائع جهاز مباحث امن الدولة السابق وتؤثر على المشاهد الذي يتابعها ، دون الالتفات الى متابعة ملفات العشوائيات والفقر والبطالة، وطالب بتطهير المناخ الاعلامي من الاسفاف ومهاجمة الدولة ورئيسها بسبب وبدون سبب، مشيرا الى ضرورة أن يسارع الاعلام الهادف الى تطهير المناخ الاعلامي من الرياء والعمالة والكذب الممنهج بعدما انصرف الاعلام والاعلاميين وحتى المضامين الفنية في الاعمال الدرامية والسينمائية عن احترام عقلية المشاهد المصري.