بعد طلب الفريق عبد الفتاح السيسي، تفويضا من الشعب، يسمح للجيش بالتصدي ل"الإرهاب"، رد الإخوان على الطلب بحملة إعلامية واسعة على الانترنت بمشاركة التنظيم الدولي اتهمت وزير الدفاع بتحويل "الخلاف السياسي" إلى "صدام دموي"!الخطاب الإخواني، يفترض بأن عزل د. مرسي، "خلاف سياسي".. وهو افتراض "ساذج" واستفزازي في آن واحد. الجماعة تعلم جيدا أن "الثورات" ليست "خلافا سياسيا".. وإنما "صراع وجود" بين نظامين : "بائد" و"صاعد".. ولقد خرج الإخوان وحلفاؤهم من الإسلاميين، إلى الميادين، وفق أجندة تنطلق من تلك القاعدة، تتشدد في طلبها، وتضع البلد كلها أمام خيارين لا ثالث لهما: إما "مرسي" وإما "السيسي".. وهما في واقع الحال، خيار واحد، يفضي إلى طريق واحد، وهو تصفية الوجود السياسي والتنظيمي للجماعة. هذه هي الحقيقة التي "يتغابي" فيها الإخوان، بشكل "انتحاري".. خاصة وأن خلفية الصورة، التي تظهر عليها الحشود الإخوانية في "رابعة" وفي "النهضة"، هي صورة سيناء المخضبة، بدماء ضباط وجنود الجيش والشرطة، والتي اتسعت رقعتها بشكل لا يمكن السكوت عليه، في التالي من عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي. الجماعة فهمت طلب السياسي يوم أمس 24/7/2013، بوصفه دعوة للعنف ضد جماعة "مسالمة".. وذلك لاستدرار تعاطف الرأي العام الدولي والمحلي مع "قضيتها".. وهذه أيضا إحدى أبرز "خطايا" الإخوان، في إدارة الأزمة الحالية.. لأن المجتمع الدولي، ما كان يوما "متعاطفا" مع إسلاميين سواء كانوا معتدلين أو متطرفين، وسواء كانت لهم قضية عادلة أم بلا قضية أصلا.. لأسباب استقرت في الضمير الدولي والغربي على وجه التحديد، تعتبر التيارات الإسلامية، محاضن لتفريغ الإرهاب الديني.. ناهيك عن القلق الثقافي في الغرب على مستقبل الهوية الوطنية الغربية من تمدد "الإسلام الرمزي" في عدد من العواصم التي تستقي هويتها من اليهودية والمسيحية.. وهي الحقائق التي تصادر أي مشاعر إنسانية أممية، تجاه محنة الإسلاميين في بلدانهم. السؤال الصعب الذي يستعصى على الإجابة عليه دوليا، هو ما عساه يفعله الجيش المصري، إزاء تنامي انتشار الجماعات الجهادية المسلحة في سيناء المتاخمة لإسرائيل "المدللة" أمريكيا وغربيا.. خاصة مع تصريحات الجماعة التي قايضت عودة رئيسهم المعزول، بوقف العنف في سيناء؟! الوضع في سيناء إذن يمهد لتفويض دولي للجيش للتصدي ليس للعنف المحض وحسب، وإنما أيضا لكل القوى التي توفر له الغطاء السياسي حتى لو كانت قوى سلمية تتظاهر في الشوارع وفي الميادين وحسب. وفي الداخل.. يوم غد الجمعة.. وكما هو متوقع، سيحصل الجيش المصري على "تفويض وطني" لإنهاء "العنف" بنسختيه "المسلحة" في سيناء وغطائه السياسي "السلمي" في العاصمة وفي المحافظات الأخرى. تصريحات السيسي لا يمكن أن تصدر، إلا إذا كان الجيش قد انتهى من وضع خطط لفض الميادين من المتظاهرين.. والمشكلة لم تعد في التفويض الذي يحتاجه، فهو كما بينت فيما مضى متوفر دوليا.. وسيحصل عليه غدا محليا.. المشكلة ليست في ذلك وإنما في الفاتورة السياسية الباهظة التي سيسددها الإسلاميون من غير الإخوان، في اليوم التالي من فض الميادين.