هناك العديد من الأقوال الخاطئة عن الفراعنة، أعتقد أن من واجبى أن أقوم بتصحيح هذه الأخطاء..قالوا: -1 أن ابنة الملك "خوفو" كانت تعمل فى البغاء وتسأل كل حبيب أن يحضر حجراً لبناء هرمأبيها وحجراً لبناء هرمها الصغير. -2 وأن الملك "خوفو" كان حاكماً ظالماً وكان يسخر المصريين لبناء هرمه." -3 وأن نابليون بونابرت هو الذى أمر جنوده بتحطيم أنف أبو الهول..وقد ظهر على شاشات الفضائيات بعض الذين يطلق عليهم متدينون، وهم ينادون بهدم الآثارالفرعونية، والمطالبة بتغطية الأهرامات وأبو الهول بالشمع، بل وقال البعض أن الأهرامات لم تهدم فى بداية العصر الإسلامى لعدم وجود معدات تصلح للهدم، ولكن الآن لدينا هذه المعدات، إذن فلنهدم الأهرامات! والأكثر غرابة أن هناك شخصاً أعلن بصوت عالٍ أن هرم "خوفو" يجب أن يهدم؛ لأن ابنته كانت تعمل فى الدعارة لكى تبنى هرم أبيها، بل وقال أننى (أى .اهى حواس) كتبت ذلك فى أحد كتبى! وللرد على هذا الموضوع يجب أن نعرف أولاً من قال هذا الكلام عن ابنة الملك "خوفو" وهو المؤرخ الإغريقى هيرودوت أبو التاريخ الذى جاء مصر فى منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، وكان على مايبدو من أوائل السائحين الأجانب الذين زاروا مصر ووصفوا لنا آثارها، وقد قال فعلاً هذه العبارة بعد وفاة الملك خوفو بألفين سنه، ولكنه كان أميناً عندما قال أنه سمع هذا الكلام من الأدلاء المنتشرين حول الأهرامات.. والذين يقصون حكايات وروايات خياليه لمن يزور الأهرامات.. إذن هذا الكلام خرج من غير المتخصصين، بل من أشخاص يعيشون على إطلاقالروايات فى سبيل حفنة من المال، وما زال بعضهم منتشر فى منطقة الهرم حتى الآن.. ولن أنسى عندما ذهبت لأول مرة لأتسلم عملى بمنطقة الأهرامات ووجدت أحد الأدلاء يطلب أن يأخذنى لأشاهد مقبرة الملك" خوفو". وفى نفس الوقت لا يمكن أن تعمل ابنة الملك العظيم "خوفو" فى مهنة البغاء، وخاصة أنها الأميرة التى تتشبه بالإلهة "يزيس"، بل وبنى لها معبداً بجوار هرم الملكات الجنوبى الذى يقع شرق هرم "خوفو"؛ ولذلك فإن هذا الكلام ليس له أى أساس من الصحة، ولا يجب أن يتحدث عنه هؤلاء الجهلة وأنصاف المتعلمين، ويجب أن يعرفوا أن الحضارة الفرعونية هى حضارة عظيمة أنارت الطريق للعالم كله فى وقت لم يكنهناك نور أو دين.أما المقولة الأخرى والتى تشير إلى أن "خوفو" كان حاكماً ظالماً وكان يدفع شعبه إلى السخرة لبناء هرمه.. فقد قالها أيضاً هيرودوت وسمعها من الأدلاء الذين لم يتصوروا أن هرماً بهذا الحجم يمكن أن يبنى برغبة الشعب.. ولقد كان الهرم هو المشروع القومى لمصر والمصريين.. تتكاتف كل عائلات مصر فى الدلتاوالصعيد فى سبيل بناء الهرم، ومنهم من يرسل العمال للمشاركة فى هذا العمل القومى، ومنهم من يرسل الخبز والجعة واللحوم، حيث أننا عرفنا أن هناك حوالى 13 ثور، وعدد آخر من الخرفان تذبح يومياً لإعاشة العمال، وكان هذا مبادرة من العائلات الكبيرة وفى المقابل كانوا لا يدفعون الضرائب. هذا فى الوقت الذى كان المصريون يؤمنون فيه أن بناء الهرم سوف يجعل الملك إلهاً فى العالم الآخر، أى أن هذ المشروع له صفة دينية عند الفراعنة؛ لذلك فقد كان يشارك فيه كل أفراد الشعب. وقد كشفنا مقابر العمال بناة الأهرامات، ففى الجبانة السفلى من مقابر العمال بناة الأهرامات والتى كشفت عنها فى 1993 كان يدفن العمال الذين يموتون أثناء بناء الأهرامات، وكانوا يدفنون فى مقابر بعضها على شكل أهرامات أى أنهم تساووا بالملوك، والجبانة العلوية كانت مخصصة للفنانين ورؤساء العمال..وقد استطعنا من خلال هذا الاكتشاف أن نعرف معلومات لأول مرة عن العمال الذين شاركوا فى بناء الأهرامات. وفى الناحية الشرقية تم الكشف عن منطقة كانت تجفف فيها الأسماك وتوضع عليها الأملاح،ومنطقة أخرى خاصة بالمخابز، وأخرى كانت عبارة عن معسكرات ينام فيها العمال والذين كان يقدر عددهم بحوالى عشرة آلاف عامل.. لذلك لا يمكن أن نطلق على هذا العمل سخرة إطلاقاً؛ لأن السخرة يمكن أن تبنى مبانى هائلة، ولكن لا يمكن أن تبدع، وبناء الهرم فيه إبداع علمى جبار لا يمكن أن يعمله غير أشخاص يؤمنون بأن هذا المشروع مشروعاً قومياً لإستكمال رسالة الملك على الأرض وتحوله الى اله بعد وفاته لينضم الى مجمع الألهة. أما حكاية أن نابليون وجنوده حطموا أنف أبو الهول؛ فهذة أيضاً مقولة ليس لها أى أساس من الصحة لأن نابليون أحضر معه علماء الحملة الفرنسية الذين سجلوا لنا أثار مصر بالوصف والرسومات الرائعة وتركوا لنا مجلدات غاية فى الأهمية تعرف باسم وصف مصر. وهذه تعتبر الدليل الأول لتسجيل الأثار المصرية. ومن خلال نسخة من حجر رشيد الذى إكتشفه الفرنسيون؛ إستطاع شامبليون كشف أسرار اللغة المصرية القديمة بعد أن تأكد أن الحجر يحمل لغتين اليونانية القديمة والمصرية التى كتبت بالخطين الهيروغليفى (الخط المقدس)؛ والديموطيقى (خط الشعب) ولذلك وجب التأكيد على أن حجر رشيد كتب بلغتين فقط وليس بثلاث لغات كما يعتقد معظم العامة؛ وكنت قد شاهدت برنامجاً تليفزيونياً يقدمه الكوميدى محمد هنيدى وفيه أجاب أحد الموجودين على سئوال حول حجر رشيد بأنه كتب بثلاث لغات وعلى الرغم من الإجابة الخطأ الا أنه فاز بالجائزة. ونحن نعتقد أن الذى حطم أنف أبو الهول هو أحد المتشددين من الزهاد وكان يدعى الشيخ محمد صائم الدهر؛ والقصة كما رواها لنا المؤرخون أن هذا الرجل عندما مر على التمثال وجد الناس الذين يكنون إحتراماً للتمثال فخشى من عودة عبادة الأصنام؛ وأخذ يحطم فى وجه أبو الهول؛ الا أن عاصفة هبت ومنعته من إستكمال هدم التمثال وعد الناس ذلك من كرامات التمثال. ستظل الأهرامات المصرية شامخة عنواناً لحضارة عظيمة أنارت للبشرية طريقها نحو الرقى والتقدم وسيظل تمثال أبو الهول معجزة فنية تتحدث عن عبقرية الفنان المصرى القديم.