لا يمر يوما إلا ويطفو على السطح قضية تثير الجدل والاستنكار بين السياسيين والمثقفين، وتنتقل إلى الشارع وتصبح قضية رأي عام، وظهر هذه الأيام في العراق موضوع عن وجود «نجمة داوود» بالمصاحف والمراقد المقدسة مما آثار عاصفة من ردود الأفعال التي جاء أكثرها ساخرًا ومستهجناً من النائبة التي صرحت بذلك. وقالت النائبة مها الدوري عضو كتلة الأحرار البرلمانية :"إن نجمة داود هي شعار الحركة الصهيونية حالياً وشعار علم دولة إسرائيل، وإنها فوجئت بدخول هذه النجمة إلى العراق عن طريق أعمدة إنارة استوردتها وزارة الكهرباء، وقد خاطبتهم في ذلك لكنهم مصرّون على أنها وردة، وكذلك وجدت نسخة من القرآن الكريم عليها نجمة إسرائيلية صهيونية ماسونية، وعندما فتحت الكتاب وجدته قد طبع بمطابع لبنان لصالح العتبات الحسينية المقدسة، لذلك أنبّه إلى أن النجمة الإسرائيلية تغزو العراق" - على حدّ تعبيرها. وأضافت الدوري: "الفاجعة التي أوجعتني وأدمت قلبي هي عندما وجدت على ضريح الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام النجمة الإسرائيلية على الجدران، وكذلك نجمة صفراء كبيرة في سقف المرقد، وهنالك صلبان وجدتها وصورتها أيضا في واجهة مرقد الإمام علي، أما في مرقد الإمام موسى بن جعفر فحدث ولا حرج، فمملوء كله بالنجوم الإسرائيلية". وطالبت الدوري لجان الأوقاف والنزاهة رفع النجمة الصهيونية والصلبان من على المراقد والبحث عن المقصر ومحاسبته سواء كانت الفعلة مقصودة أو غير مقصودة. استهجان و سخرية على الجانب الأخر صرح مصدر مسئول في العتبة الحسينية المقدسة بأن إدارة العتبة الحسينية لن ترد على تصريحات النائبة مها الدوري بخصوص ادعائها وجود نجمة داوود في مصاحف داخل العتبة الحسينية بل إن العتبة ستترك الأمر لأصحاب الاختصاص والمعنيين بشان الزخرفة الإسلامية بالرد عليها . وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه لوكالة «نون» الخبرية أن العتبة لن ترد بخصوص ادعاءات النائبة مها الدوري التي صرحت بها من خلال إحدى الفضائيات وإنها ستترك الأمر للمنصفين والمتخصصين بالزخرفة الإسلامية للرد عليها ليكون الرد علميا ومن جهة ذات اختصاص . من جانبهم استهجن مواطنون ومثقفون في كربلاء من تصريحات النائبة عن كتلة الأحرار مها الدوري ووصفوها بأنها تتكلم في مواضيع بعيدة عن اختصاصها وثقافتها ،معتبرين بالوقت نفسه أن تصريحاتها عبر قناة البغدادية بخصوص وجود نجمة داوود على المصاحف الشريفة في العتبة الحسينية بأنها غير علمية " وكانت الفنانة التشكيلية الرائدة سهام الشكرة قد نفت تصريحات النائبة عن كتلة الأحرار مها الدوري حول وجود نجمة إسرائيلية في العتبات المقدسة أو المصاحف الكريمة في العراق ،موضحة أن النجمة الموجودة هي ليست إسرائيلية وإنما نجمة عادية من ستة رؤوس أما النجمة الإسرائيلية ( ستة رؤوس) هي على شكل مثلثين متداخلين. وعقب الروائي ضياء الخالدي قائلاً: «حكاية نجمة داود في قناة البغدادية، تعود الى عقل لا يزال ينتج الحكايات الطازجة... نتحدث عن حكاية النجمة في فايسبوك، لكونها تملك هامشًا للتفكير، أو المناورة مع هذا العقل... غير أن هناك الكثير من الحكايات التي ينتجها العقل نفسه باستمرار على مدار العام، ولا أحد يقترب منها، لأنها مؤذية، ولها تبعات، هذا العقل لا ينهض بدولة مخرّبة اساسًا، وسيبقى يدور حول نفسه، ويصنع اساطيره الخاصة في كل مرة». رمز ديني إلى ذلك أشار الكاتب والروائي سعد هادي إلى مقطع مقتبس من موسوعة اليهود واليهودية للكاتب الراحل عبد الوهاب المسيري ضمن مادة «نجمة داوود»، فيه بعض التوضيحات الموثقة تاريخيًا عن موضوع أثير مؤخراً ويتم تداوله بآراء متضاربة ومتباينة، على حدّ تعبيره. ونقل عن المسيري قوله: "النجمة السداسية لم تتحوَّل إلى رمز ديني يهودي إلا بتأثير المسيحية وتقليداً لها، وهذه ظاهرة عامة عند كل من اليهود ومعظم الأقليات: أنهم يكتسبون هويتهم من خلال الحضارة التي يوجدون فيها". وأضاف المسيري في كتابه، أن تبنِّي نجمة داود مثل جيد على ذلك، فاليهودية باعتبارها نسقاً دينياً، على الأقل في إحدى طبقاتها الجيولوجية المهمة والرئيسية، معادية للأيقونات وللرموز، تماماً مثل الإسلام، ولكن يهود عصر الإعتاق أخذوا يبحثون عن رمز لليهودية يكون مقابلاً لرمز المسيحية «الصليب» الذي كانوا يجدونه في كل مكان. وحينما بدأت حركة بناء المعابد اليهودية على أسس معمارية حديثة، اتبع المهندسون، الذين كانوا في أغلب الأحيان مسيحيين، ذات الطرز المعمارية المتبعة في بناء الكنائس. ولذا، كان لابد من العثور على رمز ما، ومن هنا كان تبنِّي النجمة السداسية. ثم بدأت تظهر النجمة على الأواني التي تُستخدَم في الاحتفالات الدينية مثل كؤوس عيد الفصح. ولأن النجمة السداسية كانت شائعة في الأحجبة والتعاويذ السحرية، لم يعارض الأرثوذكس استخدام الرمز. ومن ثم، يمكن أن نقول إن انتشار الرمز في القرن التاسع عشر كان دليلاً على أن اليهودية الحاخامية بدأت تَضعُف وتفقد تماسكها الداخلي. ولذا، فإنها كانت تبحث عن رمز حتى يمكنها أن تعيد صياغة نفسها على أسس مسيحية". أضاف: «هنا ظهرت الصهيونية بوصفها أهم تعبير عن أزمة اليهودية الحاخامية. وحاولت هذه العقيدة السياسية أن تطرح نفسها بديلاً للعقيدة الدينية، فتبنَّت النجمة السداسية رمزاً لها، ذلك الرمز الذي ظهر على العدد الأول من مجلة دي فيلت التي أصدرها هرتزل في 4 يونيه 1897، ثم اختير رمزاً للمؤتمر الصهيوني الأول ولعَلَم المنظمة الصهيونية». أعمدة بغداد وعند الرجوع إلى أحداث شهر ديسمبر 2012 المتعلقة بنجمة داوود، نجد أن عضو في ائتلاف دولة القانون شن هجوما على وزير الكهرباء عبد الكريم عفتان قائلا :"إنه تعاقد لشراء أعمدة كهرباء تحمل شعار «نجمة داوود»، مشيرا إلى انه لا يستبعد أن يكون ذلك فخا لتوريط بغداد مع تل أبيب. وقال النائب إبراهيم الركابي في تصريح مكتوب لموقع «شفق نيوز» العراقي، إن هذه الأعمدة التي نصبت في شارع الأميرات بمنطقة المنصور في بغداد، تعتبر أهانه لمشاعر العراقيين، مشيرا إلى أن نصبت في الشارع الذي يسكنه الوزير. وتابع الركابي :"لا مجال هنا لإخلاء ذمّة الوزير عفتان من مسؤولية هذه الأعمدة من التعاقد إلى الاستيراد إلى التجهيز والتخزين والنصب، حيث أن للوزير وكيلا مختصا بهذا الشأن وهو عامر الدوري". وأضاف أن "التعاقد تم مباشرة من قبل مدير عام توزيع الكرخ وقد اعترض على الأعمدة مستشار الوزير لشؤون التوزيع, ورغم ذلك مررت صفقة الأعمدة مباشرة إلى الوزير الذي وافق على استيراد كمّيات كبيرة منها لتأخذ طريقها قريباً للنصب". وقال : «لا نستبعد أن يكون الغرض من صفقة الأعمدة تلك توريط حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي وإحراجها وإحراج جهودها الدبلوماسيّة أمام الدول العربيّة والإسلامية». وتساءل الركابي: «ماذا لو أنّ الصحف الإسرائيلية قد نشرت الصور وادعت أن لها علاقات اقتصاديّة مع حكومة المالكي بدلالة شعاراتها التي لا توضع إلا عبر شركات إسرائيلية؟». «خاتم سليمان»! ونجمة داوود تسمى أيضا بخاتم سليمان وتسمى بالعبرية ماجين داويد بمعنى "درع داوود" وتعتبر من أهم رموز الشعب اليهودي. وهناك الكثير من الجدل حول قدم هذا الرمز فهناك تيار مقتنع بأن اتخاذ هذا الشعار كرمز لليهود يعود إلى زمن داوود، ولكن هناك بعض الأدلة التاريخية التي تشير إلى أن هذا الرمز أستخدم قبل اليهود كرمز للعلوم الخفية التي كانت تشمل السحر والشعوذة وهناك أدلة أيضا على أن هذا الرمز تم استعماله من قبل الهندوسيين من ضمن الأشكال الهندسية التي استعملوها للتعبير عن الكون الميتافيزيقيا وكانوا يطلقون على هذه الرموز تسمية ماندالا Mandala وهناك البعض ممن يعتقد أن نجمة داوود أصبحت رمزا للشعب اليهودي في القرون الوسطى، وإن هذا الرمز حديث مقارنة بالشمعدان السباعي الذي يعتبر من أقدم رموز بني إسرائيل. وفي عام 1948 ومع إنشاء دولة إسرائيل تم اختيار نجمة داود لتكون الشعار الأساسي على العلم الإسرائيلي. وهناك نظريات مختلفة حول أسس استعمال النجمة السداسية كرمز لليهود وفيما يلي بعض من هذه الفرضيات: - أهمية الرقم 6 في اليهودية في إشارة إلى الأيام الستة لخلق الكون والأيام الستة التي يسمح بها للعمل والتقاسيم الستة للتعاليم الشفهية في اليهودية . - النجمة السداسية تمثل الحرف الأول والأخير من اسم داود بالعبرية ?????? حيث يكتب حرف الدال بالعبرية بصورة مشابه لمثلث منقوص الضلع . - من خلال مراقبة الشمس والقمر والنجوم والمذنبات كجزء من التنجيم يعتقد إن النجمة السداسية تمثل ميلاد النبي داود أو زمان اعتلائه العرش. - استنادا على روايات غير موثقة فإن الدرع الذي استعمله داود في المعارك في شبابه كان درعا قديما وقام بلفه بشرائط من الجلد على هيئة النجمة السداسية . - إشارة إلى يهوه الذي يعتبر من أقدم أسماء الخالق الأعظم في اليهودية والذي يكتب بالعبرية ??? ويمكن تشكيل نجمة سداسية من الحرف الأول والأخير . - رمز لتحرير اليهودية من العبودية بعد أربعمائة سنة قضوها في مصر، فالشكل المثلث للهرم يدل علي التصوير الشامل للسلطة، أما الهرم الآخر المقلوب فيعني الخروج عن هذه السلطة ورغم الفرضيات السابقة لا يوجد أدلة في علم الآثار بكون نجمة داوود كانت شائعة بالأرض المقدسة في زمن النبي داوود، وأقدم دليل أثري تم العثور عليه لحد هذا اليوم هو عبارة عن وجود النجمة السداسية على شاهد قبر في مدينة تارانتو في الجزء الشرقي من جنوب إيطاليا والذي يعتقد إنها تعود إلى القرن الثالث بعد الميلاد . ويعتقد بعض الباحثين أن ارتباط النجمة السداسية باليهود قد يرجع إلى سليمان ابن داوود حيث اشتهر سليمان بتعدد زوجاته وكانت إحداهن من مصر، ومن المحتمل أن هذه الزوجة قد لعبت دورا في انتشار النجمة السداسية التي كانت رمزا هيروغليفيا لأرض الأرواح حسب معتقد قدماء المصريين.