تحل اليوم الخميس الذكرى الثالثة لرحيل خالد سعيد الذي يعتبر مشعل الثورة المصرية التي لم تتحقق أهدافها حتى يومنا هذا تلك الاهداف التي تمثلت في «عيش .. حرية .. كرامة اجتماعية» . ولقي خالد سعيد مصرعه في 6 يونيو/ حزيران 2010، بعدما تعرض للضرب المبرح من جانب شرطييْن أرادا القبض عليه بمدينة الإسكندرية، وهو ما أثار موجة هائلة من السخط، خصوصا بين المنظمات الحقوقية والنشطاء الذين اعتبروه شهيدا لحالة الطوارئ التي استمر نظام الرئيس السابق حسني مبارك في فرضها طوال سنوات حكمه الثلاثين. «شهيد الطوارئ» وأثار مقتل خالد سعيد موجة غضب شعبية في مصر وردود أفعال من منظمات حقوقية عالمية، تلتها سلسلة احتجاجات سلمية في الشارع في الإسكندريةوالقاهرة نظّمها نشطاء حقوق الإنسان الذين اتهموا الشرطة المصرية باستمرار ممارستها التعذيب في ظل حالة الطوارئ ، حيث وصف حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، خالد سعيد بأنه "شهيد قانون الطوارئ". فرغم أن حوادث الانتهاكات الجسدية والقتل العمد على يد الشرطة كانت ظاهرة دائمة الحضور في المجتمع المصري وتفشّت في السنوات الأخيرة من حكم مبارك إلا أن محللين رأوا أن انتماء خالد سعيد إلى الطبقة الوسطى التي كانت تقليديا أقل معاناة من تلك الانتهاكات من الطبقات الشعبية والمٌعدمة أدى إلى تعاطف قطاعات جماهيرية واسعة بين من رأوا في خالد مثالا عمّا يُمكن أن يُصيبهم وأبناءهم مما ساهم في الحشد ردا عليها. وكانت صفحة "كلنا خالد سعيد" التي تم إنشاؤها على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) بعد مقتل الشاب السكندري البالغ من العمر 28 عاما، أحد العناصر الرئيسية في إشعال جذوة الثورة المصرية بعدما دعت للتظاهر ضد نظام مبارك بالتزامن مع عيد الشرطة في 25 يناير/كانون الثاني 2011، وهي الثورة التي أطاحت بمبارك بعد 18 يوما من اندلاعها ، إذ كان في طليعة الخارجين يوم 25 يناير 2011 الكثير من النشطاء الذين انفعلوا بتلك الجريمة وبنوا شبكاتهم حول صفحة خالد سعيد على فيسبوك وغيرها من أدوات التواصل . المتهمون خارج القضبان وتأتى ذكرى رحيل خالد سعيد هذا العام مختلفة عن العامين السابقين، فمنذ أيام قليلة من إعادة محاكمة المتهمين بقتله تم إطلاق سراحهم على ذمة القضية. كانت المحكمة قد قضت في أكتوبر/تشرين الأول 2011، بالسجن المشدد سبع سنوات على الشرطيين، لكنهما طعنا أمام محكمة النقض التي قررت في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلغاء الحكم وإعادة محاكمتهما أمام محكمة جنايات الإسكندرية، وهو ما حدث بالفعل قبل أيام، لكن المحكمة اضطرت لإخلاء سبيل المتهمين نظرا لإكمالهما الفترة التي يحددها القانون كحد أقصى للحبس الاحتياطي ، وهو ما تسبب في إيجاد حالة من الغضب وخاصة بين ذويه . وقالت والدة خالد سعيد التي انتابها شعور بالألم لإخلاء سبيل المتهمين بقتل ابنها، أن هذه ليست نهاية المطاف، مؤكدة انها ستتابع إعادة المحاكمة في انتظار تحقيق العدالة، حتى وإن كانت تشعر بالتشاؤم لأسباب متعددة. وعبرت السيدة ليلى مرزوق عن استغرابها لما تعرضت له من محاولة اعتداء على يد أهالي المتهمين، وأكدت أن أحدهم هددها بسلاح أبيض داخل قاعة المحكمة على مرأى من رجال الشرطة، كما أن أحد محامي المتهمين هدد محاميها بالذبح أمام القاضي الذي اقتصر رد فعله على طرد هذا المحامي خارج القاعة. جاء الإفراج عن المتهمين ليضيف زخما إضافيا إلى جهود إحياء ذكرى مقتل خالد والتي تقودها الصفحة التي بلغ عدد المعجبين بها على موقع فيسبوك أكثر من ثلاثة ملايين شخص، حيث يتوقع أن تشهد معظم المحافظات المصرية فعاليات متنوعة في هذا الشأن. المحافظات والذكرى وكانت أولى فاعليات إحياء الذكرى فجر اليوم ، حيث تظاهر العشرات من شباب حركة 6 أبريل «الجبهة الديمقراطية»، فجر الخميس، أمام مديرية أمن الجيزة، تحت شعار «في ذكرى خالد سعيد.. نرد لكم زيارات الفجر». وردد المشاركون في الوقفة التي تم تنظيمها بشكل مفاجئ عدة هتافات، منها: «الداخلية بلطجية»، و«أنا إسمي خالد سعيد»، و«هنفضل ثورجية لحد ما نوصل للحرية». ورفع أعضاء الحركة لافتات تندد بما سمته «انتهاكات وزارة الداخلية المستمرة ضد شباب الثورة». ودعت صفحة خالد سعيد أعضاءها إلى وقفة صامتة بالملابس السوداء مساء الخميس على ضفاف النيل والميادين الرئيسية بمختلف المدن، وذلك للتذكير بحق خالد وحق كل شهداء الثورة، مؤكدة أن القضية الأساسية للثورة هي الإنسان وليس ما انشغل به المصريون من خلافات بين التيارات والقوى السياسية. كما دعت أمانة العمل الجماهيري بحزب الدستور جموع الشعب المصري إلى وقفة سلمية صامتة بالشموع والملابس السوداء أو الأشرطة السوداء على اليد أمام جميع مديريات الأمن في جميع محافظات مصر لإحياء ذكرى استشهاد خالد سعيد شهيد الثورة و عدم محاكمة المتهمين بقتل المتظاهرين وتطبيق العدالة والقصاص من قتلة الثوار. ومن المقرر أن تنطلق وقفات سلمية صامتة من مختلف أنحاء القاهرة من وقفة أمام مديرية أمن القاهرة وذلك في تمام الساعة 7 مساءاً, وفى إسكندرية مسيرة من أمام جامع زيزينيا إلى منزل الشهيد خالد سعيد, وفى محافظة أسيوط وقفة أمام مديرية أمن, وفى محافظة القليوبية وقفة على كورنيش النيل بالقناطر الخيرية ميدان القناطر, وفى محافظة الدقهلية وقفة على كورنيش النيل أسفل مبنى مديرية أمن الدقهلية. أما المنوفية فهناك وقفه على كوبري الشهيد أسامة علام بشبين الكوم, وفى الشرقية وقفة أمام مبنى مديرية أمن الشرقية, وفى دمياط وقفة أمام مديرية الأمن. ومن ضمن فعاليات اليوم، أعلنت اللجنة التنسيقية ل30 يونيو (والتي تضم مجموعة كبيرة من نشطاء الإسكندرية بمختلف الحركات السياسية) عن اعتزامها تنظيم وقفة حداد أخرى أسفل منزل خالد بمنطقة كليوباترا في السابعة مساء، حاملين الشموع في إشارة رمزية لإنارة الشارع الذي كان يسكن به خالد وكان مقتله سببا في إنارة طريق ثورة 25 يناير، حسب وصف النشطاء. "حقوق الشهداء" وبالتزامن مع هذه الذكرى أصدر حزب مصر القوية، بيانًا بمناسبة مرور 3 سنوات على رحيل خالد سعيد، وقال الحزب في بيانه: "بعد مرور أكثر من عامين على الثورة، وثلاثة أعوام على تعذيب خالد سعيد واستشهاده في مشهد جسد أمام الشعب الممارسات البغيضة لوزارة الداخلية، مما ساهم في إشعال فتيل الثورة المصرية ، وهي الثورة التي قامت بالأساس اعتراضا على انتهاكات نظام المخلوع واعتدائه على حرية المواطنين وكرامتهم.. مستغلا قانون الطوارئ وفساد بعض أجهزة الدولة ..". وأضاف الحزب في بيانه "ثلاثة سنوات مرت ولم تكن قضية خالد سعيد سوى مثالا لكثير من القضايا التي لم تأت فيها مؤسسات الدولة بحقوق دماء الشهداء .. ثلاثة سنوات ومازالت ممارسات الداخلية كما هي من اعتقالات تعسفية وتعذيب وزيارات الفجر في محاولة للانتقام من الثوار والشعب المصري.. ولا تزال العدالة غائبة ولا نرى ما يشير إلى وجود نوايا حقيقية لدى النظام الحالي لهيكلة الداخلية وتطهيرها من الفاسدين وقتلة الثوار". ومضى حزب مصر القوية يقول "فى ظل نائب عام تم تعيينه من أجل مهمة محددة كلفه بها رئيس الجمهورية وهى ملف إعادة محاكمات قتلة الثوار لم نجد بعد شهورا طويلة أي جديد بهذا الصدد .. على الرغم من الوعد الذي قطعه الرئيس على نفسه، بل وأصبحنا وسط تأسيس جديد من خرق للحريات وحقوق المواطن بدسترة محاكمة المدنيين عسكريًا.. مع غياب تام لحزمة العدالة الانتقالية.. ومحاكمة قتلة خالد سعيد وسيد بلال والثوار ومحاكمة من أفسدوا في مصر على كافة الأصعدة بقوانين فتحي سرور". وفي هذه الذكرى تبقى المطالب الاساسية هي المحاكمات العادلة لقتلة خالد سعيد وبقية شهداء الثورة، وتجديد المطالبة بما دعت إليه ثورة 25 يناير من حرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية.