بعض التقارير التي تتناول الوضع في مصر، بعد وصول الإخوان إلى السلطة، تتحدث كثيرا عما تسميه التحالف "الإخواني السلفي".. وهي من الأخطاء الكبيرة الشائعة بين عوام الناس من جهة، وبين المثقفين المصريين من جهة أخرى. فالسلفية المصرية من حيث النشأة والأصل والتنظيم وأدوات التعاطي مع النص تختلف جذريا عن الإخوان، وإذا كانت الأخيرةن في الواقع الفعلي، "كتلة واحدة" فإن السلفية مدارس وفصائل شتى، والأقلية منها هي التي تتخذ موقفا مؤيدا "هشا" للجماعة.سلفية الإسكندرية على سبيل المثال والمعروفة ب"الدعوة السلفية"، وهي أكبر الفصائل السلفية وأوسعها انتشارا، تتخذ مواقف معارضة حادة من الإخوان، وهي أكثر انفتاحا على القوى المدنية الأخرى، وخاصة جبهة الإنقاذ المعارضة للرئيس مرسي. القوة السلفية الرئيسية "الدعوة السلفية" تقدم نفسها، بوصفها البديل الموضوعي للإخوان، بل إن بعض العواصمالغربية القلقة من الفوضى السياسية في مصر الآن، بدأت تمد جسور التواصل مع حزب "النور" الجناح السياسي للدعوة السلفية وتستمع إليه، بل إن ثمة قناعة بدأت تستقر في الضمير الوطني المصري، بأن الرهان الحقيقي للحد من "التوحش" الإخواني ، لم يعد على "المعارضة المدنية" وإنما على "المعارضة الإسلامية" ممثلة في حزب النور والدعوة السلفية. ثمة فصائل على هامش متن المشهد السلفي، هي التي تتعاطف مع الإخوان، مثل ما تسمى ب"الجبهة السلفية" وكذلك حزب "الوطن" المنشق عن "النور" غير أن "الوطن" مثل الجبهة السلفية لا يحظى بأي حضور جماهيري، فيما يعتبره البعض "الجناح السلفي" لجماعة الإخوان، بعد أن تسربت المعلومات بأنه تأسس وفق "انقلاب داخلي" على حزب النور "الدعوة السلفية" خطط له خيرت الشاطر، بهدف إضعاف الدعوة السلفية، وكسر شوكتها قبيل الانتخابات البرلمانية، خاصة وأن الانقلاب قاده بالوكالة عن الشاطر القيادي السلفي المعروف د.عماد عبد الغفور، والذي كان في ذلك الوقت وحتى الآن يستمتع بدفء السلطة بجوار "مرسي" في قصر الاتحادية بعد تعيينه مساعدا لرئيس الجمهورية. من الأحزاب السلفية "الهامشية" أيضا التي تقترب من الموقف الإخوانى، حزب "الأصالة" و"الفضيلة" وهما حزبان صغيران يعبران عن سلفية القاهرة، التي لا تحظى بالهيبة في العاصمة التي تمثل مركز ثقل التيارات المدنية والحضارية.. وعادة لا تحصل فيها التيارات الإسلامية على تنوعها واتساعها، على مقاعد برلمانية تعدل تلك التي تحصل عليها في المناطق الريفية الأقل تعليما والأكثر فقرا. كما أن "تعاطف" تلك الأحزاب السلفية الصغيرة مع الإخوان، هو في واقع الحال تعاطف "هش" وقد تراجع بشكل يهدد استمراره، مع الخلافات التي نشبت بين الإخوان والسلفيين بصفة عامة بسبب موقف الجماعة من "القروض الربوية" وتجديد التصاريح للملاهي الليلية ولمحال بيع الخمور والموقف من الكيان الصهيوني. وفي المحصلة فإن ما يسمى بالتحالف "الإخواني السلفي"، هو أحد الأساطير المؤسسة ل"دولة الإخوان" التي تحاول الجماعة تصديرها إعلاميا بوصفها سليلة "دولة الخلافة" وأنها الممثل الحصري للإسلاميين جميعا، وأنها تملك وحدها تفويضا منهم لانجاز "المشروع الإسلامي".