«الرئيس المصري ورئيس الوزراء والقيادات العسكرية وكبار المسئولين في استقبال الجنود العائدين .. احتفالات وفرحة كبيرة بمعبر رفح بعد الإفراج عن الجنود وفتحه بعد إغلاقه لمدة 5 أيام متواصلة .. » هذا هو المشهد الذي عاشته مصر اليوم بعد الأيام الحزينة التي عاشها الشعب المصري خوفاً على أرواح الجنود المختطفين وخاصة بعد إذاعة فيديو الجنود وتوسلاتهم للرئيس للإفراج عنهم .. هذا الفيديو الذي جعل قلوبنا تعتصر ألما من هذا المشهد المخزي. فبعد أن استيقظ المصريون الخميس الماضي على نبأ محزن وهو اختطاف الجنود السبعة ، تبدل الحال اليوم حيث تنفس المصريون الصعداء بصباح ملئ بالفرحة العارمة بعد إطلاق سراح هؤلاء الجنود . وجاء حادث اختطاف 7 من جنود القوات المسحة خلال الأسبوع الماضي بمثابة اغتيال معنوي للروح المصرية خاصة أن الواقعة كانت في محافظة شمال سيناء تلك المنطقة الحدودية الملتهبة. وأعلن مصدر عسكري إن قيادات وزارة الدفاع ظلت ستة أيام متواصلة لا تنام، من أجل الكشف عن ملابسات اختطاف الجنود المصريين، ونجحت جهودها التفاوضية من خلال إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع فى استعادة المختطفين دون قطرة دم واحدة، معتبرا أن ذلك إنجازا غير مسبوق فى تاريخ عمليات تحرير الرهائن. واختطف مسلحون يشتبه بأنهم "متشددون" المجندين السبعة في الساعات الأولى من صباح الخميس الماضي أثناء سفرهم في سيارتي أجرة بين العريش عاصمة محافظة شمال سيناء ورفح، بينما كانوا يرتدون ملابس مدنية. الجيش يهدد وجاء تحرير الجنود بعد ساعات من تهديد القوات المسلحة المصرية، ب "حرق الأخضر واليابس" ردأ على خطف الجنود. وقال المشرف على الصفحة الرسمية للقوات المسلحة المصرية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في بيان أصدره مساء أمس :"إن المطالب بالعمل العسكري لتحرير أبنائنا تتزايد ونحن لم ولن نتردَّد في بذل الغالي والنفيس في سبيل تحريرهم والمحافظة على أرواحهم، وقد بدأ صبرنا ينفد وبدأت مطالب الشعب بتحريرهم بالقوة تزداد". وأضاف :"إن حادث الخطف الإرهابي الذي تم على جنود عُزل من السلاح في شمال سيناء، ونشر الفيديو الخاص بهم، ترك أثراً بالغاً في قلب الشعب المصري بأكمله وفي قواته المسلحة، والتي ازدادت إصراراً على تحريرهم، وأكرر حتى هذه اللحظة أننا نلتزم بحرمة الدم المصري رغم بشاعة العمل الإرهابي، ولكن ردنا سوف يأتي سريعاً وقاسياً، وسيحترق بهذه النيران الأخضر واليابس ولن تأخذنا شفقة أو رحمة بالإرهابيين أو من يساعد على حمايتهم وإيوائهم، وسيعلم الظالمون أى منقلب ينقلبون". واختتم البيان بالتأكيد على أن "هذه رسالتنا الأولى والأخيرة عسى الله أن يهدي القوم الظالمين .. وللشعب المصري العظيم نقول لهم هذا ليس هدوءاً أو تباطؤا، وإنما هو الهدوء الذي يسبق العاصفة". وعلى مدى اليومين الماضيين قامت القوات المسلحة بالاستعداد لتحرير الجنود المختطفين حيث وصلت وحدات من الجيش المصري ومن القوات الخاصة وفرق مكافحة الإرهاب إلى شمال صحراء سيناء. كما أكد مصدر أمنى رفيع المستوى بوزارة الداخلية أن اطلاق سراح المجندين السبعة المختطفين بشمال سيناء جاء نتيجة الخطط والتحركات المتوازية التى تم التنسيق بشأنها بين كافة الأجهزة المعنية، والتى شملت وزارة الداخلية، والقوات المسلحة، والمخابرات الحربية والمخابرات العامة. وأوضح المصدر الأمنى أن هذه الخطط والتحركات اعتمدت على تضييق الخناق على الخاطفين من خلال عمليات التمشيط والانتشار المكثف التى بدأت أمس بمدن رفح، والشيخ زويد، والعريش، وعلى كافة المحاور والمدقات الرئيسية، لاشعار الخاطفين بجدية وقوة التعامل. وأضاف المصدر الأمني أن عمليات التمشيط والانتشار المكثف لتضييق الخناق على الخاطفين قد توازت مع تحركات لأجهزة سيادية بالتنسيق مع كبار مشايخ وعواقل القبائل السيناوية الشرفاء للتواصل مع الخاطفين لإطلاق سراح الجنود السبعة. استعراض القوة ورأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ان اطلاق سراح الجنود المصريين المختطفين جاء نتيجة الاستعداد الأمني الكبير واستعراض هائل للقوة من قبل الجيش المصرى فى شمال سيناء التى تحد قطاع غزة وإسرائيل. وذكرت الصحيفة في سياق تقرير بثته اليوم الأربعاء على موقعها الإلكترونى أن تعزيزات من الجيش والشرطة مدعومة بمركبات مدرعة ومروحيات كانت قد تحركت إلى داخل شمال سيناء أمس الأول الإثنين فى استعراض للقوة وانتشرت بشكل مكثف حول العريش عاصمة المحافظة. وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش والشرطة نفذا تمشيطا مدعوما بغطاء من المروحيات أمس الثلاثاء في قرى عديدة على طول الحدود مع إسرائيل. وأوضحت الصحيفة أن اختطاف الجنود السبعة والتوقعات بعملية عسكرية ضخمة لتحريرهم تصدرت المشهد فى السياسة المصرية، لكن هذه العملية التى كانت متوقعة كانت تحمل ايضا فى طياتها مجازفة بالتسبب فى حدوث رد فعل معاد بسيناء . ونوهت الصحيفة إلى أن الرئيس المصرى محمد مرسى، الذى واجه غضبا من العامة وداخل القوات الأمنية بسبب اختطاف الجنود، أكد أن كافة الخيارات مطروحة لضمان إطلاق سراح الجنود السبعة وأن الرئاسة لن تتفاوض مع الخاطفين. وقالت الصحيفة إنه لم يتضح بشكل فورى ما إذا كان إطلاق سراح الجنود اليوم هو مؤشر على أن طلبات الخاطفين قد لبيت، حيث كان وزيرالداخلية محمد إبراهيم قد كشف أمس الثلاثاء عن أن الخاطفين يطالبون بالإفراج عن 24 متشددا مدانا وبعض السجناء المحتجزين منذ عام 2005 ..واصفا هذه المطالب بغير المقبولة. نجاح واشادات وفور الاعلان عن اطلاق سراح الجنود توالت العديد من ردود الأفعال ، حيث وجة الكثيرون الشكر لجهود القوات المسلحة وبعد جهود المخابرات الحربية المصرية بالتعاون مع شيوخ قبائل وأهالى سيناء الشرفاء. وعلق الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية قائلا: "تحيا مصر عزيزة أبية.. فى انتظار وصول أبنائى الجنود بعد عودتهم سالمين". ووجه الرئيس فى تغريدة له عبر حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر" التحية إلى قيادات وجنود القوات المسلحة والشرطة قائلا: "تحية إلى قيادات وجنود القوات المسلحة، الشرطة، المخابرات العامة والمخابرات الحربية". كما أشادت الدكتورة باكينام الشرقاوي مساعد الرئيس للشئون السياسية، بالجهود الواعية والفعالة للقيادة الحكيمة ورجال الجيش والشرطة لإنهاء أزمة الجنود المختطفين. وأكدت الشرقاوي خلال تغريدة لها عبر موقع التدوينات القصيرة «تويتر»، ان الأمن القومي في سيناء يتطلب رؤية شاملة للتنمية بعيداً عن النظرة التلقيدية. وأضافت: "الأمن والتنمية في سيناء مساران يتكاملان ولابد أن نبدأ في تحقيقهما معاً، فالأمن سيدعم التنمية والتنمية ستدعم الأمن". كما أشاد الدكتور عمرو حمزاوى رئيس حزب مصر الحرية، بعملية تحرير الجنود السبعة المختطفين، معتبراً ذلك بمثابة نجاح عظيم لأجهزة الدولة بالتعاون مع أهل سيناء فى إطلاق سراحهم خاصة أن هذا الأمر تم دون إراقة للدماء قائلا: إن الأزمة تمت إداراتها بطريقة ناجحة. وأضاف عبر سلسلة من التدوينات بموقع "تويتر" "الآن ينبغى استثمار النجاح للتعامل الشامل مع ملفات سيناء التى تسببت فى اهتزاز سيادة الدولة. وأكد حمزاوى أن اختزال أدوات الدولة فى الأداة العسكرية والأمنية فقط خطأ فادح. كما علق الدكتور محمد نور فرحات الفقيه الدستورى قائلا :"إن المصريين تنفسوا الصعداء وارتفعت أيديهم شكراً للسماء بعد خبر إطلاق سراح الجنود المختطفين فى سيناء، دون إراقة نقطة دم واحدة"، موضحاً أنه تم الالتزام بتعليمات الرئيس، وجاء تحرير الرهائن عن طريق عملية مخابراتية نظيفة تماماً عبر التفاوض بواسطة مشايخ سيناء. وأضاف محمد نور، فى تدوينة له بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، قائلاً: "البدائل المتاحة للمقايضة هى التعهد بسلامة المختطفين وعدم ملاحقتهم". وتابع محمد نور "نحن فى انتظار البيان الرسمى الذى نرجو أن يجيب بصدق على كل التساؤلات". ووجه الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة التحية للرئيس محمد مرسى بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس الأعلى للشرطة والفريق عبدالفتاح السيسى وكلاً من رئيس الإركان وقائد الجيش الثانى ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، لجهودهم المبذولة فى عملية تحرير الجنود السبعة المختطفين. وأكد العريان على أن كل محاولات الوقيعة واستدراج مصر لمعارك وهمية ستفشل بعيداً عن المعارك الحقيقية وهى معارك البناء والتنمية. انساب الجهود إلا انه في موقف مغاير أكد الكاتب الصحفي مصطفي بكري أن خاطفون الجنود السبعة قد استسلموا ولم يكن هناك أي خيار لهم إلا ترك الجنود بعد الجهود الذي بذلتها القوات المسلحة، مشيرا إلي إنذار القوات المسلحة للخاطفين الذي أمهلهم 24 ساعة للإفراج عن الخاطفين. كما رفض البرلماني من خلال تدوينه له على موفع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، انساب جهود عودة المختطفين للرئيس محمد مرسي، و قال : " سيخرج علينا البعض من أبواق الإخوان وحلفائهم ليقولوا لنا ويزعمون كذبا إن الإفراج عن المختطفين قد تم بجهود الرئيس مرسي والرد علي ذلك لو كان حدث هذا لأعلنت الرئاسة الخبر قبل الآخرين لكن إعلان الخبر الأول جاء علي صفحة المتحدث العسكري العقيد احمد علي". و أضاف : "لو كان هناك أي جهد للإخوان أو رئيسهم لكانوا هم السباقون في الإعلان لكنهم جميعا لم يعلموا بالخبر إلا من صفحة المتحدث العسكري، ومع ذلك وبعد إن شككوا في الحل العسكري وطبطبوا علي الخاطفين جاء نزول الجيش ليحدث نقلة في الموقف فاضطر الخاطفون إلي الاستسلام دون إي شروط". كما توقع بكري أن يخرج شخص من جماعة الإخوان المسلمين ليقول أن المفاوضات تؤكد بعد النظر لمحمد مرسي، و تساءل: " لقد مضت ستة أيام والجنود مختطفون فلماذا لم يجري تحريرهم إلا بعد إن نزل الجيش ورجال الشرطة إلي سيناء وبدءوا في محاصرة ومهاجمة بعض المناطق". كما وجه بكري التحية و التقدير للفريق أول عبد الفتاح السيسي و وزارة الداخلية و مشايخ قبائل و أهالي سيناء على مجهوداتهم في عمليات الإفراج عن الجنود. مبادلة الثوار وفي موقف يدعو للسخرية ، دعت الناشطة السياسية أنجي حمدي عضو المكتب السياسي لحركة «6 أبريل» في تصريح ساخر لها إلي خطف جنود لمبادلتهم بالثوار والناشطين. وقالت أنجي حمدي من خلال تغريده لها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: "طب ما نعمل زيهم ونخطف الجنود مقابل الإفراج عن الثوار، على الأقل مطالب مشروعه ومش هنصور فيديو هابط زى اللي عملوه". وعمت الافراح المحافظات التي يقطنها الجنود المحررين حيث تشهد محافظة الشرقية فى الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، أجواء من الفرحة والارتياح، وخاصة أهالى قريتى العجامية بأبوكبير وقرية بحر البقر بمركز الحيسينة بالشرقية، بعد أن استيقظ الأهالى وأقارب المجندين "أحمد عبد البديع" ابن العجامية، و"أحمد محمد عبد الحميد" على خبر أسعد قلوب المصريين جميعا بإطلاق سراح الجنود المصريين السبعة المختطفين . كما عاشت قرية "الدير" بمركز طوخ بمحافظة القليوبية يوما من أجمل أيامها بعد سماعها نبأ نجاح القوات المسلحة في تحرير الجنود السبعة المختطفون. وسادت الفرحة العارمة أهالى القرية بعد تأكدها من سلامة ابنها، إسلام إبراهيم عباس ، أحد الجنود المختطفين من قطاع الأحراش الأمني بشمال سيناء..حيث توافد عدد كبير من أهالى القرية على منزل أسرة المجند لتقديم التهانى بعودته سالما. وعلى الرغم من من أن الشغل الشاغل لكافة وسائل الإعلام هو الكيفية التي تم بها تحرير الجنود بين العملية العسكرية أو المفاوضات إلا أن ما يهمنا في المقام الأول هو تحرير هؤلاء الجنود سالمين دون حدوث أي مكروه. وبعد تحرير الجنود يرى مراقبون أن القضية أصبحت الآن تتعلق بالأمن القومي المصري، فإما أن تكون هناك سيادة دولة قادرة علي السيطرة والحفاظ علي حدودها والتصدي للمحاولات المشبوهة لإرباك الدولة المصرية وقواتها المسلحة أو نصبح أمام العد التنازلي لهيبة الدولة.