مع قرب الذكرى الأولى لحرب أكتوبر بعد الثورة المصرية، تنشط الذاكرة وتسترجع لقطات أرشيفية لتلك الحرب التي استرد بها الجيش المصري كرامته, ولكن بعد مرور ثلاثين عاماً من توثيق التاريخ لصاحب الضربة الجوية الأولي لواء طيار محمد حسني مبارك، بدأ العديد من القادة والسياسيين والمفكرين التشكيك في حقيقتها وجدواها وذلك عقب أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير. ولا يختلف القادة العسكريين على أهمية الضربة الجوية كونها التي مهدت لباقي أسلحة القوات المسلحة القيام بدورها وتحقيق النصر, إلا أن منهم من ينتقد أن تنسب الضربة للرئيس السابق حسنى مبارك. هيكل أبرز المعارضين واللافت أن الكاتب محمد حسنين هيكل كان من أبرز المعارضين لفكرة اختصار حرب أكتوبر في الضربة الجوية، ولأنه كان أقرب لتلك الأحداث فكان رأيه هو الأكثر معارضة، حيث قال إنه كان مكلفاً من الرئيس السادات بكتابة التحركات الإستراتيجية وأن الرئيس الراحل أنور السادات قال بوضوح للفريق أحمد إسماعيل وقتها إنه يعلم أن الضربة الجوية ليست أمرا ضرورياً على الأرض، لكنه يقصد منها أمراً آخر هو استعادة الكرامة والتشجيع للقوات وقال ''العسكري في الخندق لما يلاقي طيرانه بيعدي القنال من فوقه روحه المعنوية هتبقى في السما''. وأوضح هيكل أن بداية حرب العبور كانت بضربات ثلاث مكثفة للمدافع وقوات المشاة التي تقوم بتدمير الساتر الترابي وعبور القناة، لكن الرئيس السادات طلب إشراك الطيران منذ البداية لأنه كان في رأيه محاولة للتعويض المعنوي عن نكسة 1967. وأشار إلى أن مهمة الضربة الجوية انحصرت في هدفين في سيناء فقط هما: نقطة رئيسية للإشارة ومطار حربي هام، والرئيس السابق مبارك نفسه قال هذا وقتها، بينما قوات المدفعية نفذت ضربات قوية جداً وقوات الدفاع الجوي أسقطت 47 طائرة إسرائيلية في الأيام الأولى من الحرب، مشدداً على ضرورة مناقشة كل ما قيل طيلة السنوات الماضية عن الضربة الجوية وكأنها كانت السبب الوحيد في الانتصار. وفي سياق متصل أكد اللواء طيار محمد عكاشة أحد قادة حرب أكتوبر أن الضربة الجوية أشترك في تنفيذها حوالي 5 آلاف شخص، ولم تكن من تصميم مبارك بينما قام برسم تفاصيلها اللواء محمد شبانة، رئيس غرفة عمليات بحرب أكتوبر، منوهاً إلى أن تنفيذ الضربة نفسها قد أشترك فيها حوالي 200 طيار يقوم بخدمتهم 200 مهندس و5000 ميكانيكي. وأوضح عكاشة أيضاً أنه من الأفضل لمن يريد التعرف علي حقائق حرب أكتوبر التوجه إلي مراكز الدراسات الخاصة بالقوات المسلحة بدلا من الاستماع إلي الخيال الذي يردده بعض الكتاب عن حرب لم يسمعوا عنها. كما نفى الفريق طيار صلاح الدين المناوى، رئيس العمليات الجوية في حرب أكتوبر، نسب الضربة الجوية لمبارك، وأوضح أنه شارك فقط في الإشراف عليها وتدريب الطيارين، وأن الضربة قام بها عدد من الطيارين المجهزين، فمنذ نكسة 67 قامت القيادة العامة بالتدريب والتخطيط والتجهيز لتلك الضربة . مؤيدو المخلوع وعلى صعيد آخر يرى العميد طيار أركان حرب القوات الجوية المتقاعد حلمي محمود, أن الرئيس السابق كان طوال فترة الحرب متابعا لكل صغيرة وكبيرة في سلاح الجو للتجهيز لمهام الحرب، كونه قائدا للقوات الجوية في ذلك الوقت، حيث نفذ خطة موضوعه بمهام محددة مصدقا عليها من القائد الأعلى للقوات المسلحة قبل الحرب بفترة طويلة وتم التدريب عليها. وأيد رأيه أيضاً المؤرخ العسكري جمال حماد في كتابه المعارك الحربية على الجبهة المصرية، موضحاً أنه في الساعة التاسعة والنصف صباح يوم 6 أكتوبر دعا اللواء محمد حسنى مبارك قادة القوات الجوية إلى اجتماع عاجل في مقر قيادته وألقى عليهم التلقين النهائي لمهمة الطيران المصري، وطلب منهم التوجه إلى مركز العمليات الرئيسي كي يأخذ كل منهم مكانه هناك استعداد لتنفيذ الضربة الجوية المنتظرة التي كان نجاحها يعنى نجاح خطة المفاجأة المصرية وبدء معركة التحرير.