لا زالت المخاوف من "التشيع" تؤرق الكثيرين في مصر وخاصة بعد فتح الباب مؤخرا أمام السياحة الايرانية لأول مرة منذ عشرات السنين ، والآن لم يعد الأمر يقتصر على المخاوف فقط ، وخاصة بعد أن تم الاعلان عن وجود«بؤر شيعية» في محافظة الأقصرجنوبالقاهرة . فقد أعلن حزب «النور» الجناح السياسي ل"جبهة الدعوة السلفية" في مصر الذي يعتبر من أشد الرافضين لعودة السياحة الايرانية لمصر، عن رصد "بؤر شيعية" في مدن وقرى بالأقصر الأمر الذي أثار جدلا كبيراً, وسط مطالبة العاملين في قطاع السياحة بالسماح للسائحين الإيرانيين بالدخول. 130 شيعياً فقد قال نائب رئيس الجبهة السلفية ياسر برهامي إن الأقصر بها قرابة "130 شيعياً مسلحاً", الأمر الذي نفته مصادر أمنية رفيعة بشرطة الأقصر. وأوضح الداعية السلفي "ان خلافنا مع الشيعة اختلاف فى العقيدة والأصول، وليس كما يزعم البعض أنه اختلاف فى الفروع، وضرب مثالاً على ذلك باعتقاد الشيعة بعصمة الأئمة الاثنى عشر، وهم عندهم مقدمون على الأنبياء والملائكة، كما يغالون فى آل البيت ويصفونهم بالربوبية ويصرفون لهم العبادات ويتقربون لهم بها من دون الله". وكشفت مصادر في الأمانة العامة لحزب النور عن قيام لجان الحزب بمدن ومراكز وقرى المحافظة بعمليات حصر دقيق لأماكن تواجد الشيعة في المحافظة, للرد على من يستبعدون وجودهم. وأكدت مصادر في الحزب وجود أنشطة لنشر التشيع وإقامة حسينيات وإن كان نشاطها محدوداً, موضحة أن نشر التشيع يتم عن طريق بعض الحركات الصوفية المرتبطة بمؤسسات من الخارج. وأشارت إلى حكم المحكمة التأديبية بقنا أخيراً, بوقف مدرس اتهم بالترويج للفكر الشيعي وسب الصحابة بمدرسة كومير الإعدادية بإسنا, جنوب المحافظة. كما كشفت المصادر أن أمانة الحزب بدأت تنظيم فاعليات ومؤتمرات جماهيرية في المحافظات وكافة للتعريف بالخطر الشيعي من خلال حملة "الشيعة هم العدو فاحذرهم" . سلاسل بشرية وكان حزب النور والدعوة السلفية قد تبنيا حملة لمحاربة التشيع في مصر من خلال مؤتمرات جماهيرية ولقاءات داخل الجامعات لقطع العلاقات المصرية الايرانية . وفي مارس الماضي شارك حزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الإسلامية بالأقصر في الدعوة إلى عمل سلسلة بشرية تحت شعار "لا للتشيع في مصر" بالاتفاق مع أئمة المساجد، وذلك في إطار الدعوة إلى محاربة الشيعة داخل الأقصر. وقال الدكتور أيمن جاد الرب المتحدث الإعلامي للجماعة :"إن الجماعة الإسلامية تدعو كل القوى الإسلامية إلى محاربة التشيع خاصة بعد وصوله إلى جنوب مصر, وظهور دعوات للانضمام إليهم". وأوضح أن الحركات الإسلامية بالأقصر بالاتفاق مع أئمة المساجد تقوم بعمل سلسلة بشرية تمتد بميدان التليفزيون وميدان صلاح الدين . «هم العدو فاحذرهم» واستمرارا لمحاربة السلفيين لنشر التشيع ، قامت الدعوة السلفية بمحافظة الأقصر خلال الشهر الماضي منشورات أمام مساجد المحافظة عقب صلاة الجمعة تحت عنوان "الشيعة.. هم العدو فاحذرهم". ووصف المنشور السلفي الشيعة بأنهم الخطر الكبير والشر العظيم وأن شعارهم الكذب ودينهم اللعن وتكفير الصحابة والطعن فى أعراض أمهات المؤمنين". وأضاف المنشور: أن الشيعة يزعمون أن الصحابة ارتدوا إلا 7 منهم على اختلاف بينهم، وأنهم يكفرون أهل السنة والجماعة ويتهمونهم بالكفر، وأن هناك تشابهًا بين اليهود والرافضة؛ لأن اليهود حرفوا التوراة والشيعة حرفوا القرآن، واليهود يبغضون جبريل وكذلك الرافضة يقولون إن جبريل أخطأ بالوحي إلى محمد. وأشار المنشور إلى بعض خيانات الشيعة عبر التاريخ مثل الوزير العلقمى الذى سلم العراق للتتار بعد أن قتلوا 1.8 مليون شخص من أهلها واغتصبوا النساء وقتلوا الأطفال ونجسوا المساجد بخيولهم. وفى العصر الحديث اقتحمت ميليشيات أمل الشيعية مخيمي صبرا وشتيلا واعتقلوا جميع العاملين بمستشفى غزة، وفى بلاد الهند ساعدوا أعداء الإسلام والهندوس في قتل أهل السنة، وليس ببعيد ما يحدث في الأحواز العربية وفى البحرين وفى غيرها. كما حذر المنشور من تساهل القيادة الحالية للبلاد فى التحذير من خطر الشيعة، ووصل الأمر إلى تعيين مستشار لوزير الإعلام رافضي المذهب ثم زيارة وزير السياحة لإيران، ثم زيارة رئيس الوزراء للعراق كإحدى الحكومات الشيعية. وخلال الاسبوع الحالي هددت حركات سلفية بمداهمة منازل المتورطين في نشر التشيع، مشيرة إلى أنها أعدت خطة لمحاصرة المد الشيعي، وذلك من خلال رصد الشخصيات التي تحرص على التعامل مع إيران وتنفيذ مشروع نشر التشيع فى مصر. وقال وليد إسماعيل منسق ائتلاف "الدفاع عن آل البيت والصحب"، إنه من خلال رصد خريطة التحركات الإيرانية، تبين أن البؤر الشيعية تتركز في محافظات "الإسكندريةوالشرقية ومحيط منطقة السيدة زينب"، مشيرًا إلى أن الائتلاف أبلغ الأجهزة الأمنية بهذه المناطق، إضافة إلى عناوين هذه الشخصيات لإمكان محاصرتهم والقبض عليهم خلال أيام قليلة. وأكد إسماعيل أن الدعوة السلفية تتواصل فى منهجها نحو محاصرة الشيعة عن طريق التحرك الميداني، إضافة إلى العمل الجماهيري من مؤتمرات وغيرها لنشر الوعي لدى المواطنين والتحذير من الشيعة. وقال علاء السعيد أمين عام ائتلاف الدفاع عن الصحب والآل، إنه تم بالفعل اكتشاف عدد من الحسينيات والبؤر الشيعية فى مناطق عدة في محافظات الجمهورية، مشيرًا إلى أن الأماكن التي سيبدأون بمحاصرتها، هى: مدرسة في المهداوية في الدقى ورأس غارب البحر الأحمر ومدينة 6 أكتوبر. فيما أكد جمال شحاتة القيادي بالحرية والعدالة، أن الحزب كثف جهوده للتغلب على تلك الأزمة من خلال تشكيل لجنة تضم أعضاء من لجنة السياحة في الحزب، إضافة إلى رموز في محافظات الشرقيةوالإسكندرية لإجراء حوار شامل بين أبناء التيار السلفي وهشام زعزوع وزير السياحة للاتفاق على إمكان استفادة مصر من السياحة الإيرانية والابتعاد عن نشر الأفكار الدينية لأنها أكثر ضررا على المجتمع. وقال اللواء محمود جوهر، الخبير الأمني ومدير أمن قنا السابق، إن الأمن العام هو الذى يتولى ملف مداهمات أصحاب الأفكار الضارة للمجتمع من خلال تنسيق مع الأهالي والمواطنين، ويتم القبض على المتهمين فى نشر أي أفكار هدامة للمجتمع، موضحًا أن الأمن الوطني لا ينسق مع أفراد أو فصائل اجتماعية بعينها، وإنما مهمته جمع المعلومات تجاه أى شائعات أو نشر أفكار أو أي مخاطر تحيط بالمجتمع ليتم بعدها إرسالها إلى وزير الداخلية مباشرة ليمكن بعدها التحرك الميداني وإصدار أوامر بالقبض على المتورطين. وأشار جوهر إلى أنه لا يجب تفويض أي أشخاص بمداهمة المنازل، مشيرًا إلى أنه أمر سلبي، ولابد أن يتم من قبل قوات الأمن، ومن خلال تعاون الأهالى دون تعدٍ على أشخاص أو إلقاء التهم دون أدلة واضحة. سب الصحابة وفي يناير الماضي قررت محكمة القضاء الادارى بقنا برئاسة المستشار ابراهيم جلال وقف « مدرس» 6 شهور مع خصم نصف راتبه ، وذلك بتهمة الترويج للفكر الشيعى وسب الصحابة بمدرسة «كومير» الإعدادية باسنا التابعة لمحافظة الأقصر . واستندت المحكمة فى حكمها فى القضية رقم 115 لسنة 21 قضائية ، إلى أن المتهم قام بالإخلال بالمظهر اللائق للموظف . وكان محسن محمد الصغير مدرس بمدرسة القرايا الإعدادية باسنا قد تقدم ببلاغ ضد محسن أبازيد أحمد عبدالعال مدرس بمدرسة كومير الإعدادية باسنا يتهمه فيه بسب الصحابة رضوان الله عليهم وايضا دعوته الى التلاميذ باعتناق الفكر الشيعى وتعديه قولا على أمهات المؤمنين « زوجات الرسول» عليهن الصلوات والتسليم . الأمن ينفي وفي الوقت الذي أكدت فيه الجبهة السلفية اكتشاف بؤر شيعية ، أكدت مصادر أمنية أن هذا الكلام عارٍ عن الصحة ، حيث نفت الأجهزة الأمنية بالأقصر ما قاله الدكتور ياسر برهامى عن وجود ما يقرب من 130 شيعياً مسلحاً بالمحافظة ، موضحة عدم وجود أى دليل على ذلك وأن هذا الأمر من شأنه اثارة البلبلة وزعزعة الأمن داخل المحافظة السياحية. وربط خبراء سياحيون بين ما يعلنه السلفيون عن الخوف من التشيع ورفض دخول سائحي إيران لمصر وبين مواقف سياسية لتيارات بعينها ضد عودة العلاقات بين البلدين. وقال محمد عثمان نائب رئيس غرفة وكالات وشركات السفر والسياحة في الأقصر إنه "لا خوف على مصر من السياح الإيرانيين" وأنه يرحب "وبقية المصريين بالسياح الإيرانيين وغيرهم من سياح العالم لأنه وكما يقول البعض فان السياحة لا دين لها ودينها الإنسانية ومصر تستقبل الجميع دون أن تتأثر". وأشار إلى أن "السائح الإيراني ينفق ثلاثة أضعاف ما ينفقه السائح الأوروبى" واصفا ما يشاع بشأن نشر التشيع بمصر بأنه شيء مبالغ فيه. وكان الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح السابق للرئاسة قد تحدث مؤخرا في مؤتمر جماهيري بالأقصر عن العلاقات مع إيران حيث أكد على ان هذا "يتوقف على المصلحة الاقتصادية او تبادل المصالح مع إيران فإذا كان لدينا مصلحة مع إيران فنحن نرحب بها وهذا لا يمت بصله بالأقاويل حول انتشار التشيع بدخول الايرانيين وغيرها فالشعب المصري لا ينتظر من أحد ان يعلمه دينه وهذا جزء من مفهوم الاستقلال الوطني والذي يتوقف على مصلحة مصر فقط". وأضاف :"لابد أن يقوم على تبادل المصالح مع كل البلاد كما أننا لا نسمح بالعبث بمصر فلا يوجد من يستطيع أن يؤثر على هوية مصر لا إيران ولا أمريكا ولا غيرها ويجب ألا نصغى لحالات التشويه للدين المنتشره هذه الأيام متسائلا لماذا لا نفعل هذا مع السياحة الإسرائيلية التي تدخل أفواج منها يوميا وآخرها أكثر من 1000 سائح الذي يقدرون على تحويل مصر إلى دولة صهيونيه وليست اسرائيليه فقط ونثير كل هذا اللغط حول 34 سائح إيراني أعتقد هذا عيب ولا يجوز ". جنازة رمزية وبتابوت على شكل مومياء فرعونية، شيع أبناء الأقصر «السياحة» فى جنازة رمزية، جابت شوارع المدينة بشعار «صرخة»، احتجاجاً على استمرار الأزمة التى يشهدها القطاع، وبدأت مراسم التشييع من أمام معبد الكرنك، وشارك فيها عدد من السياح الأجانب، وممثلى القوى السياسية والعاملين بالسياحة، وحمل التابوت الذى يرمز للسياحة أربعة من شباب المدينة ارتدوا الزى الفرعونى، حتى وصلوا إلى معبد الأقصر وسط أنغام الموسيقى الجنائزية. ونظم المحتجون وقفة بالشموع فى ساحة معبد الأقصر تعبيراً عن مدى الحزن الذى يعيشه أبناء المدينة بسبب حالة الركود السياحى، وقال يوسف مرتضى عامل فى بازار سياحى: «إن جماعة الإخوان وشركاءهم فى الحكم تسببوا فى «موت» السياحة بالمدينة، بعد أن أصبحت مأوى للبلطجية وقطاع الطرق، ونسمع يومياً عن تحرشات وعمليات سرقة ونصب يتعرض لها السياح دون أن يتحرك أحد لردع هؤلاء ومنعهم من تشويه سمعة الأقصر. وأضاف أن المشاركين فى الفعاليات يرفضون مشاركة أعضاء الحزب والجماعة بالأقصر، لأنه لا يجوز أن يقتلوا السياحة ويسيروا فى جنازتها. يأتي ذلك نظراً لحالة الركود السياحي الذي تشهده مصر منذ قيام الثورة في ظل الانفلات الأمني الذي تعاني منه معظم المحافظات ..... وفي النهاية نتساءل هل التشيع في مصر ستنحصر في المخاوف فقط أم ستتحول إلى حقيقة ؟.