"التوحد".. أحد أشكال اضطرابات النمو العامة التى تظهر فى السنوات الثلاث الأولى من العمر"، وتضم الصورة الإكلينيكية له: "قصور التواصل اللفظى والنشاط التخيلي، وقصوراً نوعياً فى التفاعلات الاجتماعية المتبادلة، وإظهار مدى محدود جداً من النشاطات والاهتمامات. ويحتفل العالم اليوم باليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد، ففي 26 مارس 2008 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا باعتبار يوم 2 أبريل من كل عام، يوما ًعالمياً للتوعية بمرض التوحد.
وأشارت الأممالمتحدة في قرارها إلى، أن مرض التوحد يعيق النمو مدى الحياة، وتظهر علاماته خلال الأعوام الثلاثة الأولى من العمر، وينجم عنه اضطراب عصبي يؤثر على وظائف المخ.
وغالباً ما يصيب الأطفال في بلدان عديدة بصرف النظر عن نوع الجنس أو العرق أو الوضع الاجتماعي و الاقتصادي، ومن سماته العجز عن التفاعل الاجتماعي وصعوبة في التعبير بالكلام وبأي وسيلة أخرى، وإتباع نمط محدد ومتكرر من التصرفات والاهتمامات والأنشطة.
ويترتب على انتشاره وارتفاع معدلات الإصابة به تحديات إنمائية على المدى الطويل، كما أن له أثر هائل على الأطفال وأسرهم وعلى مجتمعاتهم المحلية ومجتمعاتهم الوطنية، وأشارت الجمعية العامة للأمم المتحدة في مسودة قرارها إلى أنها تشعر ببالغ القلق إزاء انتشار مرض التوحد وارتفاع معدلات الإصابة به لدى الأطفال في جميع مناطق العالم، وما يترتب على ذلك من تحديات إنمائية على المدى الطويل لبرامج الرعاية الصحية و التعليم والتدريب.
أعراض التوحد
وقد حددت الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين 18 سمة من سمات التوحد يجب أن تنطبق 8 منها على الأقل حتى يشك بوجود إصابة توحد لدى الطفل وهذه السمات هى: - عدم المناغاة فالطفل لا يصدر أصوات المناغاة مثل غيره من الأطفال. - يتفادى التواصل البصرى مع الآخرين، بحيث لا ينظر فى عينى من يكلمه. - لا يحب أن يحتضنه أو يحمله أحد. - يحب الروتين ويصر على تكرار السلوك ويرفض التغيير فى البيئة. - لا يهتم بمن حوله، ويتجاهل كل المحيطين به. - يظهر حركات نمطية متكررة مثل: هز الجسم أو الرأس، ورفرفة الأصابع أو اليدين. - يعانى استجابات حسية غير طبيعية فلا يشعر بالألم أو الحرارة. - لا يحس بالخطر ولا يخاف منه. - يتعلق بشكل غير طبيعى بالأشياء. - يظهر نوبات من غضب وقلق وأحيانًا بكاء دون سبب منطقي. - يضحك ويقهقه دون أى سبب. - لا يستجيب للإيماءات اللفظية ويتصرف وكأنه لا يسمع. - يكرر كلام الآخرين والعبارات التى يسمعها بشكل تسجيلى. - تخلو طريقة لعبه من الخيال والإبداع، ويظل يلعب لفترة طويلة. - يصعب عليه فهم انفعالات وعواطف الآخرين ولا يتجاوب مع ابتساماتهم. - يصعب عليه التعبير عن احتياجاته ويستخدم الإشارة أو الإيماءات للتعبير عن الكلمات. - يفضل البقاء وحيداً ولا يحب اللعب مع الآخرين. - يعانى فرط حركة ونشاطا زائدا أو خمولا بدنيا واضحا ومبالغا فيه.
وأوضح العلماء أن الاضطراب فى الإدراك عند طفل التوحد وما ينتج عنه من صعوبة التعامل مع المحيط الخارجى يؤدى فى النهاية إلى هروب هذا الطفل من التعامل مع الأشخاص إلى التعامل مع الأشياء والانعزال والوحدة ومن هنا جاء اسم "التوحد".
العلاج
هناك عدة اختبارات خاصة والاستبيانات الخاصة بتشخيص التوحد مثل: اختبار كارس وهى أسئلة توجه للوالدين، إضافة إلى ضرورة مراقبة الطفل من قبل بالأسرة مثل الاختصاصيين والأطباء.
وبعد التشخيص يأتى التقييم الذى يركز على معرفة قدرات الطفل ونقاط القوة والضعف لديه، ومن ثم اختيار أفضل طريقة للعلاج وغالباً ما يتطلب التقييم عددًا من المتخصصين فى علم النفس، والنمو، والعلاج الوظيفى، إضافة إلى اختصاصى فى التربية الخاصة والنطق والتأهيل. أما علاج التوحد فهو يختلف من طفل إلى آخر، لأن أعراضه تخف وتشتد من مصاب إلى آخر، وليس هناك علاج واحد أو دواء بمفرده لعلاج التوحد، ولكن هناك مجموعة من الحلول الفعالة فى تقويم وتعديل السلوك وهى ثلاثية الأبعاد: نفسية، واجتماعية، ودوائية. بالنسبة للعلاج الدوائى يكون على مرحلتين: الأولى: استعمال الفيتامينات والمعادن والمكملات الغذائية والأملاح المعدنية الضرورية للجسم، خاصة أنه لوحظ عند أغلب أطفال التوحد وجود نقص فى فيتامين "ب" الذى يساهم فى صناعة الإنزيمات التى يحتاجها الدماغ والتى تساعد على تحسين الانتباه والتركيز.
كذلك تطبق ضمن المرحلة الأولى من العلاج الدوائى حمية الكازيين (الحليب ومشتقاته)، وحمية الجلوتين (القمح، والشعير، والشوفان)، وأيضًا اختبارات الحساسية للطعام، والغرض من هذه الحميات والاختبارات هو معرفة مدى تأثر الطفل بالحمية الغذائية، فقد يعانى حساسية لبعض أنواع الأطعمة وخاصة الكازيين والجلوتين، وبالتالى فإن استبعادهما من النظام الغذائى يساعد فى تعديل بعض السلوكيات. أما المرحلة الثانية من العلاج الدوائى فتجرى خلالها اختبارات المناعة، واختبارات المعادن، والتخلص من المعادن الضارة والثقيلة مثل الزئبق، وأحيانا قد يضطر الطبيب للجوء إلى بعض العقاقير التى تساعد فى تصحيح سلوكيات مرافقة لهذا الاضطراب مثل: فرط الحركة، والقلق، ونقص القدرة على التركيز والصرع.
ويمكن علاج "التوحد" نفسيًا باستخدام طرق عدة أهمها: طريقة لوفان "العلاج السلوكي" التى تقوم على مكافأة الطفل على السلوك الجيد أو على عدم ارتكاب سيئ، كما يتم عقابه بحرمانه من شىء يحبه مثلا على سلوك خاطئ. وهناك طريقة "التعليم المنظم" التى تهدف إلى تنظيم محيط الطفل، من حيث الزمان والمكان حتى يمكنه التنبؤ بما سيحصل لاحقا ولا يكون سببًا فى إرباكه، الأمر الذى يزيد من اعتماد الطفل على نفسه، ولا ننسى فى الجانب النفسى أهمية جلسات التخاطب حيث يستعمل اختصاصى التخاطب البطاقات الملونة وسيلة لتعليم الطفل الكلمات والجمل، ما يقوى الجانب اللغوى والتواصل اللفظى عنده.