"الحرس الرئاسي" أو الخدمة السرية للحماية في الولاياتالمتحدةالأمريكية تأسست عام 1865 ومنذ ذلك الحين ترأسها الرجال فقط ، وهذه الخدمة تتولى مهمة حماية القادة السياسيين في الولاياتالمتحدة، وعائلاتهم، ومن بينهم الرئيس، إضافة إلى التحقيق في الجرائم المالية. إلا أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قرر أمس الثلاثاء ، عن اختياره جوليا بيرسون، لتكون بذلك أول امرأة تتبوأ منصب رئيسة جهاز الخدمة السرية، وهو ما فسره البعض أنه محاولة لتدارك فضيحة "الدعارة" التي طالت دبلوماسيين أمريكيين في كولومبيا قبل زيارة أوباما لها العام الماضي .
30عاماً بالخدمة وصدر بيان عن البيت الأبيض عن الرئيس باراك أوباما تضمن صفات جوليا، التي رشحتها لتشغل هذا المنصب وتضمن: "دأبت جوليا على تجسيد روح التفاني التي يتحلى بها الرجال والنساء في الوكالة كل يوم. وتتمتع بسجل مهني مثالي، وأعرف أن هذه التجارب والخبرات ستوجهها لتتولى المسئولية عن هذا التحدي الجديد وهى تقود الرجال والنساء المتميزين لهذه الوكالة المهمة".
ولا يستلزم التعيين في هذا المنصب التصديق عليه من مجلس الشيوخ الامريكي، وبالتالي تكون جوليا بيرسون رئيسة للخدمة السرية، وخلفاً لمارك سوليفان الذي تقاعد في فبراير/ شباط الماضي ، بعد ان كشف تورط جهاز الخدمة السرية العام الماضي في فضيحة دعارة.
وعملت بيرسون منذ 3 أغسطس 2008 بمنصب كبيرة الموظفين في وكالة الخدمة السرية، وأمضت 30 عاماً فيها، بعد أن انضمت إلى جهاز الخدمة السرية في العام 1983 كعميلة خاصة في ميامي، وكانت قبلها شرطية في مركز شرطة أورلاندو، وهي حائزة على إجازة من جامعة "سنترال فلوريدا". وستتولى "بيرسون" الجهاز المكلف بحماية الرئيس وعائلته والتحقيق في الجرائم الإقتصادية.
وفسر الكثيرون قرار أوباما بتعيين امرأة بهذا المنصب، كمحاولة لتغيير الأجواء السائدة ضمن الجهاز، وأن يعيد "السمعة الطيبة" له بعد أن ذاع صيت فضيحة شملت قيام موظفين فيه باصطحاب بائعات هوى الى غرفهم بفندق في مدينة قرطاجنة بكولومبيا، قبيل زيارة اوباما إلى تلك الدولة في إطار المشاركة في قمة الأمريكتين العام الماضي.
فضيحة الدعارة ففي ابريل الماضي أعلن جهاز الخدمة السرية الأمريكي الاستغناء عن 3 عملاء على خلفية الفضيحة المتهم بالتورط فيها 11 عميلا وعاهرات أثناء الإعداد لزيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لكولومبيا. وأعلن سان بول موريسي مساعد مدير مكتب الشئون الحكومية والعامة التابع للجهاز هذا في بيان نصي.
وجاء في البيان أن "على الرغم من أن التحقيق الذي يجريه جهاز الخدمة السرية في المزاعم بشأن سوء السلوك من قبل موظفيه في كارتاجينا بكولومبيا ما زال في مراحله الأولى، سوف يتم الاستغناء عن 3 أشخاص من المتورطين".
وورد أيضا أن الجهاز سمح لموظف إشرافي بالتقاعد "وتم تقديم اقتراح لآخر بالفصل المبرر عن العمل". وفضلا عن هذا، فقد استقال موظف غير إشرافي آخر.
وتم توجيه إنذار للموظف الذي حصل على اقتراح بالفصل عن العمل ومن المقرر السماح له بمواجهة هذا الفصل قانونا، وفقا لجهاز الخدمة السرية.
أما العملاء الثمانية الباقون فما زالوا يخضعون للإجازة الإدارية مع تعليق تراخيصهم الأمنية. وبالإضافة إلى هذا يخضع بعض عملاء الجهاز للتحقيق على خلفية احتمال تعاطي مواد مخدرة.
وكان 11 عميلا من جهاز الخدمة السرية، المكلف بحماية الرئيس أوباما، قد اتهموا بسوء السلوك أثناء عملهم في كارتاجينا بكولومبيا حيث شارك أوباما في قمة عقدت هناك . وكان الضباط الأمريكيون المكلفون بتأمين زيارة أوباما إلى كولومبيا قد استأجروا عددًا من المومسات، غير أن إحداهن رفضت مغادرة الغرفة في اليوم التالي سوى بتقاضي مزيد من المال، حتى جاءت الشرطة. واتسع نطاق الفضيحة بعد تسرب أنباء عن تورط ما لا يقل عن 10 عسكريين أمريكيين أيضًا في الفضيحة التي شاركت بها نحو 21 عاهرة في فندق العملاء. وكان الرجال يقيمون في قرطاجنة ضمن وفد مسؤول عن تسيير العمل قبيل زيارة أوباما للمشاركة في قمة الأمريكتين في قرطاجنة.
ووفقا لتقارير إعلامية أمريكية فإن الاتهامات تتعلق بتورط العملاء في نشاطات تشمل الدعارة قبيل وصول أوباما إلى كولومبيا يوم الجمعة.
وكشفت تقارير صحفية ان نحو 100 ضابط في جهاز الخدمة السرية الأمريكي تلقوا على تدريبًا يتعلق بالأخلاق، وذلك على خلفية هذه الفضيحة .
وكتبت صحيفة "الديلي تليجراف" تقول: إن الجهاز الأمني الأمريكي نظَّم التدريب أولاً ل20 عضوًا، لكن من المتوقع توسيع البرنامج بعد الكشف عن تورط 12 من الضباط باستئجار مومسات في قرطاجنة، حيث كان الجهاز يؤمن زيارة الرئيس بارك أوباما لكولومبيا. وأعلن الجهاز قواعد سلوكية جديدة لضباطه، تشمل منعهم من الشرب المفرط أو جلب أجانب إلى الغرف التي يقيمون بها. وقال وزير الدفاع السابق ليون بانيتا عقب تعليق عمل الضباط المتورطين: "أكثر ما يهمني هو قضية الأمن، وما قد يسفر عنه هذا السلوك من خطر". ويجري كل من الجيش الأمريكي وجهاز الخدمة السرية الأمريكي تحقيقات في الفضيحة.
وذكرت وكالة الخدمة السرية الأميركية الشهر الماضي أن عنصرين آخرين بالوكالة استقالا منها بسبب فضيحة كولومبيا، ليرتفع عدد المستقيلين إلى 8 عناصر تركوا الخدمة بالوكالة بسبب سلوكهم قبيل زيارة أوباما إلى كولومبيا. ويتم حاليًا تجريد عنصر آخر من تصريحه الأمني، ما سيدفعه في نهاية المطاف إلى ترك الخدمة، بحسب ما قاله المدير المساعد للوكالة بول موريسي في بيان. فيما تمت تبرئة 3 من بين 12 عنصرًا متورطين في الفضيحة من تهمة سوء السلوك الخطير، وسوف يواجهون "إجراءً إداريًّا مناسبًا".
الحد من الكحوليات وخلال العام الماضي أيضا تم حظر جهاز الخدمة السرية الأمريكية الإفراط في شرب الكحوليات، واصطحاب مواطنين أجانب للفنادق خلال الجولات الخارجية، وذلك في أعقاب هذه الفضيحة .
وحظرت قواعد السلوك الجديدة زيارة "الأماكن التي لا تحظى بسمعة طيبة" التي تشمل على الأرجح نوادي التعري وفرضت على أفراد الخدمة السرية الالتزام بالقوانين الأميركية حتى في حال السفر خارج البلاد.
ونقلت وكالة "رويترز" للانباء عن متحدث باسم الخدمة إن الإجراءات الجديدة أصبحت سارية المفعول فور صدورها .
وصدرت القواعد الجديدة بعد أسبوعين من فضيحة بشأن مزاعم قيام عملاء من الخدمة السرية وعسكريين باصطحاب عاهرات إلى فنادقهم خلال ليلة أفرطوا خلالها في تعاطي الكحوليات بمدينة قرطاجنة الكولومبية قبيل وصول الرئيس الأمريكي باراك أوباما لحضور اجتماع قمة.
وبدأت الخدمة السرية بعدها تحقيقا آخر في مزاعم بوقوع سلوكيات مشابهة قبيل جولة رئاسية في العام الماضي إلى السلفادور، وهو تقرير يبدو أنه سيناقض بيانات حكومية رسمية وصفت الرواية الكولومبية بأنها غريبة للغاية.
وأصدرت الخدمة السرية القواعد الجديدة في إطار سعيها لإغلاق فصل يمثل أسوأ قضية انحراف سلوكي خلال عقود أحرجت الولاياتالمتحدة وخيمت على مشاركة أوباما في اجتماع قمة الأمريكيتين.
مخاطر تهدد الرؤساء وفي أواخر 2009 أظهر تقرير سري لجهاز الخدمة السرية المعني بحماية الرئيس الأمريكي أن إجراءاته الأمنية اخترقت 91 مرة منذ ثمانينيات القرن الماضي، آخرها اقتحام الزوجين طارق وميشال صلاحي عشاء الدولة الذي أقامه الرئيس الأمريكي باراك أوباما على شرف رئيس الوزراء الهندي مانوهان سينغ الشهر الماضي.
وحصلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على ملخص لتقرير سري أعده جهاز الخدمة السرية في العام 2003، وهو يعتبر أكثر التقارير محاسبة له على إخفاقاته، فذكر فيه أن مسئولين عن الأمن سمحوا عن طريق الخطأ بدخول عائلة في شاحنة صغيرة إلى البيت الأبيض، ورجل يعتقد أنه عامل توصيل وامرأة زعمت أنها "على علاقة خاصة|" بالرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون.
وأظهر التقرير أن المعتدي الوحيد الذي ألحق أذى برئيس أمريكي في العقود الثلاثة الماضية كان جون هينكلي الذي أطلق النار على الرئيس رونالد ريجان في العام 1981 وأصابه من خارج مربع أقامه جهاز الخدمة السرية. لكن التقرير يشير إلى أن لائحة الانتهاكات تؤكد وجود مكامن ضعف كثيرة يمكن لمن يحاولون اغتيال الرؤساء استغلالها.
وأكد المسئول في الجهاز إدوين دونوفان صحة التقرير السري قائلا إنه استخدم لتدريب عملاء وضباط لتحسين عمليات الوكالة.
وقال دونوفان هذه الوثيقة تعكس المحاولة لتقييم أمننا ورفع مستوى وعي العملاء والضباط بشأن عملهم، فلا بد أن نكون قلقين بشأن التهديدات التي يتعرض لها من نحميهم في كل وقت سواء في البيت الأبيض أو خارجه.
وأشار إلى أنه في العام 2008 فقط تمكن الجهاز من حماية 34 قائدا أمريكيا و222 من المرموقين في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، بالإضافة إلى زوجات وأقارب المسؤولين في آلاف المواقع داخل الولاياتالمتحدة وخارجها.
وذكرت الصحيفة أن اللائحة التاريخية لخروق المربع الأمني تشير إلى أن ثمانية خروق حصلت منذ العام 1980 من قبل دخلاء تمكنوا من الوصول إلى الرئيس شخصيا، أو إلى شخص خاضع لحماية جهاز الخدمة السرية المكلف بحماية الرئاسة، كان آخرها المحاولة الناجحة للزوجين صلاحي.
ويرسم ملخص التقرير صورة مزعجة لمدى صعوبة منع الدخلاء، أو المختلين عقليا، من الدخول رغم أنه لم تحصل أية هجمات عنيفة ولم يسجل أي خطر إرهابي أو منظم ، لكنه يؤكد تحقيق نجاح في الحؤول دون اختراقات معينة.
لكن أحد المسئولين في الجهاز قال إن إجراءات الأمن المشددة في البيت الأبيض بعد الهجوم على قوات المارينز في العام 1983، وتفجير المبنى الفدرالي في أوكلاهوما في العام 1995 واعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، قلصت عدد الدخلاء الذي تمكنوا من تسجيل اختراق.
حماية مدى الحياة هذا وقد أقرت الولاياتالمتحدة في ديسمبر الماضي قانونا ينص على حراسة الرؤساء الأمريكيين وزوجاتهم مدى الحياة.
وعلل النواب قرارهم بأن التهديدات الإرهابية بحق المسئولين السابقين، ازدادت بعد أحداث 11 أيلول / سبتمبر 2001 ، كما أن الرؤساء السابقين يقومون الآن بنشاطات أكثر من السابق. وكان قانون أمريكي اتخذ في العام 1994، ينص على حماية الرؤساء السابقين لمدة 10 سنوات بعد انتهاء فترات ولايتهم.