يُحكَى أن الإمام علياً كرم الله وجهه ورضي عنه أقبل على قوم وقال لهم: أي آيةٍ في كتاب الله أَرْجَى عندكم؟ فقال بعضهم: هي قول الحق سبحانه: { إِنَّ 0للَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ } [النساء: 116]. فقال الإمام علي: حسنة، وليست إياها؟ (أي حسنا ولكن ليست هى المقصودة) فقال بعض القوم إنها قول الحق سبحانه: { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ 0للَّهَ يَجِدِ 0للَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } [النساء: 110]. فكرر الإمام علي: حسنة، وليست إياها. فقال بعض القوم: هي قول الحق سبحانه: { قُلْ يٰعِبَادِيَ 0لَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ 0للَّهِ إِنَّ 0للَّهَ يَغْفِرُ 0لذُّنُوبَ جَمِيعاً } [الزمر: 53]. فقال الإمام علي: حسنة، وليست إياها: فقال بعضهم: هي قوله سبحانه: { وَ0لَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ 0للَّهَ فَ0سْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ 0لذُّنُوبَ إِلاَّ 0للَّهُ }[آل عمران: 135]. فقال الإمام علي: حسنة، وليست إياها. فصمت القوم وأحجموا، فقال الإمام علي كرَّم الله وجهه: ما بالكم يا معشر المسلمين؟ وكأنه يسألهم: لماذا سكتم؟.. فقالوا: لا شيء. وهكذا جعل الإمام علي التشويق أساساً يبني عليه ما سوف يقول لهم واشرأبت أعناقهم، وأرهفوا السمع، فقال لهم الإمام علي: سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أَرْجَى آية في كتاب الله هي قول الحق سبحانه: { وَأَقِمِ 0لصَّلاَةَ طَرَفَيِ 0لنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ 0لَّيْلِ إِنَّ 0لْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ 0لسَّيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } [هود: 114]. يا علي إن أحدكم ليقوم من وضوئه فتتساقط عن جوارحه ذنوبه، فإذا أقبل على الله بوجهه وقلبه لا ينفتل أي: لا يلتفت إلا وقد غفر الله له كل ذنوبه كيوم ولدته أمه؛ فإذا أحدث شيئاً بين الصلاتين فله ذلك، ثم عدَّ الصلوات الخمس واحدة واحدة، فقال بين الصبح والظهر، وبين الظهر والعصر، وبين العصر والمغرب، وبين المغرب والعشاء، وبين العشاء والفجر، ثم قال صلى الله عليه وسلم: " يا علي إنما الصلوات الخمس لأمتي كنهر جارٍ بباب أحدكم، أو لو كان على جسد واحد منكم درن ثم اغتسل في البحر، أيبقى على جسده شيء من الدرن؟ قال: فذلكم والله الصلوات لأمتي ".