أثار تقرير التنافسية في السياحة والسفر لعام 2013، الصادر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الدولية "OECD"، والذي يشير إلى تراجع ترتيب "مصر" إلى المركز ال(85) من بين (140) دولة، الكثير من الشكوك والمخاوف حول مستقبل السياحة في "مصر"، باعتبارها أحد المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية بشهادة الكثيرين من خبراء الاقتصاد والسياحة. وفي هذا الصدد، سنتعرف على أسباب هذا التراجع، وتقديم عدد من الاقتراحات؛ من أجل تنمية وإنقاذ القطاع السياحي. عوامل التراجع إن تراجع "مصر" في قطاع السياحة يرجع إلى عدد من التحديات التي تواجه القطاع، والمتمثلة بشكل كبير في غياب الأمن والأمان والاستقرار في البلاد، فتعاني "مصر" حالياً من اضطراب أمني شديد؛ أدى إلى وقوع العديد من عمليات الاختطاف للسائحين والمساومة بهم، علاوة على انتشار البلطجة والعنف بشكل كبير، واستمرار حالة المظاهرات والعنف بعد الثورة؛ مما أثر سلباً على مختلف القطاعات، وبالأخص قطاع السياحة.
وأرجع البعض تراجع السياحة إلى استمرار حالة الضبابية في الموقف السياسي، وبالرغم من وجود بعض السلطات في الدولة مثل السلطة التنفيذية المنتخبة، إلا أن أركان الدولة لم تكتمل بعد، ولا سيما في ظل الصراعات المستمرة بين القوى السياسية حول عدد من القضايا المهمة.
كما أرجع المحللون تراجع القطاع إلى تدهور الوضع الاقتصادي، فأشار البعض إلى أن رفع قيمة أسعار السولار كان له عدة تبعات سلبية، تمثلت في ارتفاع أسعار الغرف الفندقية، مما أدى إلى تراجع الأعداد الوافدة إلى "مصر". وهناك من يرى بأن الانطباع الخاطئ عن السياحة، وعدم التوعية بأهميتها للمصريين، وعدم الاهتمام بالبيئة النظيفة، وكذلك عدم الاستثمار في البنية التحتية في النقل البري والجوي والاتصالات - كل هذا من شأنه تراجع قطاع السياحة. إحصائيات وأرقام وتأرجحت الإحصائيات الخاصة بالقطاع السياحي من فترة إلى أخرى، ففي عامي 2011-2012، تراجعت أعداد السياح الوافدين إلى "مصر"؛ بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني التي مرت بها البلاد في هذه الفترة الزمنية. فوفقاً لأرقام عام 2011 الصادرة عن وزارة السياحة المصرية، انخفضت عائدات السياحة بنسبة (30%) مقارنة بالعام السابق، حيث تراجعت إلى (8.8) مليار دولار، مقارنة ب (12.5) مليار دولار في عام 2010، وهو ما يعني انخفاضاً بنسبة (29.6%). كما أوضحت الأرقام أن عدد الليالي السياحية انخفض إلى (114) مليون ليلة، بالمقارنة مع (141) مليون ليلة في 2010، وتراجع معدل الإنفاق اليومي للسائح في مصر إلى (72) دولاراً يومياً في عام 2011، مقارنة ب (85) دولاراً في 2010. أما أرقام عام 2012، فقد أوضحت تحسناً عن العام السابق - وفقاً للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي - مدللةً على ذلك ببيانات الربع الأول من عام 2012، الذي أشار إلى ارتفاع عدد السائحين الوافدين إلى مصر بنسبة (32%) مقارنة بالربع الأول من العام 2011، وبين شهري يناير ومارس لعام 2012 بلغ عدد السائحين الذين زاروا "مصر" (2.500.301) سائح مقابل (1.894.044) سائحاً، خلال الفترة نفسها من العام 2011. فيما أشار تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلى استمرار التحسن في قدوم السياح خلال شهور هذا العام، مدللاً بتحقيق شهر سبتمبر 2012 تقدماً بنسبة (7.7%)، مقارنة بالشهر ذاته عام 2011. أما عن العام الحالي، أشار تقرير التنافسية في السياحة والسفر لعام 2013 الصادر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الدولية "OECD"، إلى تراجع ترتيب "مصر" إلى المركز ال(85) من بين (140) دولة، مقارنة بالمركز ال(75) من بين (139) دولة في التقرير الصادر في عام 2011. وفي إطار ذلك، رأى عماري عبد العظيم - رئيس شعبة السياحة والطيران في اتحاد الغرف التجارية المصرية - أن السياحة في "مصر" تسير من سيئ إلى أسوأ مع تفاقم الاضطرابات وأعمال العنف، في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان، موضحاً أن نسب الإشغالات في فنادق "القاهرة" و"الأقصر" و"أسوان" تبلغ نحو خمسة بالمائة فقط، بينما تستقر بعض الشيء في "شرم الشيخ" و"الغردقة". حلول واقتراحات ونظراً لتفاقم وتأزم المشهد فى القطاع السياحي، تقدم بعض الخبراء بعدد من الاقتراحات والتوصيات، والتي من شأنها معالجة حالة التراجع في معدل القطاع السياحي. وتتمثل أولى هذه الإجراءات في إلغاء قرار تحذير الدول من السفر إلى "مصر"، وضرورة قيام الإعلام المصري بتكثيف الحملات الإعلانية بالأسواق السياحية؛ لجذب السياحة الوافدة العربية والأجنبية والداخلية أيضاً. بالإضافة إلى ذلك يجب تفعيل قوانين حماية البيئة والاهتمام بالاستدامة البيئية، والنهوض بالبنية التحتية من خلال شبكات النقل، والاتصالات، وتنمية وتطوير مهارات القوة العاملة في المجتمع. كما ينبغي على وزارة السياحة إعادة النظر في أسس مؤشرات تنافسية السياحة والسفر، بهدف تحسين الخدمات والتقدم للأمام في القطاع السياحي. وأخيراً، يلزم على الفرقاء السياسين في "مصر" الانتباه إلى مستقبلها، وتلاشي الصراعات والخلافات فيما بينهم، بل يجب عليهم السعي نحو تحسين وضعها الاقتصادي، ومحاربة كافة أشكال العنف، من خلال دعم المؤسسات الأمنية للقيام بدورها في حماية المواطنين المصريين والأجانب.