"إنَّ شعار النقابة في الفترة المقبلة هو أن تكون الصحافة أو لا تكون"... هكذا قال ضياء رشوان نقيب الصحفيين الجديد عقب إعلان اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات النقابة فوزه رسمياً بمقعد نقيب الصحفيين بفارق كبير في الأصوات عن أقرب منافسيه ب 1280 صوتاً، بينما حصد عبد المحسن سلامة 1015 صوتاً وحصل كل من المرشحة نورا راشد على 22 صوتاً، والمرشح سيد الإسكندراني على 16 صوتاً، ومحمد المغربي على 6 أصوات فقط. ورغم الفرحة الكبيرة التي يعيشها رشوان عقب انتصاره؛ غير أن هناك عدداً من التحديات والصعوبات التي تواجهه خلال الفترة القادمة.
تحديات ورغبات: هناك تحديات كثيرة يواجهها النقيب الجديد، من أهمها الأزمات المهنية التي يعاني منها الصحفيون المصريون في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها مصر بعد ثورة 25 يناير .
فيأمل جموع الصحفيين في حل مشاكلهم بامتيازات مالية كثيرة، ومنهم صحفيى الجرائد الحزبية مطالبين بحسم مشاكلهم عن طريق تحقيق مطلبهم بتوزيعهم على الصحف القومية وغيرها من الأمور الخاصة بهم.
ويتمثل التحدي الثاني الذي يواجهه رشوان في كيفية التغلب على الفساد والإفساد داخل المؤسسات الصحفية، التي زادت فيها نسبة الرشاوى والمحسوبية كغيرها من مؤسسات الدولة، وبقدرته على التغلب على هذه العقبة كلما كانت فرص نجاحه أكبر في الفترة المقبلة.
أما التحدي الثالث فيتعلق بعدم الخلط والجمع بين العمل الصحفي والعمل السياسي، فتزايدت الرغبات في إبقاء النقابة مستقلة عن التيارات الحزبية، حتى لا تضر مستقبل النقابة في أداء دورها المستقل الكاشف عن كل كبيرة وصغيرة في المجتمع دون تأثير حزبي أو إيديولوجي.
كما تواجه النقابة أخطاراً وتحديات أخرى تمثلت في الانقسامات في العالم الصحفي بين مؤيدي القوى المدنية والليبرالية ومؤيدي جماعة الإخوان المسلمين.
يذكر أن رشوان نفسه من التيارات المحسوبة على التيار الليبرالي، بخلاف النقيب السابق ممدوح الولي الذي كان يحسب على جماعة الإخوان المسلمين، وما يؤكد على خطورة المرحلة القادمة هي تصريحات بعض الشخصيات الليبرالية التي وصفت فوز رشوان بمنصب نقيب الصحفيين بالانتصار للقوى المدنية وبداية تحرير النقابة من هيمنة جماعة الإخوان المسلمين، وبداية لتحرير النقابات المهنية في مصر.
ولذا؛ يجب على النقيب الجديد ضرورة الحفاظ على وحدة الصحفيين ولم شملهم لمواجهة تلك الأخطار المحدقة التي تتربص بنقابة الصحفيين ومهنة الإعلام بشكل عام.
أولويات صحفية: ويرى عدد من الباحثين بأن من أولويات النقيب الجديد هي التصدي للمواد السالبة في الدستور فهي أولوية وطنية قبل أن تكون أولوية صحفية، مشيرين إلى أن الصمت عليها سوف يفتح الباب لمزيد من التعديات على حرية الصحافة مثل تهمة «إهانة الرئيس»، وهي تهمة لم توجه لأي صحفي في العقود الثلاثة الماضية، ولكن تم توجيهها منذ تسلم الرئيس محمد مرسي كرسي الحكم 24 مرة.
وأكد عددٌ من الصحفيين على ضرورة التصدي لموجة التحريض والاستعداء على الصحافة والصحفيين باعتبارها أهم الأمور التي يجب أن تطرح على المجلس الجديد في ظل إعادة تشكيل المجلس الوطني المنوط بالصحافة والإعلام المنصوص عليه في الدستور.
يذكر أن رشوان هو أحد الكتّاب والباحثين المتخصصين في شؤون الجماعات الإسلامية، وولد عام 1960م في قرية المحاميد بمركز أرمنت بمحافظة قنا، وحصل على بكالوريوس علوم سياسية من جامعة القاهرة عام 1981، ثم حصل على ماجستير التاريخ السياسي من جامعة السوربون بباريس عام 1985م.
ونشأ ضياء رشوان في بيئة سياسية، فكان والده نائباً في البرلمان المصري عن دائرة أرمنت بمحافظة قنا، ولم يقتصر اهتمامه بالعمل السياسي على التأصيل النظري والفكري، بل مارس العمل السياسي لفترة مما جعله عرضة للاعتقال بسبب تمسكه بمواقفه السياسية، فخاض رشوان انتخابات مجلس الشعب عام 2010م، كما خاض انتخابات رئاسة نقابة الصحفيين المصريين عام 2009م أمام الرئيس مكرم محمد أحمد الذي فاز بالتجديد.
وتولى رشوان عدداً من المناصب المتميزة، من أبرزها منصب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، ولديه العديد من المقالات في كثير من الصحف منها جريدة الشروق.
ويبدو من خلفياته أن رشوان لن يستطيع التغلب على التحدي الخاص بالفصل بين السياسة والصحافة رغم تصريحاته الكثيرة الداعية إلى الفصل في هذا الموضوع.
وأخيراً؛ مما لا شك فيه أن الصحافة مهنة سامية لا تعيش إلا بالحرية ولا تنمو إلا بها، لذا فاستقلالها عن الحزبية أمر مطلوب لضمان حريتها في توجيه الرأي العام بشكل سليم بعيداً عن التحيزات الفكرية والإيديولوجية.