لم يعد بنديكتوس السادس عشر بابا للفاتيكان منذ الساعة السابعة مساء الخميس، عندما أصبحت استقالته نافذة، وهي الأولى لرئيس الكنيسة الكاثوليكية منذ 700 عام. ووفقا لما جاء على إذاعة "سكاي نيوز", فقد وصل البابا إلى مقره الصيفي في كاستل جوندولفو على بعد ثلاثين كيلومترا، من روما بعد الظهر، بعد مغادرته الفاتيكان على متن مروحية وطلب من الكاثوليك في أخر تغريدة له على تويتر أن "يجعلوا المسيح محور حياتهم".
وأقلعت المروحية الإيطالية التي تحمل علم الفاتيكان من مهبط المروحيات في الفاتيكان، حيث دقت أجراس روما وأجراس كنيسة القديس بطرس أثناء مغادرته.
وعندها لم يعد يوزف راتسينغر بابا. وقرر أن يطلق عليه اسم "قداسة بنديكتوس السادس عشر، البابا الفخري"، أو "بابا روما الفخري".
وسيبقى حوالي شهرين في الدير ويكرس وقته للصلاة. ووعد الخميس وهو يودع الكرادلة "بالاحترام والطاعة غير المشروطين" للبابا المقبل الذي سينتخبه مجمع الكرادلة.
وأعلن البابا في رسالة على موقعه قبل ثلاث ساعات من دخول استقالته التاريخية حيز التطبيق "أشكركم على محبتكم ودعمكم. ولتتمكنوا دائما من اختبار فرح جعل المسيح محور حياتكم".
وقبل خروجه، حيا البابا المستند الى عكازه، مساعديه الذين بدا عليهم التاثر الشديد.
والبابا، البالغ من العمر 85 عاما، فاجأ الجميع عندما أعلن استقالته من سدة البابوية في 11 فبراير، مؤكدا أنه لم يعد يتمتع بالقدرة على تحمل مسؤولياته الجسيمة.
وعاش الفاتيكان، الخميس، حدثا تاريخيا لم يشهده منذ قرون طويلة وتمثل بتنحي البابا بنديكتوس السادس عشر عن الكرسي الرسولي تاركا لخلفه مهمة قيادة كنيسة تواجه تحديات غير مسبوقة.
وتعود آخر استقالة طوعية لبابا إلى القرون الوسطى، وتحديدا إلى عام 1294، عندما استقال البابا سيليستان الخامس الناسك المتواضع بعد أشهر قليلة على توليه السدة البابوية احتجاجا على الفساد المستشري حينها.
واتسمت حبرية بنديكتوس السادس عشر بمواضيع جدلية عدة خصوصا بشأن رفعه الحرم الكنسي عن أسقف تجديدي لكن أيضا بسبب فضائح التحرش الجنسي بأطفال من جانب كهنة وحمايتهم أحيانا من جانب رؤسائهم الروحيين.
ومؤخرا، كشفت فضيحة الوثائق الفاتيكانية المسربة والتي عرفت ب"فاتيليكس"، مواضع خلل إضافية في الكرسي الرسولي، في حين تحدثت الصحافة مؤخرا عن وجود مفترض لما سمي ب"لوبي لمثليي الجنس" في الفاتيكان.
وسيفتح دخول استقالة بنديكتوس السادس عشر حيز التنفيذ المرحلة الشهيرة المعروفة باسم "الكرسي الشاغر". وسيتولى أمين عام الفاتيكان والمعرووف بالكاردينال "الكاميرلينغو" رسميا مهام البابا المستقيل إلى حين انتخاب خلف له.
وهذه المهمة الثقيلة ستلقى على عاتق السكرتير الأمين ليوزف راتسينغر الكاردينال تارسيسيو برتوني.
ومن المتوقع بقاء البابا الفخري قرابة شهرين في كاستل غوندولفو بعيدا عن الضوضاء الإعلامية التي تحيط بمجمع الكرادلة المكلف انتخاب خلف له في مارس.
وتنتظر البابا الجديد تحديات عدة، بين الاعتراضات الداخلية واضطهاد المسيحيين في العالم، إلى الإشكاليات الأخلاقية والتعديات بمختلف أنواعها التي تضج بها الكنيسة.