بعد أحداث التحرش المرعبة في التحرير ، أصيب المجتمع بصدمة بعد خروج بعض الفتاوى الغريبة ، حيث قام الشيخ " أحمد محمود عبدالله " المعروف بأبو إسلام بتبرير ماحدث من تحرش وإغتصاب للفتيات بالميدان ( بأن المغتصبات صليبيات وأرامل .. وعرايا وسافرات وشياطين ونزلن التظاهرات ليفعل بهن ذلك وليراودن الشباب عن أنفسهن ) . وجاءت ردود الأفعال عن تلك الفتوى متباينة بين مؤيد ومعارض ولكنها أثارت غضب كبير من قبل النساء والفتيات ، مستنكرين ماقاله الشيخ أبو إسلام ، حيث أنه بذلك يبيح التحرش والاغتصاب كما انه بذلك يعتبر النساء ليس لهم صفة فى المجتمع .
واتهمت الثائرات بميدان التحرير جماعة الاخوان المسلمين بأنهم مدبرين واقعة الاغتصاب الاجتماعى ، وإرسال المتحرشين للعبث فى ميدان التحرير لتشويه الثوار وتخويف النساء من النزول للميدان للتعبير عن أرائهن .
لا للتحرش
و خرجت مسيرات نسائية تندد بالتحرش والعنف ضد المرأة واغتصابها رافعة شعار " لا لتحرش بنات مصر " ، ومن جانب الفتيات جاءت ردود افعالهن حول ماقاله الشيخ أبو إسلام ضد الثائرات ، رافضة لمقولة لفظ " شيخ " له وأن هذا يسيىء للدين الاسلامى أكثر مما ينفعه .
فقالت أية محجوب – خريجة : " لا يوجد شيخ يقول هذا الكلام ، وليس على المريض حرج هذا شيخ مجنون ، وبالنسبة لموضوع التحرش والاغتصاب الجماعى الذى حدث بالتحرير لا يوجد أحد مقتنع بالأساليب الكثيرة التى تحدث للمتظاهرين فهذه طريقة للتخويف فقط " .
و قالت علية محمود – طالبة على كلام الشيخ أبو إسلام : " انه عبارة عن قذارة و كفر ولا يمت بصلة للاسلام ، أما حالات التحرش والاغتصاب الجماعى فبما انها حالات "تحرش جماعي" يعني أنها مخططة و منظمة من قبل الذين لهم مصلحة في افساد الثورة ، وإظهار الثوار والمعارضين بصورة سيئة وتخويف الناس من الميدان وخاصة البنات والنساء ، ويجعلوا شكل الميدان أنه ملىء بالبلطجية وليس الثوار " .
وأوضحت نادية السيد – طالبة : أن ماقاله أبو إسلام يعتبر كلاما ليس منطقيا لأنه لم يرى سجلهم الاجتماعى وعرف تلك المعلومات التى يرددها عن الثائرات بالميدان ، أنا بالنسبة للحوادث التحرش والاغتصاب لابد على البنات أنها تحافظ على نفسها ولا تنزل الميدان طالما به تحرش او إغتصاب لكى يصونوا أنفسهن " .
وإستنكرت أمل شلبى – خريجة : مما قاله الشيخ أبو إسلام عن المتظاهرات ، كما أن البنات التى تنزل الى ميدان التحرير بنات تنزل بالنهار للتظاهر وتعود ليلا لمنازلها .
وأوضحت أسماء خميس – موظفة : انه لا يصح وجود شيخ مسلم ويعرف كتاب ربنا وسنة سيدنا النبى ويقول هذا الكلام ، كما أن هذا الشيخ وامثاله أتوا لنا بالعار ، وأتمنى أن يقتدوا بسيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) .
وقالت أسماء نجم الدين - طالبة : أنها لم تقتنع بكلام الشيخ أبو إسلام ، وبخصوص ثائرات التحرير قبل ما تذهب لابد تتأكد ان المكان امن عليها الاول والواضح ان الموجودين فى التحرير ليسوا ثوار والدليل حالات الاغتصاب .
ورفضت إيمان ماهر – طالبة : بان نطلق على لقب شيخ على أبو إسلام لانه لا يمت للاسلام بصلة ، و حتى اذا كانوا الثائرات صليبيات او ارامل هل ديننا دعانا بذلك ، وماحدث للبنات بالتحرير من تحرش واغتصاب يعتبر عار علينا لان النساء نازلة تدافع عن بلدها وارضها ويطالبوا بحقوقهم يقوموا يفقدوا اهم حق من حقوقهم وهو انهم يحسوا بالامان ويبقى فى احترام وحرمة ليهم .
وعلى جانب اخر ، قالت بسمة عبد المنعم – موظفة : من رأيي أن النساء لا يصح لها النزول فى المظاهرات فى ظل الظروف الحالية ، حفاظا على البنت من اية اعتداءات أو عنف عليها .
أما ثائرات التحرير فقد إنتفضن ضد الفتوى الأخيرة على إتهامات بعض التيارات الاسلامية على أنهن " صليبيات وأرامل .." ، فقالت سماح محمد – 25 عاما – إن الاخوان هم الذين يبعثون بالبلطجية والمتحرشين الى الميدان ، متسائلة : لماذا يرسلوا المتحرشين الى ميدان التحرير خاصة دون الاتحادية أو غيرها ؟ .
وتابعت : الاخوان تريد تخويفنا وترك الميدان والساحة لهم ، ولكننا سنتصدى لهم ونقف أمامهم بكل قوة وشجاعة ، فهم يريدون السيطرة على الميدان والتحكم فيه لأنه شرارة الثورة .
فيما ذكرت رانيا محمود – 18 عاما – أنها تعرضت للتحرش من قبل أحد الرجال ذوى اللحية وقامت بضربه وأبلغت الشباب فى الميدان فقاموا بالقبض عليه ورد الصاع صاعين ، وإتهمت رانيا الاخوان بانهم السبب فيما يجرى لأنهم يدفعون بأناس مأجورين ومرتزقة الى الميدان للتحرش بالبنات وتشويه صورة الثوار رغم أنهم لا يفعلون ذلك فى مليونياتهم .
وأشارت فاطمة عبدالمجيد – 16 عاما – إلى : أن الاخوان عندما كانوا فى السجون فإن نساء مصر اللاتى تواجدن بميدان التحرير هم من أخرجوهم من المعتقلات ، وعندما جلسوا على كرسى الحكم رفضوا خروج الشعب ضدهم لذلك يدفعوا بالمأجورين الى الميدان ليجعلوا الشعب يخاف ويصمت ويسير مثلهم على منهج السمع والطاعة .
وإستنكرت نورا إسماعيل – 33 عاما – مايقال عن وجود تحرش أو إغتصاب بميدان التحرير ، فهى دائما ما تشارك فى المظاهرات ، وإتهمت الاخوان بأنهم " كاذبون " وليس غريبا عليهم الكذب والتضليل والتدليس .
وإتفقت معها هناء سعد – 35 عاما – على أن جماعة الاخوان والتيارات الاسلامية تريد إرهاب الثوار من النزول للميدان للتعبير عن أرائهم ، مستنكرة ماحدث من إغتصاب جماعى لفتاة بالتحرير حيث أن هذا مدبر وممنهج من قبل جماعة الاخوان المسلمين .
وأيدت أمينة مصطفى - 20 عاما – القول بأن الاخوان لهم يد فى عمليات التحرش والاغتصاب التى تجرى بالميادين ، وأن الثوار فقط هم من يقومون بحماية فتيات مصر ، كما أن مجموعة " البلاك بلوك " قامت بحمايتهن الجمعة الماضية من أى أذى او تحرش .
و من جانبها قامت لجنة حقوق الانسان بمجلس الشورى بتحميل مسئولية حالات التحرش والاغتصاب الجماعى التى حدثت بميدان التحرير فى الآونة الأخيرة على الثائرات بميدان التحرير ، حيث دعا عدد من النواب لتخصيص أماكن محددة لتظاهر المرأة موجهين اللوم للسيدات اللاتي يتظاهرن فى أماكن غير أمنه وبجوار الرجال .
وقال اللواء عادل عفيفى : " أن المرأة التى تنزل وسط بلطجية وشوارعية يجب ان تحمى نفسها قبل ان تطلب من الداخلية ذلك وضابط الشرطة ليس قادرا على حماية نفسه ، كما أنه فى بعض الاحيان تساهم الفتاة فى اغتصابها بنسبة 100 % لانها وضعت نفسها فى تلك الظروف " .
إساءة للفتيات
و من جانبه استنكر الناشط الحقوقى، جمال عيد، تصريحات حقوق الإنسان بمجلس الشورى التى حملت الفتاة المشاركة في المظاهرات مسئولية تعرضها للاغتصاب، معتبراً هذه التصريحات إساءة بالغة لفتيات ونساء مصر ، وأن مجلس الشورى يسيء لفتيات ونساء مصر ودورهن في الثورة والسياسة مجلس يليق بأنصاف متعلمين، أنصاف بشر ، أنصاف عاقلين ، متأمرين كاملين ، كما أن نساء وفتيات مصريناضلن من أجل الحرية والديمقراطية .
وردا على وقائع التحرش والاغتصاب الجماعى ، تم التنظيم لوقفة عالمية تدعو الى نبذ الارهاب الجسدى الذى يمارس ضد المتظاهرات المصريات والتى تشارك فيها النساء فى جميع الوطن العربى والتى دعت اليها حملة قوة ضد التحرش و حملة إنتفاضة المرأة فى العالم العربى ، و ستقوم بالآتى :
* بتحميّل الحزب الحاكم في مصر مسؤولية عدم اتخاذ تدابير صارمة تمنع عصابات البلطجيّة من مهاجمة وتعرية واغتصاب وإيذاء وقتل المتظاهرات والمتظاهرين السلميّين .
* وتحميّل الشرطة المصريّة مسؤولية عدم توفير الحماية الضرورية للمواطنات المصريّات من التحرّش الجنسي، وتورّط أفرادها في جرائم التحرش/الاعتداء الجنسي
* وتوجيّه اللوم إلى الحكومات المصريّة المتعاقبة لتغاضيها عن جرائم التحرّش/الاعتداء الجنسي عبر عدم إقرارها لقوانين صارمة تعاقب بشدّة المتحرّشين والمتورطين في أي شكل من أشكال العنف الجنسي.
* تطالب بإقرار وتطبيق قانون صارم ضد التحرّش/الاعتداء الجنسي بجميع أشكاله
* وتدين تقبّل المجتمع المصري لظاهرة التحرّش الجنسي، والعنف والاغتصاب، وإلقائه اللّوم على المعتدَى عليها عِِوضًا عن المعتدي
* وتستنكر غياب الأخلاقية والمهنيّة عن عمل الإعلام لتركيزه على التفاصيل الحياتيّة والشخصية للمعتدَى عليها عِوضًا عن التركيز على الفعل الجُرمي
* وتناشد كل المجموعات الثوريّة، والأحزاب السياسيّة، ومنظمات المجتمع المدني والأفراد لفضح هذه الممارسات والتحرّك الفوري في مواجهة الاعتداءات الجنسيّة المنظمة والتي تهدف إلى تشويه صورة ميدان التحرير وإرهاب المتظاهرات والمتظاهرين، بالإضافة إلى الوقوف بوجه ظاهرة التحرّش الجنسي التي تستهدف فتيات وسيدات مصر بشكل يومي في شوارع بلدهن
جماعات منظمة
وعلى الجانب الاجتماعى ، قال الدكتور عبد الحميد زيد – أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الفيوم – " أن ظاهرة التحرش غريبة عن المجتمع المصرى ، وعن السمة الشخصية للرجل المصرى بصفة عامة ، كما ان هناك جماعات منظمة أو جماعات تستغل حالة الانفلات الأمنى لتقوم بممارسات يرفضها المجتمع مثل الاغتصاب أو التحرش ، وهذا يحدث عندما تكون الدولة هشة أو رخوة " .
وأضاف : " أن وقائع التحرش والاغتصاب التى تمت بالتحرير لها غرض من جماعة معينة بسبب مصالح سياسية ولم ينتبهوا أنهم بذلك يفسدوا المجتمع ، كما أن كلام الشيوخ ضد المتظاهرات بالتحرير يشجع الممارسين لتلك الأفعال المشينة بوجود غطاء دينى يسمح لهم بفعل ذلك ، رغم ان الثائرات يطالبن بحقوقهن المشروعة ، وخير مثال : عندما أخطأ الفاروق عمر بن الخطاب أمام سيدة عربية ، فهذا يدل على أن المرأة لها حقوق ومطالب وأراء صائبة ، ويجب الاستماع لها وليس العنف ضدها " .