تنضج اى ثورة عندما يلتقى الظرف الذاتى وهو استعداد التنظيم الثورى بكوادره وبرنامجه وادواته للقيام للاستيلاء على السلطة . مع الظرف الموضوعى وهو استعداد الجماهير وانتظارها لقطار التغيير الذى يزيح النظام الجاسم على صدورها بفساده واستبداده واستحواذه وسيطرته ولذات فعند وصول التنظيم الثورى للسلطه تلتف حوله ومعه الجماهير حتى يتحول الانقلاب على السلطة لثورة شعبية تحقق مبادئها لصالح الجماهير التى تأمل فى غدً اسعد ومستقبل اكثر اشراقاً . ولكن كانت هبة يناير متجاوزة لهذا المنطق السياسى والعلمى المستقر . فقد وجدنا الجماهير التى اكتوت بنار الظلم وعانت من استبداد النظام هى التى خرجت الى الميادين ضد النظام مطالبة بأسقاطة فى مظهر سلمى غير مسبوق . مع غياب ذلك التنظيم الثورى .
مما جعل هذه الهبة الثورية التى اسقطت مبارك تتحول الى روح هائمه تبحث عن جسد تتقمصه مما جعلها ملكية مشاع لمن يغلب . وكانت القوى المتواجدة لحظة سقوط مبارك وما بعدها هى الاحزاب القديمة التى كانت تقوم بدور المحلل للنظام السابق فى اطار الديكور الديموقراطى الشئ الذى جعلها تفقد مصداقيتها .
وكانت تلك القوى الثورية المتمثله فى الشباب الذى اذهل الجميع بقدرته على الحشد والابتكار . ولكن للأسف كانت هناك عوامل كثيرة خفيه ومعلنه استهدفت تفتيت هذا الشباب وتشرذمه وتحولت هذه القوى الى مئات الائتلافات الشبابية التى اصيبت بداء الذاتية وبمرض النرجسية . ثم كانت الاحزاب الجديدة التى تشكلت على عجل بعيداً عن الاساس الجماهيرى الحقيقى مما جعلها أقرب الى الاحزاب الورقية .
وهنا يتبقى لدينا ما يسمى بالقوى الاسلامية على رأسها جماعة الاخوان المسلمين وهى جماعة ذات تنظيم منضبط يعتمد على مبدأ السمع والطاعة وقد اسس له خريطة اجتماعية تتحول عند اللزوم لخريطة انتخابية رافعة شعار الدين مستغلة العاطفة الدينية لدى المصريين .
وقد لحق بالاخوان وعلى نفس النغمة الدينية التيار السلفى الذى لم يكن له علاقة لا بالثورة ولا بالسياسة فتم أختطاف تلك الهبه الثورية التى كانت مهيأه لان تكون ثورة حقيقية فتحولت الى انقلاب على السلطة بأسم الصناديق وبأدعاء الديموقراطية التى يعتبرونها كفراً ولكنها التقية أو الانتهازية .
مع العلم ان الانقلاب يعنى استبدال سلطة بآخرى والابقاء على الوضع كما هو . ولكن للاسف الشديد فلم يتم الاكتفاء بهذا الانقلاب ولكنه تحول الى ثورة مضادة وهى تعنى الاستيلاء على السلطة والرجوع بالوضع الى ما هو اسوء مما كان . فمع استبدال مبارك بمرسى والوطنى بالحرية والعدالة وجدنا الفساد يتزايد ويصبح امراً واقعاً يتعايش معه الجميع والفوضى تستشرى وتعم كل مناحى الحياة فلا أمن ولا أمان فالامن يحتاج الان لمن يحميه مؤسسة وافراداً فالاعتداء على الاقسام والسجون وتهريب المساجين وخطف الضباط وطلب الاتاوة ناهيك عن الفوضى الاجتماعية والاخلاقية أضافة الى المشكلة الاقتصادية الكارثية التى تنذر بالافلاس وتهدد بثورة الجياع .
ذلك فى الوقت الذى تعمل فيه هذه الجماعة لاختطاف الوطن وتغيير لونه وتعديل هويته وأسقاط الدولة و مؤسساتها التارخية وذلك عن طريق ما يسمى بالاخونة خاصةً الشرطة والقضاء والجيش والتعليم مع العلم ان محاصرة مدينة الانتاج والمحكمة الدستورية لا يؤدى الى اخونة بل هو افشال للدولة واسقاط لهيبتها .
فهل هى ثورة ام انقلاب ام ثورة مضادة ؟
هى ثورة مضادة . ولكن هيهات لهم ان يتصوروا او يتخيلوا او يتوهموا انهم فائزون بما يريدون . فعظمة هبة يناير انها كسرت حاجز الخوف لدى كل المصريين وقد شب الشعب عن الطوق ولن تعود الساعة الى الوراء ولا ادل على ذلك غير فشلهم منذ تولى مرسى وحتى الان فشلاً زريعاً قبل ان يبدأوا فمصر اكبر منهم ولن يهنأوا بالسلطة ومصر لن تكون ابداً لغير كل المصريين فغداً سيواصل المصريون نضالهم لاستمرار الثورة التى لم تتحقق حتى يسقطوا الثورة المضادة للخاطفين الناهبين .
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه