دعا عبد العزيز التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو" قادة العالم الإسلامي للتدخل بشكل عاجل للحفاظ على وحدة مالي، معربا عن خشيته من أن تتحول مالي إلى "صومال غرب إفريقيا". وكشف التويجري في حوار مع وكالة "الأناضول" للأنباء، عن استعداد الإيسيسكو للوساطة والحوار بين أطراف الأزمة في مالي، معتبرا أنه كان من الخطأ السماح بالتدخل الأجنبي في هذا البلد الإفريقي.
وفي سياق آخر، اعتبر أن تصاعد الخطاب الطائفي في المنطقة يهدد وحدة وشعوب العالم الإسلامي، ورأى أن الحرب التي "تخاض اليوم ضد الشعب السوري من طرف نظام طائفي مدعوم بقوى إقليمية وعربية طائفية دليل واضح هذا الوضع الخطير".
وتمنى التويجري أن تنضم تركيا إلى عضوية الإيسيسكو، منوها بالجهود التي تبذلها أنقرة في دعم قطاعات الثقافة والعلوم والتربية في العالم الإسلامي.
وأكد التويجري أن الخطاب الطائفي أضحى يهدد السلم الداخلي لعدد من الدول العربية المسلمة، أنتم في المنظمة ماهي الاستراتيجية التي تنهجونها للتصدي لآثار هذا "الحشد الطائفي"
وأكد التويجري خلال حواره أن هذا الخطاب الطائفي ظهر خلال السنوات الأخيرة وتصاعد بشكل كبير في المجتمعات الإسلامية وبين أبناء البلد الواحد. ومع أن الخلافات المذهبية في الأمة الإسلامية كانت قائمة منذ صدر الإسلام وفي العهدين الأموي والعباسي وفي العهود التي تلت ذلك، لكنها لم تنحدر إلى المستوى الذي نشهده اليوم، والذي يؤثر على مصالح الأمة الإسلامية وعلى علاقات شعوبها بعضها ببعض.
وأضاف أن الجهات التي تحرك هذه النعرات الطائفية هي جهات مغرضة ومتعصبة لذلك لابد من الوقوف في وجهها لأن الأمة تحتاج إلى تكاتف كل أبنائها وسلامة العلاقات بينهم.
وتابع التويجري ان من يوقظون هذا الخطاب الطائفي هدفهم إضعاف الأمة وتشتيت شملها، وفي هذا السياق جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن إلى إنشاء مركزا للحوار بين المذاهب الاسلامية في القمة الإسلامية الاستثنائية الأخيرة في مكةالمكرمة في رمضان الماضي.
وأشار الى أن الإيسيسكو تؤيد هذه المبادرة وستنخرط فيها بشكل فاعل، وسبق لها أن وضعت استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية شارك في إعدادها مجموعة من العلماء والفقهاء من مذاهب مختلفة، وأنشأت الاسيسكو المجلس الأعلى للتقريب بين المذاهب الإسلامية الذي يعمل في إطار هذه الاستراتيجية. وسنتعاون مع مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية الذي من المرتقب أن يبدأ عمله خلال الأشهر القليلة المقبلة.
ولعل ما يجري في سوريا يوضح بشكل جلي حجم التحريض الطائفي بين أبناء الشعب الواحد وفي العالم الإسلامي برمته، وهي دليل على هذه الحمى الطائفية التي يذهب ضحيتها الشعب السوري.
فالنظام السوري يقود حربا طائفية ضد الشعب السوري تتظافر فيها قوى طائفية إقليمية وعربية وتدعمها قوى دولية لكسر إرادة الشعب السوري وقمعه وتخريب سوريا وتدميرها للإبقاء على نظام دموي ينتمي إلى طائفة صغيرة استولت على السلطة واضطهدت الأكثرية.
وعن الحرب فى مالى قال التويجرى "نحن ننظر بعين الوجل والحزن إلى المسار الخطير الذي تتجه إليه الأزمة في مالي حيث وجد الماليون أنفسهم وقودا لحرب مفروضة عليهم اليوم، وبعد أن أضحت المعارك قريبة من العاصمة باماكو وتدخلت قوى أجنبية في الحرب الدائرة على الأراضي المالية. كل هذا ينذر بتوسيع نطاق الحرب وطول أمدها؛ لأن مؤيدي الجماعات الجهادية المقاتلة من أبناء الدول المجاورة قد ينضمون لنصرتها الآن في مالي، بحجة أن الهجوم على مالي جاء للتدخل في شؤون المسلمين والاعتداء عليهم.
هذا ومن جانبها نددت الايسيسكو بالتخريب الذي طال عددا من المعالم الأثرية الإسلامية خاصة في مدينة تمبكتو (وسط مالي)، وأرسلنا بهذا الخصوص وفدا من المنظمة إلى مالي للتباحث مع المسؤولين حول كيفية إنقاذ هذه المعالم الإسلامية الحضارية خاصة في تمبكتو التي تحتوي خزانتها على مخطوطات نادرة كانت الإيسيسكو قد ساهمت في ترميم عدد منها وتدريب العاملين في مجال الحفاظ عليها.
والإيسيسكو لها جهود كبيرة ومستمرة في هذا المجال ولها سفراء للحوار. وفي زيارتي الأخيرة لروما ألتقيت بعدد من المسؤولين الحكوميين الإيطاليين والدينيين في الفاتيكان وبحثنا سبل العمل على تعزيز الحوار الديني والثقافي، ومواصلة العمل لمحاربة الصور النمطية المشوهة التي تسيء إلى الأديان وإلى الرموز الدينية.
ومنظمة الإيسيسكو لها علاقات قديمة بالفاتيكان على الرغم من تحفظنا على بعض مواقفه، لكن تجمعنا به علاقات احترام متبادلة تقوم على أساس هدف مشترك هو تعميق أواصر الحوار والبحث عن النقاط المشتركة بين العالم الإسلامي والغرب، وبين المسلمين وبين أتباع الأديان الأخرى.
وقال التويجرى ان القدس اليوم تتعرض للتهويد، والحكومة الإسرائيلية تتمادى في مخالفة القانون الدولي والقيم الإنسانية والدينية وتمعن في إذلال الشعب الفلسطيني والاعتداء على حقوقه، ولعل اعتداء الوزير الإسرائيلي (المستقيل) "أفيغدور ليبرمان" على الحرم الإبراهيمي في الخليل أخيرا، دليل جديد على تعنت وغطرسة الكيان الصهيوني ضد المقدسات الاسلامية والمسيحية في فلسطين.
وأضاف ان الايسيسكو منذ إنشائها تقوم بجهود كبيرة لدعم صمود الشعب الفلسطيني في مجالات التربية والعلوم والثقافة.
كما أنها وفي ظل الاعتداءات المتكررة على المقدسات الإسلامية في القدس وعلى المسجد الأقصى بصفة خاصة، أنشأت لجنة للخبراء الآثاريين، وهذه اللجنة ترصد الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات وخاصة في مدينة القدس الشريف، وتعد تقارير مزودة بوثائق وبصور وإحصاءات تظهر حجم هذه الاعتداءات، وقد قدمنا هذه الحقائق إلى الدول الأعضاء وإلى الهيئات الدولية، وآخر اجتماع للجنة عقدته الإيسيسكو كان في القاهرة في شهر نوفمبر/ تشرين ثان الماضي.
وفيما يتعلق بعلاقات منظمة الإيسيسكو مع تركيا وحجم التعاون بين الجانبين في دعم الثقافة والتربية والعلوم في العالم الإسلامي أكد أن العلاقة مع تركيا علاقة متنامية فالجمهورية التركية تلعب دورا مهما في منظمة التعاون الإسلامي وفي الساحة الدولية، ونحن نفخر بالمنجزات الكبيرة التي حققتها الجمهورية التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية.