رغم الاحتلال والعدوان والمآسي الانسانية التي تعرضوا لها على مدى عقود ، ومع استمرار المعاناة ، يعيش الفلسطينيون اليوم الخميس أسعد أيام حياتهم ، حيث من شبه المؤكد ان تعترف الجمعية العامة للامم المتحدة بدولة فلسطينية ذات سيادة رغم تهديدات الولاياتالمتحدة واسرائيل. دولة غير عضو
ومن المتوقع ان يمرر بسهولة في الجمعية العامة التي تضم 193 دولة قرار فلسطيني يرفع مكانة السلطة الفلسطينية كمراقب في الاممالمتحدة من "كيان" الى "دولة غير عضو".
وتعتزم اسرائيل وحفنة اخرى من الدول الاعضاء بالتصويت ضد قرار يرونه رمزيا بدرجة كبيرة وخطوة غير ايجابية من جانب الفلسطينيين.
ويقود الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحملة لتمرير القرار ، وبينما أعلنت روسيا أنها ستصوت لمصلحة طلب الفلسطينيين، وذلك استنادا إلى موقفها المبدئي، سيذهب الأوربيون منقسمين الى هذا الاستحقاق.
حيث تعهدت النمسا والدنمارك والنرويج وفنلندا وفرنسا واليونان وايسلندا وايرلندا ولوكسمبورج ومالطا والبرتغال واسبانيا وسويسرا بدعم القرار الفلسطيني ، بينما قالت بريطانيا انها مستعدة للتصويت لصالح القرار إذا أوفى الفلسطينيون بشروط معينة.
ولم تعلن أي دولة أوروبية انها ستصوت برفض القرار، على الرغم من ان العديد من دبلوماسيي الأممالمتحدة قالوا في أحاديث خاصة إن جمهورية تشيكيا وهولندا قد تكونان من بين الدول التي ستصوت برفض القرار، ولم يعلن البلدان موقفا رسميا.
وقالت ألمانيا انها لن تدعم المسعى الفلسطيني في الأممالمتحدة لكن لم يتضح هل ستمتنع عن التصويت مثل استونيا وليتوانيا أم ستصوت برفض القرار.
وشملت الدول الأوروبية التي لم تتخذ قرارا بعد من أعضاء الاتحاد الأوروبي بلجيكا وبلغاريا والمجر وإيطاليا ولاتفيا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا والسويد.
اقناع عباس
وفي المقابل ،يبذل الأمريكيون المحاولات الأخيرة لاقناع عباس بالتراجع عن تلك الخطوة التارخية ، وقالت الخارجية الامريكية ان بيل بيرنز نائب وزيرة الخارجية الامريكية وديفيد هيل مبعوث السلام الى الشرق الاوسط سافرا الى نيويورك أمس الاربعاء في محاولة اخيرة لاقناع عباس بالعدول عن القرار. لكن لم يعط الفلسطينيون اي مؤشر على تراجعهم عن هذه الخطوة.
وكررت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون للصحفيين في واشنطن امس الاربعاء ان الولاياتالمتحدة ترى ان الخطوة الفلسطينية سيئة التوجه وان الجهود يجب ان تتركز على احياء عملية السلام في الشرق الاوسط.
وقالت "مسار حل الدولتين الذي يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني هو من خلال القدس ورام الله لا من خلال نيويورك. الطريقة الوحيدة للوصول الى حل دائم هو بدء مفاوضات مباشرة".
وفي هذا السياق ، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات ان أمريكا لم تغير موقفها حيال مسعي فلسطين للحصول على دولة غير عضو فى الأممالمتحدة.
ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية " بي بي سي " اليوم الخميس عن عريقات قوله "أكدت أمريكا أنه لا ينبغي لفلسطين الذهاب إلى الاممالمتحدة ".
وأضاف عريقات أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أكد أن فلسطين ستتوجه إلى الاممالمتحدة من أجل حل الدولتين على اساس حدود 1967 وليس لمواجهة أمريكا أو عزل إسرائيل".
قرار رمزي
وتجدر الاشارة الى أن الإسرائيليين سعوا خلال الأيام الماضية إلى تعديل مشروع القرار الدولي بعد ان تأكدوا أنهم لن ينجحوا في إحباط الخطوة الفلسطينية في الأممالمتحدة للاعتراف بفلسطين كدولة مراقبة .
وذكرت صحيفة "هآرتس" أن إسرائيل معنية بإدخال بنود إلى مشروع قرار الأممالمتحدة تقول بشكل صريح أو بالتلميح إن الفلسطينيين لن يطلبوا الانضمام كأعضاء إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي من أجل دفع خطوات قضائية ضد مسؤولين عسكريين وسياسيين إسرائيليين.
ومن المقرر ان تحاول إسرائيل أن يتضمن مشروع القرار بندا يشدد على أن القرار رمزيا وحسب ولا ينطوي على منح سيادة للفلسطينيين على الضفة الغربية وقطاع غزةوالقدسالشرقية، وأن يتضمن القرار تعهدا فلسطينيا باستئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل من دون شروط مسبقة، في إشارة إلى المطلب الفلسطيني بتجميد الاستيطان.
وأعلنت إسرائيل خلال الأسابيع الماضية عن معارضتها الشديدة للخطوة الفلسطينية معتبرة أنها "أحادية الجانب" وهددت بفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية في حال نجاح خطوتها في الأممالمتحدة، وصلت حد التهديد بإسقاط الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وسعت إسرائيل إلى إقناع دول أوروبية بمعارضة الخطوة الفلسطينية من دون أن تحقق نجاحا في ذلك وبعد ذلك حاولت إقناعها بمطالبة عباس بتأجيل تقديم طلب الاعتراف بفلسطين كدولة مراقبة ومن دون أن تنجح في ذلك أيضا.
يوم التضامن
ولاندري صدفة كان أم عن قصد ، يحتفل العالم في مثل هذا اليوم من كل عام باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني بعد أن دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977 للاحتفال في 29 نوفمبر / تشرين الثاني سنويا بهذا اليوم بذكرى "القرار 32/40 ب" في ذلك اليوم من عام 1947 والذي اعتمدت الجمعية العامة فيع قرار تقسيم فلسطين "القرار 181".
ووفقا لوكالة "معا الإخبارية", طلبت الجمعية العامة بموجب القرار 60/37 بتاريخ 1 كانون الأول 2005 من لجنة وشعبة حقوق الفلسطينيين في إطار الاحتفال باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 تشرين الثاني تنظيم معرض سنوي عن حقوق الفلسطينيين بالتعاون مع بعثة المراقب الدائم لفلسطين لدى الأممالمتحدة، وتشجع الدول الأعضاء على مواصلة تقديم أوسع دعم وتغطية إعلامية للاحتفال بيوم التضامن.
ووجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسالة إلى الشعب الفلسطيني بمناسبة يوم التضامن قال فيها إنه "قبل أربع وستين سنة في مثل هذا اليوم اتخذت الجمعية العامة القرار 181 الذي اقترح تقسيم الإقليم الخاضع للانتداب إلى دولتين لذلك فإن إقامة دولة فلسطينية تعيش في سلام إلى جانب دولة إسرائيلية تنعم بالأمن أمرٌ طال انتظاره وقد أصبحت الحاجة إلى حل هذا الصراع أكثر إلحاحاً في ظل التحولات التاريخية التي تحدث الآن في أرجاء المنطقة برمتها".
وقال كي مون في رسالته التي نشرت على موقع الأممالمتحدة الرسمي إنه يجب أن يضع هذا الحل حداً للاحتلال الذي بدأ عام 1967، مشددا على إنجاز هام وتاريخي حققته السلطة الوطنية الفلسطينية خلال السنة الماضية.
وقال : "السلطة الوطنية الفلسطينية غدت مستعدة الآن مؤسسياً لتولي مسؤوليات الدولة إذا أُنشئت دولة فلسطينية وقد تأكد ذلك على لسان مجموعة واسعة من أعضاء المجتمع الدولي في اجتماع لجنة الاتصال المخصصة الذي عُقد في أيلول وأنا أثني على الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض على هذا النجاح الباهر، وينبغي مواصلة هذه الجهود ودعمها".
ورأى كي مون أن قيام إسرائيل حالياً بتعليق تحويل مستحقات السلطة الوطنية من التعريفات الجمركية والضرائب يُنذر بتقويض هذه المكاسب لذا يجب تحويل هذه الإيرادات إليها من دون تأخير.
وقال: "ما فتئت الأممالمتحدة ملتزمة بقوة إزاء مواطني غزة، وإزاء تنفيذ جميع جوانب قرار مجلس الأمن 1860 وأنا أقدر الجهود التي تبذلها إسرائيل لتخفيف الحصار وما زلت أدعو إلى إزالة العديد من الإجراءات المتبقية التي تقيد بشدة حركة الناس والبضائع وتحد من قدرة الأممالمتحدة على دعم الانتعاش الاقتصادي في قطاع غزة وإعادة إعماره".
وختم رسالته بالقول: "إن تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط على أساس قرارات مجلس الأمن 242 و 338 و 1397 و 1515 و 1850 والاتفاقات السابقة، ومرجعية مدريد وخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية، لهو أمر حاسم لتجنب هذا المصير وإنني أتعهد - من جهتي - بمواصلة بذل جهودي بكل الوسائل المتاحة لي".
وأخيرا وليس آخر فإن الاحتلال ستفشل بإذن الله مساعيه في منع التوجه الفلسطيني إلى الأممالمتحدة ، حيث أنه رغم الغارات الذي شنها على قطاع غزة لأكثر من أسبوع والاعتقالات التي قام بها لا سيما في الضفة الغربية ، لم تمنع التحرك الفلسطيني ، كما ستفشل المساعي الحالية عبر الاجتماع مع الأمريكيين لأن العزيمة الفلسطينية أقوى مما كانت والعالم أكثر اقتناعا الآن بأنه قد آن الأوان لقيام دولة فلسطينية. مواد متعلقة: 1. الحكومة الإسرائيلية : التحرك الفلسطيني لدى الأممالمتحدة سيبعد السلام عن المنطقة" 2. أمريكا تفشل بإقناع عباس بعدم التوجه للأمم المتحدة 3. أولمرت: عضوية فلسطين في الأممالمتحدة ترسخ مفهوم حل الدولتين