رغم التأكيد على فاعليتها التي تصل إلى 90 % في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية التي تطلق على من قطاع غزة باتجاه اسرائيل، فقد خرج علينا الاعلام الاسرائيلي ليؤكد أن "القبة الحديدية" لا تعمل بقوة رادعة كافية في تدمير الصواريخ. فنجد أن الأرقام الرسمية المنشورة في وسائل الإعلام الإسرائيلية والمنسوبة أحياناً إلى الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، كشفت أن قدرة "القبة الحديدية" على الردع لم تتجاوز 54% في أحسن الحالات.
كما أقر محللون عسكريون بفشل منظومة القبة الحديدية في صد صواريخ الفصائل الفلسطينية.
بالصوت والصورة
كما أن البث المباشر للقنوات التلفزيونية "فضح" مراراً إخفاقات هذه القبة بالصوت والصورة، وإحدى هذه "الفضائح" حدثت عندما كان مراسل القناة الإسرائيلية الثانية ينقل، مساء الأحد الماضي، حدثاً مباشرة من منطقة نصبت بها بطارية لمنظومة "القبة الحديدية"، وكانت هذه البطارية تظهر من خلف المذيع، فانطلقت الصافرات منذرة بصاروخ فلسطيني بطريقه للمنطقة.
فقال عندها المراسل: "عيوننا تتجه إلى القبة الحديدية" بعد أن كان قد أثنى مراراً على قدرتها الردعية، إلا أن صواريخ الردع التي انطلق منها بدت "مجنونة" وهوت على الأرض، لتدفع المذيع إلى التبرير بأنه لا تزال هناك بعض المشاكل التقنية التي يجب التغلب عليها".
وفي حادثة مشابهة، نقل البث المباشر لإذاعة الجيش الإسرائيلي مراراً أصوات انطلاق صافرات الإنذار، فكان المراسلون ينتظرون من المنظومة اعتراض الصواريخ الفلسطينية، لكن سرعان ما كانت تأتيهم الإجابة العكسية التي كانت تؤكدها أصوات الانفجارات على الأرض.
تضارب الأرقام وعلى صعيد الأرقام، نشرت صحيفة "هاآرتس" على موقعها الإلكتروني، أمس الاثنين، معطيات قالت إن مصدرها الجيش الإسرائيلي، جاء فيها أنه استهدف أكثر من 1350 هدفاً في غزة، كما أن أكثر من 540 صاروخاً فلسطينياً سقطت في المناطق الإسرائيلية، 35 منها في أماكن مأهولة، في حين تمكنت منظومة "القبة الحديدية" من تدمير 310 صواريخ.
وعند إجراء حسابات رياضية بسيطة لهذه المعطيات يظهر أن العدد الإجمالي للصواريخ الفلسطينية التي استهدفت إسرائيل هو 850 صاروخاً، وبالتالي فإن ال310 صواريخ التي اعترضتها "القبة الحديدية" تشكل نحو 36% من هذا العدد فقط.
من جانبها، نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" معطيات مختلفة في عددها الصادر الاثنين، وجاءت فيها فعالية "القبة الحديدية" أكبر من تلك التي تستنتج من معطيات "هاآرتس"، إلا أن نسبة نجاح القبة في معطيات "يسرائيل هيوم" لا تتعدى ال54%.
فقد نشرت الصحيفة أن المقاومة الفلسطينية أطلقت 544 صاروخاً باتجاه إسرائيل، 33 منها سقطت في أماكن مأهولة، في حين اعترضت منظومة "القبة الحديدية" 290 صاروخاً، وعند حساب النسبة المئوية يتبين أن ال290 صاروخاً تشكل 53.3% من إجمالي الصواريخ، إلا أن المفارقة تكمن في أن الصحيفة نشرت في عنوانها أن نسبة نجاح المنظومة بلغت 85%.
خلل فني
وفي سياق متصل، أشارت الصحافة الإسرائيلية إلى أن خللاً فنياً حال دون تشغيل المنظومة وردعها الصاروخ الذي أدى إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين في كريات ملاخي الخميس الماضي.
وكانت صحيفة "يسرائيل هيوم" قد أفردت عنواناً في عدد الاثنين أشارت فيه إلى أن عدد الصواريخ المنبعثة من غزة آخذ في الانخفاض، لكن الضرر الذي ألحقته الصواريخ أول أمس الأحد في العديد من المناطق كان كبيراً.
كما ذكرت الصحيفة أن إسرائيل تستخدم اليوم خمس بطاريات ضمن منظومة "القبة الحديدية"، وهي صناعة إسرائيلية بدعم مالي أمريكي، وتسعى لإنتاج 13 بطارية أخرى، علماً أن تكلفة البطارية الواحدة تصل إلى نحو 100 مليون دولار.
تهديد أم حماية؟
وفي سابقة خطيرة بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن صواريخ القبة الحديدية التي تم نصبها مؤخراً في منطقة الوسط "غوش دان" من أجل حماية الجمهور الإسرائيلي في تلك المنطقة قد أدت أول أمس الأحد ، إلى إشعال حريق في سيارة في مدينة حولون القريبة من مدينة تل أبيب نتيجة سقوط شظايا من صاروخ القبة الحديدية حينما اعترضت صاروخ أطلقته المقاومة الفلسطينية.
ووفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت" فإنه على ما يبدو لم يكن بالحسبان لدى شركة "رفائيل" ووزارة الجيش الإسرائيلية حين قرروا صناعة ووضع القبة الحديدية الخامسة في "غوش دان" أن طريقة عمل منظومة حماية غوش دان يجب أن تختلف عن منظومات حماية بقية المدن الأخرى.
فمن المعلوم أن صاروخ القبة الحديدية ينطلق لمسافة أقصاها 6كم حيث يصطدم بصاروخ المقاومة في مسافة أقصاها 6 كم، وبما أن مدينة حولون تقع في نطاق 6كم من مدينة تل أبيب فإن احتمال اصطدام صاروخ القبة الحديدية بصاروخ المقاومة فوق مدينة حولون هو احتمال كبير.
وبالتالي فبدلاً من سقوط متفجرات وشظايا صاروخ المقاومة على تل أبيب، فإنه في هذه الحالة تسقط شظايا وكتل لهب صواريخ المقاومة، إضافة إلى كتل لهب وشظايا صواريخ القبة الحديدية فوق حولون، وهذا ما تم بالفعل حينما اعترض صاروخ القبة الحديدية صاروخاً للمقاومة كان من المفترض أن يسقط في تل أبيب.
كسر القبة
ونجد ان فصائل المقاومة الفلسطينية تواصل كسر القبة الحديدية بقصف المستوطنات ومواقع عسكرية، واستهدفت مجددا تل ابيب بصاروخ (فجر – 5)، فيما اعترف جيش الاحتلال بإصابة اربعة من جنوده، قالت مصادر عسكرية اسرائيلية إنهم كانوا داخل مبنى.
وفيما اقترب عدد غارات الاحتلال على غزة من الألف، أعلنت كتائب القسام التابعة لحركة حماس انها نفذت اكثر من ألف هجوم صاروخي ضد مواقع إسرائيلية حساسة، وأن اكثر من 5 ملايين مستوطن اسرائيلي هم في دائرة نيرانها، وحذرت الاحتلال الاسرائيلي من تنفيذ عملية برية ضد غزة، ووعدت بمفاجآت كبيرة.
ولم تكن الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية على مختلف مستوطنات الاحتلال الاسرائيلي والتي وصلت الى القدسالمحتلة وتل وابيب لاكثر من مرة، الا ردا على الاعتداءات التي يشنها الكيان على قطاع غزة والتي تؤدي في كل مرة الى ارتفاع بوصلة الشهداء والجرحى.
وأكدت المقاومة استمرارها قصف المستوطنات والمراكز العسكرية للاحتلال حيث استهدفت مجدد تل ابيب بصاورخ (فجر – 5)للمرة الثانية، مما اجبر الكيان الاسرائيلي على الاعتراف باصابة اربعة من جنوده بصاورخ اطلق من قطاع غزة فيما بررت مصادر عسكرية الاصابات بانها حصلت داخل مبنى.
حرب نفسية
وكان مساعد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية لشئون التعبئة والثقافة الدفاعية العميد مسعود جزائري، أن اختراق طائرة بدون طيار لحزب الله منظومة الدفاع (الإسرائيلية) المعروفة بالقبة الحديدية يؤكد عدم وجود أي قبة حديدية في العالم يمكنها الصمود أمام القوات الإيرانية.
وعلق الجزائري على الأوضاع التي تشهدها سوريا بالقول أن قدرة المقاومة في سوريا في تصاعد مستمر وكما أكدت طهران فإن الوضع في سوريا لا يُحل عسكري، هذا فضلا عن أن الحكومة السورية وجبهة المقاومة متفوقة من الناحية العسكرية.
وأضاف جزائري, مما يبعث على الأسف أن أعداء الشعب والحكومة السورية وأعداء المقاومة لا يريدون أن يعم الهدوء والسلام في المنطقة ومن هنا فهم يسعون إلى إفشال فرص المصالحة.
وفيما يتعلق بنجاح الطائرة من دون طيار التي أطلقها حزب الله صوب الأرضي فلسطينالمحتلة وتجاوزها لمنظومة القبة الحديدية أكد مساعد رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة عدم وجود أي قبة حديدة في العالم يمكنها الصمود أمام القوات المسلحة الإيرانية وأن ما يقال عن القبة الحديدية ( الإسرائيلية) لا يعدو كونه دعاية وعملية حرب نفسية كما أن جهود إيران الإستخباراتية قياسا بالأعداء تشهد تقدما ملحوظا يوما بعد يوم ولحسن الحظ أن معلوماتنا العسكرية لهي معلومات جديرة بالاهتمام.
وحول رد إيران على تهديدات الكيان الإسرائيلي الغاصب قال العميد جزائري :"إن تهديدات هذا الكيان تندرج في إطار الحرب النفسية وذلك بسبب ضعف قدرة تل أبيب في مواجهة القوة العسكرية للجمهورية الإسلامية لان الكيان الإسرائيلي يتواجد على بقعه ضيقة ومحدودة من الأرض وان أي خطا يقوم بارتكابه سوف يلحق به خسائر فادحة ويمكن أن يؤدي إلى تدمير الكيان المحتل".
حل دفاعي
والقبة الحديدية هي عبارة نظام دفاع جوي متحرك طور من قبل شركة رافئيل لأنظمة الدفاع المتقدمة والهدف منه هو اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية. ففي شهر فبراير من عام 2007 اختار وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتز نظام القبة الحديدية كحل دفاعي لإبعاد خطر الصواريخ قصيرة المدى عن إسرائيل ، ومنذ ذلك الحين بدأ تطور النظام الذي بلغت تكلفته 210 مليون دولار بالتعاون مع جيش الدفاع الإسرائيلي وقد دخل الخدمة في منتصف عام 2011م.
وظهرت الحاجة الملحة لنظام دفاع يحمي إسرائيل من الصواريخ قصيرة المدى بعد حرب تموز 2006 حيث أطلق حزب الله ما يزيد على 4000 صاروخ كاتيوشا قصير المدى سقطت في شمال إسرائيل وأدت إلى مقتل 44 مدني إسرائيلي وأدى التخوف من هذه الصواريخ إلى لجوء حوالي مليون إسرائيلي إلى الملاجئ .كذلك أكد هذا الامر استمرار حركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية بإطلاق الصواريخ حيث أطلق ما يزيد على 8000 صاروخ كان آخرها إطلاق صواريخ من عيار 122 ملم.
وهذا النظام الذي لم يثبت نجاحه ، مخصص لصد الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية من عيار 155 ملم والتي يصل مداها إلى 70 كم ويعمل في مختلف الظروف وتشمل المنظومة جهاز رادار ونظام تعقب وبطارية مكونة من 20 صاروخ اعتراضي تحت مسمى (TAMIR) وقد بدأت إسرائيل نشر هذا النظام حول قطاع غزة و دخلت حيز التشغيل في النصف الثاني من عام 2010م.
من الذهبية للحديدية
وحول تسمية "القبة الحديدية" فنجد انه كان لدى رئيس المشروع الكولونيل س. وفريقه في (إدارة تطوير أسلحة والبنية التحتية التكنولوجية) وقت قليل من اجل ابتكار اسم مناسب للمشروع.
وقال الكولونيل س. "أول اسم خطر لي هو (مضاد القسام) ولكن عندما بدأنا بالمشروع ادركت بأنه اسم غير جيد, فجلست انا وزوجتي من اجل ابتكار اسم مناسب, فاقترحت اسم Tamir كأسم للصواريخ اختصاراً ل טיל מיירט والتي تعني (الصوارخ الاعتراضية) واسم (القبة الذهبية) للمشروع ككل وفي الأيام التالية تم الموافقة على اسم Tamir, ولكن كان هناك مشكلة مع اسم القبة الذهبية فلقد كان مبالغ فيه وتم تغييره الى القبة الحديدية". مواد متعلقة: 1. سقوط صاروخ جنوب إسرائيل والقبة الحديدية تعترض أربعة آخرين 2. الجيش الإسرائيلي يحث على تسريع انتاج نظام "القبة الحديدية" 3. إسرائيل: مستعدون لنشر بطارية صاروخية سادسة من منظومة "القبة الحديدية"